Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

غلاء الأسعار يستبق عيد الأضحى إلى المغرب

ليتر البنزين تجاوز الـ10 دولارات والحكومة تعلق الرسوم الجمركية على استيراد القمح

تحذر جمعيات تعنى بحقوق المستهلك من مغبة استمرار ارتفاع الأسعار في المغرب (وكالة المغرب العربي للأنباء)

اشتعلت الأسعار دفعة واحدة في كثير من السلع والخضر والفواكه والمواد الاستهلاكية، والمحروقات بأنواعها، والمياه المعدنية، وأعلاف القطيع، وفي مواد البناء، والكتب المدرسية، وعديد من الخدمات قبيل حلول عيد الأضحى بالمغرب.

وشهدت الأسواق المغربية في الآونة الأخيرة موجة عارمة من الزيادات، التي طالت معظم المواد الاستهلاكية والغذائية، بينما ترجع الحكومة هذه الارتفاعات إلى الظرفية المحلية المتسمة بالجفاف الذي ضرب البلاد هذا الموسم الفلاحي، وإلى السياق الدولي المشحون بالحرب الروسية على أوكرانيا.

وتحذر جمعيات تعنى بحقوق المستهلك من مغبة استمرار ارتفاع الأسعار، سواء في المواد والسلع أو في المحروقات، باعتبار أن هذه الموجة تضرب في العمق القدرة الشرائية للمواطنين، لا سيما الفئات الهشة والفقيرة، كما تفاقم من الاختلالات الاجتماعية بالبلاد.

مصائب قوم عند قوم فوائد

ويشتكي عديد من المغاربة من ارتفاع المحروقات منذ بضعة أسابيع، لكن الأسعار زادت من جديد خلال اليومين الأخيرين، وتجاوز الليتر الواحد من البنزين 16 درهماً (عشرة دولارات)، وهو ما يعد سابقة من نوعها في البلاد.

هذا الارتفاع اللافت لأسعار المحروقات في المغرب فسره الكاتب العام لنقابة صناعات البترول والغاز الطبيعي، الحسين يماني، بكونه نتيجة لتقلبات السوق، التي تخضع لمبدأ العرض والطلب، حيث إن الطلب أكبر من العرض حالياً، مبرزاً أن ارتفاع أثمان المحروقات يتسبب في زيادات الأسعار في كثير من القطاعات ذات الارتباط بهذه المادة الحيوية.

وقال يماني، في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، إن المطلوب في هذا السياق هو العودة إلى منطق "تسقيف أسعار المحروقات" كما كان معمولاً به من قبل، حتى لا يذهب المواطن ضحية تقلبات الأسعار في السوق العالمية.

ويشتكي مهنيو النقل بالخصوص من ارتفاع أسعار المحروقات منذ فترة، ما دفعهم إلى خوض احتجاجات متتالية، وتضطر الحكومة بعد ذلك إلى تقديم دعم مالي شهري مرتين لهم لمواجهة هذه الأزمة، في أفق منحهم الدعم للمرة الثالثة.

ولأن "مصائب قوم عند قوم فوائد"، فإن هذه الارتفاعات في أسعار البنزين والديزل أفضت إلى مضاعفة أرباح شركات توزيع المحروقات، من بينها شركة "طوطال إينيرجي" التي ارتفع رقم معاملاتها بنسبة 68 في المئة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من سنة 2022، مقارنة مع الفترة نفسها للعام الماضي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أسعار زيوت صادمة

موجة الارتفاعات تضرب عدداً من أنواع الخضر والفواكه، وأيضاً كثيراً من المواد الاستهلاكية ذات الأهمية لدى المواطن المغربي، بخاصة الزيت والحليب والزبدة وغيرها من السلع.

وشهدت أصناف من "زيوت المائدة" زيادات وصفها البعض بالفاحشة والصادمة، من قبيل زيت "ويلور عباد الشمس"، الذي ارتفع ثمن القارورة من فئة خمسة ليترات بنحو 50 درهماً (خمسة دولارات) في ظرف أسابيع قليلة.

في هذا السياق، قال محمد بنمسيكن، أحد تجار زيوت المائدة بمدينة سلا، في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، إنه بات يجد صعوبة في تسويق وبيع بعض ماركات زيوت المائدة، بسبب أسعارها المرتفعة بشكل غير مسبوق.

وأضاف أن "ارتفاع أسعار الزيوت ومثلها الزبدة النباتية، وأيضاً بعض ماركات المياه المعدنية، تسبب في صدامات بين بعض الباعة والبقالين وبعض المواطنين الذين يعتقدون أن التاجر هو من يرفع الثمن من عنده"، مضيفاً أن "عديدين استغنوا عن شراء الزيوت، أو صاروا يشترونها بكميات قليلة، أملاً في انخفاض الأسعار".

وفي محاولة للحد من ارتفاع أسعار "زيوت المائدة" المستهلكة بوفرة من طرف المغاربة، قررت الحكومة المغربية انطلاقاً من الجمعة 3 يونيو (حزيران) وقف رسوم استيراد بعض أصناف البذور الزيتية والزيوت الخام لـ"عباد الشمس والصويا"، بهدف مواجهة تأثيرات الأسعار المرتفعة للمواد الخام على بيع زيوت المائدة.

عيد أضحى "ساخن"

ولم تتوقف الزيادات في الأسعار عند هذه الحدود، بل انتقلت لتمس أيضاً ثمن الدجاج في الأسواق المغربية، بزيادة بلغت أحياناً أكثر من 25 في المئة، وهو ما سوغه مهنيون بارتفاع تكلفة الأعلاف التي تأثرت بدورها بآثار الحرب الروسية على أوكرانيا.

ومثل الدجاج ارتفعت أسعار أعلاف الأغنام المخصصة لعيد الأضحى، الذي يحل في الشهر المقبل، بسبب موسم الجفاف الذي ضرب الموسم الفلاحي للبلاد، وإلى تداعيات الحرب الروسية، وهو الشيء الذي ينذر بأسعار ساخنة للأضاحي في البلاد، وفق توقعات مهنيي ومربي الأغنام.

ويتوقع إدريس العياشي، مربي أغنام وأبقار، في تصريح لـ"اندبندنت عربية" أن تشهد الأسواق في أضحى هذا العام أسعاراً مرتفعة مقارنة مع السنة الماضية، بالنظر إلى عدة عوامل خارجية، أبرزها الجفاف الذي أنهك المربين (الكسابة بلغة المغاربة).

ويطالب مهنيون الحكومة بتدخل عاجل من أجل العمل على تخفيض تكاليف الإنتاج، بالتالي استقرار أسعار الأعلاف، من أجل التحكم، ولو نسبياً، في أسعار الماشية والقطيع الذي يتجاوز سبعة ملايين رأس لمناسبة عيد الأضحى المقبل.

ومن المرتقب أن تتخذ الحكومة المغربية تدابير إجرائية بهدف دعم المهنيين، في سبيل تجنيب المواطنين المغاربة الأسعار المرتفعة في عيد الأضحى، لا سيما أن هذه المناسبة الدينية تأتي متساوقة مع شهر يوليو (تموز) الذي يستوجب من ملايين المغاربة سداد آخر شهر من تكاليف التعليم الخصوصي، كما أنه شهر السفر والعطلة الصيفية.

ضرب القدرة الشرائية

وللتعليق على جميع هذه الزيادات المتلاحقة للأسعار، أفاد رئيس الجامعة الوطنية لحماية المستهلك، بوعزة الخراطي، في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، بأن الارتفاع بدأ منذ أواخر السنة الماضية، غير أنه طال في الفترة الأخيرة عديداً من السلع والخدمات، ومس مواد البناء والسلع الاستهلاكية.

وقال الخراطي إن ارتفاع الأسعار في المغرب يعود إلى عوامل عديدة، من أبرزها ارتفاع تكلفة النقل البحري التي تضاعفت 300 إلى 400 في المئة، وإلى تهافت الطلب على المواد الغذائية بسبب "جائحة كورونا"، ثم إلى تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا.

ووفق المتحدث ذاته، فإن عدداً من الدول لجأت إلى التقليص من الضريبة على القيمة المضافة كحل لأزمة ارتفاع الأسعار، مبرزاً أن الجامعة الوطنية لحماية المستهلك طالبت الحكومة بخفض الضريبة بنسبة 50 في المئة، لكنها لم تتجاوب بعد مع هذا المطلب.

وأشار الخراطي إلى أن الحكومة عمدت إلى تعليق الرسوم الجمركية على استيراد القمح، كما أوقفت استيفاء الرسوم الجمركية المطبقة على بعض النباتات الزيتية، مضيفاً أنها قرارات إيجابية، لكنها غير كافية لمواجهة مد ارتفاع الأسعار، وبأن الحل المتاح هو تقليص الضريبة على القيمة المضافة للسلع والخدمات.

وشدد رئيس الجامعة الوطنية لحماية المستهلك على أن زيادات الأسعار تسببت في ضرب القدرة الشرائية للمواطنين المغاربة، لا سيما الذين ينتمون إلى طبقات اجتماعية هشة ومعوزة، مبيناً أن هذه الفئات ستظل تعاني موجة الزيادات هذه في انتظار أن تعود الأسواق إلى حالتها الاعتيادية.