Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مستشفيات بريطانية توقف اختبارات كورونا الروتينية للمرضى الجدد

ضغوط قاسية على الخدمات الصحية وثمة من يصف الوضع الراهن بأنه فوضوي للغاية مع استبعاد توفير العلاج بسبب عدم توافر الأسرة

تقنيون يعملون في مختبرات المركز الرئيسي لشركة "فالينفا" في بلدة "سان هربلين" الفرنسية، في 21 فبراير 2021. وفي 14 إبريل 2022، أجازت السلطات الصحية البريطانية استخدام لقاح تلك الشركة المصنوع بطريقة تقليدية تشبه تلك المستخدمة في طعوم الأنفلونزا وشلل الأطفال (أسوشيتدبرس)

علمت "اندبندنت" أن مستشفياتٍ بريطانية تعمل فوق طاقتها، بدأت توقف إجراء اختبارات كورونا الروتينية بالنسبة إلى المرضى الجدد، مع تزايد الضغوط "القاسية" على طاقمها من أطباء وممرّضات.

وقد سُجّلت يوم الاثنين الفائت، 1702 حالة دخول جديدة لمصابين بفيروس "كوفيد" إلى مستشفياتٍ في إنجلترا، اعتباراً من 9 أبريل (نيسان) الجاري، في وقتٍ تغصّ أسرّة المستشفيات بـ16442 مريضاً مصابين بذلك الفيروس. وقد أطلق القيّمون على مرافق "الخدمات الصحّية الوطنية" (أن أتش أس) NHS صرخة تحذير من أن إمكانات مؤسّساتهم وقدرتهم على التعامل المخطّط له مع التراكمات الحاصلة في الرعاية، أصبحت في خطر.

وعلى الرغم من المناشدات التي وجّهها قادة هيئة "الخدمات الصحّية الوطنية" بوجوب العودة مرّةً أخرى إلى تطبيق إجراءات الوقاية كارتداء الكمامات، تصرّ الحكومة البريطانية على عدم وجود خطط لديها لتغيير توجيهاتها عن ذلك الأمر.

وعلمت "اندبندنت" أن مستشفيين رئيسيّين في الأقل، مقرهما "نيوكاسل" و"يورك"، قد أوقفا اختبار جميع المرضى الذين لا يعانون من أعراض، من أجل التخفيف من وطأة الضغوط القائمة على الأسرّة، الأمر الذي يثير مخاوف من عودة تفشّي عدوى كورونا داخل أجنحة لم تخضع للتدقيق. ومن المحتمل أيضاً أن تحذو مستشفيات أخرى حذوهما مع تفاقم الطلب على الأسرّة لديها.

في غضون ذلك، كشفت مصادر لـ"اندبندنت" أن بعض المستشفيات بدأ التخلّي عن الأجنحة "الحمراء" التي خُصّصت حصراً لمعالجة مرضى "كوفيد"، فيما يدرس البعض الآخر مسألة عدم فصل المرضى في أقسام "الحوادث والطوارئ".

وقد تزايدت ضغوط الطوارئ تدريجاً على المؤسّسات الاستشفائية التابعة لهيئة "أن أتش أس" في الأسابيع الأخيرة، مع إعلان بعضها في مناطق عدّة، عن وقوع حوادث خطيرة بسبب نقص في الأسرّة لديها و"مجموعة ظروف سيّئة" سبّبها قبول مرضى كورونا في ظل غياب الموظّفين عن عملهم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويطالب المشرفون على الرعاية الصحّية الحكومة البريطانية باتّخاذ تدابير جديدة، كوضع كمامات الحماية، وتطبيق قيود على الاختلاط داخل المباني، بهدف المساعدة على حماية قطاع "الخدمات الصحّية الوطنية" من الضغوط "القاسية" على مرافقه.

في ذلك الصدد، وصف أحد الخبراء، هو الدكتور طوم لوتون الطبيب في الرعاية الحرجة الذي يحلّل البيانات المتعلقة بالعدوى الملتقطة داخل المستشفيات، وقف اختبارات كورونا للمرضى في المستشفيات بأنه "مقلق"، وأشار إلى أن "الخدمات الصحّية" ستكون كمَن يسدّ عينه بـ"عصابة" في وقتٍ عادت الإصابات بالفيروس للتغلغل داخل المستشفيات وتسجيل "ارتفاع لم يسبق له مثيل".

لكن عدداً من القيّمين على المستشفيات يرى أن عدم وجود أسرّةٍ لعلاج المرضى ما زال يشكّل الخطر الأكبر. وقد حذّر غلين بيرلي، أحد رؤساء هيئة "أن أتش أس"، من أن نسبة مشكلات السلامة الناجمة عن ضوابط العدوى في المستشفيات "تتخطى الفوائد".

وفي الأسبوع الفائت، كشفت "اندبندنت" عن أن عدد المرضى الذين ينتظرون أكثر من 12 ساعة من لحظة وصولهم إلى أقسام "الحوادث والطوارئ" إلى حين تلقّيهم الرعاية، بلغ متوسّط 1721 في اليوم، فيما كانت سيّارات الإسعاف تستغرق أربع ساعات للوصول إلى مرضى السكتة الدماغية والمشتبه بإصابتهم بأزمة قلبية.

يوم الاثنين الفائت، اتّهم "اتّحاد خدمات الصحّة الوطنية" NHS Confederation الذي يمثّل المستشفيات التابعة للهيئة في إنجلترا، الحكومة بالتوقّف عن الاهتمام بمواجهة عدوى كورونا، و"غسل يديها من المسؤولية".

وردّاً على سؤال عن إمكانية العودة إلى فرض قيود "كوفيد"، أكّد ناطق باسم مقرّ رئاسة الوزراء في "10 داونينغ ستريت" ألا تغيير في التوجيهات المعمول بها في الوقت الراهن، لكن الاتّجاه الذي يسلكه الفيروس سيكون موضع مراقبة من خلال المسح الذي يجريه "المكتب الوطني للإحصاء" Office for National Statistics.

في ذلك الصدد، وصف الدكتور طوم لوتون قرار وقف الاختبارات بأنه "مقلق"، معتبراً أن التستّر بـ"عصابة العين" [بمعنى تجاهل الأمر] لا يشكّل استجابة مبرّرة للمشكلة. وأضاف، "إننا لا نعرف بالتحديد مدى خطورة التقاط عدوى كورونا داخل المستشفيات، لكن الناس يموتون بسببه، ونعلم من دراسات مثل "كوفيد سيرج"  CovidSurg [نموذج قائم على التعلّم الآلي، يتوقع نسبة خطر الوفاة لمرضى "كوفيد" ممن يخضعون لجراحات، خلال شهر من إتمام الجراحة] أن الفيروس يزيد تعرض مرضى الجراحات لمخاطر كتجلّطات الدم والنوبات القلبية.

وتابع، "إذا لم تكن لدينا الموارد اللازمة للسيطرة على العدوى على نحوٍ صحيح، فعلينا في الأقل أن نبذل ما في وسعنا، كإبقاء مرضى "كوفيد" بعيدين من المرضى الآخرين غير المصابين بالفيروس قدر الإمكان. في المقابل، يعني وقف الاختبارات أنه لا يمكننا أن نفعل شيئاً لتخفيض الخطر".

وأشار الطبيب الذي يعمل في الرعاية الحرجة إلى أن مخاطر التقاط العدوى داخل المستشفيات "ما زالت مرتفعة بمثل ما كانت عليه في أيّ وقتٍ مضى". وقد كانت توجد 11936 حالة إصابة محتملة أو مؤكّدة في إنجلترا خلال 28 يوماً حتى الثالث من أبريل الجاري، أيّ ما يشكّل نسبة 23 في المئة من مجموع الحالات المستشفيات.

في سياق موازٍ، نبّه الدكتور كريس غرين أستاذ الطب السريري والطبيب الاستشاري في الأمراض المعدية، إلى أن "تحقيق هذا الأمر على النحو الصحيح، لن يكون سهلاً". وأشار إلى أن الاختبار الإيجابي لا يحدّد متى يكون مريضٌ ما معدياً أم لا، بالتالي فإن التدبير الأكثر أماناً يبقى في عزل جميع المرضى الذين تثبت إصابتهم، علماً أن ذلك "يلقي بعبءٍ إضافي كبير" على كاهل الموارد البشرية في المستشفيات خصوصاً عندما تكون محدودةً في الأساس.

وكذلك رأى أن "هناك حاجةً حقيقية لوضع المرضى تحت إشراف متخصّصين مناسبين في الوقت المناسب، وأيّ شيء يعطّل فاعلية المستشفى في هذا الإطار، إنما يخاطر بزيادة العبء غير المباشر أو التأثير المترتّب عن مرض كوفيد".

ولفت الدكتور غرين أيضاً إلى أن "التوازن سيظل دائماً صعباً بين حماية المرضى من التقاط العدوى داخل المستشفيات، وبين استنفاد مواردنا وطاقتنا وحرمان عددٍ من الأشخاص منها هم في أمسّ الحاجة إليها".

تجدر الإشارة إلى أن التوجيهات الداخلية المتعلّقة بمواجهة عدوى كورونا في مستشفيات "نيوكاسل" التي تمكّنت "اندبندنت" من الاطّلاع عليها، تُظهِر أن تلك المؤسّسات التابعة لـ"أن أتش أس"، لم تعد تجري اختبارات كورونا للمرضى الذين لا تظهر عليهم أعراض لدى دخولهم المستشفى. أما المرضى الذين يحتاجون أن يُنقلوا إلى دور الرعاية، فيجري فحصهم في غضون 48 ساعةً قبل مغادرتهم المستشفى.

وعلل مصدر في "خدمات الصحّة الوطنية" في نيوكاسل ذلك، "واجهتنا مشكلاتٍ كبيرة مع حالات عرضية ظهرت خلال إجراء الاختبارات الروتينية للمرضى المقيمين، أدّت إلى ملء أعدادٍ كبيرة من الأسرّة. لذا اعتُمِد قرار اقتصار إجراء الاختبارات على الحالات الطوارئ المصحوبة بأعراض، إضافة إلى حالات الجراحة الاختيارية".

وأشار إلى أن "الأمور تسودها حال من الفوضى في الوقت الراهن. ويتمثّل التحدّي الحقيقي في عدم وجود إجابات مقنعة تستند إلى أدلّة. وفي ما يبدو أن هذا هو المسار الصحيح الذي يتعيّن اتّباعه، إلا أننا لن نلجأ إليه إذا كانت لدينا أيّ مرونة متبقّية على مستوى عدد الأسرّة أو طاقم الموظّفين".

وكذلك رأى المصدر نفسه أن "مرضى كوفيد العرضيّين هم أقلّ نشراً للعدوى، ويقول المنطق تالياً إن عدم تحديدهم يُبقي الأسرّة متوافرة، ويحدّ من نسبة المخاطر الإجمالية على الجميع. لكن في النهاية لا يمكن توفير علاجات إذا لم تكن لدينا أسرّة".

 

في ذلك الصدد، تنصّ التعليمات المعطاة لفريق العمل الداخلي في "مستشفيات نيوكاسل"، على أن الموظّفين الذين يعتنون بالمرضى عبر "الوسائل الروتينية المعتمدة" لا يحتاجون إلى ارتداء معدّات الوقاية الشخصية المطلوبة للحماية من التقاط العدوى عبر الهباء الجوّي.

في سياق مماثل، انتقلت "مستشفيات يورك" إلى اعتماد الإجراءات نفسها، وتخلّت المؤسّستان كلتاهما عن إجراء اختبارات كورونا للمرضى في اليوم الثالث والخامس والسابع من تاريخ تسجيل دخولهم للاستشفاء.

ورأى أحد كبار المسؤولين الصحيّين في الشمال الشرقي للبلاد، أن خطوة "مستشفى يورك شاير" التخلّي عن إجراء اختباراتٍ للمرضى، كانت "غير آمنة"، بسبب وجود مئات من مرضى "كوفيد" على أسرّة المستشفى.

وتبيّن من تحليل أجراه الدكتور لوتون، أن "مؤسّسة مستشفيات يورك وسكاربورو التعليمية" York and Scarborough Teaching Hospitals Foundation Trust لديها أحد أسوأ معدّلات الإصابة بعدوى "كوفيد" الملتقطة داخل المستشفيات.

وتؤكّد التوجيهات الرسمية لهيئة "خدمات الصحّة الوطنية" التي نُشرت في الخامس من أبريل 2022، على وجوب عرض إجراء اختبار "تفاعل البوليميراز المتسلسل" PCR، على جميع المرضى الذين يعانون من أعراض العدوى، أو الذين ليست لديهم أعراض لكن يكون من المتوجّب إدخالهم بشكلٍ طارئ أو غير مخطّط له إلى المستشفى، ويمكن أن يكون اختبار الـ "بي سي آر" من النوع السريع.

وتضيف التوجيهات أنه يمكن استخدام فحص "التدفّق الجانبي" Lateral Flow داخل أقسام الطوارئ، بوصفه وسيلة في الكشف المبكّر عن المرض.

في إطار متصل، أوضحت سافرون كوردير نائبة الرئيس التنفيذي في منظّمة "أن أتش أس بروفايدرز"  NHS Providers (التي تمثّل جميع مؤسّسات الاستشفاء والإسعاف التابعة لـ"الخدمات الصحّية الوطنية" في إنجلترا)، في بيان نقلته إلى "اندبندنت" أن "مستشفيات "هيئة الخدمات الصحّية الوطنية" في مختلف أنحاء إنجلترا ترزح تحت ضغوط هائلة، مع تواصل ارتفاع عدد الأشخاص المصابين بعدوى كوفيد داخل تلك المستشفيات. إنّ "خدمات الصحة الوطنية" ما زالت بحاجة إلى اعتماد إجراءات مناسبة لمكافحة العدوى، من بينها فصل مرضى كورونا عن المرضى الآخرين غير المصابين بالعدوى، وفعل كل ما هو ممكن من أجل إبقاء معدّلات التقاط العدوى داخل المستشفيات، منخفضة".

وأضافت كوردير، "إن تخفيض إجراءات مكافحة العدوى يمكن أن يساعد المستشفيات بشكل كبير في التعامل مع الضغوط المتزايدة. وفي الوقت نفسه، تعمل المستشفيات على معالجة تراكمات الرعاية الصحّية، إضافةً إلى الطلبات المتزايدة على الاستشفاء، لكن نظراً إلى استمرار المخاطر المترتّبة عن مرض "كوفيد – 19" والحاجة إلى حماية المرضى والموظّفين والزائرين، يتعيّن على المستشفيات أن تجري توازناً دقيقاً للغاية في هذا الإطار".

في تطور متصل، أعربت "مستشفيات يوركشير وسكاربورو التعليمية" عن تأييدها "اتّباع نهج مستند إلى تقييم المخاطر في إطار توجيهات "التعايش مع كوفيد" التي تطبّقها المؤسّسة، بالتعاون مع فريق الوقاية من العدوى الإقليمي في "هيئة الخدمات الصحّية الوطنية في إنجلترا"و"أن أتش أس إيمبروفمنت" (هيئة عامة تنفيذية تشرف على مستشفيات "الخدمات الصحّية الوطنية" وعلى مقدّمي الرعاية المستقلين)، استجابة للوضع الحرج الراهن. وستجري مراجعة هذا النهج على بانتظام، وخفضه عند الاقتضاء".

كذلك أوضح متحدّث باسم "مستشفى نيو كاسل أبون تاين" إن "الحفاظ على سلامة مرضانا وموظّفينا يشكّل أولى أولوياتنا. إن أيّ تغييرات في مسارات المريض واختبارات كورونا، يجب أن تأخذ في الاعتبار الإرشادات الوطنية وتقييماتنا الداخلية الشاملة للمخاطر".

وخلص المتحدث إلى التذكير بأن "توجيهات "منع انتشار العدوى ومكافحتها" Infection Prevention and Control التي نطبّقها تخضع للمراجعة بانتظام، وتُجرى تغييرات عند الضرورة. وقد بقيت معدّلات التقاط العدوى داخل المستشفى منخفضةً طيلة فترة الوباء".

 

نشر في "اندبندنت" بتاريخ 12 أبريل 2022

© The Independent

المزيد من صحة