Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

روشتة الحل: مصلحة مصر في إعادة تشكيل الهوية الاقتصادية

هاني توفيق :حزمة من القرارات منذ سنوات أضعفت الوضع حتى بات متأثراً بشكل كبير بتداعيات الحرب في أوروبا

قرارات تعويم الجنيه المصري منذ 2016 لم تنقذ الإقتصاد من الأزمات (أ ف ب)

يعيش الاقتصاد المصري فترة عصيبة متأثراً بالتداعيات السلبية العالمية التي خلّفتها الحرب الروسية في أوكرانيا، تآكلت معها الإيرادات التقليدية من السياحة والصادرات، وتراجع حجم الاستثمارات المباشرة وتخارج نظيرتها غير المباشرة (الأموال الساخنة)، ما قفز بحجم الديون الخارجية على القاهرة إلى نحو 150 مليار دولار، وهو أعلى مستوى لها في تاريخها، ما قيّد 100 في المئة من إيرادات الدولة لسداد الأقساط والفوائد، وهو ما ألقى بظلاله على البورصة، لتصبح ضمن قائمة البورصات الأسوأ أداءً.

هذه الملفات وغيرها من الأزمات التي يواجهها الاقتصاد المصري، وما سبل تخطيها، طرحتها "اندبندنت عربية"، على المتخصص في الاقتصاد، هاني توفيق، ليضع روشتة اقتصادية تحاول تضميد جراح الاقتصاد المصري، الذي ينزف جراء الحرب وكورونا.

لم يكن تعويماً

في البداية، يرى توفيق، أن حزمة من القرارات منذ سنوات، تحديداً في عام 2016، أضعفت الاقتصاد المصري حتى بات متأثراً بشكل كبير بتداعيات الحرب في أوروبا. مؤكداً أن تحرّك الحكومة المصرية ممثلة في البنك المركزي المصري بتحرير سعر صرف الجنيه مقابل الدولار الأميركي (التعويم) ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي، الذي بدأته في عام 2016 حتى عام 2019 "خاطئ".

وأوضح، "لم يحدث تعويم للجنيه على الإطلاق كما قال البنك المركزي المصري. ما جرى أنه خفّض قيمة العملة المحلية مقابل نظيرتها الأميركية، وحسب، أعقبه تثبيت لأكثر من خمس سنوات عند 15.50 جنيه تقريباً. آلية التعويم الصحيحة هي ترك العملة للصعود والهبوط مقابل الدولار الأميركي وفقاً لقوى العرض والطلب، ويتدخل المركزي في أوقات محددة عند التغيرات الحادة في سعر الصرف وحسب".

وحول التأثير السلبي لـ"التعويم" على المواطنين، قال توفيق إن الشعارات التي ترفع دائماً عند كل قرار للتعويم خوفاً على فقراء الوطن "أصبحت جوفاء، وحقاً يُراد به باطلاً. ارتفاع معدلات التضخم ونقص الدعم لصالح المشروعات الصغيرة والمتوسطة، تلك السلبيات يمكن تلافيها بضخ حزم مالية من البنك المركزي المصري لمساعدة الطبقات الأشد احتياجاً على تجاوز تلك المرحلة".

الحفاظ على الجنيه خطأ فادح

وحول إدارة البنك المركزي المصري للأزمة منذ عام 2016، أوضح الرئيس السابق للجمعية العربية للاستثمار المباشر، أن السياسة المالية والنقدية للبنك "تستهدف الحفاظ على قيمة العملة المحلية مقابل نظيرتها الخضراء الأميركية"، معتبراً ذلك "خطأً فادحاً".

ويشير توفيق إلى أن البنك "ثبت سعر الصرف لمدة تقترب من ست سنوات عند 15.30 و15.80 جنيه مستهدفاً استثمارات الأجانب في أدوات الدين الحكومية (الأموال الساخنة). تلك الفئة من المستثمرين ضخت ما يزيد على 35 مليار دولار مستهدفة أرباحاً لا تقل عن أربعة مليارات دولار أميركية سنوياً من دون بذل مجهود أو ضخ استثمارات صناعية أو تجارية تصب في صالح الناتج المحلي الإجمالي للدولة، وبعد تحقيق حصيلة جيدة من الأرباح يتخارجون بأموالهم من دون خسارة على الإطلاق، نظراً لثبات سعر صرف الجنيه مقابل الدولار. وفي حال إتاحة الحركة بين العملتين سيفكر المستثمر ألف مرة قبل التخارج خوفاً على أمواله من الخسائر".

زيادة سعر صرف الجنيه

وحول رؤيته لحل تلك الأزمة قال توفيق إنه من الناحية الاقتصادية الأكاديمية "يجب على الدولة زيادة سعر صرف الجنيه مقابل العملة الخضراء بمعدل 0.5 في المئة سنوياً حتى تصبح قيمة العملة على المستوى العالمي حقيقية وجاذبة للمستثمرين الأجانب بشكل فعّال، وحجم التأثير الكبير على الطبقات الأكثر احتياجاً لن يكون حاداً كما يحدث الآن. على العكس تماماً بل سيتأقلم المواطن مع الزيادة السنوية التدريجية لصرف الصرف، ومن ثم يعيد كل عام تقييم حساباته سنوياً، كما يمنح الفرصة للمصدرين في تقييم صفقاتهم التصديرية خارج البلاد، ما يدعم ميزان الصادرات المصرية".

 

وتساءل توفيق، "هل من المعقول أن تستورد مصر من الخارج أساتك مطاطية بقيمة 70 مليون دولار سنوياً على الرغم من قدرة المصنعين المحليين على الإنتاج؟ لكن يتم استيرادها من الصين بتكلفة أقل نظراً للمبالغة في قيمة العملة المحلية غير المنطقية ولا تعكس الوضع الصحيح للاقتصاد الوطني؟".

وحول توقعاته لقرار "المركزي"، الخميس المقبل 19 مايو (أيار)، للبت في موقف أسعار الفائدة، قال توفيق، "أتمنى أن تخفض لجنة السياسة النقدية أسعار الفائدة في الاجتماع المقبل. الوقت الحالي مثالي للهبوط بسعر الفائدة لتشغيل المصانع المتعطلة عن العمل وتحفيز المستثمرين على تمويل مشروعاتهم واستثماراتهم عبر البنوك بفائدة منخفضة. هناك أصحاب أعمال أوقفوا النشاط وضخم أموالهم في شراء شهادات الادخار: هل هذا معقول لدولة تبحث عن تنمية صناعية وزراعية وتجارية؟".

ركود الأموال في البنوك خسارة

واستند المتخصص في شؤون الاقتصاد الكلي في تحليله إلى أن التضخم في مصر جاء على خلفية ارتفاع التكلفة العالمية، سواء في أسعار السلع أو الشحن ولم ينشأ عن زيادة الطلب وقلة المعروض، مؤكداً أن رفع أسعار الفائدة للحفاظ على قيمة العملة المحلية إلى جانب القضاء على الدولرة (بيع الدولار في السوق السوداء) وتقليل حجم الطلب على الدولار "غير مبرر"، لافتاً إلى أن قرار رفع الفائدة في الاجتماع السابق دفع البنوك الوطنية إلى إصدار شهادة ادخار بسعر فائدة مرتفع 18 في المئة لتجمع البنوك أكثر من 600 مليار جنيه (نحو 33 مليار دولار) من السوق وتكديسها بخزائن البنوك، "الأولوية تحتم علينا ضخ تلك الأموال في جسد الاقتصاد وإعادة تدويرها بين القطاعات المختلفة بما يدر نفعاً على الجميع، لأن ركود الأموال بخزائن البنوك خسارة من دون داعٍ".

وعن دور الدولة في الوقت الحالي قال توفيق إنه مما لا شك فيه أن القاهرة مرّت بفترة عصيبة في تاريخها بعد ثورتي يناير (كانون الثاني) 2011، ثم 30 يونيو (حزيران) 2013، مؤكداً أنه "كان لزاماً على الدولة بعد عام 2014 التدخل لتحقيق التنمية الاقتصادية بعد إحجام رجال الأعمال والمستثمرين، سواء المصريون أو الأجانب عن ضخ استثمارات جديدة، نظراً لحال عدم الاستقرار التي صاحبت تلك الفترة، بالتالي كان من الواجب أن تتدخل الدولة لضخ استثمارات لفترة محددة وحدث نمو اقتصادي بالفعل ونمو في الناتج المحلي الإجمالي كنتيجة طبيعية للإنفاق على الاستثمارات في البنية الأساسية والتشييد والبناء، ما يعيب ذلك النمو أنه كان غير متوازن، إذ كان من المفترض ضخ استثمارات زراعية وصناعية وتجارية جنباً إلى جنب استثمارات المقاولات".

حجم القروض

وأشار توفيق إلى أن استثمارات الدولة في البنية التحتية أوجدت فرص عمل حقيقة لا شك في ذلك، كما فرضت مظلة حماية اجتماعية على الطبقات الأكثر احتياجاً عندما توسعت في زيادة المرتبات والأجور وتدشين برامج الدعم مثل "تكافل وكرامة" وتفعيل مبادرات الصحة و"حياة كريمة"، "لكن ألوم الحكومة على زيادة معدلات وحجم الإنفاق على الاستثمارات العامة والبنية الأساسية ومظلات الحماية الاجتماعية عبر الاستدانة من كل المؤسسات الدولية والعربية والخليجية".

وأضاف أن "حجم القروض بالنسبة للناتج المحلي وصل إلى 100 في المئة، وهو ما سبب حالاً من الهلع لدى شريحة كبيرة من المهتمين بالشأن الاقتصادي"، مشيراً إلى أن "خطورة ذلك أن 100 في المئة من إيرادات الدولة تحت رحمة سداد أقساط الديون وفوائدها، ولا توجد عند الحكومة إجابة شافية حول طريقة سداد تلك الديون، ولا تسدد الديون سوى بالديون، وهنا نحن في خطر، العجز الكلي بالموازنة العامة للدولة لا يقل عن 500 مليار جنيه (نحو 27.3 مليار دولار)، ومصر تصنف في الوقت الحالي من بين الأسوأ أداءً بين دول الأسواق الناشئة، والأكثر خطورة في مؤشر سداد الديون، ونسبتها إلى الناتج المحلي الإجمالي".

وحول إعلان وزارة المالية تحقيق فائض أولي (فائض قبل سداد أقساط وفوائد الدين) أكد توفيق أنه "ليس ذلك مدعاة للفخر، أولى بالموازنة العامة للدولة إنفاق الفائض الأوّلي في تنمية الصناعة، ونحن لسنا في وقت التباهي بالفائض الأوّلي، العبرة ليس بالفائض المالي، بل العبرة بنصيب الفرد من هذا الفائض من خلال الحصول على فرصة عمل جيدة تدر دخلاً مناسباً لمواجهة أعباء المعيشة والخدمات الصحية والتعليمية بشكل مناسب، نصيب الفرد من الديون يصل إلى 76 ألف جنيه (4150 دولاراً) سنوياً. كل طفل يولد في مصر مدين بـ76 ألف جنيه".

وحول تقارير مؤسسات التنصيف الائتماني الدولية التي تؤكد استقرار الاقتصادي المصري، عبر توفيق عن تشككه في ما تصدره تلك المؤسسات من تقارير ومؤشرات أخيراً تبرز الجدارة الائتمانية، "يبدو أن لها أهدافاً سياسية تبعد كثيراً عن الأهداف والمقاييس الاقتصادية، خصوصاً في ظل عدم وجود قائمة لجدولة أو مصادر سداد الـ150 مليار دولار كدين خارجي على القاهرة، عندما أذهب لأقترض قرضاً شخصياً يطلب ضمانات توضح القدرة المالية على السداد".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وحول اعتبار وزارة المالية المصرية أن العبرة ليست بحجم الدين، بينما العبرة بالقدرة على السداد، قال توفيق، "منطق صحيح لا غبار عليه، لكن على الأقل يجب أن نعلم في بيان واضح قائمة مجدولة لأقساط الدين والفوائد بتواريخ استحقاق واضحة ومصادر سداد تلك الالتزامات، فهل سيتم سداد الديون بالديون، خصوصاً في ظل العجز في ميزان المدفوعات وتراجع الصادرات وإيرادات السياحة، وتراجع حجم تحويلات المصريين بالخارج، إلى جانب تخارج المستثمرين في أدوات الدين الحكومية (الأموال الساخنة)".

وأكد الرئيس السابق للجمعية العربية للاستثمار المباشر أن القاهرة في "خطر محدق بالفعل مع تنامي حجم الديون، خصوصاً الخارجية منها وعدم وضوح رؤية سداد تلك الديون بفوائدها. مصر لم تصل يوماً عبر تاريخها إلى نفس هذا المستوى من الديون"، لافتاً إلى أن "حجم الديون الخارجية في 2013 كان 30 مليار دولار ارتفعت لتصل إلى نحو 150 مليار دولار تقريباً، الأزمة ليست في حجم الدين، ليس لديّ أي مانع أن تصل إلى المديونية إلى أكثر من هذا المستوى في حال أن استخدام القروض في تدشين مصانع تنتج وتصدر للخارج وتجلب عملة صعبة تسهم في سداد أقساط الديون وفوائدها. لا أنكر حجم التنمية في البنية الأساسية، لكن كان يجب بالتوازي ضخ استثمارات صناعية وتجارية لزيادة عدد المصانع وتوفير فرص عمل ودعم الصادرات المصرية إلى الخارج".

إصلاح البورصة 

وحول تراجع البورصة المصرية منذ فترة قال المتخصص في شؤون الاقتصاد هاني توفيق إن البورصة هي مرآة تعكس الاقتصاد المحلي، فإذا هبطت مؤشراتها دليل على تراجع الاقتصاد، والعكس صحيح، مطالباً بـ"عدم إطلاق القرارات والتشريعات والقوانين بغرض إصلاح البورصة المصرية، في حين أن الاقتصاد ككل هو المريض وليس البورصة، ويجب على المسؤولين تهيئة المناخ الاقتصادي العام حتى تعود البورصة إلى سابق عهدها بتنفيذ حزمة من الإجراءات واستئناف برنامج الطروحات الحكومية المتعطل منذ عام 2018 إلى جانب معالجة التشوهات الضريبية المفروضة على المستثمرين بالبورصة، لتحفيزهم على ضخ مزيد من الاستثمارات وبرامج لتشجيع المستثمرين والشركات على إدراج شركاتهم في البورصة".

وطالب توفيق الحكومة بـ"استنساخ أزهى فترة في تاريخ بورصة مصر في الفترة من عام 1993 وحتى عام 2000، إذ كان هناك ما لا يقل عن شركتين تطرح في سوق المال شهرياً، سواء في إطار برنامج الخصخصة أو شركات القطاع الخاص حتى توقف الأداء النموذجي لسوق المال المصرية في عام 2007، وبدأت في التراجع، وأصبح التراجع في حجم التداول مخيفاً في الوقت الحالي".

مطلوب حوارات جادة

وحول الاختلاف بين برنامجي الخصخصة (طرح شركات حكومية بالبورصة في التسعينيات) والطروحات الحالية قال توفيق إن "برنامج التسعينيات كان مفروضاً على مصر من صندوق النقد والبنك الدوليين فرضاً إلى جانب رفع الدعم عن الخبز والوقود ضمن قائمة من المطلوبات مقابل إلغاء 50 في المئة من الديون على مصر لنادي باريس والمؤسسات الدولية، ولذلك طبقت القاهرة برنامج الخصخصة في التسعينيات مرغمة، بينما برنامج الطروحات الحكومية الحالي، تملك الدولة رفاهية اتخاذ القرار ومراحل التنفيذ في الوقت الذي تريده، لكن أزمة برنامج الطروحات الحالي أنه تعطل أكثر من اللازم. وأسباب تعطله تعود إلى تراجع أداء السوق، وهو ما قد يعرض الحكومة لشبهة إهدار المال العام عند طرح شركات في أوقات تدني السوق، ما قد يعصف بأصولها وتعرضها لخسائر فادحة".

وتابع، "يجب على الدولة أن تعقد حوارات جادة تتمتع بالشفافية مع أصحاب الشأن في السوق المحلية، سواء منظمي السوق أو المستثمرين ورجال الأعمال والمؤسسات المالية، إلى جانب وضع تسهيلات جديدة لتشجيع الشركات واستغلال الفرص الكبيرة التي تتمتع بها. القاهرة تحتاج إلى فكر اقتصادي جيد حتى تعود البورصة المصرية إلى مجدها في خمسينيات القرن الماضي عندما كانت تحتل المركز الرابع ضمن قائمة أكبر بورصات العالم وخامس أقدم بورصة في العالم، إذ تأسست في عام 1898 للمرة الأولى بمحافظة الإسكندرية الساحلية".

مناخ الاستثمار

وحول أهمية طرح شركات الجيش في سوق المال، قال توفيق، "مثلها مثل باقي الشركات، لكن الإشارة الإيجابية من طرحها في سوق المال هي رسالة مفادها بأن الدولة تعلن التخارج تدريجياً من القطاعات كافة، وتترك الساحة للقطاع الخاص، وتكتفي بدورها التنظيمي والإشرافي فقط على السوق ما عدا القطاعات الاستراتيجية، أو ما يتعلق بالأمن القومي المصري، مثل شركات البنية التحتية والصرف الصحي والنفط، مثلها مثل باقي دول العالم حتى الولايات المتحدة الأميركية تحتفظ بإدارة بعض الشركات لما تمثله من أمن للمواطن العادي".

ويرى توفيق أن المناخ الاستثماري في مصر "طارد للاستثمارات، وهو ما دفع شركات عالمية للتخارج من مصر في الفترة الأخيرة إلى دول أخرى على سبيل المثال، نقلت (مرسيدس) العالمية مصانعها من القاهرة إلى المغرب بسبب معوقات الاستثمار في مصر ومنها الإصرار على بيع الأراضي للمستثمرين بتكلفة مرتفعة، ويجب بيعها بحق الانتفاع أو مشاركة في الأرباح، مصر البلد الوحيد في العالم الذي يدعم الطاقة للاستخدام المنزلي، ولا يدعم الطاقة للاستخدام الصناعي، إلى جانب أن مصر أكبر دولة في العالم، بجانب اليابان، لديهما أكثر من 25 نوعاً من الضرائب، مثل الشبكة العنكبوتية التي تشل حركة المستثمر والاستثمارات".

الصناديق السيادية

وأشار توفيق إلى أن استثمار الصناديق السيادية الخليجية في القاهرة "مؤشر إيجابي، لكن يحتاج إلى ضوابط"، مطالباً الدولة بالتوافق مع تلك الصناديق بضرورة ضخ استثمارات أجنبية مباشرة تسهم في زيادة الناتج القومي، ورفع معدل النمو، وتوفير فرص عمل ودعم القدرات التصديرية.

وعن دور الصندوق السيادي المصري اعترض توفيق على تسميته بـ"السيادي"، مرجعاً ذلك إلى أن الصناديق السيادية تعرف بأنها صناديق دشنت لاستثمار ثروات الدول التي لا يمكن استثمارها داخل البلاد فيتم استثمارها خارجها مثل الصندوق السيادي النرويجي الأضخم في العالم، بينما على العكس تماماً، الصندوق المصري "ليست به سيولة كافية بل يمتلك محفظة من الثروات والأصول العقارية غير سائلة"، مؤكداً أهمية استغلالها بالمشاركة الاستثمارية مع الصناديق السيادية الخليجية في تطويرها أو إنشاء شركات جديدة في صناعات حقيقية مباشرة على سبيل المثال بناء فنادق أو شركات أو مصانع.

وحول المقارنة بين الأزمة المالية العالمية الحالية بما حدث في فترة الكساد العالمي في ثلاثينيات القرن الماضي، قال توفيق، "لم يحدث في تاريخ أي شخص حي يرزق على كوكب الأرض في الوقت الحالي أن شهد أزمة مالية اقتصادية عالمية كما يحدث الآن، إذ إن الأزمة الحالية ليس لها مثيل من قبل"، معبراً عن تخوفه من اندلاع حرب عالمية ثالثة، ومرتكزاً على التاريخ، إذ إن الأزمات العالمية السابقة أعقبتها حروب كبرى، مشيراً إلى أن أزمة الكساد العظيم في عام انتهت بالحرب العالمية الثانية، ومتوقعاً اندلاع حرب عالمية خلال سنوات قليلة، خصوصاً بعد أن تشكلت أطرافها مع بدء الصراع في أوكرانيا.

العالم في منتصف الأزمة

وعن تقييمه لتعامل الحكومة المصرية مع الأزمة، أكد أن العالم "لا يزال في منتصف الأزمة، ولا أحد يستطيع التكهن بالنتائج"، لكن المؤكد أن هناك "نظاماً اقتصادياً سياسياً عالمياً جديداً يتشكل في الوقت الحالي أبرز ملامحه سقوط الهيمنة الغربية الأميركية على شرق العالم بقيادة روسيا والصين والهند، بعد أن أدركت الحكومات في أوروبا أن مصالحها من الغرب وأميركا لم تعد مُجدية".

وأضاف، "مصلحة مصر ليست في الغرب، ولا الشرق، لكن المؤكد أن مصلحتها في إعادة تشكيل الهوية الاقتصادية، وفتح الطريق أمام الاستثمارات الأجنبية بعد تهيئة المناخ العام في القاهرة ليصبح الاقتصاد والاستثمار والتشغيل على رأس الأولويات كبديل للبنية التحتية والطرق والكباري، كما يجب على الدولة مراجعة السياسة المالية للدولة لتنصب على تحقق الشمول المالي الذي يهدر على الخزانة العامة للدولة نحو 700 مليار جنيه (38 مليار دولار) نتيجة التهرب الضريبي من الاقتصاد غير الرسمي الذي يمثل ما لا يقل عن 50 في المئة من حجم الاقتصاد المصري".

اقرأ المزيد