Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مطالب بتغييرات حكومية بعد تعرض جونسون لـ"نكسة ثقة"

أكثر من 40 في المئة من نواب المحافظين صوّتوا على إقالة رئيس الوزراء في تحدٍ كبير لسلطته

تعد نتيجة تصويت النواب المعارضين لجونسون في حزب "المحافظين" بنسبة 41.2 في المئة أسوأ بكثير مما توقعه مؤيدوه  (رويترز)

غداة تصويت على حجب الثقة عن قيادة رئيس الوزراء البريطاني جاءت نتيجته 211 صوتاً لمصلحته، و148 ضده، يواجه بوريس جونسون الآن مطالب بتغييرات كبيرة في حكومته. وفيما حفظ اقتراع نواب "المحافظين" لجونسون ماء الوجه، وجنبه إذلال طرده من "10 داونينغ ستريت"، من جانب حزبه، إلا أنه خلف لديه جراحاً عميقة في الوقت الذي يستعد فيه لخوض انتخابات فرعية في وقت لاحق من هذا الشهر [الانتخابات الفرعية المقبلة ستجري في ويكفيلد وتيفرتون وهونيتون في 23 يونيو]، وانتخابات عامة بعد أقل من سنتين.

وتعد نتيجة تصويت النواب المعارضين لجونسون في حزب "المحافظين" بنسبة 41.2 في المئة، أسوأ بكثير مما توقعه مؤيدوه، وأعلى بكثير من نسبة 36.9 في المئة للذين صوتوا بحجب الثقة عن رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماي قبل نحو 6 أشهر من إجبارها على ترك منصبها.

وفي حديث أدلى به رئيس الوزراء في "داونينغ ستريت" بعد لحظات من إعلان النتيجة، رأى جونسون أن الحكومة يمكنها الآن "المضي قدماً" في عملها بعد النتيجة التي وصفها بأنها "مقنعة" و"حاسمة"، على حد تعبيره. ونفى أن تكون لديه النية في الدعوة إلى انتخابات مبكرة تجنباً لأن يكون رئيساً ضعيفاً للحكومة.

وقال جونسون، "سنواصل القيام بالمهمة الصعبة، ونتيجة لهذا القرار الذي اتخذه الحزب في البرلمان، والذي أرحب به، توصلنا إلى وضع حد لسبات دام لفترة طويلة للغاية، وباتت لدينا القدرة الآن على التوحد، والوفاء بأولويات الناس، وهذا ما سنفعله".

لكن منتقدي رئيس الحكومة البريطانية، أكدوا إصرارهم على عدم المهادنة في مطالباتهم بوجوب رحيل جونسون. وقال النائب المخضرم السير روجر غيل، إن رئيس الوزراء "فقد دعم جزء كبير من حزبه"، وأنه يتعين عليه أن يأخذ هذا الواقع في الاعتبار وأن يعاود التفكير في موقفه. وأضاف روجر أنه بعد هذه النتيجة التي تشكل ضربة "قاصمة"، فإنه "سيتفاجأ من بقاء رئيس الوزراء في "داونينغ ستريت" في الخريف المقبل".

وقال نائب آخر، صوت بحجب الثقة عن جونسون، لـ"اندبندنت"، "لقد انتهى أمره. ويتعين على مجلس الوزراء أن يأخذ المبادرة ويتدخل". ووصف نائب آخر الأضرار التي لحقت برئاسة بوريس جونسون للحكومة بأنها "مميتة". وقال العضو في البرلمان عن دائرة يورك جوليان ستوردي إنه بات على رئيس الوزراء "أن يعاود التفكير في وضعه لأنه لم يعد يحظى بالثقة الكاملة للحزب البرلماني".

وفيما أشار أحد الوزراء في الحكومة إلى أن المنافسة على قيادة الحزب "انطلقت"، وستستمر في الأشهر الستة المقبلة، أعلن أحد النواب المتمردين على جونسون من حزب "المحافظين" أن نتيجة التصويت كانت "مدمرة".

وأضاف، "سيكون لدينا زعيم جديد للحزب بحلول المؤتمر السنوي في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. وستسهم نتيجة عمليتي انتخاب فرعيتين مقبلتين في تأمين الأصوات الاثنين والثلاثين الأخرى التي نحتاج إليها، لكن لو أن أعضاء مجلس الوزراء يتسمون ببعض من الجرأة، لكانوا بادروا إلى مواجهة جونسون وقاموا بمطالبته بالرحيل".

أما زعيم حزب "العمال" البريطاني المعارض السير كير ستارمر فرأى أن "النواب في حزب "المحافظين" قالوا كلمتهم وأخذوا خيارهم الليلة، فقد تجاهلوا الشعب البريطاني وربطوا أنفسهم وحزبهم بقوة ببوريس جونسون وكل ما يمثله".

ويعتبر منتقدو رئيس الحكومة أنه إذا أراد بوريس جونسون البقاء في السلطة، فيتعين عليه أن يجري تغييراً في أسلوب قيادته، وأن يعمد إلى إجراء تجديد جذري لحكومته، عبر إخراج الموالين المتشددين له، مثل نادين دوريس وزيرة الثقافة، ومارك سبنسر، اللذين لم يحسنا من أدائهما بحسب رأي البعض، وأثارا امتعاض الناخبين وسخطهم.

في المقابل، دعا أعضاء المقاعد الخلفية في البرلمان [الذين لا يتولون مناصب حكومية] نواب المقاعد الأمامية إلى اتخاذ موقف أكثر شمولاً يعكس بشكل أفضل التقاليد الليبرالية للحزب المعروفة بـ"أمة واحدة" One Nation [نزعة تدعو إلى الحفاظ على المؤسسات والمبادئ التقليدية في إطار ديمقراطية سياسية تدعمها برامج اجتماعية واقتصادية مصممة لمصلحة المواطن العادي]، إضافة إلى بلورة رؤية أوضح للاتجاه الذي يريد جونسون أن تسلكه بريطانيا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي نداء وجهه جونسون إلى أعضاء المقاعد الخلفية قبل ساعات قليلة من التصويت، وعد بإجراء تخفيضات ضريبية والتخفيف من القيود والإنفاق العام، داعياً النواب إلى عدم تسليم السلطة إلى حزب "العمال" من خلال الانزلاق إلى "نقاش لا طائل منه في شأن مستقبل حزبنا"، كما قال.

لكنه في المقابل، خاطر بإثارة حفيظة النواب "المحافظين" الذين كانوا هدفاً لغضب الناخبين، بسبب فضيحة "بارتي غايت" بإعلانه "سأفعلها مرةً أخرى".

وزير سابق في مجلس الوزراء صوت لجونسون، رأى أن رئيس الحكومة يحتاج إلى فريق أقوى يكون إلى جانبه، في الوقت الذي يحاول فيه استعادة الثقة فيه على أثر فضيحة "بارتي غايت". وقال النائب لـ"اندبندنت"، "يتعين على جونسون أن يختار لنفسه وزراء حازمين وواثقين من أنفسهم، بحيث لا يدلون بتصريحات متملقة أو سخيفة".

إلا أن نائباً آخر رفيع المستوى في حزب "المحافظين" رأى أن هناك حاجةً لإجراء "تصفية جماعية" للحكومة الراهنة، واصفاً عدداً من أعضائها بأنهم "محض هراء".

واعتبر أحد النواب الذين صوتوا ضد بقاء جونسون، أنه بعد أن نجا من التصويت على الثقة فيه، عليه أن يعين مجموعةً "أوسع" من الوزراء من أجنحة مختلفة داخل حزبه، وذلك بعد صدور شكاوى بأن كثر يدعمون موقفاً متشدداً حيال "بريكست".

وساد غضب عارم حتى في أوساط أعضاء البرلمان الذين يدعمون بوريس جونسون، بعد أن هاجمت الوزيرة دوريس المنافس المحتمل على قيادة الحزب جيريمي هانت. ومن خلال اتخاذها هذا الموقف منه، بدا أنها تقر بأن خطط حكومة "المحافظين" لمواجهة جائحة "كوفيد" كانت "غير مناسبة".

وقال آخرون إن أعضاء مجلس الوزراء يرددون بطريقة ببغائية "التوجيهات الواجب اتباعها" في شأن فضيحة "بارتي غايت"، الأمر الذي جعلهم يظهرون رئيس الوزراء على أنه غبي.

وقد ثار غضب شديد من جانب مؤيدي رئيس الوزراء، لاضطرار جونسون إلى خوض دورة التصويت بحجب الثقة عنه، بحيث وصف أحد كبار أعضاء البرلمان زملاءه المتمردين بأنهم "مجموعة من الغادرين".

ووفقاً لقواعد حزب "المحافظين" التي يشرف على تطبيقها السير غراهام برادي رئيس "لجنة 1922" لنواب المقاعد الخلفية في الحزب، فإن فوز جونسون يجعله في مأمن من أي تحد آخر لمدة 12 شهراً في الوقت الحالي.

لكن على الرغم من ذلك، فقد أوضحت شخصيات بارزة في اللجنة، أنه يمكن تغيير القواعد للسماح بخوض تحدٍّ قبل هذه المدة، فقد يواجه السيد جونسون أيضاً إمكان زيارة "أشخاص نافذين" له لإبلاغه بأن الوقت قد حان ليتنحى.

لكن مؤيدي جونسون وصفوا الفوز في التصويت بأنه "شامل"، بحيث دعا وزير الدولة للشؤون الخارجية جيمس كليفرلي نواب حزب "المحافظين" إلى احترام النتيجة.

وقال ناظم الزهاوي وزير التعليم البريطاني، إن الوقت قد حان "لوضع حد لهذه الحالة الجدلية"، معتبراً أن جونسون "حقق فوزاً لائقاً". وقال إن "نسبة 50 في المئة زائداً واحداً في المئة تشكل الأغلبية. وكان أداء بوريس أفضل بكثير من ذلك".

يشار إلى أن مصدراً في "داونينغ ستريت" وصف نتيجة التصويت بأنها "فوز حاسم جدد التفويض لرئيس الوزراء، ويسمح للحكومة بالتركيز بشكل كامل على القضايا التي تهم ناخبينا وتحقق أولوياتهم".

لكن وزير الدولة السابق في مجلس الوزراء روري ستيوارت، الذي كان جونسون قد طرده من الحزب بعد ترشحه ضده على منصب رئاسة الحكومة في العام 2019، احتسب أن نحو 75 في المئة من نواب المقاعد الخلفية صوتوا ضد جونسون. وقال إن "هذه هي نهاية بوريس جونسون، لكن السؤال الوحيد هو إلى متى ستستمر المعاناة".

وكان اليوم الدرامي قد بدأ عند الثامنة صباحاً، مع إعلان السير غراهام أنه تلقى أقله 54 رسالةً من أعضاء في البرلمان، يطالبونه فيها بإجراء تصويت على الثقة في رئيس الحكومة.

وكشف السير غراهام عن أن بعض النواب أرجأوا تاريخ خطاباتهم إلى يوم الاثنين بأثر رجعي، تجنباً لتعطيل احتفالات اليوبيل البلاتيني للملكة، لكنه رفض الكشف عن العدد الإجمالي للرسائل التي تسلمها، علماً بأن بعض المعلومات أشارت إلى أن نحو 67 نائباً بعثوا بخطابات.

وتبين لاحقاً أن جونسون تبلغ في وقت مبكر من يوم الأحد بأنه سيواجه تصويتاً على الثقة، واتفق مع السير غراهام على إجرائها في اليوم التالي.

في غضون ذلك، أمضى جونسون ساعات طويلة أمام كاميرات التلفزيون، يشاهد الموكب الاحتفالي باليوبيل البلاتيني في قصر باكنغهام، قبل أن يقوم باستدعاء مؤيديه المقربين منه - بمن فيهم الخبير الكبير في إدارة الحملات السير لينتون كروسبي - إلى حضور "اجتماع أزمة" في شقته الكائنة في "داونينغ ستريت" للتخطيط للمعركة المقبلة الهادفة إلى إنقاذ منصبه.

وجرى إرسال خطاب من رئيس الوزراء إلى كل نائب، يتعهد فيه بإجراء بتخفيضات ضريبية في حال بقائه في منصبه. ويقول إن التصويت يشكل "فرصة ذهبية" لوضع حد لما سماه "هوساً إعلامياً" بفضيحة "بارتي غايت".

في المقابل، طلب من بعض مساعديه المخلصين له، التحدث عن الآفاق المتاحة لرئيس الوزراء، بحيث أصر جايكوب ريس موغ على أن منصبه آمن حتى لو فاز بصوت واحد - على الرغم جدله في عام 2018 بوجوب استقالة تيريزا ماي في حال فقدت ثقة ثلث عدد نواب حزب المحافظين.

أما السيدة دوريس فصبت جام غضبها على السيد هانت، بعد أن أصبح وزير الخارجية السابق أرفع الوزراء مقاماً في حزب "المحافظين"، من بين الذين طالبوا جونسون بترك منصبه، متهمةً هانت بممارسة "الازدواجية". وقالت إن الاستعدادات التي أعدها لمواجهة الوباء أثناء إدارته القطاع الصحي كانت "غير كافية".

إلى ذلك، لم ينجُ جونسون من الهجوم اللاذع الذي شنه عليه الوزير السابق جيسي نورمان منتقداً فيه شخصيته وسجل أدائه، ومستنكراً ادعاءاته بأن تقرير سو غراي في شأن فضيحة حفلات "بارتي غايت"، براءه، واصفاً الأمر بـ"المثير للسخرية".

وإضافة إلى ما تقدم، استقال العضو في البرلمان عن حزب "المحافظين" جون بنروز من منصب وزير مكافحة الفساد في عهد جونسون، قائلاً إنه لن يكون من "المشرف أو الصائب" أن يبقى في موقعه، بينما أكد زعيم حزب "المحافظين" الاسكتلندي دوغلاس روس، أنه سيصوت لمصلحة إبعاد جونسون. واستقال نائب اسكتلندي آخر هو جون لامونت من منصبه مساعداً برلمانياً، كي يتمكن من التصويت ضد رئيس الوزراء.

في المقابل، أثارت بيني موردنت [وزير الدولة لسياسة التجارة] المنافسة المحتملة للخلافة في حزب "المحافظين" دهشةً عارمة، عندما أبت الانضمام إلى زملائها الوزراء في إصدار خطاب يدعم رئيس الوزراء، لكنها نشرت مقالاً لمناسبة الاحتفال بالذكرى السنوية لإنزال النورماندي، أو ما يسمى D-Day، أشادت فيه بقيادة الرئيس الأميركي الراحل دوايت أيزنهاور التي قالت إنها اتسمت بـ"التواضع والصدق والمثابرة"، محذرةً من أن "الثقة بلا كفاءة تشكل وضعاً خطيراً".

في هذا الوقت، أعطت نتائج استطلاع أجراه ناشطون في حزب "المحافظين" على الموقع الحزبي الإلكتروني ConservativeHome قراءةً لا تبشر بالخير بالنسبة إلى رئيس الحكومة، بعد أن وافق 58 في المئة من أعضاء الحزب الذين استطلعت آراؤهم، وعددهم 1058 شخصاً، على ضرورة تركه منصبه، بينما أعرب 41 في المئة فقط منهم عن رغبتهم ببقائه.

وفي مناشدة جريئة أطلقها جونسون في اللحظة الأخيرة لنواب البرلمان، خاطر رئيس الحكومة بإثارة موجة من الغضب في أوساط منتقدي طريقة تعامله مع فضيحة "بارتي غايت" حين قال، "أنا مستعد لإعادة الكرة مرةً أخرى".

وفي محاولة من رئيس الوزراء لاستعادة زمام المبادرة السياسية، من المقرر أن يلقي جونسون خطابات رئيسة خلال الأسبوعين المقبلين تتعلق بقضايا الإسكان والاقتصاد، وسينضم إليه فيها وزير خزانته ريشي سوناك.

تبقى الإشارة أخيراً إلى أنه لم يصدر بعد أي بيان مؤيد لجونسون عن السيدة تيريزا ماي أو عن رئيس الوزراء السابقين في حزب "المحافظين"، السير جون ميجور وديفيد كاميرون.

*نُشر المقال في "اندبندنت" بتاريخ 7 يونيو 2022

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من سياسة