Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الحكومة الإثيوبية تخشى نشوب حرب جديدة مع "جبهة تحرير تيغراي"

آبي أحمد يدعو مواطنيه إلى التسامح والتضامن وتخطي التحديات

تتصاعد في الآونة الأخيرة الخلافات والاتهامات المتبادلة بين الحكومة و"جبهة تحرير تيغراي" (رويترز)

حذر رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد من خطورة اشتعال حرب جديدة في إثيوبيا، ووجّه نداءً إلى مواطنيه، وقال، "دعونا نقف معاً لجعل إثيوبيا أرض سلام وازدهار".
ويأتي حديث رئيس الوزراء الإثيوبي المتكرر عن السلام مع حلول ذكرى توغل قوات "جبهة الشعبية لتحرير تيغراي" في مناطق ومدن عدة بإقليمي أمهرة وعفر وتهديدها العاصمة أديس أبابا.
رسالتان ذات معنى

قال رئيس الوزراء آبي أحمد في بيان نشر على صفحاته على مواقع التواصل الاجتماعي في 26 يوليو (تموز) الحالي، "إن إثيوبيا تكافح للخروج من مشكلاتها الحالية والمضي قدماً على طريق الأمل". وأضاف أن "التحديات التي نواجهها قد تؤلمنا ولكنها، لن تهزمنا، ولن تثبط عزيمتنا". ودعا أحمد (في رسالة مقصودة للمسيحيين من أبناء الشعب الإثيوبي) إلى زرع الشتيلات، من أجل مستقبل أكثر إشراقاً، مضيفاً، "يتوجه الجميع يوم الأحد إلى الخالق بالصلاة والدعاء من أجل التسامح والتضامن وتخطي التحديات التي تواجهها البلاد".
وكان أحمد قد دعا يوم الجمعة الماضي، في رسالة سابقة جميع الإثيوبيين إلى "العمل معاً من أجل إثيوبيا مسالمة ومزدهرة".
وقال عبر صفحاته في مواقع التواصل الاجتماعي، إن "يوم الجمعة يوم محبوب على المجتمع المسلم، حيث يقومون بتطهير أنفسهم بالعفو والتسامح، وتطييب ثيابهم، والاجتماع معاً في بيوت الله". ودعا المسلمين قائلاً، "أعزائي المسلمين، بهذا اليوم أدعوكم للصلاة من أجل السلام في بلادنا وترك بصمات الخير للأجيال القادمة". وأضاف، "دعونا نقف معاً لجعل إثيوبيا أرض سلام وازدهار ينقلها الجميع إلى الأجيال القادمة".

وتأتي رسالتا آبي أحمد في وقت تعد فيه إثيوبيا العدة نحو السلام الذي تبنته سياسياً، إلا أنهما لا تخليان من أكثر من معنى، في ظل ظروف تشير إلى تصاعد الخلافات والاتهامات المتبادلة بين الحكومة و"جبهة تحرير تيغراي" العدو اللدود لحكومة أحمد.

نقص الوقود أجندة حرب

وكانت الحكومة الإثيوبية اتهمت "الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي" بتبني ادعاءات كاذبة في شأن نقص الوقود في إقليم مقلي، ووصفت قول الجبهة بأن ذلك جزء من "خطة خفية" للاستعداد لخوض حرب جديدة، بحسب بيان صادر عن مكتب الاتصال الحكومي الخميس الماضي.
ويأتي هذا الاتهام بعد إعلان الحكومة الإثيوبية الهدنة الإنسانية والتي ساعدت في تدفق المواد الغذائية إلى مختلف مناطق تيغراي بما في ذلك المواد البترولية، في ظل اهتمام أممي لفتح ممرات الإغاثة الإنسانية ووصولها إلى الإقليم.
وقال بيان مكتب الاتصال الحكومي "إن الادعاء بنقص الوقود في إقليم تيغراي أجندة خفية للجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، والتي تهدف إلى تعزيز حركة جيشها، استعداداً لخوض حرب جديدة ضد البلاد". وأشار البيان إلى أنه خلال الأسبوع الماضي وحده وصلت 3 صهاريج من الوقود تحمل 137913 ليتراً إلى مدينة مقلي بإقليم تيغراي، ليصل إجمالي الوقود في الإقليم إلى 920309 ليترات.
كذلك اتهمت الحكومة الإثيوبية "الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي"، الخميس، "بأنها لم تعد تسمح للطائرات المحملة بالمساعدات الإنسانية بالهبوط في مطار مقلي"، عاصمة الإقليم.
وأشار بيان مكتب الاتصال الحكومي "إلى أن جبهة تيغراي حاولت مراراً وتكراراً تعطيل تدفق المساعدات الإنسانية إلى الإقليم لتشويه سمعة وجهود الحكومة من خلال دعايتها الملفقة".
وكشف مكتب الاتصال الحكومي، "أن الجبهة عرقلت إحدى الرحلات إلى مطار مقلي وهي تحمل إمدادات طبية وأطعمة مغذية للأطفال"، مضيفاً أن "هذا العمل الذي قامت به الجبهة أثبت مرة أخرى أنه ليس لها أي غرض آخر سوى استخدام الناس في تيغراي في دعايتها المفبركة"، متهماً الجبهة بـ"استخدام الجوع كسلاح حرب".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 
توجس حقيقي

وفي حين لم يصدر أي بيان متزامن من الحركة على هذه الاتهامات، يشير مراقبون إلى أن هناك عدداً من العوامل المساهمة في تأزيم الأوضاع الحالية بين الحكومة الإثيوبية و"الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي" في مقدمتها استعدادات الطرفين لأي ظروف استثنائية تطيح السلام الهش بينهما الذي لم يكتمل حتى في بناء الأسس التي ينبغي أن يتفقا عليها في جو من انعدام الثقة المتبادلة.
كما أن واقع الحرب السابقة التي نشبت في مثل هذا الوقت في يونيو (حزيران) من العام الماضي، وفي ظروف اتهامات مشابهة، يترك توجساً حقيقياً لدى الحكومة من أي احتمالات سيئة في حال استغلال الحركة ذلك، واختيارها موسم هطول الأمطار كبيئة مناسبة لشن أعمال عدوانية جديدة، في ظل تأثر نشاط الطيران الحكومي بفعل الأجواء، وكاختيار مناسب لنشاطها العسكري المحتمل.
ويرى مراقبون أن انعدم الثقة بين الحكومة والجبهة يسري حتى في الواقع الإنساني في تيغراي وفي توظيف ظروف البلاد الراهنة لتحقيق المكاسب بجميع أشكالها، كما تخشى الحكومة استغلال الجبهة عوامل التسامح التي أظهرتها خلال الهدنة الإنسانية وتدفق المساعدات، وبخاصة المواد البترولية في توظيفها للحرب القادمة.
ويعتبر المراقبون أن الأحداث التي وقعت بقرية تول، غرب إثيوبيا، الخميس 23 يونيو الحالي، وأسفرت عن قتل مئات الأبرياء، تشكل مؤشراً إلى مخاطر محتملة. وكانت المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة طالبت السلطات الإثيوبية بإجراء تحقيق فوري في الأحداث التي وصفتها بالمروعة. وقالت مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ميشيل باشليه، إنها "روعت" بما سمته "المجزرة" التي طاولت كثيراً من المدنيين في غرب إثيوبيا، وتحدث مكتبها مع شهود أفادوا بأن مجموعة من المسلحين توجهوا صباح السبت 18 يونيو الحالي إلى قرية تول التي ينتمي معظم سكانها إلى إثنية الأمهرة. وقالوا إنهم بدأوا إطلاق النار عشوائياً، ما أسفر عن مقتل المئات، معظمهم من النساء والأطفال، وإجبار ما لا يقل عن ألفين آخرين على الفرار من منازلهم.

العمل مع المجتمع الدولي

من جهتها، قالت الحكومة وفقاً لوكالة الأنباء الإثيوبية، إنه "تم تنفيذ عمليات إنفاذ القانون ضد عديد من الإرهابيين الذين كانوا يهددون السلام والأمن، إلا أن الإرهابيين من جماعة شني نفذوا هجمات مروعة على المدنيين في المناطق لا توجد فيها قوات أمنية".
وعلى الرغم من هذه الأجواء المتوترة، شددت الحكومة على خيار السلام، وكانت وزارة الدفاع الإثيوبية أكدت التزامها العمل مع المجتمع الدولي على أساس الثقة المتبادلة والتعاون لضمان السلام والتنمية في البلاد.
وخلال لقاء نظمته وزارة الدفاع الإثيوبية مع الملحقين العسكريين وممثلي المنظمات الدولية المقيمة في أديس أبابا للاطلاع على القضايا الراهنة، ركزت الإحاطة الإعلامية على المبررات المتعلقة بأهداف تدابير عملية "إنفاذ القانون" منذ بدايتها وحتى آخر تطوراتها. وقال العميد ألميشت دغفي، رئيس الإدارة للتنسيق الآلي والشؤون العسكرية في وزارة الدفاع الإثيوبية، "إن السلام والتنمية والتعاون هي الشروط الأساسية للعصر الحديث"، مضيفاً "أن الشعوب في كل أنحاء العالم ترفع أصواتها لصالح السلام والتنمية والتعاون ضد الحرب والفقر".
ووصف رئيس المعهد الإثيوبي للدبلوماسية الشعبية، ياسين أحمد، "الخلافات المستجدة والمتطورة بين الحكومة والجبهة"، كونها "حرصاً من الجهتين على إحراز أكبر قدر من المكاسب السياسية قبل الجلوس على طاولة المفاوضات". وأضاف أن "الجبهة تعمل بشتى السبل لاستدرار تعاطف المجتمع الدولي بما في ذلك الادعاءات الكاذبة".
وأشار أحمد إلى أن "الحكومة حريصة على استقرار إثيوبيا وتبني خيار السلام مع جميع الجهات الوطنية، سواء في جبهة تحرير تيغراي أو غيرها من الجهات التي تنشد مصالح إثيوبيا وتضعها فوق المصالح الحزبية أو الإثنية الضيقة".

المزيد من تقارير