Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

 دور رعاية المسنين في بريطانيا تحت وطأة كورونا المخيفة

يقول أحد الممرضين "واجهنا ضغطاً مستمراً لاستقبال مصابين بكوفيد-19"

دور الرعاية في بريطانيا لم تتلقَّ الدعم في ذروة أزمة كورونا" (غيتي)

كشفت دراسة بارزة صدرت حديثاً، أنّ ضغطاً "مستمرّاً" مُورِسَ على دُور رعاية المسنين في المملكة المتحدة، كي تستقبل مرضىً مصابين بفيروس كورونا، فيما واظبت مستشفيات بريطانية، وكذلك أطباء عامون، على رفض تقديم العلاج لمقيمين في هذه الدور في ذروة أزمة "كوفيد".

وذكر "معهد كوينز للتمريض"  Queen’s Nursing Institute أنّ "دور الرعاية تلك أُبلغت بأنّ المستشفيات تتبع سياسات "عدم قبول" شاملة خلال شهري أبريل (نيسان)، ومايو (أيار) الماضيين، بينما فرض الأطباء العامون والمديرون المحليون (في القطاع الطبي)، أوامر مخالفة للقانون تطلب عدم الشروع في إنعاش النزلاء عند الوصول إلى مرحلة صحية حرجة.

 جاءت هذه النتائج  في سياق دراسة استطلاعية شملت 163 ممرضاً ومديراً في دور لرعاية المسنين في المملكة المتحدة، وأجراها "معهد كوينز للتمريض"، وهو مؤسسة التمريض الخيرية الأقدم في العالم.

يُذكر أن الدراسة التي تمت في الفترة الممتدة بين مايو ويونيو (حزيران) من العام الحالي، قدّمت قاعدة أدلة عن التأثير الذي يخلّفه فيروس "كورونا" في قطاع دور الرعاية البريطانيّ، تُضاف إلى الأرقام الرسمية التي تبيِّن معدلات الوفيات في تلك المرافق.

وجدت الدراسة أنّ 70 دار رعاية، أي ما نسبته 43 في المئة من هذه المؤسسات في أنحاء البلاد، استقبلت مرضى أُخرجوا من المستشفيات، ولم يخضعوا لاختبارات الكشف عن كوفيد- 19، وذلك خلال شهري مارس (أذار) وأبريل الماضيين.

وقال 20 في المئة من دور الرعاية، إنّها استقبلت مريضاً من المستشفى يحمل فيروس كورونا بحسب الفحوص الطبية التي جاءت نتيجتها موجبة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في هذا السياق، قال أحد الممرضين إنّهم كانوا يتعرّضون "لضغط مستمرّ بغية استقبال أشخاص مصابين بفيروس كوفيد"، فيما ذكر ممرض آخر "أجبرنا قطاع رعاية الحالات الخطيرة على القبول بدخول أشخاص لم يخضعوا للاختبار (كورونا). ربما كان الأسبوعان اللذان شهدا وفيات يومية خلال تفشي الداء، الأسبوعان الأسوأ في مسيرتي التمريضية التي تمتدّ 35 عاماً".

في إحدى الحالات، أُخرج من المستشفى مريض يكابد مضاعفات خطيرة من ذوي الاحتياجات المعقدة، مع أنّ دار الرعاية حذرت من كونها غير قادرة على الاعتناء به. ولكن بغض النظر عن ذلك، أرسله المستشفى إلى الدار في سيارة إسعاف.

وقالت واحدة من كل أربع دور رعاية، إنّها واجهت صعوبة في توفير العلاج لمرضاها في المستشفى، بينما ذكر ثلثها أنه واجه مشاكل في الوصول إلى مساعدة من الأطباء العامين GP والممرضيين المجتمعيّين district nurses في المناطق.

كذلك تحدّث الموظفون عن الأضرار التي لحقت بصحتهم العقلية والبدنية نتيجة عبء العمل، مع شعور بعضهم بأنّهم مُهمَلون ومُهمَّشون من جانب مؤسسات النظام الصحي الأخرى.

وعلى الرغم من أنّ ثلثي العاملين في دور الرعاية توفّرت لديهم دائماً، وفق قولهم، الألبسة الوقائية كأقنعة الوجهة والمآزر الطبية، لم يحصل آخرون على لوازم الحماية المناسبة، وأفاد بعضهم بأنهم اشتروا ألبستهم الوقائية الخاصة، أو صنعوها بأنفسهم.

وكشف الموظَّفون الذين أجابوا عن أسئلة الاستطلاع عن استخدام الأمر الشامل بعدم الإنعاش، أو ما يُعرف اختصاراً بـDNAR ، من جانب الأطباء العامين والمستشفيات والمديرين لدى "خدمة الصحة الوطنية" NHS.

في هذا الصدد، قال أحد الممرضين "طُلب منا تغيير حالة جميع المقيمين لدينا، كي لا يُصار إلى إنعاشهم، أو إلى إرسالهم إلى المستشفى. فرفضنا ذلك".

وأضاف آخر "جميع النزلاء الذين يُشتبه بأنهم يعانون من كوفيد-19، أو الذين تأكدت إصابتهم بالفيروس شملهم تلقائياً قرار "عدم الإنعاش"، ووضعت لهم خطط رعاية صحية طارئة كي يبقوا في الدار".

وقال ممرّض آخر إنّهم اعترضوا على تعليمات أصدرها مديرون محليون في خدمة الصحة الوطنية بشأن فرض عدم الإنعاش على جميع النزلاء باعتبارها تعليمات "غير أخلاقية".

بصورة إجمالية، أوردت 16 من دور الرعاية أمثلةً على سوء رعاية المقيمين في مرحلة الاحتضار، وأبلغ أربعة أخماس الممرضين عن تجارب عمل سيئة خلال الجائحة، وذكر أكثر من نصفهم، تحديداً 56 في المئة، أنّ صحتهم الجسدية والعقلية قد تضرّرت.

في هذا السياق، قالت البروفيسورة أليسون ليري، الباحثة التي أعدّت الدراسة، "يبدو جلياً من هذا الاستطلاع أنّ القوى العاملة في دور الرعاية واجهت مشاكل شديدة الصعوبة. شعر كثيرون بأنّهم غير مدعومين، وتأثّرت عافيتهم. نحن بحاجة إلى دعم هذه القوة العاملة لمواجهة التحديات المقبلة".

أما كريستال أولدمان، الرئيسة التنفيذية في "معهد كوينز للتمريض"، فرأت أن نتائج المسح ونقص الدعم والوصول إلى الخدمات الصحية تمثِّل "رموزاً" حول الكيفية التي ينظر بها العاملون في "إن إتش إس"، والحكومة البريطانية إلى قطاع دور الرعاية في البلاد.

وأضافت أولدمان أن "الرعاية التي توفِّرها الدار تكون في بعض الأحيان مكثفة على غرار الرعاية المعتمدة في المستشفى، لا سيما بالنسبة إلى مرحلة الاحتضار، وهو عمل يتطلّب مهارات عالية".

وأعربت عن قلقها لرؤية دور الرعاية تلاقي الأمرين كي تستفيد من خدمات التمريض المجتمعيّ في المناطق، والأطباء العامين والمستشفيات.

وذكرت أولدمان "فوجئنا حقاً بذلك. في الحقيقة، تلك الخدمات الصحية شاملة. ويخالف ذلك (عدم تقديم الخدمات لدور الرعاية) تماماً الحلقة الوقائية حول دور الرعاية التي جرت نقاشات بشأنها في ذلك الوقت".

ولفتت إلى أنه مع اقتراب فصل الشتاء، من المهم الآن أن يشارك قطاع دور الرعاية في التخطيط (لمواجهة الوباء) قبل وصول أيّة موجة ثانية من فيروس كورونا.

واعتبرت أولدمان أنه "يجب أن تكون هذه الدور شريكة على قدم المساواة، فاعلة لا تكتفي بدور المتلقي، أو التابع، وغير متروكة لوحدها... وإذا تمخّض ما مررنا به عن أية فائدة، فهي أنّه ينبغي ألا يُنظر إلى دور الرعاية بهذه الطريقة مرة أخرى. إنها مشكلة الجميع".

تسبّب كوفيد-19 في الفترة بين 2 مارس، و12 يونيو، بواحدة من بين كل ثلاث وفيات بين نزلاء دور الرعاية (29.3 في المئة)، علماً أن نتيجة فحوص "كورونا" بالنسبة إلى 19 ألفاً و394 شخصاً من المتوفين كانت موجبة، طبقاً لأحدث البيانات الصادرة عن "مكتب الإحصاءات الوطنية".

وقعت غالبية تلك الوفيات ضمن محيط دور الرعاية، إذ شهدت تلك المرافق (74.9 في المئة) منها، مقارنة بـ24.8 في المئة من الوفيات التي سُجلت في المستشفيات.

وخلال تلك الفترة، بات الفيروس السبب الرئيس للوفاة بين النزلاء الذكور في دور الرعاية، والسبب الثاني بين المقيمات النساء بعد الخرف وآلزهايمر.

"كانوا يفارقون الحياة ولم نقوَ على فعل أي شيء"

 قالت أنيتا أستل، التي تتولى منصب المدير العام في دار رعاية "ورين هول" في مدينة نوتنغهام، لصحيفة "اندبندنت"، إنّ موظفيها أجبروا على العمل من دون أيّ دعم من النظام الصحيّ الواسع، وأوضحت أنهم شعروا بـ"اليأس" إذ توفي قرابة 20 شخصاً من نزلاء الدار بسبب الفيروس.

وأشارت الممرضة التي تتمتع بثلاثين عاماً من الخبرة إلى أن "فهم مدى شدة المرض الذي يعاني منه الأشخاص وخطورته كان غائباً تماماً، بالإضافة إلى الضغط النفسي والجسدي الملقى على عاتق الموظفين... كنا نفقد أشخاصاً يهمنا أمرهم، أشخاصاً كانوا جزءاً من عائلتنا. كانوا يموتون، ولم يكن بوسعنا فعل شيء حيال ذلك".

في المجمل، توفي 23 شخصاً نتيجة فيروس كورونا، بينهم 13 مقيماً في الدار منذ فترة طويلة، و10 نزلاء (جدد) أدخلوا إليها وهم مصابون بـكوفيد-19.

وقالت أستيل "كانت أصعب فترة في مسيرتي المهنية"، مضيفة "كنت محطمة في أصعب مرحلة من حياتي".

وفي معرض إشارتها إلى أحد الأمثلة حول الضغط الذي واجهته الدار، وصفت أستيل كيف أُخرج مصاب بكوفيد-19، كان قد خضع لثقب قصبته الهوائية، من المستشفى إلى الدار في بداية مايو، على الرغم من افتقار الدار إلى معدات الحماية لتقديم الرعاية اللازمة له.

وأوضحت "أخبرت المستشفى أنّنا لا نملك المعدات اللازمة لرعايته بشكل مناسب في الصباح، ويجدر بهم تأجيل النقل...، ولكن علمنا بعد ذلك أنّه كان في طريقه إلى الدار في سيارة إسعاف. واجهت كل دار رعاية الضغط لاستقبال المرضى. هذا ما قيل لنا".

ولفتت إلى أنهم استغرقوا سبعة أسابيع حتى تمكنوا من الحصول على أقنعة وجه ذات كفاءة أكيدة من أجل سلامة الموظفين. وذكرت "لم نحظَ بالدعم المناسب حتى نهاية مايو."

وحذرت أستيل من أنه بينما تستعد البلاد لحلول الشتاء وارتفاع خطر الإصابة بالإنفلونزا وكوفيد-19، "نحن بحاجة إلى الاعتراف بأن التمريض في دار رعاية المسنين يُعدّ تخصصاً في حد ذاته. إنه نوع معقد من الرعاية. يميل الناس إلى الاعتقاد بأنه ليس سوى تنظيف مؤخرات، بيد أنّه أهم من ذلك بكثير... ينبغي استخلاص الدروس، ولكن لا أعتقد أن هذا قد تحقّق. بدلاً من ذلك، يبدو أن هناك كثيراً من اللوم".

© The Independent

المزيد من صحة