Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا بعد دعوة السيسي إلى حوار سياسي في مصر؟

مطالبات بالإفراج عن "سجناء الرأي" ومشاركة جميع الأطياف والالتزام بالمخرجات

دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى إجراء "حوار سياسي" مع كل القوى من دون استثناء أو تمييز (أ ف ب)

يبدو أن مصر تقف على أعتاب مرحلة سياسية جديدة، بعدما دعا الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى إجراء "حوار سياسي" مع كل القوى من دون استثناء أو تمييز، على أن يكون الحوار تحت إدارة "المؤتمر الوطني للشباب" التي تعمل تحت مظلة "الأكاديمية الوطنية للتدريب"، التابعة لرئاسة الجمهورية، حيث وعد الرئيس بحضور الجلسات النهائية.

حديث السيسي جاء خلال حفل إفطار "الأسرة المصرية"، وهو تقليد سنوي يقيمه الرئيس في رمضان من كل عام، لكن إفطار الثلاثاء الماضي شهد حضور منتمين للمعارضة السياسية، أبرزهم المرشح السابق حمدين صباحي، ورئيس حزب الدستور السابق خالد داوود، الذي كان مسجوناً حتى العام الماضي، ووزير القوى العاملة الأسبق كمال أبو عيطة، ورئيس حزب الكرامة محمد سامي، وهو ما يعد غير مسبوق في مثل تلك الاحتفالية.

إصلاح سياسي

الحديث عن "حوار سياسي" بدأه الرئيس المصري الأسبوع الماضي، خلال لقاء مع إعلاميين، حين قال إنه ضروري في وقت تتجه فيه مصر إلى "الجمهورية الجديدة"، ثم عاد وأكد المعنى نفسه خلال كلمته بحفل الإفطار، مشيراً إلى أن الحاجة إلى الإصلاح السياسي كانت هدفاً للدولة لكن "الأولويات" حالت دون ذلك، معتبراً أنه حان الوقت له بعد ما تحقق من إنجازات.

وبحسب مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، حسن أبو طالب، فإن الحوار السياسي "مطلوب في كل الأوقات، وتزداد الحاجة إليه عندما يكون هناك وضع حرج أو استثنائي، وهو ما تمر به مصر في الوقت الراهن، جراء التداعيات الكبيرة التي أوجدتها جائحة كورونا والأزمة الأوكرانية".

وأضاف أبو طالب لـ"اندبندنت عربية"، "هناك مجموعة من الضغوط الداخلية الأخرى التي دفعت باتجاه المضي نحو ضرورة العمل على تحقيق انفراجة سياسية من قبل السلطات الحاكمة، والسماح بمساحة معقولة من الحرية والتعبير، التي في النهاية تصب في صالح البلد، إذ تتيح للمسؤولين إعادة النظر في القرارات، مع مزيد من التحديات والشفافية في صناعة القرار".

ووصف مستشار مركز الأهرام للدراسات الحياة الحزبية في مصر بأنها "تكاد تكون متوقفة"، والأحزاب "ليس لها دور، ولا قدرة لها على التواصل الحقيقي مع المواطنين". مشيراً إلى أن المرحلة الحالية "تتطلب مساحة أوسع من المشاركة السياسية والبحث عن أرضية، لمواجهة التحديات الاقتصادية والاستثمارية، ومشاركة أوسع من أطياف المجتمع".

حوار شامل

أبو طالب أعرب عن أمله أن يكون الحوار السياسي "شاملاً ومنفتحاً على جميع الأطياف والجماعات والأحزاب والتيارات الفكرية"، لكون الوضع الراهن "لم يعد يحتمل التجاذبات أو الاستقطابات السياسية"، على حد قوله. مستدركاً "إذا حدث الحوار بصورة تقليدية، سيكون العائد منه غير مجدٍ، فما نحتاجه بالفعل الآن هو حوار مختلف يناقش جميع التحديات والقضايا برؤى وأفكار مختلفة، انطلاقاً من التأكيد أن الدولة القوية هي التي تؤمن بتعدد الآراء وتنوعها وتتحمل الاختلاف، وتعتبره مصدر قوة ونقطة إيجابية لخلق مناخ صحي وحلول واقعية لتحدياتنا".

ولفت إلى وجود متغيرات إيجابية على الساحة، وكان آخرها موجة الإفراج عن عدد من المعتقلين بموجب عفو رئاسي، مستدركاً "إلا أنها تبقى غير كافية، ويجب أن تشمل الانفراجة أو الانفتاح السياسي التطرق إلى جميع القضايا التي تشغل المواطن والمجتمع المصري، سواء أمنية أو سياسية أو اقتصادية، فضلاً عن دور الإعلام وحرية الرأي والتعبير".

ويرى رئيس تحرير مجلة الديمقراطية الأسبق، بشير عبد الفتاح، أن المبادرة خطوة "جريئة وشجاعة"، تؤكد وفاء القيادة السياسية بتعهداتها في تنفيذ أجندتها التي أعلنتها للشعب منذ اليوم الأول، والمتمثلة بالأساس في مواجهة التحديات الأمنية، ثم المضي في الإصلاحات الاقتصادية، على أن يتبعها مسار الإصلاح السياسي.

عبد الفتاح أضاف لـ"اندبندنت عربية" أنه "على الرغم من حجم التحديات الاقتصادية والأوضاع الصعبة التي تمر بها مصر وتأثير الحرب الروسية الأوكرانية علينا وقبلها جائحة كورونا، تشير تلك الخطوة إلى إيمان القيادة السياسية بأهمية توسيع دائرة الحوار والنقاش على الأرضية الوطنية".

ودعا عبد الفتاح الجميع إلى "عدم التسرع" في تقييم الدعوة، على اعتبار أن مثل تلك الخطوات تقيم بنتائجها، قائلاً "علينا أن ننتظر حتى نرى شكل المشاركة ومستواها في الحوار والمخرجات المنبثقة منه، وتعامل صانعي ومتخذي القرار معها، ومعرفة إلى أي مدى ستنعكس تلك المخرجات على آلية عمل الدولة وتشكيل سياستها وأولوياتها في المرحلة المقبلة".

شروط الحوار

وبحسب الباحث في العلوم السياسية عمار علي حسن، فإن الحوار السياسي يأتي الآن من سلطة "ظنت سنوات أن السياسة عبء ولا فائدة منها"، وأعرب عن أمله أن تكون السلطة أدركت أن "السياسة فن إدارة الدول، ولا غنى عنها".

ويرى حسن أن هناك شروطاً لكي يكون الحوار مجدياً وهي "تحديد أطرافه، وجدول أعماله، ومراعاة موقف الشعب منه، والالتزام بتطبيق مخرجاته، على أن يكون آلية مستمرة، فضلاً عن تناول جميع القضايا والتحديات من دون تأجيل".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال الباحث في العلوم السياسية لـ"اندبندنت عربية" إن القضايا ذات الأولوية التي يجب مناقشتها هي "كيفية تحقيق تمثيل حقيقي للشعب، والنظر في قوانين تضر بالفصل بين السلطات، والعمل على دعم تواصل الأحزاب مع الناس بلا قيود، وتشجيع مجتمع مدني حر فاعل، وحرية التعبير، والسجناء السياسيين، والتهديدات التي تواجه الدولة والأزمة الاقتصادية". منوهاً بأن النتيجة الأهم هي "الخروج بجدول أولويات للمرحلة المقبلة، ويكون ملزماً، غير ذلك يكون الحوار مضيعة للوقت".

أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، حسن نافعة، يرى أن الإفراج عن جميع معتقلي الرأي والسجناء السياسيين "خطوة صحيحة وحقيقية يمكن أن تؤكد صدق الدعوة إلى حوار وطني شامل لا يستثني أحداً". وأعرب نافعة، الذي شغل عضوية جبهة الإنقاذ المعارضة في عهد الإخوان المسلمين، عن أمله أن لا تكون الدعوة إلى الحوار "مجرد عملية لتعزيز العلاقات العامة".

من جهته، رحّب عضو مجلس النواب المصري، ضياء الدين داوود، بالدعوة إلى حوار وطني يجمع جميع الأطياف السياسية، وقال لـ"اندبندنت عربية"، "أهميتها كبيرة، لأنها قد تسهم في دعم مسيرة الإصلاح السياسي والاقتصادي". ونوه بأن الحوار ليس حالة استثنائية في دولة كبيرة مثل مصر.

ورأى داوود أن انعدام ثقة الشارع في عدد من القرارات الاقتصادية التي اتخذت أخيراً ستزول مع توصيات الحوار، وبعد طرح جميع الرؤى الوطنية ومشاركة جميع التيارات السياسية في خريطة الإصلاح مستقبلاً.

ترحيب حزبي

العديد من الأحزاب والقوى السياسية أبدت استعدادها للمشاركة في الحوار، حيث أكد رئيس حزب الوفد عبد السند يمامة، أن حفل إفطار الأسرة المصرية كان أفضل مناسبة للإعلان عن الحوار الوطني بين جميع الأطياف السياسية من دون تمييز، بعد أن جلست جميع طوائف الشعب المصري على مائدة إفطار واحدة على الرغم من اختلافهم اجتماعياً وثقافياً.

وأضاف يمامة لـ"اندبندنت عربية" أن مصر في الوقت الحالي تحتاج إلى مختلف تيارات العمل السياسي لصالح الوطن والمواطن. مشيراً إلى أن الحوار السياسي سيُسهم في تعزيز عملية البناء الديمقراطي، باعتباره نهجاً دائماً يستهدف تعزيز الرؤى الوطنية وتكاملها، وبدأ مع دعوة الرئيس لسلسلة من مؤتمرات الشباب التي شهدت جلسات حوارية مهمة، كان لها بالغ الأثر في تقديم أطروحات وأفكار وتوصيات شكلت المنهج الفكري للجمهورية الجديدة في مصر.

وقال رئيس أقدم الأحزاب المصرية إن شباب الوفد سيشاركون في مؤتمر الحوار السياسي بورقة عمل حول مستقبل العمل السياسي الشبابي وأهميته باعتبارهم عماد أي تحرك سياسي.

كذلك، أعرب حزب مستقبل وطن عن ترحيبه بدعوة الرئيس، وقال في بيان، إنه "يثمن سعي القيادة السياسية الدائم للتواصل مع كل فئات الشعب المصري".

وأضاف الحزب، صاحب الأغلبية في مجلس النواب والشيوخ، أنه سيوجه كل طاقاته وإمكاناته لتفعيل قرارات الرئيس والتعاون مع جميع المؤسسات الرسمية والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني "لتحقيق رؤية القيادة السياسية التي تهدف إلى تعضيد حالة الاستقرار المجتمعي وبناء الإنسان المصري".

ووصفت "تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين" الدعوة إلى الحوار الوطني بأنها تأكيد أن الحوار نهج دائم يستهدف تعزيز الرؤى الوطنية وتكاملها، مشيرة إلى أن إعادة تفعيل لجنة العفو الرئاسي تسهم في تعزيز عملية البناء الديمقراطي.

سجناء الرأي

وجود المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي كان أحد أبرز ما في احتفالية إفطار الأسرة المصرية، بخاصة أن الرئيس السيسي حرص على الترحيب به في نهاية كلمته وصافحه، ودخلا في حديث جانبي قصير، وقال صباحي في تصريحات صحافية إن "الدعوة إلى حوار سياسي تتطلب الإفراج عن سجناء الرأي حتى نثق في جدوى الحوار". مضيفاً "نحن معارضة تحب هذا الوطن وتحرص على مصالحه، ونريد مشاركة للخروج بأفضل الحلول للقضايا الوطنية".

وبعد ساعات من كلمة الرئيس، أفرجت السلطات عن الصحافي حسام مؤنس، الذي كان محبوساً ضمن القضية المعروفة بـ"خلية الأمل" بتهم عدة، منها نشر أخبار كاذبة وتكدير السلم والأمن العام، وكان مؤنس مدير الحملة الانتخابية لصباحي في الانتخابات الرئاسية عام 2014.

المزيد من تقارير