Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

زعيمات عصابات وقاتلات إرهابيات... هل باتت الجريمة "مؤنثة" في المغرب؟

النسبة الغالبة لجرائم النساء تتعلق بنظام الأسرة والأخلاق العامة والقتل في المرتبة الأخيرة وخبير أمني يرفض وصف الأمر بـ "الظاهرة"

الشرطة الإسبانية تعتقل امرأة مغربية تبلغ من العمر 18 عامًا يشتبه في تجنيدها نساء أخريات للانضمام إلى تنظيم الدولة الإسلامية في غانديا (أ ف ب)

لم تعد المرأة في المجتمع المغربي تتساوى مع الرجل في الحقوق والوظائف فقط، بل تعدى الأمر إلى مساواتها له في ارتكاب الجرائم أيضاً، إذ شهدت الفترة الأخيرة جرائم ارتكبتها أياد ناعمة، إذ تقود فتيات ونساء مغربيات عصابات وشبكات تقترف أنشطة غير قانونية، مثل بيع المخدرات أو الأقراص المهلوسة أو الأدوية المحظورة أو ترتكب السرقات أو تعمد إلى القتل أيضاً، مما يثير تساؤلات حول ما يعرف بـ "الجريمة المؤنثة" وهل أصبحت ظاهرة لافتة في المغرب؟

زعيمات عصابات

في السادس من يونيو (حزيران) الحالي وضعت الشرطة المغربية حداً لنشاط عصابة نسائية بالكامل، تضم خمس نساء تتراوح أعمارهن بين 23 و49 عاماً، بتهمة حيازة أقراص طبية مهربة وترويجها "في ظروف من شأنها الإضرار بالصحة العامة للمواطنين"، وفق بلاغ لمديرية الأمن المغربي.

وكانت النسوة الخمس يروجن إعلانات أدوية محظورة تستعمل في إجهاض الحوامل على مواقع التواصل الاجتماعي في مدينتي سطات والجديدة بمبالغ مالية تصل إلى 5000 درهم (500 دولار).

وتحقق الشرطة المغربية في هذه القضية عبر فتح بحث قضائي لتوقيف سيدات متورطات أخريات في الترويج لهذه الأدوية الطبية الممنوعة والخطرة على الصحة العامة.

وقبل أيام قليلة اعتقلت الشرطة بمدينة آسفي سيدة تبلغ من العمر 25 عاماً بتهمة التورط في "القتل العمد والتمثيل بجثة وإخفاء معالم الجريمة".

وشاركت السيدة رفيقها ذا السوابق القضائية في قتل الضحية صاحب المنزل بسبب خلافات ومشاحنات حادة، وعمدت إلى تقطيع أطراف الضحية وإخفائها في أماكن مختلفة بالمدينة وضواحيها أيضاً.

واعتقلت مصالح الدرك المغربية بمنطقة اشتوكة ثلاث نسوة بينهن فتاة قاصر، بتهمة تشكيل عصابة إجرامية متخصصة في السرقة، إذ كانت سيدتان منهما تعمدان إلى خلق "حديث عفوي" مع ضحية معينة قبل أن تباغتها الفتاة القاصر بخطف هاتفها المحمول أو حقيبة يدها، وتطلق ساقيها للريح.

وقبل فترة قصيرة أيضاً وجدت شرطة مدينة برشيد صعوبة بالغة في كبح جماح شابة تبلغ من العمر 28 عاماً هاجمت عناصر الشرطة بواسطة سلاح أبيض، بعد أن حاولوا إيقافها عن الاعتداء على المارة والسيارات في الشارع العام، لتضطر الشرطة إلى إطلاق الرصاص من أجل تحييد خطر هذه الشابة الجانحة.

جرائم الأخلاق

وفي غياب أرقام رسمية بخصوص عدد الجرائم المرتكبة من طرف "الجنس الناعم" بالمغرب، فإن الإحصاءات الحكومية تقول إن عدد النساء القابعات في السجون بمختلف التهم والجرائم والجنح يصل إلى 2085 امرأة يمثلن ما نسبته 2.34 في المئة من مجموع ساكنات السجون في البلاد، وفق أرقام حديثة لمندوبية السجون المغربية.

ووفق إحصاءات اطلعت عليها "اندبندنت عربية" من ملفات بعض محاكم المملكة، تعود النسبة الغالبة من جرائم النساء إلى ما يتعلق بنظام الأسرة والأخلاق العامة، مثل السكر العلني والخيانة الزوجية والفساد ثم جرائم الاعتداء على الأموال والأشخاص والإخلال بالأمن والسرقة والضرب أو الجرح أو القتل العمد أو المشاركة فيه الذي يأتي في الرتبة الأخيرة.

ويعرض الضابط الأمني المتقاعد عبدالقادر الخراز في منصة "يوتيوب" ملفات حقيقية لجرائم مثيرة أبطالها نساء، كان شاهداً عليها أو أخذ معطياتها من مصادر أمنية، ومنها شبكة فتيات حسناوات أوقعن في شباكهن عدداً من الأشخاص قبل أن يسقطن في قبضة الأمن بتهم النصب والاحتيال.

ووفق الخراز فإن نسبة الجرائم التي تقترفها النساء أقل من تلك التي يرتكبها الرجال، وأغلبها تكون إما سرقة أو مساهمة في القتل.

تصدير خارجي

ويعلق الخبير في السياسات الأمنية الدكتور إحسان الحافظي بالقول إن الأمر لا يتعلق بظاهرة مغربية بل بتصدير خارجي تحت تأثير وسائل التواصل الاجتماعي وما يغزو شبكات التراسل الفوري من صور ومشاهد قادمة من بلدان تعرف انتعاش ظاهرة تأنيث الجريمة وتحديداً في بلدان أميركا اللاتينية.

ويضيف الحافظي لـ "اندبندنت عربية" بأنه وفق منطق التحليل الأمني للظاهرة فيبدو أن الأمر لا يتعلق بجريمة قائمة بذاتها، بل بأدوات ارتكاب هذه النوعية من الجرائم، إذ يقع استخدام النساء في استدراج الضحايا تارة وفي استقطاب متورطين آخرين نحو هذه الشبكات.

ويكمل المتحدث، "في جرائم الإرهاب أبانت بعض التحقيقات التي طالت مغربيات موقوفات في جريمة الانخراط بمشاريع إرهابية أنهن كن ضحية مخطط يهدف لاستخدام النساء في التخطيط لأعمال إرهابية، سواء باستقطاب أشخاص آخرين داخل التنظيم أو بسبب سهولة تنقل هذه الفئة داخل المجتمع بعيداً من المراقبة، لاعتبارات لها علاقة بثقافة المجتمع وعاداته".

أسلوب التشبيك

ويسترسل الحافظي، "في ما يعرف بالجرائم البسيطة التي ترتكب عادة في المغرب مثل السرقة واستهلاك المخدرات أو الاتجار بها، بخاصة ما يتعلق بتهريب الأقراص المخدرة، تحول النوع الاجتماعي (النساء) إلى وسيلة تعتمد عليها شبكات من أجل التغطية على أنشطتها الإجرامية".

ويرجح الحافظي أن تكون المداخيل التي تدرها هذه العمليات قد أسهمت في انتشار ظاهرة "تأنيث الجريمة" وشجعت على انخراط أخريات بفضل أسلوب التشبيك الذي تعتمده هذه النوعية من المنظمات الإجرامية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وذهب المحلل الأمني إلى أن "غياب معطيات إحصائية حول الموضوع يعقد مهمة التحليل ويجعل توصيف تأنيث الجريمة بالظاهرة نوعاً من التجني العلمي والأخلاقي على هذا النوع الاجتماعي داخل المجتمع".

وخلص الحافظي إلى أن تورط نساء في الجريمة يبقى محدوداً وفي حالات معزولة جداً، وفي جرائم بعينها تقتصر غالباً على النصب والتحايل والاستدراج والتهريب أو التخزين، مما يجعل من المرأة مشاركاً في الجريمة أكثر منها فاعلاً أصلياً".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي