Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

نخبة "دافوس" قلقة من ارتفاع أسعار الفائدة ودخول الاقتصاد في ركود

الهدف الرئيس للبنوك المركزية وقف ارتفاع معدلات التضخم وليس أوضاع السوق والاقتصاد

احتمال الدخول في التضخم وارتفاع الأجور معاً في أوروبا الشرقية وألمانيا وهولندا وإسبانيا (أ ف ب)

من بين القضايا التي شغلت بال قادة المال والأعمال من مستثمرين ورؤساء شركات ومسؤولين في اجتماعاتهم في منتجع دافوس، ضمن المنتدى الاقتصادي العالمي، توجه البنوك المركزية في الاقتصادات الرئيسة نحو مزيد من تشديد السياسة النقدية: رفع أسعار الفائدة أكثر وسحب السيولة من السوق. ومن كلمات رجال الأعمال والمسؤولين في المنتدى بدا واضحاً أن البنوك المركزية في طريقها إلى رفع أسعار الفائدة بأكثر مما هو معلن ومقدر من جانب الأسواق، بالتالي يمكن أن يسرع ذلك انكماش النشاط الاقتصادي إلى حد الدخول في ركود أسوأ من المتوقع. وأسواق الأسهم معرضة للانهيار، فلم تعد البنوك المركزية تضع في حسبانها توفير السيولة للسوق بقدر ما تستهدف ضبط التضخم وارتفاع قيمة الأصول.

في كلمة له في المنتدى، قال جايسون فورمان، الرئيس السابق لمجلس المستشارين الاقتصاديين في البيت الأبيض، إن "أيام تروي الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) الأميركي قد ولت". وأضاف "إنهم لا يعبأون بما قد يحصل للأسواق"، محذراً من أن أسعار الفائدة سترتفع أكثر مما يفصح عنه الاحتياطي أو تتوقعه السوق حالياً. وأشار إلى أن الاحتياطي "لم يفعل ما يكفي ليجهز الناس استعداداً لذلك".

وهيمنت المخاوف على المشاركين في منتدى "دافوس" من أسعار فائدة في طريقها إلى الارتفاع ربما يتجاوز 5 في المئة، وربما بما يشبه ما حدث في سبعينيات القرن الماضي، حين ارتفعت معدلات التضخم بشدة وتدخلت البنوك المركزية بقوة لترفع أسعار الفائدة إلى نسب عالية جداً.

انهيار تحت السيطرة

مصدر القلق في أوساط السياسات المالية والنقدية، أنه إذا لم يتدخل الاحتياطي الفيدرالي، وغيره من البنوك المركزية، في الاقتصادات الرئيسة، لوقف غليان الفقاعة الاقتصادية والمالية، فإن التدخل لاحقاً سيكون أكثر إيلاماً وضرراً.

ويقول فورمان "لا أعتقد أن مسؤولي الاحتياطي يصدقون توقعاتهم ولا نماذج التضخم الآن، فتلك التقديرات أصبحت تالفة تماماً". ويسود الاعتقاد بأن البنك المركزي يستعد لما يمكن وصفه بـ"انهيار متعمد تحت السيطرة" لأسواق الأسهم.

أما البروفيسور ريكاردو هاوسمان، من جامعة هارفارد، فإن الوضع الحالي "يذكرني بالأرجنتين"، في إشارة إلى تأخر الاحتياطي الفيدرالي في تشديد السياسة النقدية بعدما أغرق السوق بالسيولة في إطار برنامج التيسير الكمي. ويضيف "ما زال هناك كثير من السيولة لتيسير النظام، وعليهم التصرف بشكل أكثر قوة. أنا لا أنام وأنا أفكر في أن الاحتياطي ما زال متأخراً في التصرف".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويرى هاوسمان أن معدلات التضخم ترتفع بهذا الشكل بسبب الزيادة الهائلة في السيولة والطلب في الاقتصاد، وليس بسبب مشكلات سلاسل التوريد أو ارتفاع أسعار الطاقة كما كان الاحتياطي يقول حتى العام الماضي. ويضرب هاوسمان مثالاً على تلك الأخطاء، بأن توقعات الاحتياطي في ديسمبر (كانون الأول) 2021 كانت أن يصل معدل التضخم هذا العام إلى 2.2 في المئة، بينما وصل المعدل الآن إلى نسبة 8.5 في المئة، وهي الأعلى في 40 عاماً.

وتشارك غيتا غوبينات، من صندوق النقد الدولي، هاوسمان ذلك القلق من أخطاء التوقعات. وتقول خلال كلمة لها في منتدى "دافوس"، إن ما بدأ كصدمة في العرض العالمي خلال أزمة وباء كورونا تحول إلى ما يمكن "صدمة طلب" (إيجابي). وهو ما لا يمكن للبنوك المركزية أن تتركه يستمر صعوداً. وتضيف "على مدى الأشهر الثلاثة الماضية، امتد الضغط التضخمي، في نطاقه الأوسع (أي غير ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة)، في الاقتصاد العالمي كله، حتى أصبح ارتفاع التضخم سمة عامة... أما المفاجأة فهي أننا اعتدنا في السنوات العشر الماضية أن نقلق من احتمال انخفاض الطلب في الاقتصاد. ثم يأتي الوباء ونعاني من صدمة عرض عالمي".

نتيجة غير محسومة

لا يتفق آخرون مع توجه البنوك المركزية بتشديد السياسة النقدية بقوة وسرعة. ويرى البعض أنه قد لا يحقق النتيجة المرجوة بخفض معدلات التضخم. وفي كلمته في منتدى "دافوس"، قال الاقتصادي الحائز جائزة نوبل في الاقتصاد، جو ستيغليتس، إن اسعار الفائدة المرتفعة قد تزيد من سوء الوضع في ما يتعلق بالتضخم، إذ إنها ستحد من الاستثمارات المطلوبة لإصلاح الضرر في سلاسل التوريد العالمية والسعة الإنتاجية، أي جانب العرض في الاقتصاد.

لكن تلك الأصوات بدت ضعيفة في منتدى "دافوس"، فاللهجة السائدة هي مزيد من تشديد السياسة النقدية على الرغم من المخاوف من أن ذلك قد يقود إلى ركود اقتصادي. ولا يقتصر الأمر على أكبر اقتصاد في العالم، بل إن اقتصاد دول اليورو أيضاً يشهد توجهاً نحو تشديد السياسة النقدية بقوة.

وفي كلمة له في منتدى "دافوس"، تحدث كلاس نوت، محافظ البنك المركزي الهولندي، ورئيس مجلس الاستقرار المالي العالمي، عن مؤشرات على تصاعد معدلات التضخم في منطقة اليورو بشكل كبير. على الرغم من أن الوضع في أوروبا يبدو طارئاً أكثر من غيرها من المناطق الاقتصادية ونتيجة الحرب في أوكرانيا وارتفاع أسعار الغذاء والطاقة.

لكن كلاس نوت يقول "لا ننظر الآن إلى أسعار الطاقة، فهذه أخبار قديمة. لكن كل مكونات مؤشرات التضخم الأخرى ترتفع بشدة، والسؤال الآن هو إلى أي مدى ستستمر في الارتفاع". ويذكر محافظ البنك المركزي الهولندي مؤشرات على احتمال الدخول في التضخم وارتفاع الأجور معاً في أوروبا الشرقية وألمانيا وهولندا وحتى في إسبانيا.