Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"طائرة الهدنة" تحط رحالها أخيراً في صنعاء

حملت على متنها 150 مسافراً يمنياً معظمهم مرضى وكبار سن

للمرة الأولى منذ أكثر من ست سنوات، وصلت أول طائرة تجارية تابعة لشركة الخطوط الجوية اليمنية إلى مطار صنعاء الخاضع لسيطرة الحوثيين، ومنها إلى العاصمة الأردنية عمّان، حاملة على متنها 150 مسافراً أغلبهم مرضى وكبار سن.

وانطلقت الرحلة بعد موافقة الحكومة على تسييرها بجوازات سفر صادرة من صنعاء، على أن تتكفل باستبدالها من سفارتها بالأردن، عقب جهود من المبعوث الأممي والتحالف العربي الداعم للشرعية بقيادة السعودية.

الخطوة التي استبشر بها اليمنيون وتداولوها على نطاق واسع جاءت بموجب اتفاق هدنة وقع في الثاني من أبريل (نيسان) الفائت بوساطة من الأمم المتحدة، على أن تستمر لشهرين يسمح خلالهما برحلات تجارية من وإلى مطار المدينة الدولي.

لحظات احتفاء

وتداول يمنيون مقاطع تظهر وصول طائرة الخطوط الجوية اليمنية وهي تحلق في سماء صنعاء مع عبارات تتحدث عن الاشتياق لرؤية الناقل الوطني بعد غياب طويل، قبل أن تحط رحالها في العاصمة الأردنية عمّان.

كما تداولت مواقع التواصل الاجتماعي مقطعاً يوثق لحظة هبوطها في مدرج المطار قبل أن تمر وسط قوس مائي ضخم أطلقته عربتا إطفاء تعبيراً عن الفرح باستقبال أول رحلة بعد سنوات من التوقف.

من جانبه، رحب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ بانطلاق أول رحلة تجارية من مطار صنعاء اليوم الإثنين الـ 16 من مايو (أيار) 2022، وأعرب في بيان عن امتنانه للمملكة الأردنية لـ "دعمها القيّم وتعاون الحكومة اليمنية البناء في تيسير الرحلة".

وأضاف، "هذا هو وقت التضافر وبذل مزيد من الجهد للبدء في إصلاح ما كسرته الحرب، وتنفيذ جميع التزامات الهدنة لبناء الثقة والتحرك نحو استئناف عملية سياسية لإنهاء النزاع بشكل مستدام".

وتابع، "كانت هذه الالتزامات في الأساس وعداً لليمنيين بمزيد من الأمن، وبقدرة أفضل على الوصول إلى السلع والخدمات الأساس، وتحسين حرية التنقل داخل اليمن وإليه ومنه".

ترحيب أميركي

إلى ذلك، رحبت سفارة الولايات المتحدة الأميركية في اليمن بهذه الخطوة، معبرة عن تطلعها "لتنفيذ باقي بنود الهدنة"، في إشارة لفتح الحصار عن محافظة تعز.

حصار تعز

وتطرق المبعوث الأممي لقضية فتح الطرقات الموصلة إلى محافظة تعز ذات التركيبة السكانية الكبيرة التي تعاني حصاراً خانقاً فرضته عليها ميليشيات الحوثي من جهاتها الشمالية والشرقية، وأكد في هذا الشأن أن إحراز تقدم نحو فتح الطرق في تعز (جنوب غربي البلاد) "هو أمر أساس لتحقيق هذا الوعد"، متوقعاً من الأطراف الوفاء بالتزاماتها بما يشمل الاجتماع على وجه السرعة للاتفاق على فتح الطرق في تعز وغيرها من محافظات اليمن، وفقاً لبنود اتفاق الهدنة.

خدمات مستقبلية

من جانبهم، أعلن الحوثيون على لسان وزير النقل في الحكومة الموالية للميليشيات عبدالوهاب يحيى الدرة، أن المطار يقدم خدمات ملاحية جوية لطائرات الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها، والمنظمات الدولية الإنسانية العاملة في اليمن بشكل يومي، مؤكداً استعداده لاستقبال مزيد من الرحلات الجوية خلال المرحلة المقبلة.

الجوازات المجهولة

وعلى مدى السنوات الماضية شكلت قضية مطار صنعاء ماراثوناً طويلاً من النقاشات والمداولات التفاوضية بين الشرعية والجماعة المدعومة من إيران في مختلف محادثات السلام التي عقدت بوساطة أممية، من دون التوصل إلى حل يفضي لإعادة النشاط الملاحي للمطار العتيق الذي يقع على بعد 15 كيلومتراً شمال صنعاء، وتم إنشاؤه مطلع سبعينيات القرن الماضي في عهد الرئيس اليمني الأسبق إبراهيم الحمدي.

وكان من المقرر أن يستأنف المطار نشاطه في الـ 24 من أبريل (نيسان) الماضي بحسب بنود اتفاق الهدنة المعلنة بالتزامن مع المشاورات اليمنية - اليمنية في العاصمة السعودية الرياض، التي من أبرز بنودها إعادة تشغيل الرحلات التجارية عبر مطار صنعاء بواقع رحلتين أسبوعياً، بعد أن أعلنت الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً استكمال التنسيق مع السلطات المصرية والأردنية في شأن تسيير الرحلات. 

إلا أن الرحلة تعثرت بسبب عدم حصول الشركة الناقلة على التصاريح اللازمة للهبوط، وسط تبادل الاتهامات بين الحكومة والحوثيين بالمسؤولية عن ذلك، تبعه بيان حكومي على لسان وزير الإعلام في الحكومة الشرعية معمر الإرياني حمّل خلاله ميليشيات الحوثي المسؤولية الكاملة عن تعثر تشغيل المطار جراء عدم التزامها بالاتفاق الذي ينص على اعتماد جوازات السفر الصادرة من الحكومة الشرعية.

وأضاف، "ميليشيات الحوثي تحاول فرض 60 راكباً على متن الرحلة بجوازات سفر غير موثوقة صادرة عنها".

وذكر الوزير اليمني أن الحكومة وافقت على سفر 104 ركاب في أول رحلة من مطار صنعاء الدولي إلى العاصمة الأردنية عمّان، إلا أن ميليشيات الحوثي رفضت وأصرت على إضافة 60 راكباً بجوازات سفر غير موثوقة.

وفي الثامن من أبريل الماضي وقّعت الحكومة اليمنية والحوثيون اتفاق هدنة برعاية الأمم المتحدة يستمر شهرين، ونص في بعض بنوده على فتح مطار صنعاء أمام الرحلات التجارية بمعدل رحلتين أسبوعياً خلال فترة الهدنة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مبادرة أممية

يذكر أن الحكومة اليمنية أعلنت استمرار تعاطيها الإيجابي مع مبادرة مكتب المبعوث الأممي وتعهداته بخصوص تسيير رحلات الطيران اليمنية من مطار صنعاء إلى الأردن خلال فترة الهدنة، لإتاحة الفرصة للشعب اليمني في مناطق سيطرة الحوثيين بالسفر بجوازات صادرة من هذه المناطق.

بنود أخرى للهدنة

وطالبت الحكومة إلزام ميليشيات الحوثي ببنود الهدنة وفتح حصار تعز وتسليم رواتب الموظفين في مناطق سيطرتها من عائدات النفط، كما دعت المجتمع الدولي إلى الضغط على الميليشيات الحوثية وداعميها لوقف إطالة أمد الحرب وما نتج بسببها من زيادة معاناة المواطن اليمني وتهديد استقرار دول الجوار والمنطقة وممرات الملاحة البحرية.

تخفيف المعاناة

ويرى مراقبون أن إعلان الحكومة تشغيل مطار صنعاء خطوة واعدة نحو السلام وعودة الأمن والاستقرار الذي طال انتظاره للبلد المنهك بالحرب.

وكانت الأمم المتحدة أعلنت مطلع أبريل الماضي هدنة إنسانية في اليمن لشهرين، تتضمن وقفاً شاملاً للعمليات العسكرية وفتح مطار صنعاء إلى وجهات محددة، ودخول سفن الوقود الى ميناء الحديدة ورفع الحصار الحوثي المفروض على محافظة تعز منذ سبع سنوات، وفتح المنافذ البرية بين المدن اليمنية.

ويخضع مطار صنعاء الدولي لسيطرة جماعة الحوثي منذ أواخر العام 2014، وفي العام 2016 علقت الحكومة اليمنية والتحالف أنشطتهما الجوية جراء اتهام الحوثي باستغلاله في أنشطة عسكرية وغير قانونية، وهو ما تنفيه الميليشيات الموصوفة جماعة إرهابية، وفق آخر بيان لمجلس الأمن في شأنها.

إقلاع بعد التعثر

وجاءت موافقة الحكومة اليمنية هذه عقب نحو ثلاثة أسابيع من تعثر تسيير أول رحلة تجارية عبر مطار العاصمة الخاضعة لسيطرة الميليشيات، على خلفية تمسك الشرعية بالإجراءات المعمول بها في مطاري سيئون بمحافظة حضرموت (شرق البلاد) وعدن (جنوب)، وهما المنفذان الجويان الوحيدان، بما في ذلك "اعتماد جوازات السفر الصادرة عنها باعتبارها وثائق وطنية سيادية"، وهو ما رفضته سلطات الحوثي.

وعلى الرغم من إعلان الحكومة الخميس الماضي موافقتها تسيير رحلات جوية من مطار صنعاء الدولي الخاضع لسيطرة الحوثيين بجوازات سفر صادرة من مناطق سيطرة الجماعة، "ضمن استمرار تعاطيها الإيجابي مع مبادرة مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن"، إلا أن بيانها الذي نشرته وكالة الأنباء "سبأ" أكد أن تلك الموافقة مشروطة بعدم تحمل مسؤولية تلك البيانات، وتلتزم بتغيير وثائق السفر الصادرة من مناطق سيطرة الحوثيين عبر سفارتها في عمّان.

كما نفت أن يكون ذلك اعترافاً من أي نوع بالميليشيات الحوثية، مشددة على أنها لن تتحمل أي مسؤولية عن أي بيانات تتضمنها الوثائق الصادرة من مناطق سيطرة الحوثيين.

وكان المسؤول في الخطوط الجوية اليمنية سلام جباري أوضح في حديث سابق إلى "اندبندنت عربية" أن الشركة الوطنية باشرت من مركزها الرئيس بالعاصمة صنعاء وبقية مكاتب نقاط البيع الأخرى، إجراءات الحجوزات التجارية الخاصة بالرحلة الأولى والرحلات المقبلة من صنعاء، على أن تكون الأولوية للمرضى، ولكن الحجز متاح للجميع من دون قيود بحسب الأولوية، كما هو الحال في باقي نقاط البيع في المحافظات الأخرى.

وتعد عمّان والقاهرة وجهتين رئيستين لليمنيين الراغبين في تلقي العلاج أو اتخاذهما محطتي عبور للهجرة أو الانتقال إلى بلدان أخرى.

وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي منعت ميليشيات الحوثي وصول الرحلات الإغاثية وإلغاء منح تصريحات الهبوط للطائرات الأممية الإنسانية إلى مطار صنعاء، بزعم تعطل أجهزة الاتصال في المطار المفتوح منذ العام 2016 أمام الرحلات الإنسانية.

المزيد من الأخبار