Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"الدواوين وشراء الأصوات"... لهذه الأسباب خرجت المرأة الكويتية من البرلمان

مرشحات يتحدثن عن رشى دفعت مقابل الأصوات وعادات وتقاليد تعوق وصولهن إلى مجلس الأمة

كويتية تدلي بصوتها خلال انتخابات مجلس الأمة 2020 . (رويترز)

على الرغم من أن تمثيل المرأة الكويتية في مجلس الأمة (البرلمان) جاء على استحياء، وبعد قصص من الكفاح لتحقيق حلم الوصول إليه، فإن غيابها اليوم عن قبة "القوانين والتشريعات" يطرح علامات استفهام كثيرة، خصوصاً أن النساء يشكلن 52 في المئة من الناخبين في البلاد، فلمن ذهبت الأصوات؟ وهل هزمت المرأة الكويتية نفسها؟

ثمة نساء كويتيات يرين أنه ليس هناك ما يدعو للحيرة والبحث عن إجابة، إذ إن هذا قد بدأت معالمه تظهر على نحو متسلسل منذ عام 2009، حين تقلصت حصة النساء من المجلس إلى أربعة مقاعد، ثم إلى ثلاثة في برلمان 2012، ثم بدأت الأصوات بالخفوت أكثر حتى استقرت على مقعد واحد لبرلمانية واحدة عام 2016. وفي العام الحالي، تلاشت الأصوات النسائية ليصبح المجلس كما يصفه البعض "ذكورياً" مؤلفاً من 50 نائباً.

تغير ملامح البرلمان بنسبة 62 في المئة من تركيبته السابقة، بعد فوز 31 مرشحاً جديداً، كان بفعل النساء اللاتي تدفقن إلى صناديق الاقتراع بشكل مهيب وبأعداد غفيرة على الرغم من أجواء وباء "كوفيد-19" وتقلبات الطقس الماطرة، وازدحام طرقات المدن التي أصبحت على عهد برلماني جديد "بلا نساء"، على الرغم من ترشح 33 كويتية.

4 أسباب

ترى المرشحة نورة المليفي أن ثمة 4 أسباب رجحت كفة الرجل في البرلمان الذي تأسس في ستينيات القرن الماضي، قائلة "إننا في زمن 2020، أي زمن شراء الأصوات، وهذا هو أول سبب أسهم في عدم حصولي على مقعد في البرلمان"، وهذه إشكالية أثارها برلمانيون قبيل الانتخابات.

ومن بين الأسباب أيضاً، بحسب المليفي، أن "المرأة لا تنصف المرأة، بل أحياناً تكون نداً لها"، ولو أنهن اتحدن لاكتسحن قبة البرلمان وفاقت مقاعدهن الرجال. كما أن المجتمع الكويتي ذكوري "فالرجل يثق بالرجل ولا يثق بالمرأة"، على حد قولها.

أما السبب الثالث الذي أبعد النساء عن قبة "عبدالله السالم"، فهو "العادات والتقاليد التي تقود المجتمع نحو الفزعة للرجل واحترام كيانه، بينما ترى أن المرأة لا تستحق الوصول إلى القيادة والمنصب".

ورابعاً، ترى المرشحة، التي لم تيأس، أن "النزعة القبلية جعلت الناخبين يساندون ابن القبيلة على حساب أي سيدة أخرى لا تنتمي للقبيلة".

وتضيف المليفي، التي ترشحت عن "دائرة الفكر"، أن قضايا المرأة الكويتية في عهد "البرلمان الذكوري" ستصبح هامشية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

نص تشريعي مفقود

ليست المليفي وحدها من تظن أنها عاشت في زمن "شراء الأصوات"، بل إن المرشحة الأخرى فاطمة رمضان تؤكد أن "البعض يقدم صوته بمقابل". وتضيف عضو جمعية حقوق الإنسان، التي تعمل في مجال المحاماة "للأسف الشديد، يستمر الشعب بتكرار الأخطاء السابقة بشكل كبير، فهو يمنح صوته ويتبع القبيلة والطائفة التي ينتمي إليها، من دون تفكير في مستقبل البلاد".

ومن الأسباب أيضاً، وفق رمضان، التي اقترحت عام 2016 قانوناً للتقاعد المبكر للمرأة "عدم تدخل المشرع لإنصاف المرأة بنص تشريعي يجعل وجودهن في المجلس إلزامياً".

التصويت للرجال

تقول سيدة الأعمال الكويتية هدى العنزي، التي ذهب صوتها لـ"رجل"، إن الصوت أمانة، ويجب أن يذهب للمرشح الذي يراعي مصالح الناس، بعيداً عن الوعود والشعارات الرنانة. كما ترى أنه ليس بالضرورة أن تصوت المرأة للنساء، واصفة ذلك بـ"النظرة العنصرية".

وبالنسبة إلى أعداد الناخبات التي فاقت نسبة مشاركتهن الرجال، ترى العنزي أن أصواتهن ذهبت لمن يعتقدن أنهم يمثلون أفكارهن في البرلمان"، مضيفة "لا أرى أن ثمة أثراً لعدم وصول المرأة الكويتية إلى مجلس الأمة، والتجارب السابقة أثبتت ذلك".

وترى العنزي أنه ليس كل امرأة يتم تمكينها في المناصب تصلح للعمل البرلماني، وتقول "لا بد أن تكون هناك مهارات يتقبلها الرجل والمرأة على حد سواء".

 

الدواوين مقابل منصات التواصل

ترى الكاتبة والأكاديمية ندى المطوع، أن دخول المرأة سباق الترشح جاء متأخراً عن الرجل، وهذا ما تصفه بـ"عدم التكافؤ". وتقول "الرجل بدأ المشاركة في الستينيات، لكن المرأة لم تدخل السباق سوى في منتصف التسعينيات".

من الأسباب التي تبدو أكثر أهمية بحسب الأكاديمية، دور الدواوين في الكويت (مقر دائم يرتاده الرجال)، حيث "منطلق صنع القرار وتحديد القواعد الانتخابية والمرشح". وفي حين تمنع النساء من ارتيادها، استعاضت عنها بمنصات التواصل الاجتماعي، لكنها لم تكن كافية، بالإضافة إلى إتاحتها التنمر الإلكتروني، بحسبها.

وامتنعت الأكاديمية الكويتية عن الإجابة عن سؤال "لمن منحتِ صوتك؟"، قائلة إن "الدستور الكويتي ينص على أن الانتخاب لا بد أن يكون سرياً، فحتى أولادي لم أخبرهم لمن ذهب صوتي، ولم أسألهم أيضاً عن مرشحهم".

ولا يبدو أن ثمة مخاوف من عدم وجود المرأة في البرلمان الكويتي، بحسب المطوع، التي قالت إنه "يمثل الأمة، وليس الرجال فحسب، ويجب أن يهتم بالنساء وشؤونهن".

ديمقراطية شعبية

ويعتبر الكاتب الكويتي عبد العزيز القناعي خلو برلمان بلاده من المرأة ومشاركة النساء الكثيفة في عملية الاقتراع أمرين غير مفاجئين، في مجتمع "ذكوري" تسيطر عليه "الهوية القبلية والطائفية والإسلاموية التي تحدد وجهة التصويت".

ووفق القناعي، فإن الأعداد الكبيرة للنساء لم تكن بهدف ممارسة حق الانتخاب، بل جاءت بإيعاز من الرجل المتسلط من باب "الفزعة أو النخوة"، وهو مصطلح خليجي يعني مناصرة الآخرين لأسباب عرقية أو طائفية.

ويقول القناعي، إن ديمقراطية بلاده لم تكن ليبرالية، بل إنها شعبية، مشيراً إلى أنه بجانب نظرة الرجل ورؤية "القبلية الدينية"، اللتين لا تريا أن المرأة تستحق الوصول للبرلمان، هناك سبب آخر أنه أسهم في خروج النساء من مجلس 2020 هو أنهن لم يدعمن بعضهن، بل تنافسن في ما يبدو أنه "أزمة ثقة" أضعفت فرص وصولهن.

ومن بين الأسباب أيضاً أن "التشريعات الحكومية والقوانين الداعمة التي تحض على مشاركة المرأة لا تزال قاصرة من نواحٍ عدة، سواء من خلال المناهج المدرسية، أو مؤسسات المجتمع المدني، وهذه عوامل لم تمكن المرأة بشكل كامل".

 

وكان خروج المرأة الكويتية من برلمان بلادها قد دفع مغردات كويتيات إلى السؤال "هل ستشهد المرأة الكويتية موجة جديدة من التهميش والإقصاء المتعمد، لأهم قضاياها العالقة؟".

يذكر أن هذه هي الانتخابات التشريعية الكويتية الأولى في عهد الأمير الجديد للبلاد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، الذي تولى مقاليد الحكم في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي.

المزيد من العالم العربي