على الرغم من خيبة أمل النساء الكويتيات بعد خلو مجلسي "الأمة والبلدي" من الصوت النسائي، فإن ثمة أملاً وراء نظام "الكوتا" الذي قد يصلح ما أفسدته الأصوات المنحازة للرجال، وذلك بعد أن قالت مصادر حكومية يوم أمس، إن "نسبة النساء القياديات سترتفع من 21 في المئة لأبعد من ذلك"، وفقاً للنظام الذي يأتي ضمن خطة "كويت جديدة 2035".
وكانت البلاد التي يعيش فيها نحو أربعة ملايين نسمة، قد اتخذت خطوات مماثلة بعد أن أصدرت الحكومة قرارات مكنت النساء الكويتيات وعلى غير العادة من مناصب كبرى، كالقاضيات الثماني اللاتي جرى تعيينهن في يوليو (تموز) 2020 لأول مرة في تاريخ البلد الخليجي.
وبحسب أنباء أوردتها صحيفة "القبس" المحلية، نقلاً عن مصدر حكومي، فإن الجهود التي تواصل الحكومة خطاها نحوها تشير إلى أن ثمة خطوات تتجاوز التمكين إلى القيادة، ويوضح مصدر حكومي أن هذا "التوجه يصب في اتجاه تحسين مؤشرات الكويت الدولية".
وقالت المصادر إن مستهدفات الخطة الإنمائية في البلاد هي تحقيق نسبة 35 في المئة من المناصب القيادية للمرأة، من أجل تحسين مستوى الكويت في مؤشر المرأة والأعمال. وبحسب "القبس" أوضحت المصادر الحكومية "أن أحد الحلول قيد النقاش لتمكين المرأة من المناصب القيادية وتحقيق النسبة المذكورة، هو تحديد (كوتا) للمرأة من المناصب القيادية في كل جهة حكومية".
وما دفع الحكومة نحو خطواتها هذه، حسب التقرير، هو أن ثمة شواغر في عدد كبير من المناصب القيادية حالياً في معظم الجهات والوزارات، وهو أمر من شأنه المساعدة على تحقيق النسبة المرجوة للنساء في المناصب القيادية، حيث سيكون التعيين أكثر سلاسة في المناصب الشاغرة.
لكنها مؤشرات أولية، "لم تتبلور بعد" بحسب المسؤول الحكومي، الذي أوضح أن السلطات ماضية في دعم تمكين النساء في المناصب القيادية، وأن هناك عدة حلول لتحقيق ذلك.
وتبين تقارير رسمية أن الكويت نجحت أخيراً في رفع نسبة القياديات من 12 في المئة قبل ثلاثة أعوام إلى 21 في المئة بالقطاع العام، كما أن الطموح الحكومي هو تمكينها من المناصب القيادية والإشرافية، ذلك لأن المرأة تشكل نسبة كبيرة من قوة العمل في القطاع العام، وتمتلك مهارات وطاقات يجب توظيفها في خدمة التنمية. بحسب مسؤول حكومي. قال إن هذه الخطوات تتطلب أيضاً "اجتياز اختبارات القياديين".
صدمتان في مجلسي "الأمة" و"البلدي"
تأتي الخطوة ضمن خطة البلاد لمنح بصيص أمل للمرأة التي فقدت أي ممثل لها في البرلمان الكويتي، ففي ديسمبر (أيلول) 2020 انتخب المواطنون الكويتيون برلماناً جديداً لمدة أربع سنوات، مع نتيجة صادمة خلا معها مجلس الأمة لأول مرة منذ ربع قرن من أي امرأة، علماً بأن عدد المرشحين كان 326 مرشحاً، بينهم 29 سيدة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
والصدمة الأخرى التي تلقتها "حواء الكويتية"، في مايو (أيار) الماضي، حين أسدل الستار على المجلس البلدي 2022 في فصله التشريعي الثالث عشر، وانتهت بانتخاب عشرة مرشحين لم يكن بينهم المرأة الوحيدة التي كانت ضمن الـ36 مرشحاً.
لكن نظام "المحاصصة النسائية" العالمي، قد يكون طوق نجاة للمرأة الكويتية التي تعيش في مجتمع تقليدي يجبرها أحياناً على انتخاب رجل من العشيرة على حساب قريناتها بسبب التقاليد الاجتماعية المحافظة.
ويُعتبر "الكوتا" الذي استندت إليه بعض تفاصيل "رؤية كويت 2035" نظام سُنَّ لتخصيص حصص للنساء خلال المؤتمر العالمي الرابع للمرأة، في بكين عام 1995، ويعد كآلية يمكن استخدامها كحل مرحلي لمشكلة ضعف مشاركة النساء في الحياة السياسية وعزوفهن عن المشاركة في مراكز صنع القرار، وللحد من الإقصاء وعدم تمثيلهن أو ضعف هذا التمثيل.
كما يرمي النظام العالمي لتخصيص نسبة، أو عدد محدد من مقاعد الهيئات المنتخبة مثل: البرلمانات والمجالس البلدية للنساء، وذلك لضمان إيصال المرأة إلى مواقع التشريع وصناعة القرار، وذلك باعتبار "الكوتا" أحد الحلول المؤقتة، التي تلجأ إليها الدول والمجتمعات لتعزيز مشاركة المرأة في الحياة العامة.
البنك الدولي هل يفرض المساواة؟
وفي إطار سعي الحكومة نحو تمكين المرأة، أمضت الحكومة الكويتية في أغسطس (آب) 2021 شراكة مع البنك الدولي تحت إطار قائم بذاته للمساواة بين الجنسين، تنص على النظر إلى جميع الخدمات الاستشارية التي يقدمها البنك الدولي في الكويت من منظور المساواة بين الجنسين، وهو الأول من نوعه في منطقة مجلس التعاون الخليجي، بحسب تقرير نشره البنك الدولي.
من جهة أخرى. تقول نائب المدير الإقليمي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة في الدول العربية يانكي فان دير غراف إن "جهود حكومة دولة الكويت المستمرة في تمكين المرأة اقتصادياً واجتماعياً محل تقدير دولي"، إذ يعكس ذلك التزام الكويت باتفاقية القضاء على التمييز ضد المرأة التي أقرتها الأمم المتحدة عام 1995. وأضافت غراف في حديث أممي نشرته وكالة الأنباء الكويتية "كونا" أن "الكويت تعد "نموذجاً رائداً" في المنطقة عند الحديث عن مبادئ تمكين المرأة سواء أكان ذلك على المستوى الحكومي أو القطاع الخاص، مشددة على أن المرأة الكويتية تبوأت مناصب قيادية عدة وأسهمت في دفع عجلة التنمية الاقتصادية ورفد سوق العمل بالمهارات التي يتطلبها بفضل التعليم الجيد الذي تتمتع به.
وأكدت المسؤولة الأممية أن "هيئة الأمم المتحدة للمرأة تتعاون بشكل وثيق مع الأمانة العامة للمجلس الأعلى للتخطيط الكويتية والجهات الحكومية الرسمية، لتطوير قدرات المرأة الكويتية وتدريبها وتأهيلها للمساهمة في تحقيق أهداف الكويت التنموية ومشاركة الرجل في صنع القرار سواء في المجال الحكومي أو الخاص".
جوهر التمييز ضد الكويتيات
وترى أمثال الحويلة وهي أكاديمية كويتية أن "التمييز الذي يمارَس ضد المرأة هو أكبر المشكلات، بل أخطرها"، وتشير في حديث لـ"القبس" إلى أنه "متى ما سقطت المعتقدات ومنظومة القيم والعادات والتقاليد غير المواكبة للعصر فإن في استطاعة المرأة اقتحام المجال للوصول إلى المناصب القيادية في المؤسسات الحكومية، فهي قادرة على مجابهة التحديات دوماً".
وعقب الفراغ النسائي في مجلس الأمة، ترى الحويلة ضرورة أن يسعى المجلس لتعديل بعض القوانين التي وصفتها بـ"المجحفة" بحق المرأة الكويتية، ومنها مشكلة الرعاية السكنية والتعيين في المناصب الحكومية والقيادية والأحوال الشخصية، والمطالبة بالمساواة بين الرجل والمرأة في السكن، والقضاء على "التمييز" في المناصب القيادية.
وتعلق الدكتورة هيلة المكيمي، وهي أكاديمية بجامعة الكويت، حول غياب المرأة الكويتية على المستوى السياسي، قائلة "هناك حاجة لضمان التمثيل النسائي في البرلمان وأن لا يترك ذلك التمثيل للمزاج الشعبي، حتى لا تتحول المرأة إلى ظاهرة موسمية سرعان ما تظهر وسرعان ما تختفي، مثلما حدث في الانتخابات البرلمانية الأخيرة".