Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

استقرار العاصمة الليبية تحت رحمة الصراع السلطوي مجددا

أعلن محتجون إغلاق عدد من حقول النفط شمال البلاد وجنوبها للضغط على الحكومة الموحدة لتسليم السلطة إلى حكومة فتحي باشاغا

آليات عسكرية في العاصمة طرابلس (أ ف ب)

بعد استنفاد كل المحاولات للتوصل إلى حل سلمي يحسم الصراع على السلطة بين حكومتي الوحدة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، والاستقرار بقيادة فتحي باشاغا، يبدو أن كلا الطرفين باتا أكثر فأكثر قريبين من اللجوء للحل العسكري، الذي يخشى من جره للبلاد إلى قاع قد يصعب الخروج منه، بعد عامين من السلام المؤقت.

وتزايدت المؤشرات إلى احتمال وقوع الصدام العسكري في أي لحظة بين الكتائب المؤيدة للدبيبة والمناصرة لخصمه باشاغا، بعد رصد تحركات واسعة لأرتال عسكرية تابعة للطرفين بأعداد كبيرة داخل العاصمة طرابلس وعلى تخومها، في اليومين الماضيين، جاءت عقب لقاءات للرجلين مع عدد من القادة العسكريين في غرب البلاد، خصوصاً مصراتة.

حشود عسكرية في طرابلس

وأظهرت مقاطع فيديو تداولها نشطاء على مواقع التواصل، استنفاراً أمنياً وحشداً عسكرياً لسيارات رباعية الدفع، محملة بأسلحة متوسطة، تابعة لـ"قوة حماية الدستور" التي شكلها رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة في فبراير (شباط) الماضي، في أحد المعسكرات في العاصمة طرابلس.

وقال أحد عناصر القوة، إنه "تم حشد الآلاف ضد من يحاول التلاعب أو المساس بأمن الوطن". في المقابل أظهرت مقاطع أخرى تحرك أرتال عسكرية إلى طرابلس مروراً بمنطقة السواني جنوب العاصمة.

وأثارت هذه التحركات المخاوف من اشتعال الوضع في العاصمة مع تواتر معلومات عن تحركات عسكرية مشابهة في محيط المدينة، وأنباء عن نية رئيس الحكومة الليبية فتحي باشاغا دخول المدينة، بدعم من بعض التشكيلات المسلحة.

دعم من المدن المجاورة

في المقابل، تداولت وسائل إعلام ليبية تصريحات لشهود عيان في طرابلس، ذكروا وصول كم كبير من الآليات العسكرية من مصراتة والزاوية ومدن مجاورة، تمركزت وسط ميادين حيوية من بينها طريق الشط والسواني وطريق المطار وقصر بن غشير، وجزيرة سوق الثلاثاء.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وجاءت هذه التحركات العسكرية بعد أقل من 24 ساعة من اجتماع رئيس الحكومة الليبية الجديد، فتحي باشاغا، مع القادة العسكريين من مدينة مصراتة ووزراء مستقيلين في حكومة الدبيبة، وعدد من أعضاء مجلسي النواب والدولة تونس.

وأوردت مصادر محلية من طرابلس، إغلاق عدد من مداخل المدينة وسط انتشار كبير للآليات العسكرية، فيما بينت تسجيلات مصورة فتح ممر للمواطنين أمام معسكر الإمداد، جنوب طرابلس، بعد إقفال الطريق لساعات بسواتر ترابية مع استمرار انتشار آليات مسلحة في المكان.

بيان مهم من مصراتة

في مصراتة، المدينة التي ينتمي لها باشاغا والدبيبة، حمل آمر قوة مكافحة الإرهاب، واحدة من أكبر الكتائب المصراتية، مختار الحجاوي، في بيان تلاه، باسم "القادة الميدانيين"، "بعثة الأمم المتحدة مسؤولية ما قد يحدث من صدام في طرابلس".

وطالب البيان القياديين، "باشاغا والدبيبة بأن يبقى الصراع سياسياً كما تعهدا به أمامنا، ونحملهما مسؤولية أي قطرة دم تسال من أبناء ليبيا ومن أي طرف".

مخاوف من حوار البنادق

أثارت هذه التحركات العسكرية مجدداً مخاوف سكان العاصمة من تصعيد الصراع بين الحكومتين وتحوله إلى صدام مسلح بين التشكيلات المسلحة المؤيدة لكلا الطرفين، على الرغم من التصريحات التي كررها فتحي باشاغا متعهداً فيها بدخول طرابلس سلمياً لمباشرة مهامه من هناك.

وواصل باشاغا وفريقه السياسي التأكيد على دخوله إلى العاصمة دون الحاجة لاستخدام السلاح، وهو ما أكده المرشح البرلماني المؤيد لرئيس الوزراء الجديد، أحمد أبوعرقوب، بقوله إن "مشاورات رئيس الحكومة الليبية فتحي باشاغا، في تونس، مع قيادات أمنية وقادة الميليشيات، ستسهل بالفعل عملية دخول الحكومة الجديدة إلى العاصمة طرابلس".

والتقى باشاغا في الأيام الماضية عدداً من قادة الكتائب العسكرية في مصراتة والزنتان في تونس، إضافة إلى محمد الحويج وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة الدبيبة.

 اجتماعات أمنية

من جانبه، يبدو رئيس حكومة الوحدة، عبد الحميد الدبيبة، مصمماً على منع دخول باشاغا والقوى العسكرية الموالية له إلى طرابلس، وظهر ذلك جلياً في الاجتماعات المكثفة ذات الصبغة الأمنية التي عقدها بشكل متواصل، مع السفير التونسي لدى ليبيا، وآمر قوة مكافحة الإرهاب، اللواء محمد الزين، كما التقى مع عميد بلدية نالوت، وأجرى زيارة إلى مقر الأمن الداخلي.

وقال المكتب الإعلامي للدبيبة، إن "لقاءه مع السفير التونسي، لسعد العجيلي، خصص لمناقشة زيادة التنسيق الأمني بين البلدين، ودور السفارة التونسية في تنظيم عدد من الاجتماعات الفنية بين الأجهزة الأمنية".

وأضاف، أنه "تم الاتفاق على تنسيق لقاء بين وزيري الداخلية الليبي والتونسي لتنظيم المداخل بين البلدين".

 بينما ربط مراقبون بين هذا اللقاء ووجود فتحي باشاغا في تونس هذه الأيام، وعقده جملة من اللقاءات مع شخصيات سياسية وعسكرية قيل إنها تسعى للترتيب لدخوله إلى العاصمة الليبية، في الأيام المقبلة.

تأمين تخوم العاصمة

في السياق ذاته، التقى الدبيبة مع عميد بلدية نالوت، إحدى البلديات المتخامة لطرابلس، عبد الوهاب الحجام، لمتابعة الأوضاع الأمنية في المنطقة الغربية، بحسب بيان للحكومة الموحدة.

وأشار البيان إلى أن "الدبيبة أصدر تعليماته بضرورة العمل على استتباب الأمن في المنطقة، وعدم السماح بأي تحركات غير مسؤولة تهدف إلى زعزعته" في إشارة واضحة لتحرك القوات العسكرية المؤيدة لباشاغا، انطلاقاً من جبل نفوسة، التي تقع نالوت في نطاقه.

تحذير من الهيئة الطرابلسية

في العاصمة، قالت الهيئة الطرابلسية، إن "هناك محاولات من حكومة باشاغا، لدخول العاصمة تهدد بالإخلال بالأمن ونشوب صراع مسلح".

وحذرت الهيئة من تبعات "المحاولات المستمرة من (الحكومة الموازية) التي اعتمدها البرلمان بعيداً من الاتفاق السياسي، الذي كان أعطى لمجلس النواب أحقية الاستمرار في المشهد السياسي على الرغم من انتهاء مدته الشرعية بسنوات، للدخول إلى العاصمة، وما قد يترتب عليه من نزاعات دامية".

وطالبت الهيئة الطرابلسية" جميع القوات الموجودة داخل طرابلس بعدم الانزلاق في هذا الصراع والعمل على الحفاظ على أمن العاصمة واستقرارها، وعدم الانجرار وراء هذه المهاترات السياسية التي يقوم بتوظيفها عقيلة صالح لأجل إدخال العاصمة طرابلس والمنطقة الغربية في منزلق فتنة الاستيلاء على كرسي الحكومة والصراع المسلح، الذي إن اشتعل فلن ينطفئ إلا وقد خلف كثيراً من القتلى والدمار والتهجير ومزيداً من التفكك الاجتماعي".

إغلاق حقول نفطية

وكما جرت العادة يبدو أن النفط سيكون أول ورقة تستخدم مع احتدام الصراع على السلطة، بعد أن أعلن محتجون، في الزويتينة شمالاً، وفي أوباري والمناطق المجاورة في الجنوب الغربي، إغلاق حقل الفيل النفطي وإيقاف الإنتاج وتصدير النفط من ميناء الزويتينة النفطي، إلى حين تسليم السلطة إلى الحكومة الليبية برئاسة فتحي باشاغا.

واتهم المحتجون، في بيانين مسجلين، "حكومة الوحدة بإفساد المشهد السياسي في ليبيا وإشعال الحرب والعمل على تقسيم البلاد"، قائلين إنهم" يسعون إلى الاستقرار السياسي بدعم الحكومة الليبية الجديدة برئاسة فتحي باشاغا".

وأكد البيانان اللذان صدرا في توقيت متزامن، على "وقف إنتاج النفط وتصديره بشكل كامل حتى تسليم السلطة لحكومة فتحي باشاغا"، وطالبا بـ"التوزيع العادل لإيرادات النفط على جميع المناطق الليبية، وإقالة رئيس المؤسسة الوطنية للنفط، مصطفى صنع الله، وتصحيح الوضع القانوني لمجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط، ودعمها بالميزانية اللازمة لزيادة معدلات الإنتاج بالشكل المطلوب".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي