Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اغتصاب

هذه من أبشع الجرائم وأكثرها إيلاماً للضحية أنثى كانت أو ذكراً

ماري أدلر بطلة مسلسل "لا يصدق" (نتفليكس)

يثير مسلسل "لا يصدق" "UNBELIEVABLE" على "نتفليكس" تساؤلات لدى أصحاب الضمائر من الرجال، ما أكثرهم، الذين قد لا يدركون ما تتعرض له المغتصبة من صدمة وترويع من هول الاعتداء الهمجي الذي ينتهك آدميتها وإنسانيتها وجسدها، مضافاً إليه التعذيب النفسي الذي تتعرض له أثناء الإدلاء بأقوالها للمحققين لشرح الاعتداء الآثم بتفاصيل التفاصيل المنهكة والمؤلمة للضحية، فعليها أن تسترجع المشهد بكل زواياه وآلامه وفجيعته المرة تلو الأخرى.

ماري أدلر (17عاماً)، بطلة المسلسل، تعرضت لاغتصاب فجر يوم أسود في غرفة نومها، ومغتصبها كان من الدقة بإخفاء آثاره، إذ لم تجد الشرطة أي دليل يمكن أن يقود للقبض عليه بما في ذلك الحمض النووي لاستخدامه واقياً ذكرياً، ولأنه قام بغسل الضحية لإزالة أي آثار لجريمته البشعة، فشككوا في روايتها، وكرروا استجوابها ليتكرر اغتصابها النفسي "القانوني" بمركز الشرطة مراراً وتكراراً بالطلب منها سرد فجيعتها بتفصيل التفصيل المنهك، بحجة أن بعض التفاصيل المهمة قد تخرج بتكرار سرد الحدث، ثم تساءلوا إن كانت قد اختلقت الحادثة من خيالها، فكان أن أذعنت واعترفت بأن حادثة الاغتصاب ما هي إلا محض خيال، وبأنها لم تغتصب كي تتخلص من الكابوس الذي يعاودها في كل مرة يتم استجوابها وملاحقتها من قبل الشرطة والتحقيقات التي تتغير بتغير المحققين، وفي كل مرة عليها أن تعيد وتكرر ما قالته للمحقق الذي سبقه بالتفصيل، وهنا بدأ مسلسل جديد: قاضتها الشرطة بتهمة بلاغ كاذب وإزعاج للسلطات، بعدما فقدت أصدقاءها وعملها وطمأنينتها، فحاولت الانتحار.

في ولاية أخرى تكررت حالات اغتصاب مطابقة تماماً لما جرى لماري، الفارق أن المحقق هذه المرة امرأة وليس رجلاً، فكانت أكثر تفهماً وتعاطفاً مع الضحايا، وهو ما يستنتجه المشاهد من المسلسل: النساء أكثر تفهماً وإدراكاً لمثل هذه الجرائم من الرجال، يلقى القبض على المجرم، وتظهر الأدلة تصويره لضحاياه واعتداءاته كافة، بمن فيهم ماري التي تم التعرف عليها وإعادة فتح قضيتها، فتحصل على العدالة وبعض التعويض، لكنها فقدت الطمأنينة والسكينة للأبد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

جرائم الاغتصاب من أبشع الجرائم وأكثرها إيلاماً للضحية، أنثى كانت أو ذكراً، وكثير من هذه الجرائم لا يتم الإبلاغ عنها لتجنب "الفضيحة والعار والإذلال، فتتحول الضحية التي جرى الاعتداء عليها إلى منبوذ اجتماعي أو عائلي، وتشير الإحصاءات إلى أن ثلثي جرائم الاعتداء الجنسي ببريطانيا، على سبيل المثال، لا يتم الإبلاغ عنها، وأن 50 في المئة فقط مما يتم الإبلاغ عنه يفضي إلى اعتقال المتهم، وأن 80 في المئة ممن يتم القبض عليهم بتهمة الاغتصاب تتم محاكمتهم، وأن 58 في المئة فقط من المتهمين تتم إدانتهم.

لا نتعامل مع هذه الجرائم الشنيعة التي ننكر حدوثها في عالمنا، ونحاول أن نلصقها بالآخر "المتفسخ الكافر الفاسق"، فالارتدادات الاجتماعية أشد قسوة عندنا من أي مكان آخر، فما أن تنتشر جريمة اغتصاب إلا ونبحث في عقولنا الباطنة لإلقاء اللوم على الضحية التي ستتحول إلى منبوذ لن يستطيع العيش بطمأنينة أبداً، إن استطاعت العيش أصلاً، ففي بعض الحالات يتم قتل الضحية "غسلاً للعار" الذي جلبته لأنها كانت ضحية.

يتعرض ضحايا الاغتصاب لتكرار الاغتصاب النفسي بعد الجسدي بالقانون، فإجراءات التحقيق تتطلب التعرف على أدق التفاصيل لتأخذ العدالة مجراها، لأن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، لكن أساليب التعامل مع الضحايا بقيت في الغالب باردة ومتشككة، خصوصاً حين يقوم بها الذكور، وتبقى جريمة الاغتصاب من أكثر الجرائم خسة ودناءة لاختراقها الأمن الذاتي لدى الضحية، ولندوبها الداخلية التي لا تشفى مهما طال الزمن.

اقرأ المزيد

المزيد من آراء