Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إسرائيل وإيران لا تملكان استراتيجية واضحة لإنهاء الصراع

يحذر مسؤول إسرائيلي سابق من أن المنطقة تبدو على شفير هاوية تهدد بجر الولايات المتحدة في شكل لا إرادي إلى دوامة العنف المحتملة

رجال يركضون بحثاً عن ملجأ بعد غارة إسرائيلية على حي المريجة في الضاحية الجنوبية لبيروت، 4 أكتوبر 2024 (علي علوش/ رويترز)

ملخص

يعتبر النزاع الحالي بين إسرائيل وإيران خطيراً بسبب غياب استراتيجيات فعالة وواضحة لدى الطرفين لإنهاء الصراع.

قبل أسبوع، كانت الولايات المتحدة تردد على مضض صدى الفكرة الإسرائيلية المتناقضة في شكل مثير للسخرية حول "التصعيد من أجل خفض التصعيد" في لبنان. وبعد يومين، كانت الولايات المتحدة تتحدث بثقة عن وقف لإطلاق النار لمدة 21 يوماً في لبنان يبدأ فوراً.

اتسمت تصرفات الولايات المتحدة بالحيرة والعتب، فهي زعمت أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تلاعب بالإدارة الأميركية وخدعها. يمكن القول إنها كانت أكثر لحظات "الاستدراك" تأخراً في التاريخ، بالنظر إلى كيفية تلاعب نتنياهو بإدارة بايدن العام الماضي.

من الواضح أن كلاً من الطرحين غير قابل للتطبيق – والآن أصبح تصعيد العلاقات الإسرائيلية- الإيرانية المتفجرة بالفعل على وشك الخروج عن نطاق السيطرة، ما يهدد بجر الولايات المتحدة في شكل لا إرادي إلى الدوامة التي قد يتسبب بها ذلك.

ما قد يكون أكثر إثارة للقلق هو أن إسرائيل انخرطت في حربين مبررتين تماماً، لكنها تفتقر في شكل صارخ إلى وضوح الأهداف السياسية ولاستراتيجية إنهاء النزاع في ما يخص الحربين. ليس هناك وقف لإطلاق النار ولا إطار سياسياً في مرحلة ما بعد الحرب في غزة، والآن تخوض حرباً مع "حزب الله" – وربما مع إيران – من دون مجموعة متماسكة من الأهداف السياسية والنتائج المحددة بخلاف إذلال الأعداء عسكرياً.

في هذا السياق، يبدو تأكيد نتنياهو المصاب بجنون العظمة لـ"الشعب الإيراني" بأن "اللحظة التي ستكونون فيها أحراراً باتت أقرب مما تعتقدون" أكثر غرابة وغطرسة. فهو من خلال التذرع بخطاب تغيير النظام، يثير غضب إيران ولا يخفض التصعيد.

"التصعيد" وبشكل جلي هو مصطلح هذا العام في الشرق الأوسط. عادة ما يكون التصعيد نتيجة لقرار متعمد أو ردع فاشل أو ناقص، وهذا بالضبط ما يحدث بين إسرائيل و"حزب الله" في لبنان – والآن، في شكل محتمل جداً، بين إسرائيل وإيران.

ينص قانون التصعيد الأول الثابت على أن المرء، عندما يعتقد بأنه يتحكم بمستواه [التصعيد]، فإنه لا يكون كذلك. ولا يصلح المفهوم الأكاديمي والعسكري لـ"الهيمنة بالتصعيد" escalation dominance [القدرة على التصعيد لفرض تكاليف إضافية على الخصم فيما لا يقدر الأخير على أن يفعل الشيء نفسه في المقابل، إما لأنه لا يملك خيارات التصعيد أو لأن الخيارات المتاحة لن تحسن من وضعه] إلا في الغرف التي تستضيف ندوات أو في ألعاب المحاكاة أو الغرف حيث تلتئم مجالس التخطيط العسكري. ليس له أهمية تُذكَر أو صلاحية تُذكَر في الواقع، خلال أزمة متفاقمة.

تدفع التصعيد وتشكله الحسابات الخاطئة، والغرور، والاعتبارات والضغوط السياسية النفعية، وتصور الذات، والفخر، والمصداقية – وكلها مكونات قاتلة تجعل الحرب أبشع أفعال الإنسان التي يمكن تخيلها وأكثرها رعباً.

يستعصي التصعيد دائماً على أي شكل من أشكال السيطرة أو الهيمنة، ما يعني أن أحد الأطراف المعنية يهيمن فعلياً على العملية ويستطيع إطلاقها أو إيقافها بحسب الرغبة. لا يمكن تجنبه إلا بطريقتين: عندما يكون لكلا الطرفين مصلحة راسخة في القيام بذلك، أو عندما تملي قوة مهيمنة ذات نفوذ وعوامل مؤثرة على كليهما هدنة. لا تتوافر أي من الطريقتين في العلاقات بين إسرائيل وإيران و"حزب الله".

بدأت هذه المرحلة من التصعيد فعلياً في أوائل أكتوبر (تشرين الأول) 2023، عندما ارتكب "حزب الله" سلسلة من الحسابات الخاطئة الجسيمة والأخطاء الاستراتيجية الفادحة التي كلفت المنظمة في نهاية المطاف كلفة كبيرة، وربما تضعفها إلى حد بعيد. وفي نهاية المطاف، أثبتت غطرسة الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصرالله وأوهام القوة لديه أنها عوامل نهايته.

أولاً، جاء القرار الصادر في السابع من أكتوبر 2023 بالانضمام إلى الحرب بين إسرائيل و"حماس" كتعبير عن التضامن بنتائج عكسية. لم تكن هذه حرب "حزب الله"، وهو اعترف بذلك (وكذلك فعلت إيران) في الثامن من أكتوبر. وأصبحت نيران "حزب الله" المتقاطرة لا تُطَاق ولا يمكن السكوت عنها في إسرائيل، وكان قرار التصعيد أكثر بإطلاق الصواريخ والمسيرات والقذائف بأعداد أكبر وبوتيرة أكبر على شمال إسرائيل قراراً كارثياً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كانت الفرضيات الأساسية، التي دارت في خلد نصرالله، مليئة بالعيوب: الافتراض بأن إسرائيل مُردعة بفكرة حرب شاملة مع "حزب الله" المتخم بالصواريخ، وبأنها لا تستطيع القتال في وقت واحد على جبهتين، وبأن إيران ستهرع لمساعدة أوراقها الثمينة ووكلائها. لم تُردع إسرائيل.

ثانياً، في حين أن من الصحيح أن للحرب الآن جبهتين نشطتين، مع ساحة إيرانية خطيرة في شكل ينذر بالسوء، إلا أنها لا تُخَاض في شكل مكثف على الجبهتين في آن واحد، لأن مسرح غزة خفت إلى حد كبير.

ثالثاً، المبدأ التوجيهي لإيران في إدارة شبكة وكلائها بسيط: الوكلاء يقاتلون من أجل إيران – إيران لا تقاتل من أجل وكلائها.

وحتى الآن، ولا سيما منذ اغتيال الزعيم السياسي لـ"حماس" إسماعيل هنية في طهران في 31 يوليو (تموز)، مارست إيران الحذر وضبط النفس. وقد تكون معادلة الكلفة والفاعلية المحيطة بالاستدراج إلى الحرب للدفاع عن "حزب الله" ليس مجدياً من حيث التكلفة.

لكن إيران كانت تواجه معضلة: لم تنفذ إسرائيل عمليات في إيران نفسها فحسب، إذ لطالما كان "حزب الله" وكيل إيران الأقوى ومشروعها الخارجي الأبرز. بالتالي كان من شأن عدم الرد أن يبعث برسالة سلبية إلى الحركات الإرهابية الأخرى في اليمن والعراق وسوريا. وعلاوة على ذلك، لا الصين ولا روسيا تريدان هزيمة إيران في مواجهة كهذه، نظراً إلى أن نهج سياستيهما الخارجيتين يقوم على لعبة مع أميركا لا يتكبد أي طرف فيها خسائر.

قد تعتقدون بأن إيران، بالنظر إلى هذه الحسابات، ستمتنع عن الانتقام – وستكونون مخطئين. ابتكرت إيران صيغة، معتقدة بأن ضربة محدودة ستنهي هذه الدورة. هذه مقامرة وليست سياسة.

وفي حين قد يصح أن يُعتبر "حزب الله" حالياً عبئاً أكثر من كونه ورقة رابحة، فإن تسلسل الضربات التي تعرضت إليها إيران وتآكل مصداقيتها كقوة إقليمية جعلا شكلاً من أشكال الانتقام أمراً حتمياً.

إن إيران مدفوعة بأيديولوجية تؤمن بمجيء مخلص لمجموعة من البشر الأتباع واستياء وعداء عميقين مع الغرب. هذا لا يعني أنها طرف فاعل غير عقلاني أو انتحاري. بل على العكس تماماً. على مر السنين، أثبتت إيران أنها قوة جيوسياسية ذكية. وهي تريد الآن تخفيف العقوبات المفروضة عليها وتجديد الاتفاق النووي المبرم بينها وبين الغرب، وربما تعيد التفكير على الأرجح في الطرق المستقبلية لنهج تلزيم السياسة الإقليمية إلى منظمات مثل "حزب الله" أو الحوثيين في اليمن.

لا تزال صورة طهران التي تقدمها عن نفسها كمركز ثقل قوي لشبكة من الوكلاء ذوي التفكير المماثل مبدأً أساسياً، لكن مستوى سيطرتها الحقيقي على هذه المنظمات أبعد ما يكون عن الوضوح. هي تسلحها وتمولها وتوجهها لكن التكاليف أصبحت باهظة، مالياً وسياسياً.

في كلتا الحالتين، جر الجانبان نفسيهما إلى موقف يكون فيه مزيد من التصعيد أكثر احتمالاً بكثير من أي خفض للتصعيد – ومهما كانت الظروف والتفسيرات، فإن هذا أمر لن يزداد إلا شؤماً.

ألون بينكاس قنصل إسرائيلي عام سابق في الولايات المتحدة عمل مستشاراً سياسياً لاثنين من رؤساء الوزراء السابقين، شمعون بيريز وإيهود باراك

© The Independent

المزيد من آراء