Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رفع الفوائد يضع الاقتصاد الأميركي في "مأزق الركود"!

"المركزي" يواجه تحدّياً صعباً في محاربة التضخم مع المحافظة على استمرار النمو والوظائف

رفع الفائدة بـ0.5 في المئة إضافية على طاولة "الفيدرالي" في الاجتماعات المقبلة ( رويترز)

 

مع رفع البنك المركزي الأميركي للفائدة للمرة الثانية هذه السنة، بدأت التحليلات الاقتصادية تتساءل إذا كان الاقتصاد الأميركي سيدخل في مرحلة ركود عاجلاً أم آجلاً؟ في الواقع، إن "المركزي الأميركي" يواجه معضلة كبيرة الآن، حيث يحاول السيطرة على التضخم، أو زيادة أسعار السلع والمنتجات، في وقت لا يريد لتحركاته أن تؤثر في معدل التوظيف ودخول البلاد في ركود قوي. يقول المحللون إن "المركزي" تأخر في رفع الفائدة، فكان قبل عام فقط، يضع النمو الاقتصادي كأولوية بعد عامين من أزمة كورونا، خفّض خلالها الفائدة لمستويات متدنية تاريخية. لكن التضخم أخذ في الارتفاع بشكل تجاوز أهداف "المركزي" عند 2 في المئة، ووصل إلى مستويات 7 في المئة تقريباً، ما دفع "المركزي" لاتخاذ قرارات سريعة في رفع الفائدة هذه السنة لمنع تفاقم التضخم. وكانت أول زيادة للفائدة في مارس (آذار) الماضي بربع نقطة مئوية، لحقها زيادة أخرى أمس الأربعاء 4 مايو (أيار) بنصف نقطة مئوية، ويتوقع أن تستمر الزيادة في اجتماعات "المركزي" المقبلة لهذه السنة.

عوامل زيادة التضخم

ولعبت عوامل عدة أخيراً دوراً في زيادة سريعة للتضخم أربكت حسابات "المركزي الأميركي". أولها الحرب الروسية-الأوكرانية التي أشعلت أسعار النفط والغاز، وأسعار السلع الغذائية، كما فاقمت أزمة سلاسل الإمدادات تعقيداً. ثاني العوامل الإغلاقات التي حدثت في الصين، والتي زادت مخاوف تعطّل الإمدادات أيضاً.

وكانت أزمة الإمدادات قد تفاقمت في ظل تداعيات أزمة كورونا، حيث أعاقت وصول المواد الأولية والسلع والمنتجات بشكل سلس للاقتصاد الأميركي المعتمد بشكل كبير على الواردات من دول عدة، ما أدى إلى نقص في السلع والمواد ورفع أسعارها في السوق.

كل ذلك دفع "المركزي" إلى تغيير استراتيجيته مع تفاقم الحرب في أوكرانيا، حيث أصبحت أولويته محاربة التضخم، حتى لو كان ذلك على حساب الاقتصاد. بمعنى آخر، أصبح تركيز "المركزي" منصبّاً الآن على انخفاض أسعار السلع والمنتجات مهما حدث للاقتصاد من انخفاض في النمو.

لكن "المركزي" يراهن حالياً على ما يسمى "الهبوط الناعم"، ويعني أن تنخفض الأسعار من دون الإضرار بالاقتصاد. ويعتبر هذا الرهان تحدياً كبيراً، فغالباً يصاحب رفع الفائدة ركوداً للاقتصادات، حيث تؤدي زيادة الفوائد إلى إحجام الشركات والأفراد عن الاقتراض، بالتالي تقلّ السيولة في السوق، ما يضعف الطلب بشكل كبير، ويؤدي لركود اقتصادي.

والركود هو مصطلح اقتصادي، ويُعرَّف بأنه ربعان متتاليان من انكماش الناتج المحلي الإجمالي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويقول رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول أن الاقتصاد الأميركي ما زال قوياً مستبعداً حدوث ركود، لكن هناك شكوكاً في إمكانية عبور الاقتصاد الأميركي بسلام في ظل هذا المأزق. وهناك تخوف من العودة للركود الذي حصل إبان أزمة كورونا، وقبلها بسنوات قليلة خلال الأزمة الاقتصادية عام 2008، حيث الذاكرة الجماعية لهذه الأزمة ما زالت حاضرة، والعودة إليها مؤلمة جداً، خصوصاً لما تسببته من فقدان للوظائف وخسائر للأعمال، وقد تكون عواقب هذه العودة وخيمة الآن.

أدوات "المركزي"

ففي أزمة كورونا، اضطر "المركزي" للتدخل بخفض الفائدة لمستويات صفرية، كما وضع برنامجاً لشراء الأصول أو ما يعرف بالتيسير الكمي، حيث أصبحت ميزانيته العمومية متضخمة بحجم 9 تريليونات دولار. فقد اشترى "المركزي" سندات الخزانة والأسهم المدعومة بالرهن العقاري لتهدئة الذعر في الأسواق المالية وللحفاظ على تكاليف الاقتراض عند بدء أزمة كورونا.

والمعضلة الأكبر حالياً أن أدوات "المركزي" تقلّ، حيث يريد تقليص الميزانية العمومية اعتباراً من 1 يونيو (حزيران) المقبل، بوتيرة 30 مليار دولار في سندات الخزانة و 17.5 مليار دولار للأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري شهرياً، حيث ستتصاعد على مدى ثلاثة أشهر إلى 60 مليار دولار و 35 مليار دولار على التوالي.

الواقع الاقتصادي الراهن

حتى الآن، تبدو هناك سيطرة على الوضع الراهن، حيث تظهر البيانات أن الأميركيين ما زالوا ينفقون بمعدل جيد. وارتفع الإنفاق الاستهلاكي المعدل بحسب التضخم بشكل غير متوقع في مارس. وأفادت أكبر البنوك في البلاد أخيراً أن الإنفاق على بطاقات الائتمان قد ارتفع في الربع الأول. بالنسبة للوظائف، تكشف بيانات مارس أن هناك مستوى قياسياً من فرص العمل الشاغرة ، مع وجود 1.9 وظيفة متاحة لكل عامل عاطل من العمل. في الوقت نفسه ، ارتفعت الأجور والرواتب بنسبة 4.7 في المئة في الربع الأول.

اقرأ المزيد