Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

استفتاء تونس يدهمه الوقت ويكتنف فحواه الغموض

عوامل عدة قد تدفع باتجاه تأجيله وبعض الجهات تطالب بإلغائه

دعت منظمة "أنا يقظ" الرئيس سعيد إلى إلغاء الاستفتاء المقرر في 25 يوليو (صفحة الرئاسة التونسية على فيسبوك)

قبل نحو 3 أشهر من موعد إجراء الاستفتاء الدستوري في تونس، يكتنف الغموض هذه المحطة السياسية الهامة والثانية من نوعها في تاريخ البلاد المعاصر، بينما تسود حالة من الترقب والشك المشهد السياسي في البلاد، بين إمكانية تأجيل هذا الموعد والمطالبة بإلغائه، نظراً لعوامل موضوعية عدة، من بينها عدم استكمال تركيبة هيئة الانتخابات التي ستشرف على الاستفتاء، وعدم الإعلان عن اللجنة التي ستتولى صياغة مخرجات الاستشارة الإلكترونية التي شارك فيها نصف مليون تونسي، علاوةً على عدم تعديل القانون الانتخابي، وعدم صدور المرسوم الرئاسي الذي يدعو التونسيين إلى المشاركة في الاستفتاء.

مطالبة بإلغاء الاستفتاء

وفي هذا السياق، دعت منظمة "أنا يقظ" (منظمة رقابية)، رئيس الجمهورية، قيس سعيد، إلى إلغاء الاستفتاء المقرر في 25 يوليو (تموز) 2022، "لأنه لم يتم إلى اليوم، الإعلان عن تركيبة اللجنة التي ستتولى إعداد مشاريع التعديلات المتعلقة بالإصلاحات السياسية".
وأبدت المنظمة في بيان، تخوفها من تشكيل لجنة شكلية في وقت وجيز "يكون دورها تقديم مشروع رئيس الجمهورية الشخصي إلى العموم على أنه فحوى عمل لجنة متخصصة، حيث لم يبقَ سوى 3 أشهر على تاريخ الاستفتاء المعلن، والحال أن الإصلاحات السياسية الحقيقية، يجب أن تكون نتيجة عمل تشاركي وشفاف، حتى يؤثر الشعب في رسم ملامح القرار، وفي مسار إعداد الإصلاحات، لا أن تقدم له إصلاحات مُسقطة في استفتاء شكلي".

واقترحت "أنا يقظ" القيام بحوار حقيقي "يمثل كل الفئات والآراء ويؤسس للتشاركية بشكل يعالج القضايا الأساسية للمواطنين التي تختلف عن مشاغل الساسة وطموحاتهم"، داعيةً كل مكونات المجتمع المدني إلى "اتخاذ مواقف واضحة وحاسمة ومضاعفة الجهود للدعوة إلى مقاطعة الاستفتاء، إذا لم يتم التراجع عنه".

أحزاب تقاطع الاستفتاء والانتخابات

من جهة أخرى، حركة الشعب لوحت بمقاطعة الاستفتاء، بحال رأت أن "البلاد لا تسير في الطريق الصحيح"، حسب تصريحات الأمين العام للحركة، زهير المغزاوي.
وكان حزب العمال أعلن مقاطعته لانتخابات ديسمبر (كانون الأول) 2022، بسبب "عدم نزاهتها واستقلاليتها بعد أن استولى رئيس الجمهورية، على كل السلطات ونصب نفسه مشرفاً عليها"، على حد قول الأمين العام للحزب حمة الهمامي.

شروط الاستفتاء غير متوفرة

في سياق متصل، رأى أستاذ القانون الدستوري، عبد الرزاق مختار، أن "الشروط الإجرائية لتنظيم الاستفتاء غير متوفرة"، وتوقع أن يصدر سعيد "مرسوماً خاصاً بالاستفتاء، دون تنقيح القانون الانتخابي"، محذراً من "السياق المتسارع لمحطة انتخابية مهمة في تاريخ تونس".
وأكد مختار أن رئيس الجمهورية، "يفرض زمناً سياسياً، وأمراً واقعاً على كل التونسيين، في غياب توازن القوى، وفي إطار فرض برنامجه السياسي".
واعتبر أستاذ القانون الدستوري، أن "النصوص جاهزة، ورئيس الجمهورية يدرس اللحظة الملائمة، لإعلانها ونشرها في الرائد الرسمي (الجريدة الرسمية)"، محذراً من أن "سياسية الأمر الواقع التشريعي والدستوري قد تترتب عنها أزمة جديدة".
وتوقع أستاذ القانون الدستوري أن "تتنامى الضغوط الخارجية على تونس بسبب المشروع السياسي لقيس سعيد"، معتبراً أن "الاستفتاء سيجري في موعده، دون تأجيل ولن يستجيب للمعايير الدولية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


ضغط الوقت

في الأثناء، يحذر المتابعون للشأن الانتخابي من ضغط الوقت إزاء موعد الاستفتاء، إذ دعا عبد الجواد الحريزي، العضو السابق في الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، إلى "تأجيل موعد الاستفتاء إلى حين تنقية المناخ السياسي، ووضوح الرؤية، وإرساء هيئة انتخابات تتمتع بالاستقلالية التامة"، مشدداً على "أهمية إجراء الانتخابات والاستفتاء في ظروف سياسية ملائمة". وأضاف الحريزي أن من "حق الناخبين والشعب التونسي أن يطلعوا على فحوى الاستفتاء، وأن تعمل هيئة الانتخابات على تبسيط إجراءاته وأساليبه، بينما لم يتم إلى اليوم الإعلان عن التركيبة الجديدة للهيئة".
وشدد الحريزي على أهمية أن يكون "المناخ الانتخابي هادئاً وسليماً، حتى يشارك فيه عدد كبير من التونسيين ويعكس إرادة شعبية حقيقية".

"لا حوار ولا اعتراف ولا صلح"

في المقابل، رفع سعيد، خلال مأدبة إفطار بقصر قرطاج، "بحضور عائلات شهداء وجرحى العمليات الإرهابية من القوات المسلحة العسكرية والأمنية، وعدد من عائلات شهداء الثورة وجرحاها"، عن "لاءات ثلاث: لا حوار، ولا اعتراف، ولا صلح، إلا مع الوطنيين الصادقين ولا مفاوضات مع من لفظهم التاريخ". وتساءل، "عن أي حوار يتحدثون؟ تونس تريد إنقاذ نفسها منهم، فكيف يتحدثون عن الإنقاذ وقد تولوا السلطة لسنوات؟"، مضيفاً، "ليلتحقوا بصفوف الشعب خير من الحوارات الكاذبة لإعادة نفس مراحل السنوات السابقة".

بين المطالبة بإلغائه أو تأجيله، يضغط الوقت على موعد الاستفتاء المقرر في الخامس والعشرين من يوليو (تموز) المقبل، ويراوح المشهد السياسي مكانه في حال من الغموض، بسبب عدم الكشف عن فحوى الاستفتاء، وعدم الإعلان عن تركيبة الهيئة الجديدة، علاوةً على حال الانقسام السياسي الذي عمق أزمة تونس المتعددة الأبعاد الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.

المزيد من العالم العربي