Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بريطانيا غير مهيأة لمواجهة ارتفاع أسعار المواد الغذائية ونقص إمداداتها

حصري: حصار أوكرانيا يستلزم خطة عاجلة لمواجهة مشكلة أزمة تتعدى الطاقة

ألهبت حرب أوكرانيا أسعار المواد الغذائية في بريطانيا وضربت خطوط إمداداتها (فوود فاونديشن.أورغ.يوكيه)

أبدى رئيس هيئة استشارية حكومية في بريطانيا، خشيته من أن تكون المملكة المتحدة غير مهيأةٍ لمواجهة ارتفاعات هائلة في أسعار المواد الغذائية، ونقص في سلع أساسية، نتيجة الحرب الدائرة في أوكرانيا.

وقد تحدث لـ "اندبندنت" إيان رايت الرئيس السابق لـ "اتحاد الأغذية والمشروبات"  Food and Drink Federation في بريطانيا، معرباً عن بواعث قلق متزايدة لديه، من عدم وجود خطة مناسبة في مواجهة مستقبل "مثير للخوف" من تعطل الإمدادات الغذائية، وكذلك حذر من أن "هذا الأمر أكبر من أزمة في الطاقة".

وقد أدى الحصار الروسي لموانئ البحر الأسود إلى بقاء نحو 25 مليون طن من الحبوب عالقةً في أوكرانيا، الأمر الذي ينذر بحدوث مجاعة في الدول الأكثر فقراً، إضافة إلى تهديده بحدوث عواقب وخيمة أيضاً على المملكة المتحدة، التي تعتمد على الواردات الغذائية.

وجرى حتى الآن ترشيد استعمال زيت الطهي الذي يُستخدم في صنع رقائق البطاطس والوجبات الجاهزة والبسكويت والمايونيز، في وقت انعكس فيه ارتفاع أسعار الأسمدة والأعلاف على الإنتاج الزراعي المحلي.

وكذلك تسود مخاوف من نفاد إمدادات الطعام الذي تتبرع به جمعيات خيرية وهيئات مجتمعية، تعمل على تنسيقها منظمة لا تتلقى تمويلاً حكومياً، في وقت يتدفق فيه مزيد من ملايين الأفراد على نوادي الغداء [نواد خيرية تقدم وجبات غداء مجانية للمحتاجين] وملاجئ المشردين.

ثمة أزمة تلوح في الأفق. وستتصدر أولويات جدول أعمال اجتماع طارىء مرتقب يوم الثلاثاء، لـ"مجلس دعم قطاع الأغذية والمشروبات" Food and Drink Sector Council [مجلس مشترك بين شركات الأغذية والحكومة يهدف إلى جعل هذا القطاع أكثر فاعلية]، الذي سيطالب فيه أقطاب رئيسون في تلك الصناعة بمعرفة ماهية الاستعدادات الحكومية المتخدة على هذا الصعيد.

وبحسب رايت، "لا أعتقد أن الحكومة تعي تماماً الآثار المترتبة عن كل ما يحصل. إذ يمكن أن تصبح الأمور مخيفةً للغاية، مع الارتفاع الكبير في الأسعار، وما يستتبع ذلك من فقر غذائي [عدم قدرة الأفراد على الحصول على الغذاء اللازم لمواصلة العيش بطريقة طبيعية]".

وأضاف، "هنالك مجموعة من المعنيين بصناعة الأغذية، ترى أن هذه القضية باتت تتطلب الآن مقداراً أكبر من التحرك العاجل والتركيز من جانب الحكومة، بهدف ضمان حصول البلاد على المواد الغذائية التي تحتاجها".

ونبه إلى أن "هذا الأمر أكبر من أزمة في الطاقة. وإذا كانت الحكومة لديها خطط في هذا المجال، فيتعين عليها أن تشرك الآخرين فيها على نطاق أوسع".

في سياق متصل، تركت هذه المخاوف صداها أيضاً لدى "الاتحاد الوطني للمزارعين" National Farmers’ Union ، ومنظمة إعادة توزيع الأطعمة "فير شير" FairShare، التي تتهم الحكومة بالسماح بهدر نحو مليوني طن من الطعام الصالح للأكل كل سنة.

إذ ترى رئيسة "الاتحاد الوطني للمزارعين" مينيت باترز، أن الحكومات البريطانية المتعاقبة، أهملت إنتاج الأغذية، معتبرةً أن ما فعلته هو "تصرف لا ينم إلا عن قصر نظر، وبات الآن يتخذ منحى غير أخلاقي".

وأضافت، "يمكننا، لا بل ينبغي علينا، أن ننتج مزيداً من الغذاء، في الداخل والخارج. وما نحتاجه هو وضع استراتيجية غذائية مناسبة تتبناها الحكومة".

وكذلك تأتي هذه الانتقادات بعدما كان الخبير مارتن لويس الملقب بـ"بطل حماية المستهلكين" [مؤسس موقع MoneySavingExpert.com يقدم المشورة للناس في طرق التوفير، ويعمل على رفع مستوى وعي المستهلكين بحقوقهم]، قد حذر من أن يؤدي الارتفاع في فواتير الوقود والغذاء المنزلي، إلى وقوع أعمال شغب، وأعرب عن تخوفه من أن يتسبب ذلك "باندلاع اضطرابات مدنية".

وفي الإطار نفسه، وُجهت مطالبات لرئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، بأن يحذو حذو الرئيس الأميركي جو بايدن، عبر تنظيم "قمة الغذاء" للفت الانتباه إلى هذه الأزمة. ولكن، بحسب ما علمت "اندبندنت"، فإن أوساط رئاسة الحكومة في "10 داونينغ ستريت" لم ترد بعد على الدعوات.

وتجاهلت الحكومة البريطانية أيضاً نداءات وجهتها إليها لجنتان في مجلس العموم البريطاني، بوجوب تعيين "وزير دولة للفقر الغذائي" يتولى تنسيق الإجراءات المشتركة بين الوزارات والمضي قدماً في ضمان استمرارية الإمدادات.

ومن المتنظر أن يشهد اجتماع يوم الثلاثاء، مطالبات توجه إلى وزيرة الدولة البريطانية للأغذية والزراعة فيكتوريا برينتيس، مع فريق من المسؤولين، بتقديم أدلة تثبت مدى إدراك الحكومة لسبل تحديد سلاسل التوريد المعرضة للانهيار نتيجة الحصار الروسي لأوكرانيا.

في غضون ذلك، تتعرض وزارة البيئة والأغذية والشؤون الريفية البريطانية لضغوط من أجل تعزيز إنتاج "الأغذية المزروعة محلياً"، من خلال حماية أسعار المزارع [أسعار التسليم عند "بوابات المزارع" باستثناء رسوم النقل والتوصيل] للمزارعين المتضررين من ارتفاع فواتير الأسمدة والأعلاف.

وعلى الرغم من أن المملكة المتحدة تؤمن للمستلهكين في متوسط سنوي عام، نحو 60 في المئة من حاجتهم للمواد الغذائية، إلا أن هذه النسبة تنخفض إلى قرابة 40 في المئة مع اقتراب فصل الشتاء.

أما المحور الثالث من الاستراتيجية، فيجب أن يركز بشكل كبير على تعزيز التبرعات الغذائية، تحسباً لتفاقم حاجة مزيد من الآلاف الآخرين لها في الأشهر المقبلة.

وفي حديث مع "اندبندنت"، أوضح ليندسي بوسويل الرئيس التنفيذي لمؤسسة "فير شير"، أن أكثر من مليوني طن من الأطعمة الصالحة للأكل تهدر كل سنة، في المزارع والمصانع، وهي كمية يمكن أن تحول دون وقوع كثيرين  فريسةً للجوع.

وأضاف بوسويل، "لكن حكومة المملكة المتحدة لا تعمل على تمويل إعادة توزيع الأغذية، كي يصبح هدر الطعام الصالح للأكل أقل عبئاً على المزارعين، من إرساله ليكون في أطباق المحتاجين له".

وفي تطور متصل، بينت دراسة أخرى وجود فوائد أوسع نطاقاً بحوالى 14 جنيهاً استرلينياً (17.65 دولار أميركي) لكل جنيه استرليني ينفق على إعادة توزيع الطعام. وفي المقابل على نقيض فرنسا، حيث توجد حوافز ضريبية في هذا الإطار، تعتمد منظمة "فير شير" على التمويل الخيري والشركات، بصورة حصرية.

وفي تفصيل متصل، حذر أندرو بيلي حاكم "بنك إنجلترا" Bank of England  الأسبوع الماضي، من الانعكاسات "المروعة" للنزاع الدائر في أوكرانيا، ولفت نظر نواب بريطانيين إلى أنه "لا توجد طريقة لشحن الطعام، والأمور تزداد سوءاً".

وفي عودة إلى إيان رايت الرئيس السابق لـ"اتحاد الأغذية والمشروبات"، فقد أشار إلى أن "الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي (بريكست) الذي يُقدر بأنه رفع أسعار المواد الغذائية بنسبة 6 في المئة، ووباء كورونا، ليسا سوى ’رأس جبل الجليد‘ لما ستشهده البلاد".

وكذلك نبه إلى "احتمال أن نرى الآن انعكاس خطط بوتين على الإمدادات الغذائية، التي تستهدف تعقيد الأمور وجعلها أكثر صعوبةً على دول الغرب".

في سياق مواز، أكدت وزارة البيئة والأغذية والشؤون الريفية البريطانية، أن المملكة المتحدة لديها "سلسلة إمداد غذائية عالية المرونة، وتعاملت على نحو جيد مع مجموعة من التحديات غير المسبوقة".

وفي هذا الإطار، علق متحدث باسم الوزارة على المعطيات الواردة آنفاً. ووفق كلماته، "نحن نتمتع باكتفاء ذاتي كبير إلى حد ما في إنتاج القمح ولحوم البقر، وباكتفاء كامل من حيث الحليب السائل. كذلك يفوق إنتاجنا من لحوم الخراف معدلات استهلاكنا لها، ونقترب من نقطة الاكتفاء الذاتي بنسبة 100 في المئة في الدواجن".

نشر في "اندبندنت" بتاريخ 23 مايو 2022

© The Independent