Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"الجمل" قاد حمدي رضا إلى طرح سؤال الاستعمار فنياً

مشاهد فوتوغرافية تقتفي أثر الصورة النمطية بين الشرق والغرب

صورة للأهرامات في المعرض (الخدمة الفنية)

بعد دعوته إلى إلقاء محاضرة فنية في قاعة فنون في مدينة فرايبورغ الألمانية، وأثناء تفقده شوارع البلدة القديمة، انتبه الفنان المصري حمدي رضا إلى وجود رسم لجمل على واجهة منزل قديم ينتمي إلى القرن الـ 15، وهو القرن الذي يمثل بداية الحقبة الاستعمارية الأوروبية.

في اليوم التالي قرأ رضا مقالة في إحدى الصحف الألمانية عن حصول عبدالرازق غرنة على جائزة نوبل في الأدب، وكيف أعاد هذا الفوز الحديث مرة أخرى حول الاستعمار الألماني في شرق أفريقيا، وسلط الضوء على السجال المتعلق بعودة الأثار المنهوبة أثناء حقبة الاستعمار لأوطانها.

أثارت صورة الجمل على الجدار برمزيته الشرقية سيلاً من الأفكار المتعلقة بالرموز وطبيعتها، كما لفتت المقالة حول عبدالرازق غرنة انتباه رضا إلى إمكان التفكير من جديد حول مفاهيم تبدو جلية، مثل الاستعمار والتنميط الثقافي والهجرة والتغريب وغيرها.

حول هذه المفاهيم وعلاقة الرموز البصرية بالتنميط الثقافي تنطلق أعمال الفنان حمدي رضا المعروضة حالياً في مساحة عرض "حبيبي كيوسك" الألمانية، وهي مساحة ثقافية معنية بدعم التعددية الثقافية والاحتفاء بالتنوع، ويستمر المعرض حتى الـ 23 من مايو (أيار) تحت عنوان "الجمل"، وهو إحدى حلقات سلسلة من التجهيزات المعتمدة على الوسيط الفوتوغرافي إلى جانب تقنيات بصرية أخرى.

التأثير البصري

يضم المعرض نماذج مختلفة من تجربة حمدي رضا الفوتوغرافية التي يستلهمها من محيطه وثقافته. وبين الصور التي يضمها المعرض تطالعنا عناصر كثيرة ومعتادة فرضت وجودها على تجربة رضا بحكم حضورها وتأثيرها البصري المتواصل من حوله كفنان نشأ وعاش في مصر، وبين هذه الصور مشاهد للأهرامات وثمار الرمان وأسراب الحمام، وثمة مشهد لطفلة تلعب على سطح منزل مجاور وأخرى لأم تنتظر عند النافذة، ومشهد آخر متسع الأفق على أسطح منطقة عشوائية.

لعل عرض هذه الصور الدالة على انتماء صاحبها أمام جمهور غربي يحمل في طياته تساؤلات مبطنة تستدعيها تلك العناصر وانعكاساتها النمطية لدى هذا الجمهور. يتساءل الفنان هنا، هل انتماؤه وأصوله الشرقية من شأنها أن تزعزع هذا الأثر الذي تنطوي عليه الصور لدى المتلقي الغربي؟ هل يُعاد تأطيرها حينئذ على نحو قد يفقدها مدلولها النمطي لديه؟

ومن جهة أخرى يتساءل رضا حول مدى تورطه في ترسيخ هذا التنميط بحكم اعتماده تلك الرموز الثقافية التي يشكل الغرب من طريقها نظرته النمطية عن الشرق، ويطرح هذه التساؤلات وهو يتأمل حياته الجديدة في ألمانيا كمهاجر يسعى إلى تشكيل علاقاته الأولى مع ثقافة مختلفة ومجتمع مغاير لا يزال محتفظاً ببعض رواسب وأفكار نمطية عن الآخر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

متأثراً بدراسته الأكاديمية وخبراته الذاتية استطاع حمدي رضا إبداع أوتكوين أعماله المعتمدة تقنياً على الصورة الفوتوغرافية كوسيط أساس، لكن الصورة الفوتوغرافية في أعماله لا تعدو كونها أداة ووسيلة وليست هدفاً، وسيلة للانتقال بالمتلقي من سطح الصورة المطبوعة إلى فضاء خيالاته وأحلامه وانعكاساتها، ومنذ بداية القرن الـ 21 يقوم رضا بتطوير أعماله الفنية ومتابعة العمل من دون مفهوم محدد بدقة، إذ كان معنياً بتكوين رؤية بصرية مرتبطة وناتجة من فوضوية أوعشوائية تجاربه وخبراته في الفن والحياة.

وبعد التجارب العديدة مع آليات التصوير الفوتوغرافي البديل تفرغ رضا لتطوير أدواته الفنية والثقافية لتعزيز علاقته كفنان ممارس بالوسط الحضري والاجتماعي المحيط به وكيفية تفاعله معه، وهو ما نراه في هذا التجهيز كجزء من هذه الرؤية، وهو أيضاً ما قام رضا بعرض أجزاء منه مسبقاً عبر سلسلة مستمرة من البناء والتطوير.

حمدي رضا من مواليد العام 1972، تخرج في قسم التصوير بكلية الفنون الجميلة، وهو يعيش ويعمل حالياً بين مصر وألمانيا. أسس رضا وأدار لسنوات واحداً من أبرز المشاريع الفنية في القاهرة وهو "مساحة آرت اللوا للفنون"، وهي مساحة فنية للعرض والإقامة الفنية والتبادل الثقافي للفنانين المحليين والدوليين، وكان لها دور في تشكيل وتفعيل الحوار بين الفنانين والمجتمع، وتشمل ممارسته الخاصة كفنان وسائط متعددة مثل الرسم الزيتي والفوتوغرافيا التجريبية والأعمال المركبة والتجهيزات.

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة