Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مأساة في كلّ بلدة: كيف غيّرت الحرب بشهرين فقط معالم أوكرانيا للأبد

أمضت بيل ترو، مراسلة الشؤون الدولية، أسابيع في تغطية الحرب في أوكرانيا، وهي تروي اليوم بعض أكثر المشاهد التي لا تمحى من الذاكرة.

تعاطف النساء بكاءً خلال مراسم دفن الضابط في الجيش الأوكراني، فياتشيسلاف فياتشيسلافوفيتش ديموف، الذي قضى في 16 أبريل في معركة في مقاطعة فاسيليفكا في منطقة زابوريزيا (رويترز)

من دون سابق إنذار، أصبح التنقل عبر [الأراضي] الأوكرانية أشبه بالتعثر أثناء مشهد مروّع في أبشع كابوس يمكن أن تراه في حياتك.

تحت محطة القطارات في بلدة تروستيانتس الشمالية، حيث قصفت المدفعية معالم الحياة المدنية في الضواحي وحولتها إلى سطح موحل وموحش شبيه بتضاريس القمر، التقيت برجال رووا قصصاً عن التعذيب الذي تعرضوا له للبوح بمعلومات لا يمتلكونها.

في غابة هادئة، تبعد أكثر من 350 كيلومتراً (حوالى 220 ميلاً) غرباً بالقرب من العاصمة كييف، وجدنا جثة مراهق أوكراني مجهول مقيدة ومصابة بالرصاص، ووجهه مدفون بين الأشجار. كان على بعد أمتار قليلة من خندق تعسكرت فيه القوات الروسية، في بقعة يمكنك معرفة أنها هُجرت على عجالة من دلة القهوة المتروكة وقن الدجاج وزوج الجوارب المنشور على الشجرة كي يجف.

في زابوريزيا بوسط البلاد، والتي تعد طريق هروب لأولئك الفارين من مدينة ماريوبول المحاصرة، استرجعت امرأة كانت الشظايا تنخر ساقيها مشهد عمتها طريحة الفراش وهي تحترق حتى الموت لعدم تمكن أحدهم من إيصالها إلى ملجأ في الوقت المناسب. في مدينة ميكوليف الجنوبية، في مستشفى كانت نوافذه مغطاة بألواح خشبية، قام طبيب بإدخال مريض أصيب بقنبلة عنقودية محظورة غير منفجرة، وقد لا يستطيع المشي بعد الآن.

خلال رحلتنا الطويلة التي امتدت 8500 كيلومتر عبر أوكرانيا، صادفنا قصصاً مروعة. بينما يتجاوز غزو بوتين عتبة الشهرين البائسة، تزداد هذه الحكايات دموية وفظاعة. تُظهر هذه الشهادات أن على رغم ما تعلنه موسكو من حسن النية والبراءة من الجريمة، إلا أن ما رأيناه هو فقط واجهة الأهوال التي حدثت بالفعل أو ما زالت مستمرة الآن وأثناء كتابتي هذا المقال وتطلع القوات الروسية إلى الشرق.

قال ديما، مدني تحدثت إليه نجا من تعذيب استمر عدة أيام في تروستيانتس: "لقد كان كابوساً - كان أسوأ شيء حدث لي على الإطلاق، وأخشى أن يحدث مرة أخرى في مكان آخر". إنه شخص لطيف للغاية بحيث لا يستطيع التغافل عن العنف الذي تعرض له، كانت يداه ترتجفان بسبب التعذيب. أضاف: "أرى وجوههم في أحلامي. وأعلم أنني لست الوحيد. تخيلي الأمور التي تحدث في ماريوبول في دونيتسك ونحن نتحدث الآن".

 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

القلق على الآخرين ينتاب أيضاً يوري البالغ من العمر 32 سنة والذي أطلق عليه الروس النار وعذبوه في قبو مختلف على بعد عدة مئات من الكيلومترات في قرية شمال كييف. تحدث إلى "اندبندنت" من سرير المستشفى حيث يحاول الأطباء إنقاذ قدمه المشوهة، وقال: "أشعر أنني محظوظ لأنني نجوت بهذه الإصابة فقط... قابلت رجلاً ظل محتجزاً لمدة 20 يوماً في الظلام. لقد أصيب بأضرار نفسية. حتى أنه احتاج إلى بعض الوقت حتى يعتاد على ضوء الشمس مرة أخرى... هناك الكثير من أمثاله".

من المحتمل ألا نعرف أبداً الجسامة الحقيقية لما حدث. لكن يمكننا على أي حال الحصول على مؤشرات على ذلك. يوم الجمعة، نشرت شركة "ماكسمار تيكنولوجيز" للاتصالات الفضائية صوراً تظهر مقابر جماعية في الأراضي التي تحتلها روسيا بالقرب من ماريوبول ممتدة على مساحات هائلة لدرجة أنها تظهر في صور الأقمار الاصطناعية.

كانت وزارة الدفاع البريطانية قد أصدرت في وقت سابق لقطات خاصة بها تقول إنها محارق متنقلة تهدف إلى "التخلص من أي أثر" للجثث، كل واحدة على حدى، بالتالي محو أفظع الجرائم.

في هذه الأثناء، رفض الرئيس بوتين، الذي يصب تركيز قواته على التماسك في شرق وجنوب أوكرانيا، كل هذا ووصفه بأنه "تزوير بشع".

لكن ديما يريني الندوب على رجليه ومعصميه كدليل، ويقول: "آثار الجريمة محفورة على جسدي".

"كانت هناك أشلاء من الجثث متناثرة على الأرض"

تقول مارينا البالغة من العمر 22 سنة، والتي تعمل منسقة حفلات، فيما كانت تنظم سلسلة نقل مؤقتة لأكياس رمل يقوم أشخاص بتجهيزها على شاطئ مدينة أوديسا الساحلية: "أدركت أن لدي خياراً... إما أن أغادر البلد أو أجلس في المنزل وأنتظر الموت، أو أن أخرج وأفعل شيئاً ما".

 

ضمن عملية المواجهة الخفيفة المضادة لنيران الطائرات، يواصل مئات المتطوعين العمل الشاق لتصنيع أكثر من 10 آلاف كيس رمل يومياً يتم إرسالها إلى جميع أنحاء البلاد لتعزيز المباني والقواعد والمستشفيات والمعالم الأثرية والمدارس. في الخلفية يقوم عازف درامز شاب بالعزف مع أغنيات فرقة أركتك مانكيز التي يصدح بها مكبر الصوت مما يمنح العاملين فواصل رقص متقطعة.

كما هي الحال مع جميع الحروب، تبدأ هذه الحرب بالأسى الحالي المستمر: دوامة الأمل والرعب والمرونة واليأس التي يخوضها الناس وهم يمرون بعملية التعامل مع ما يترصد بهم في ماضيهم الجديد.

بالنسبة لكثيرين، تُرجم هذا على الفور إلى حشد المجهود الحربي.

قابلت جدات ينسجن شباكاً عسكرية مموهة في المراكز المجتمعية في مدينة لفيف في غرب البلاد، وعمال بناء يلحمون معيقات الدبابات في وسط مدينة خميلنيتسكي، ومصممي أزياء شباناً يصنعون سترات واقية من الرصاص من نوابض الشاحنات في مدينة ميكولايف الساحلية، ومخططي حفلات مثل مارينا يملؤون أكياس الرمل على الشاطئ في أوديسا.

في العديد من المدن، كانت هناك طوابير طويلة وقوائم انتظار لأشخاص يودون الانضمام إلى الجيش. أصبحت النوادي الرياضية ومباني البلديات في جميع أنحاء البلاد ساحات تدريب على الدفاع المدني والإقليمي للمدنيين الذين يتعلمون كيفية استخدام كل ما يخطر على البال، من زجاجات المولوتوف إلى البنادق.

بالتالي، بدلاً من كسر الروح المعنوية، كانت هناك نتائج معكوسة للغزو متمثلة في توحيد البلاد.

في نقاط التفتيش الكثيرة التي تقسم البلاد الآن، أصبحت عبارة "المجد لأوكرانيا" التي يرددها الناس مرادفة لكلمة "مرحباً".

 

تتناثر في الطرقات لافتات يدوية الصنع التي تطالب الروس بالعودة إلى ديارهم (أو إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي). إلى جانب تلك اللافتات التي تمجد انتصارات استراتيجية معينة، أو لحظات شجاعة مثل: "السفن الروسية، اذهبي إلى الجحيم"، الجملة التي يزعم أن الجنود الأوكرانيين نادوا بها في معركة جزيرة الثعبان، وهي عبارة شائعة يتم الاحتفاء بها حالياً من خلال طباعتها على أحدث طابع بريدي في أوكرانيا.

ويترأس هذه الحشود، الرئيس الشعبوي فولوديمير زيلينسكي، الذي بات أحد أكثر الوجوه المعروفة في عصرنا بفضل المزيج الذي شهده القرن الحادي والعشرين من مشاركته في برنامج "الرقص مع النجوم" ومقاطع الفيديو من ساحات المعارك.

إنه حقاً صراع معاصر.

بغض النظر عن العتاد العسكري الذي يصنعه الأهالي، تقوم أوكرانيا، وهي دولة فيها الكثير من شركات التكنولوجيا الناشئة وتشتهر بمراكز الاتصال الخاصة بها، بتسخير تلك المعرفة للمساعدة في التعامل مع العواقب المرعبة للحرب.

قابلت النائبة الأوكرانية هالينا يانتشينكو التي أطلقت مع فريق من مبرمجي الكمبيوتر موقع Prykhystok الإلكتروني للاجئين - الذي يشبه إلى حد ما موقع تأجير المساكن المؤقت Airbnb، حيث يحدد مواقع 5000 ملجأ في جميع أنحاء البلاد. ثم تحول اثنان من المطورين إلى إقامة شراكة مع تطبيقات لمشاركة السيارات وسيارات الأجرة - المعادلات الأوكرانية لتطبيق أوبر - لتنظيم رحلات السيارات الجماعية والمشتركة للمدنيين الفارين من بعض المناطق التي تشهد الصراع الأسوأ.

قام شخص آخر بإنشاء تطبيق يبعث تنبيهاً في كل مرة تنطلق صفارة إنذار الغارات الجوية، بينما طور آخرون برامج على شبكة الإنترنت تقدم خرائط تفصيلية للملاجئ والمستشفيات المحلية.

أصبحت هذه الموارد شريان حياة في جميع أنحاء البلاد لأولئك الذين أجبروا على شق طريق اللجوء الجديد.

في محطات السكك الحديد، تتناثر مشاهد شبيهة بالحرب العالمية الثانية لأطفال تم إجلاؤهم من ذلك الكابوس الحقيقي الذي كان يتكشف.

في نهاية المطاف، تصل جميع الطرق في أطرافها الأخرى البعيدة إلى بلدان مثل بولندا أو رومانيا، حيث شاهدت سيلاً من الأشخاص يظهرون وكأنهم أشباح في الظلام، حاملين أطفالهم وحيواناتهم الأليفة وحقائبهم المعبأة على عجل: الخلاصة السريعة الأخيرة لحياتهم السابقة.

 

ومن خلالهم بدأنا بالتدريج نسمع عن الرعب الذي كنا، نحن المراسلين، سنواجهه في النهاية في المناطق المحررة من القوات الروسية.

قال رسلان البالغ من العمر 39 سنة والذي فر من مدينة ماريوبول المحاصرة مع زوجته وابنته إلى زابوريزيا: "أصاب صاروخ أشخاصاً كانوا يصطفون في طابور بانتظار المساعدة الإنسانية، لم يبقَ هناك سوى أشلاء من الجثث على الأرض".

لقد أُجبر على ترك والدته وأخته وزوج والدته لأنهم لسوء الحظ كانوا يعيشون على الضفة اليسرى لماريوبول، وهي المنطقة الأكثر تضرراً في المدينة والتي أصبحت أخيراً حلبة الصراع النهائية. في الوقت الحالي، يتحصن مئات المدنيين - وقد يكون أفراد عائلة رسلان من بينهم - في مصنع آزوفستال للصلب على الضفة اليسرى، مع آخر مجموعة من المقاتلين الأوكرانيين المتبقين.

يقول: "فقدنا الاتصال بهم بعد الأسبوع الأول من الحرب، والآن..." يتعثر في إكمال جملته.

خلف رسلان كانت هناك لوحة بيضاء تحمل رسائل يائسة من عائلات مثل عائلته تطلب المساعدة في محاولة العثور على أحبائها المفقودين أو الوصول إليهم. إنها مجرد واحدة من عشرات اللوحات التي رأيتها في الملاجئ ونقاط الالتقاء المختلفة في كافة أنحاء البلاد بالإضافة إلى المئات من المجموعات على تطبيق "واتساب" أو صفحات "فيسبوك" التي أنشئت لهذا الغرض.

بالتالي ستكون العائلات المشتتة الإرث الدائم لهذه الحرب.

قبل بضعة أسابيع في مسرح في لفيف حوله طاقم الممثلين والعاملين في الكواليس إلى ملجأ مؤقت، التقيت بـ مكسيم، 43 سنة، من دنيبرو. بصفته رجلاً في سن القتال، لا يستطيع مغادرة أوكرانيا ولهذا كان يقضي اللحظات القليلة الأخيرة مع أطفاله، قبل توديعهم إلى أجل غير مسمى.

قال لي بهدوء بينما كان أولاده يشاهدون الرسوم المتحركة "سونيك ذا هيدجهوغ": "أحاول ألا أفكر في الفراق... أحاول فقط أن أبذل قصارى جهدي في كل شيء من دون ارتباك".

"رأيت بأم عيني"

يتمتع هؤلاء الأشخاص بما يشبه المكانة التي لدى المشاهير بين المدنيين الذين يحاولون بيأس الوصول إلى أسرهم الرازحة تحت أشرس قصف في الحرب.

إنهم السائقون المتطوعون الذين يعودون إلى الأماكن المحاصرة مثل ماريوبول ودونيتسك، الذين يتحدَّون القصف والضربات الجوية والجنود الروس لنقل الناس إلى مدن أكثر أماناً نسبياً مثل زابوريزيا.

 

لقد فقد ثلاثة من أشهر هؤلاء السائقين الذين قاموا بعدة رحلات إلى ماريوبول. كانت آخر مرة سمع فيها أحد خبراً عن ميشا الذي نقل أكثر من 100 شخص، عندما كان عائداً إلى ماريوبول قبل اختفائه قبل بضعة أسابيع.

لكن اختفاءه هذا لم يثنِ أندريه، 42 سنة، الذي كان في يوم حديثنا إليه ينضم إلى مجموعة من السيارات الأخرى المتوجهة إلى المناطق التي تتعرض للقصف في دونيتسك الآن في مركز الإعصار الذي يشنه بوتين.

قال وهو يضع ملصقاً كتبت عليه كلمة "أطفال" باللغة الروسية على سيارته لحمايتها من أسوأ هجوم: "لقد رأيت بأم عيني كيف أطلق الروس النار على قافلة مساعدات إنسانية تابعة للصليب الأحمر الأوكراني - لا يستطيع أحد غيرهم فعل ذلك... خططنا للذهاب إلى منزلنا للبحث عن ممتلكاتنا وإعادة أي أشخاص نعثر عليهم".

كان أندريه وبقية السائقين مجرد مثال واحد على اللطف الاستثنائي للغرباء في أوكرانيا خلال الرحلة بينما كان المدنيون يتكيفون مع الوضع الطبيعي الجديد.

في هوستوميل، على بعد بضعة كيلومترات شمال غربي كييف، حيث تسقط الصواريخ غير المنفجرة على الأرض بشكل يثير السخرية تقريباً، التقيت بـ آنا، محاسبة تبلغ من العمر 35 سنة، استقبلت طفلاً تيتّم حديثاً عمره 11 سنة قُتلت والدته برصاص روسي في أوائل مارس (آذار) بينما كانت تقود سيارتها للحصول على الإمدادات.

أثناء القصف، أنقذوا الطفل الذي كان متشبثاً بجثة والدته، واصطحبوه إلى منزلهم بينما أمضوا أسابيع في محاولة العثور على والده.

قالت باكية: "لم نكن نعرف من هي أسرته، لكن الصبي كان يكتب لوالدته في مذكراته كل يوم".

في تشيرنيهيف، على بعد أكثر من 150 كيلومتراً إلى الشمال الشرقي، وخلال حصار مرير استمر لمدة شهر ونصف، قامت سلسلة مطاعم بيتزا محلية بتمويل وتركيب ثلاثة مولدات كهربائية بالإضافة إلى حفارة صناعية لحفر بئر يوفر المياه لآلاف الأشخاص المحرومين من وصولها.

يقول إيغور المشرف على هذه الجهود: "كان علينا أيضاً إيجاد طريقة لإطعام الناس".

ولذا قال إنهم جمّعوا الموارد من كل أنحاء المدينة، وفي ظل قصف الجسور وتعرض الطرق المؤدية إلى المدينة للقصف، قاموا بتهريب الإمدادات عبر القوارب.

 

كما ساعد المدنيون الصحافيين أيضاً. ذات ليلة في شهر مارس، أثناء غارة جوية وعاصفة ثلجية، تحولت قاعة أفراح إلى مأوى لنا لليلة واحدة. وقد رحبت بنا عائلات عندما وجدنا أنفسنا في ملاجئها، حتى أن البعض أصبحوا أصدقاء لنا.

رُحب بنا أيضاً في مراكز الاستقبال حيث علمني صبي يبلغ من العمر 9 سنوات فر من خط المواجهة في زابوريزيا اللغة الروسية بواسطة أداة الترجمة من غوغل، وكان ذلك في يوم عصيب بشكل خاص. لا يزال يرسل لي رسائل إلى يومنا هذا لتفقد أحوالي.

وفي تروستيانتس، فإن المرونة واللطف هما جزئياً السبب الذي يجعل أناتولي، جندي سابق عاد إلى الخدمة بسبب الحرب بعد تقاعده، يعتقد أن أوكرانيا ستنتصر في النهاية.

في عام 1986، ساعد في إزالة الألغام بعد حادثة تشيرنوبيل، وقد نجا الآن من الاحتلال الروسي المستمر لمدة شهر لمدينته الأم. صادف أنه كان شاهد عيان مرتين على التاريخ، وهو يعتقد أن حرب بوتين أسوأ بكثير وأكثر خطورة على أوكرانيا وأوروبا من الكارثة النووية الأكثر شهرة في العالم.

كان يتحدث بينما يأخذنا في جولة حول المبنى الإداري الرئيس في المدينة المدمر والذي أصبح مقراً للقوات الروسية التي تركت لسبب غير مفهوم أكواماً من الفضلات وبقع دم وزجاجات كحول نصف فارغة في كل مكان.

وأضاف: "انظروا إلى هذا، إنهم برابرة، علينا أن ننتصر".

لكن اعتقاد أناتولي ليس مؤكداً، وهو الأمر الذي يردده العديد من الأوكرانيين. لا يزال المسؤولون الغربيون يعتقدون أن روسيا قد "تفوز" بهذه الحرب - قائلين لوسائل إعلام بريطانية الأسبوع الماضي إن الجيش الروسي يفوق عدد القوات الأوكرانية في الشرق بثلاثة أضعاف وهو قادر حتى على الزحف إلى العاصمة مرة أخرى.

ولهذا، فإن التنبؤات تشير إلى أن المستقبل سيكون طويلاً ودامياً. وفي هذه الأثناء ستتشتت العائلات.

في رحلة قطار استغرقت 13 ساعة من كييف إلى بولندا - المحطة الأخيرة خارج البلاد - شاهدت الرجال المرافقين لعائلاتهم يبدأون في النزول مع اقتراب العربات من المحطة الأوكرانية الأخيرة قبل الحدود.

قال أحد الآباء لابنته الصغيرة وهو يلوح بيده مودعاً إياها ربما إلى الأبد: "اعتني بأمك"، وأضاف كاذباً بدافع الحب: "سأراك قريباً".

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات