Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الكاتبات يسيطرن على جائزة البوكر الدولية 2022

أولغا توكارتشوك الفائزة بنوبل ضمن المسابقة وبريطانيا خارجها والهند تحضر للمرة الأولى

الروائية أولغا توكارتشوك الفائزة بنوبل أبرز المرشحات للبوكر الدولية (غيتي)

خمس كاتبات قادمات من بلدان مختلفة، سيطرن على القائمة القصيرة لجائزة البوكر الدولية، مع كاتب وحيد قادم من النرويج هو جون فوسي. والقائمة باحتوائها خمس كاتبات، تمثل ظاهرة في تاريخ الجوائز الأدبية، فلأول مرة تكون الغالبية للنساء في جائزة تُعتبر ضمن أرفع الجوائز الأدبية عالمياً، للأدب المترجم للإنجليزية.

اعتبرت الكاتبة والناقدة فيف فروسكوب وهي عضو في لجنة التحكيم "أن القائمة القصيرة لجائزة البوكر الدولية تقدم فرصة للقراء للاطلاع على أفضل الروايات المكتوبة حول العالم". لكن هذا التصريح يقابله في مرآة عاكسة ما قاله رئيس لجنة التحكيم فرانك وين "إن الاختيار بين 135 عملاً مقدماً للجائزة أمر بالغ الصعوبة، ويثير الحزن بما يسببه من استبعاد لأعمال إبداعية رفيعة جداً ومميزة". وجهة النظر هذه اتفقت معها أيضاً عضو التحكيم الكاتبة والمترجمة جيرمي تيانج التي اعتبرت أن استبعاد كثير من الروايات سبب لها حالة من الألم. تكشف هذه الآراء عن حضور قدر كبير من الميل الذاتي في الاختيار، حين تكون الأعمال المطروحة كلها على مستوى إبداعي وفني رفيع. لذا من المؤكد أن لكل لجنة اختياراتها وتفضيلاتها الأدبية، وحينها تأتي النتائج مختلفة مع اختلاف أعضاء لجنة التحكيم.

اسم جديد

ضمت القائمة، إلى جانب الكاتب والمسرحي جون فوسي عن روايته "اسم جديد"؛ كلاً من النوبلية أولغا توكارتشوك عن روايتها "أسفار يعقوب"، والهندية جيتانجالي شري عن "ضريح من الرمل"، والكورية الجنوبية بورا تشونغ وكتابها "الأرنب الملعون"، المصنف ضمن القصص القصيرة؛ ثم تأتي من اليابان الكاتبة ميكو كاواكامي بروايتها "الجنة"، وصولاً إلى أميركا اللاتينية مع الكاتبة الأرجنتينية كلوديا بينيرو وروايتها "إيلينا تعرف".

ومن اللافت في القائمة أنها خلت من أسماء كتاب من بريطانيا وفرنسا، فقد تم استبعاد الكاتبة الفرنسية فيولين هوسمن، التي كانت روايتها " كتاب الأم" ضمن القائمة الطويلة، وترجمتها ليزلي كامي، ونشرت في دار "ليلت براون هاشيت، بريطانيا".

وكانت الملاحظة أيضاً على القائمة الطويلة لبوكر هذا العام أنها غطت أربع قارات، وجاء ثلاث كتاب من أميركا اللاتينية، ثم تم استبعاد كل من الكاتب البرازيلي باولو سكوت، والكاتبة المكسيكية الشابة فيرناندا ميلشور، فيما وصلت إلى القائمة القصيرة الكاتبة الأرجنتينية كلوديا بينيرو، عن روايتها "إيلينا تعرف" التي تنتمي إلى كتب الجريمة والإثارة وتستدعي روايات هيتشكوك، بحيث تمزج بينيرو فعل القتل بالصراع النفسي والاجتماعي. بطلة الرواية هي إيلينا، وهي امرأة عجوز مصابة بمرض باركنسون، تفقد ابنتها ريتا بشكل غامض، ويتم العثور على ريتا مقتولة ومعلقة في برج الكنيسة. بالتوازي مع هذا يحضر إصرار إيلينا على تتبع الجريمة واكتشاف هوية القاتل بعد أن أقفلت الشرطة التحقيق. يعيش القارئ في حلقة من التوتر والصراع على مدى الرواية، فالكاتبة تطرح من خلال شخصية إيلينا الوضع الاجتماعي والصحي المفروض على فئة كبيرة من المسنين الذين يتجاهلهم المجتمع الحديث، ولا ينتظر منهم إلا الرحيل. لكن إيلينا أرادت على مدى السرد أن تقدم وجهاً آخر لهذا الواقع. الجدير بالذكر أن المترجمة فرانسيس ريدل ترجمت الرواية إلى الإنجليزية.

أسفار يعقوب

تنافس النوبلية البولندية أولغا توكارتشوك، بقوة على الفوز بالجائزة مع عمل ملحمي ضخم بعنوان "أسفار يعقوب"، بمشاركة مترجمتها جينفر كروفت. تقدم توكارتشوك هذه المرة مغامرة تاريخية مليئة بالحياة تدور أحداثها قبل مئتين وخمسين عاماً، في الكومنولث البولندي الليتواني القديم، الذي كان على شفا التقسيم. إنه عالم تختلط فيه الأعراق واللغات والعقائد والهويات، أما البطل يعقوب فهو الرجل الرحالة الذي تجتمع فيه كل التناقضات من خلال شخصيته التي تجذب إليه الأتباع والمريدين. ورواية "أسفار يعقوب" التي تجاوز عدد صفحاتها التسعمئة، تقدم القدرة الفائقة على طرح قضية تتخطى الفهم البشري للتاريخ والوقائع، إلى تقديم نص تاريخي ضخم مسربل بالفن منذ البداية للنهاية، يرصد صعود إمبراطوريات وانهيارها، يتحدى القارئ ويجبره على تأمل الماضي من منظور مختلف.

ضريح الرمل

الكاتبة الهندية جيتانجالي شري قالت في أحد حواراتها، عقب وصول روايتها "ضريح الرمل" إلى القائمة القصيرة "يجب على الكاتب أن يكتب، ببساطة وإصرار، في الأوقات السيئة والأوقات السعيدة، مع وصوله للبوكر، أو من دون ذلك". من المهم ملاحظة أن شري هي أول كاتبة هندية يتم ترشيحها للجائزة، وهذا يُعتبر حدثاً فارقاً، إذ سينضم اسم جينجالي شري إلى حلقة الكتاب العالمين القادمين من القارة الهندية.

 في رواية "ضريح من الرمل"، التي ترجمتها الكاتبة الأميركية ديزي روكويل، تدور أحداث الرواية في شمال الهند، وتستكشف موضوعات الموت والحياة والخسارة، والصدمات التي لا بد منها، والحدود المتحيزة والمسببة للانقسام التي يقيمها البشر. تقدم الكاتبة واقعاً ملموساً للشيخوخة عند تعرضها لاختبار الفقد، فبطلة الرواية امرأة تجاوزت الثمانين تفقد شريك حياتها، ويكون عليها التعامل مع هذا الواقع. روايات كثيرة قدمت فكرة المرأة الأرملة، لكن شري تضع بطلتها العجوز في مواجهة شرسة مع لحظة الحاضر، ومع الأعراف والتقاليد، والأهم مع ابنتها التي أصبحت العلاقة معها شكلاً من أشكال التحدي. فالرواية تطرح فكرة بناء الهوية الذاتية، والفروق المفروضة على أساس الدين والنوع.

رواية "اسم جديد: سبتولوجي السادس والسابع"، تعتبر الجزء الأخير من السباعية للكاتب النرويجي جون فويس، وهو الرجل الوحيد في قائمة البوكر. يناقش الكاتب من خلال بطله فكرة الفن والوجود والمراوحة بينهما، ولحظات التخلي، وما يعقبها من ألم. الرواية مكتوبة عن الرسام "آسل" في شكل مونولوغ طويل من دون فواصل يستند إلى تيار الوعي، يتتبع الكاتب أفكار بطله وذكرياته، وخسارته زوجته الراحلة، وتكمن جاذبية آسل، في أن شخصيته متشابهة مع كثيرين عبر هذا العالم، في طرحه أسئلة وجودية مؤرقة عن حياته التي تتوازى في جوهرها مع حياة العديد من البشر.

الجنة والأرنب الملعون

تنافس الكاتبة اليابانية ميكو كواكامي على الجائزة بروايتها "الجنة"، طارحة من خلال شخصية بطلها المراهق فكرة "الهشاشة" الإنسانية التي تتعرض للتنمر، ومدى الألم الذي يواجه الإنسان حين لا يتمكن من حماية تلك الهشاشة. فالبطل الصغير يواجه قدراً كبيراً من السخرية والقسوة ضمن أسوار المدرسة، وضمن الاحتياج العاطفي تنشأ علاقة صداقة بينه وبين فتاة تدعى كوجيما، تتعرض مثله للتنمر. تقدم الكاتبة حوارات عميقة وحساسة بين البطلين، تشرح عبرها فكرة الصراع الطبقي والنفسي المؤدي إلى التنمر بمفهومه الأشمل والأعم في إطار العالم ككل وليس في نطاق أسوار المدرسة فقط. تتميز روايات الكاتبة اليابانية ميكو كواكامي بقدرتها على تشكيل شخصيات شابة نابضة بالحياة ومتعاطفة، وتترك أثراً في القلب. صدرت الرواية عام 2009، وترجمها إلى الإنجليزية سام بيت، وديفيد بويد.

أما الكاتبة الكورية بورا تشونغ ، فإنها تعبر في مجموعتها القصصية "الأرنب الملعون" عن لعنة الظلم الأبوي ووحشيته، عبر الدمج بين الواقعية السحرية والفانتازيا والخيال العلمي. قام بالترجمة أنطوان هور الذي كان حريصاً على مراعاة أسلوب الكاتبة الجامع بين الطرافة والسخرية.

الجائزة والترجمة

لعل المشترك في الروايات الست في القائمة القصيرة، هو طرح قضايا إنسانية تحمل قلقاً على "مصير" الإنسان ووحدة العالم والبشر والتشظي النفسي في أوجه مختلفة. تتنوع الموضوعات وتختلف كثيراً، لكنها تلتقي عند نقطة محورية تتجاوز محلية انتماء الرواية، كي تقدم صراعاً فردياً محفوفاً بالخطر الحقيقي الذي يهدد الوجود، ويرميه في حتمية الصراع من دون أي اختيار، وبلا رحمة، مع تجاوز فكرة الهوية والعمر والنوع.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

عند الحديث عن البوكر الدولية، من المهم الإشارة إلى الأهمية التي تمنحها هذه الجائزة لدور المترجم، إذ تحظى الترجمة أيضاً بدور البطولة، فالمترجم بدوره الفذ عبر ترجمته المبدعة للرواية من لغتها الأم أياً كانت تلك اللغة، إلى اللغة الإنجليزية، يضعها تحت الضوء الأدبي في استحقاق أن تصل للترشح للجائزة، وبالتالي احتمالية الفوز، لذا يتقاسم المترجم مع الكاتب نصف قيمة الجائزة.

الجدير بالذكر أن رئيس لجنة التحكيم المترجم الإيرلندي فرانك وين، له مساهمات في الترجمة عن الفرنسية لعدد من الروائيين الفرنسيين المهمين مثل بيار ميرو، وفريديريك بيغبيدير، وكذلك الروائي الإيفواري أحمدو كوروما. وقد فازت ترجمته لرواية "نوافذ على العالم" للكاتب فريدريك بيغبيدير، بجائزة الخيال الأجنبي المستقل في عام 2005. والرواية تدور حول أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) والهجمات الإرهابية.

ومن المنتظر إعلان نتيجة اسم الفائز بالجائزة في السادس والعشرين من مايو (أيار) المقبل.

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة