Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يتمكن رئيس الوزراء العراقي من إمساك الملف الأمني في البلاد؟

تصاعد الهجمات ضد القواعد العسكرية والشركات النفطية وازدياد الهجمات الإرهابية

يبدو أن المشهد العام العراقي يتجه لمزيد من التعقيد الأمني والعسكري، خصوصاً بعد تصاعد الهجمات المتفرقة ضد القواعد العسكرية والشركات النفطية في البلاد في وقتٍ ازدادت الهجمات الإرهابية في مختلف مناطق البلاد.

بيان استثنائي

رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، الذي يواجه أزمة سياسية من خلال مساعي عدد من القوى السياسية لسحب دعمها منه والتحول نحو المعارضة والتكتل ضده، فاجأ جميع القوى بإصداره أمراً يمنع بموجبه كل القوات الأجنبية على الأراضي العراقية من التحرك من دون إذن من الحكومة العراقية، وكذلك منع أية قوة عسكرية عراقية أو غير عراقية من العمل خارج إطار القوات المسلحة.

البيان الاستثنائي لرئيس الوزراء حمل رسائل ضمنية عدة، فمن جهة حدد الجهات العسكرية المعترف بها من قبل الحكومة المركزية العراقية، المتمثلة بالجيش والشرطة والحشد الشعبي والعشائري والبيشمركة الكردية، كذلك أقر بأن العراق صار في مرحلة جديدة، ولم يعد بحاجة ماسة لمساهمة الأصدقاء والحلفاء.

لكن أبرز إشارتين وجهتا إلى القوات الأميركية المتمركزة في العراق وفصائل الحشد الشعبي العراقية، فقد شدد البيان على منع أية قوة عسكرية داخل الأراضي العراقية من التوجه ضد أية دولة من دول الجوار. وأردف البيان مطالباً فصائل الحشد الشعبي، من دون أن يسميها، بعدم التعرض لأي وجود أجنبي داخل العراق، من دون اتفاق مع الحكومة المركزية.

حوادث أمنية سياسية

المراقبون أكدوا أن بيان رئيس الوزراء جاء بعد سلسلة من القلاقل العسكرية التي شهدتها الساحة العراقية طوال الأسبوع الماضي، والتي دلت بمجموعها إلى فقدان سلطة الحكم المركزية سيطرتها على القوى المسلحة في البلاد، التي صارت توجه رسائل ضمن الصراعات الإقليمية ضمن الأراضي، ومن خلف ظهر الحكومة المركزية.

ومعلوم أنه سقطت السبت 15 يونيو (حزيران) العديد من قذائف الهاون على قاعدة بلد الجوية العراقية، والتي تستضيف عدداً من العسكريين الأميركيين كمدربين للجيش العراقي، وهو ما اعتبر رسالة ثانية بعدما سقطت قذائف مشابهة على السفارة الأميركية في بغداد، أوائل مايو (أيار) الفائت. لكن الفاصل الزمني كان أقصر بكثير من المرة الماضية، فبعد يومين فقط من حادثة قاعدة البلد، جرى قصف قاعدة التاجي بصواريخ كاتيوشا، التي تعتبر أيضاً واحدة من أماكن استقرار القوات الأميركية، وهي أقصر مدة فاصلة بين هجومين على قواعد عسكرية تتمركز بها القوات الأميركية.

رسائل بصواريخ الكاتيوشا

المفاجأة جاءت بعد ساعات قليلة من قرار وبيان رئيس الوزراء العراقي، إذ أعلن الجيش العراقي سقوط صاروخ من نوع كاتيوشا بالقرب من قاعدة للقوات الأميركية في مدينة الموصل، من دون أن يذكر تفاصيل عن الخسائر المادية والبشرية. وبعدها بساعات قليلة، سقط صاروخ متوسط المدى من نوع كاتيوشا على مقر شركة أكسون موبيل الأميركية للنفط، في منطقة برجسة في محافظة البصرة، ما أسفر عن إصابة ثلاثة أشخاص كحصيلة أولية، وأحدثت هلعاً بين الشركات النفطية العراقية.

تشكيك بقدرات رئيس الوزراء

المراقبون للمشهد العراقي، شككوا في قدرة رئيس الوزراء على خلق نوع من المركزية في القرارات والمؤسسات العسكرية والأمنية العراقية، وذلك لأسباب عدة.

فتنوع المناطق المستهدفة من قبل الجماعات والتنظيمات التي قصفتها، كانت رسالة لرئيس الوزراء العراقي، أكثر مما كانت رسالة للطرف الأميركي، فالمستهدِفون تقصدوا عدم إيقاع قدر كبير من الضحايا في صفوف القوات الأميركية، لكنهم أرادوا القول لرئيس الوزراء إن قدراتهم تتجاوز أية رغبة من السلطات المركزية لضبطهم تحت مظلتها.

كذلك أشار المراقبون إلى أن الضباط الرئيسيين في الجيش العراقي مرتبطون بالقوى السياسية أكثر مما يلتزمون حرفياً بتوجيهات رئيس الوزراء، وعدم ضبطهم لهذه الفصائل المنفلتة أكبر دليل على ذلك، فهذه الأحداث بدأت واستمرت منذ أكثر من ستة أشهر، ولم تتمكن القوات الأمنية العراقية من تحقيق أي أنجاز بإلقاء القبض على أية مجموعة.

لذلك فإن توجيهات رئيس الوزراء إنما تتقصد القيام بواجباته "الصورية"، من دون أي اعتقاد بإمكان تحول ذلك إلى سياسة تنفيذية على الأرض.

خطوة مكملة من رئيس الوزراء

مصادر خاصة قريبة من عبد المهدي كشفت لـ "اندبندنت عربية"، عن الخطوة المقبلة لرئيس الوزراء في الملف الأمني، وعبرت عن صدمتها لتفسير القوى السياسية العراقية للخطبة الأخيرة للمرجعية الدينية السيد علي السيستاني الذي كان موجهاً ضد هذه القوى، التي وإن دعمت رئيس الوزراء ليشغل منصبه التنفيذي، لكنها تصطنع المعوقات كافة لأن يفشل في مهامه، لا سيما في عرقلة استكمال رئيس الوزراء لكابينته الوزارية، خصوصاً في الوزارتين الأمنيتين، الدفاع والداخلية، لكن القوى السياسية اعتبرت أن خطاب المرجعية الدينية المتشدد أنما كان موجهاً ضد الحكومة ورئيسها.

المصادر نفسها أكدت أن رئيس الوزراء سينتظر خطبة المرجعية الدينية يوم الجمعة المقبل، ليطرح بعدها مباشرة مرشحيه لاستكمال الكابينة الوزارية، وإذا ما رفضت هذه القوى السياسية هؤلاء المرشحين، وقتها تكون هي المسؤولة عن أحوال البلاد الأمنية والعسكرية.

موقف إقليم كردستان

الوجه الآخر لتوجه رئيس الوزراء العراقي قد يُطرح على إقليم كردستان العراق، فغالبية القوى السياسية العراقية المركزية، طالبت رئيس الوزراء بأن يكون صرفه لرواتب قوات البيشمركة الكردية أنما يجب أن يكون مشروطاً بخضوع هذه القوات لسلطة رئيس الوزراء، باعتباره قائداً عاماً للقوات المسلحة العراقية، بما في ذلك قوات البيشمركة.

كذلك فإن هذا الملف قد يفتح تساؤلات بشأن القواعد العسكرية التركية في مناطق إقليم كردستان العراق، ومدى مطابقتها للشروط التي حددها رئيس الوزراء العراقي في بيانه الأخير. ولكن، لم تصدر توضيحات من الإقليم حتى الآن، بينما اعتبر المراقبون الأكراد غير الرسميين أن هذه المداولات جزء من الأزمة السياسية بين القوى السياسية المركزية، وليست موجهة لإقليم كردستان.

المزيد من العالم العربي