ملخص
يبدو أن كفة دونالد ترمب صارت راجحة قبيل تسلمه دفة الرئاسة الأميركية على كفة جو بادين
هل ما يزال جو بايدن هو صاحب الكلمة الفصل في الشرق الأوسط؟ لا يبدو أن هذا ما يقوله بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي المحب لترمب، على ما يبدو.
استيقظت واشنطن هذا الأسبوع على خبر سقوط نظام الأسد في وقت مبكر من صباح يوم الأحد، في نهاية لواحدة من أكثر الديكتاتوريات إجراماً وقمعاً في العالم، وهي ديكتاتورية استمرت منذ سبعينيات القرن الماضي على مدار الإدارات الأميركية المتعاقبة التي عارضتها.
وبينما كان السوريون يحتفلون في جميع أنحاء دمشق وأماكن أخرى في البلاد، تحركت قوى أخرى في المنطقة. احتلت القوات الإسرائيلية خمس قرى في مرتفعات الجولان، وهي منطقة تقع في جنوب غربي سوريا، متذرعة بتهديد مزعوم من الجماعات المسلحة المناهضة لإسرائيل في بلد يشهد الآن اضطراباً سياسياً هائلاً، كما قصفت أهدافاً أخرى لا حصر لها في جميع أنحاء البلاد.
ونُدد بهذه الخطوة على الفور باعتبارها انتهاكاً للقانون الدولي، وأدى هذا التصرف العنيف إلى رد فعل حازم من إدارة بايدن، التي تحول دورها إلى دور شركة علاقات عامة تهدئ من حدة الخطاب اللاذع والأفعال التي يقوم بها المتشددون الإسرائيليون، بمن فيهم أولئك الموجودون في الحكومة.
"لقد تخلى الجيش السوري عن مواقعه في المنطقة المحيطة بالمنطقة العازلة الإسرائيلية السورية التي اتفق عليها خلال المفاوضات، مما يحتمل أن يخلق فراغاً كان من الممكن أن تملأه منظمات إرهابية من شأنها أن تهدد دولة إسرائيل، ومن شأنها أن تهدد المدنيين داخل إسرائيل"، كما قال المتحدث باسم وزارة الخارجية مات ميلر يوم الإثنين، على رغم أنه لم يقدم أي دليل على محاولة تلك الجماعات التحرك.
ومضى يقول إن "هذا إجراء موقت اتخذوه رداً على الإجراءات التي اتخذها الجيش السوري للانسحاب من تلك المنطقة"، مضيفاً أن إدارة بايدن، التي لم يتبق لها إلا أكثر من شهر بقليل في منصبها، "ستراقب الخطوات التي ستتخذها [إسرائيل] في الأسابيع المقبلة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يبدو أن وعد ميلر كان قصير الأجل أكثر من غيره من الوعود التي اضطرت إدارة بايدن إلى الإخلال بها خلال العام الماضي - مثل تعهدها باتخاذ إجراءات بعد 30 يوماً إذا لم تقم إسرائيل بتحسين الوضع الإنساني في غزة بصورة ملموسة، وهو ما لم تف به بحسب ما تفيد به "أوكسفام" وجماعات الإغاثة الأخرى.
وحتى قبل نهاية يوم العمل في واشنطن، صدرت رسالة مختلفة تماماً من حساب على "تويتر" يديره مكتب بنيامين نتنياهو: "لقد أكدنا اليوم على أهمية هذا الاعتراف التاريخي، ستكون مرتفعات الجولان جزءاً لا يتجزأ من دولة إسرائيل إلى الأبد".
وبينما كان نتنياهو يدلي بتصريحه، احتفل إسرائيليون آخرون علناً على وسائل التواصل الاجتماعي بهذا الاستيلاء الواضح على الأرض.
لكن لا يمكن تجاهل الغرض من توقيت تصريح نتنياهو، وهو توبيخ مباشر للذراع الدبلوماسية لإدارة بايدن، التي كثيراً ما كانت بعيدة من الحكومة الإسرائيلية اليمينية. وسعى البيت الأبيض وحملة بايدن - هاريس، كجزء من الجهود الفاشلة لمناشدة المعتدلين، إلى تصوير الإدارة على أنها داعم لا يتزعزع لإسرائيل، في وقت كانوا يتوسلون فيه قاعدتهم الشابة بعدم التخلي عن الحزب بسبب الحصار الإسرائيلي على غزة. لم تنجح أي من الاستراتيجيتين، لا سيما وأن الحكومة الإسرائيلية كانت على استعداد دائم لرفض الوعود والتصريحات المغلفة بالحرص على حياة الفلسطينيين التي تفوه بها المتحدثون باسم بايدن، وكذلك الرئيس نفسه.
وعلى مدار أشهر، نفت الحكومة الإسرائيلية أنها ستنظر في إمكان السماح بإقامة دولة فلسطينية ذات سيادة، وهو أمر قال البيت الأبيض في عهد بايدن إنه ركن ضروري من عملية سلام دائم، أما الآن فهي ترفض حتى احتمال البقاء ضمن حدود أراضيها.
ومع إحاطة يوم الثلاثاء تغيرت اللهجة في وزارة الخارجية الأميركية، "سأترك إسرائيل تتحدث عما تأمل في تحقيقه، يمكنني القول، بالنيابة عن الولايات المتحدة، إننا سنناقش هذا الأمر معهم على انفراد قبل أن أبدي رأيي علناً"، قال ميلر في إحاطته.
وفي المقابل وجه سعيد عريقات، مراسل وكالة "القدس" للأنباء، سؤالاً قاسياً لميلر حول ما إذا كان السماح للجيش الإسرائيلي بـ"احتلال" الجولان "مسألة تناقش على انفراد"، مستخدماً تعبير ميلر.
وحاول ميلر التهرب من السؤال بالتشديد على ضرورة "التأكد مما يفعلونه (إسرائيل)"، قبل التعليق على المسألة، وهو احتمال صعب بالنظر إلى أنه كان دافع عن زعم الجيش الإسرائيلي بأن الاحتلال "موقت" قبل يوم واحد فقط، قبل إقرار مكتب رئيس الوزراء بأنه قد يكون دائماً.
إذا لم تكن الاجتماعات بين كبار المسؤولين الإسرائيليين والرئيس المنتخب ترمب كافية لإقناعنا، فإن هذا التطور الأخير يجعل الأمر واضحاً. لم يعد جو بايدن مسؤولاً عن سير الأمور سواء شاء ذلك أم لا، على ما يبدو. ويبدو أن السياسة الأميركية -الإسرائيلية أصبحت الآن تدار بالكامل من مارالاغو بينما تلعب وزارة الخارجية دوراً في الاستعداد لتولي ترمب زمام الأمور.
وعندما يحين يوم الـ20 من يناير (كانون الثاني)، يرجح أن يطوي ذلك أسخف مرحلة رئاسة "بطة عرجاء" في العصر الحديث.
© The Independent