منذ بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا في 24 فبراير (شباط) الماضي، غادر نحو 24 ألف أوكراني و10 آلاف روسي إلى إسرائيل، واستفاد بعضهم من قانون العودة، وفق وزارة الهجرة في تل أبيب.
ويكشف مسؤول في الوزارة فضّل عدم الكشف عن اسمه، عن أن "معظم هؤلاء من الشباب الخريجين ومن الطبقة الوسطى في المدن".
وتعتبر موجة الهجرة من أوكرانيا وروسيا إلى إسرائيل الأكبر منذ أوائل تسعينيات القرن الماضي وانهيار الاتحاد السوفياتي.
"عملاء أجانب"
من هؤلاء، الزوجان الروسيان ومخرجا الأفلام آنا شيشوفا يوغوليوبوفا وديمتري بوغوليوبوف، اللذان أدركا، كما يرويان، أنه يتعين عليهما مغادرة موسكو خشية استهدافهما.
وقال الزوجان لوكالة الصحافة الفرنسية من شقة تعود لصديق لهما في مدينة روحوفوت، جنوب تل أبيب، "كنا التاليين في القائمة"، ويقصدان بذلك قائمة من يصفهم الكرملين بأنهم "عملاء أجانب".
ويقول بوغوليوبوف (42 عاماً) مخرج فيلم "تاون أوف غلوري" الذي موّلته ألمانيا في عام 2019، إذا حدث ذلك "فإنك ستضطر إلى ممارسة الرقابة الذاتية أو تواجه السجن عاجلاً أو آجلاً".
يتناول الفيلم استخدام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أحداثاً مرجعية تتعلق بالقتال ضد ألمانيا النازية ليكرس سلطته في القرى الروسية.
ويعود خوف الزوجين إلى أن موسكو ومع زيادة عزلتها الدولية تنظر بريبة إلى جميع الأفلام الممولة أجنبياً وحتى الوثائقية منها. وهما يريان أن أفلامهما ليست مُستثناة.
وتقول المخرجة شيشوفا يوغوليوبوفا (36 عاماً)، "شعرنا بالتهديد على مدى السنوات القليلة الماضية، وخلال الأشهر القليلة الماضية على وجه التحديد كان الناس يتجسسون علينا ويلتقطون صوراً في مواقع تصوير أعمالنا".
قرر الزوجان مواصلة العمل في روسيا، لكنهما استفادا من أصولهما اليهودية، وحصلا على الجنسية الإسرائيلية.
ويمنح قانون العودة الإسرائيلي حق المواطنة لأي شخص أحد أجداده أو والديه يهودي، وهو شرط متوفر لدى آلاف الروس والأوكرانيين.
محاطة بالأحفاد
ومثل عائلة يوغوليوبوف، كانت أولغا رومانوفا المولودة في موسكو تتوقع أن يأتي اليوم الذي لن تنعم فيه بالأمان في روسيا.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تقدمت أولغا (69 عاماً) بطلب للحصول على جواز سفر إسرائيلي بعد أن ضم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين شبه جزيرة القرم في عام 2014.
وتضيف محاطة بأحفادها في منزل ابنها خارج القدس، "حينها أدركت أن الأمور لا تسير على ما يرام في روسيا". وتضيف أن بدء الهجوم "كان دليلاً على حاجتي إلى المغادرة في أسرع وقت ممكن".
وتستدرك وهي تحاول حبس دموعها، "الحرب في أوكرانيا لا تتوافق مع طريقة تفكيري وقيمي الأخلاقية، بل تجعلني أشعر بالتقزز".
تقول شيشوفا بوغوليوبوف، "نشعر بالأمان هنا، ويمكننا النوم بسلام".
وتضيف، "هنا تحصل ابنتي البالغة أربع سنوات والمصابة بداء السكر على العناية التي تحتاج إليها". وتضيف، "لكننا لا نعرف إذا ما كنا سنبقى هنا، هذا يعتمد على عملنا، في الوقت الحالي نريد العيش والتعافي فحسب وبعدها سنرى".
كتابان في حقيبة
أما سيرغي، وهو اسم مستعار لعازف كمان روسي يخشى الملاحقة، فقد غادر مع زوجته عازفة البيانو وأطفالهما الثلاثة موسكو نحو إسرائيل، لكنه ليس متأكداً من البقاء فيها. ويقول، "لا أعرف إذا ما سنبقى هنا أو سنذهب إلى مكان آخر".
وفي رحلة فرارها، لم تجد خبيرة اللغة رومانوفا (44 عاماً) في حقائب سفرها متسعاً إلا لكتابين، أحدهما عمل أكاديمي، والثاني رواية لميخائيل بولغاكوف ترافقها في أسفارها دائماً.
وتقول بألم، "فقدت بلادي، سُرقت مني. أخذها بوتين ومجرمو (كي جي بي)"، في إشارة إلى جهاز الاستخبارات.