Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مركب في الفطر السحري "يعيد برمجة أدمغة مرضى الاكتئاب"

يوفر "السيلوسيبين" علاجاً للاضطرابات النفسية "التي تتميز بأنماط تفكير سلبية ومتكررة"

عالم يزن "السيلوسيبين" في الفطر السحري. أظهر بحث جديد أن المركب ينطوي على إمكانات علاجية للمصابين بالاكتئاب (غيتي)

تبين أن في المستطاع استخدام "السيلوسيبين"Psilocybin ، علماً أنه مركب يتسبب بالهلوسة موجود في نوع من الفطر يسمى "الفطر السحري" magic mushrooms، في علاج الاكتئاب، وذلك بعدما أفضت تجارب جديدة على بشر إلى "تقدم واعد" من شأنه أن يقدم المساعدة للمرضى، حيث ربما لا تجدي العلاجات التقليدية نفعاً.

ذكر علماء في "إمبريال كوليدج لندن"Imperial College London  أن دراستهم هذه تشير إلى أن المركب ["السيلوسيبين"] "يتيح" الاتصال بين أجزاء مختلفة من الدماغ، ويعمل علاجياً على التخفيف من الاكتئاب. كذلك قالوا إن من شأنه أن يوفر علاجاً لحالات نفسية أخرى تتميز بأنماط تفكير جامدة ومقيدة [سوداوية].

قال الباحثون، إن "السيلوسيبين" واحد من أدوية عدة تتسبب بالهلوسة يخضع للدراسة كعلاج محتمل للاضطرابات النفسية.

تذكيراً، نهضت  دراسات عدة بتجارب على شكل مركب من الدواء من أجل علاج المرضى المصابين بالاكتئاب والقلق، وقد حققت نتائج واعدة.

وكشفت النتائج الأحدث، المستقاة من دراستين مشتركتين، عن زيادة في ترابط الدماغ ليس أثناء العلاج فحسب، بل حتى لثلاثة أسابيع لاحقة، وذلك لدى الأشخاص الذين استجابوا للعلاج بمساعدة "السيلوسيبين".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ارتبط تأثير "إتاحة" [الاتصال بين أجزاء مختلفة من الدماغ]  بتراجع في الاكتئاب أشار إليها المرضى بأنفسهم.

ولكن لم تظهر تغيرات مماثلة في ترابط الدماغ لدى من عولجوا بعقار عادي مضاد للاكتئاب (يسمى "إسيتالوبرام" escitalopram)، ما يشير إلى أن مادة ["السيلوسيبين"] المسببة للهلوسة تعمل بشكل مختلف في علاج الاكتئاب.

كبير الباحثين الذين تولوا الورقة البحثية، البروفيسور روبن كارهارت-هاريس، الرئيس السابق لـ"مركز بحوث الهلوسة" في "إمبريال كوليدج لندن"، ومقره الآن في "جامعة كاليفورنيا" في سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة، قال، "إن التأثير الملحوظ لاستعمال "السيلوسيبين" يبدو متوافقاً في دراستين مرتبطتين بمرضى يختبرون تحسناً في حالتهم النفسية، ولم يتحقق ذلك باستخدام مضادات الاكتئاب التقليدية".

"في دراسات سابقة، شاهدنا تأثيراً مشابهاً في الدماغ لدى الأشخاص عندما خضعوا للفحوص خلال تعاطيهم عقاراً يترك شعوراً بالهلوسة، لكننا هنا [في التجرية الجديدة] نلاحظ [هذا التأثير] بعد أسابيع فقط من الخضوع لعلاج الاكتئاب، ما يشير إلى "استمرارية" "التأثير البالغ [والفعال] للدواء"، أضاف البروفيسور كارهارت-هاريس.

في الدراسة الأخيرة، قام فريق بقيادة "مركز بحوث الهلوسة" في "إمبريال كوليدج لندن" بتحليل نتائج عمليات التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي للدماغ لنحو 60 مشاركاً يكابدون الاكتئاب المقاوم للعلاج، الذين شاركوا في تجربتين. في التجربة الأولى، تناول جميع المشاركين مادة "السيلوسيبين".

في التجربة الثانية، ومن دون أن يعلموا أياً من العقارين قد تناولوا، أُعطي المشاركون "السيلوسيبين" أو دواء وهمياً تبين أنه "إسكيتالوبرام"، وهو مضاد للاكتئاب يندرج ضمن فئة من المركبات تعرف اختصاراً بـ"أس أس آر أي" SSRI ("مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية" selective serotonin reuptake inhibitor).

إضافة إلى العقارين، حضر جميع المشاركين جلسات علاجية تحدثوا خلالها إلى خبراء معتمدين في الصحة النفسية والعقلية، وخضعوا في مرحلة سابقة لمسوح دماغية، ثم بعد يوم أو ثلاثة أسابيع تلقوا علاجاً بمادة "السيلوسيبين".

وجدت التجربتان كلتاهما أوجه تحسن لدى المشاركين باعتماد "السيلوسيبين"، بحسبما تبين من عمليات قياس درجات التحسن لدى المشاركين في استبيانات سريرية.

أظهرت عمليات التصوير [بالرنين المغناطيسي الوظيفي للدماغ]، التي خضع لها المشاركون قبل العلاج وبعده، أن العلاج بمادة "السيلوسيبين" أدى إلى خفض عدد الروابط داخل مناطق الدماغ المتصلة جداً بالاكتئاب، فيما زاد الراوبط بمناطق أخرى من الدماغ لم تتحد بشكل جيد، وتبدو معزولة بشكل أكبر لدى مرضى الاكتئاب.

في التجربتين كلتيهما، وجد العلماء علاقة بين تأثير ["السيلوسيبين"] من جهة، وتراجع حدة الأعراض من جهة أخرى، وفي حين اختلفت قوة التأثير ومدته الزمنية باختلاف المشاركين، كان التأثير أقوى في صفوف الذين أبلغوا عن تحسن في الأعراض.

قال البروفيسور كارهارت هاريس: "لا نعرف بعد إلى متى تستمر التغيرات في نشاط الدماغ التي لوحظت مع العلاج بـ"السيلوسيبين"، ويلزمنا إجراء بحوث إضافية لمعرفة ذلك. نعلم أن بعض الناس يتعرضون لانتكاسة بعد العلاج، وربما بعد فترة تعود أدمغتهم إلى أنماط النشاط الجامدة التي نشهدها في حالات الاكتئاب".

ولكن الباحثين نبهوا إلى أنه على الرغم من النتائج التي توصلوا إليها مشجعة، غير أن التجربتين أجريتا في ظروف سريرية مُحكمة [تخضع للإشراف والمقارنة البحثية]، باستخدام جرعات منتظمة من "السيلوسيبين" أعدها [خبراء] في المختبر، وقد اشتملتا على دعم نفسي مكثف قبل وأثناء تلقي الجرعات وبعدها، اضطلع به متخصصون في الصحة العقلية والنفسية.

ووجه الباحثون نصيحة إلى المرضى المصابين بالاكتئاب بعدم اللجوء إلى استخدام "السيلوسيبين" بأنفسهم من أجل العلاج، لأن تناول "الفطر السحري" أو "السيلوسيبين" في ظل غياب تلك الإجراءات الوقائية ربما لا يعطي نتائج إيجابية.

في تعقيبه على الدراسة، قال البروفيسور ديفيد نات، رئيس "مركز بحوث الهلوسة" في "إمبريال كوليدج لندن"، إن "هذه النتائج مهمة لأننا وجدنا للمرة الأولى أن "السيلوسيبين" يعمل بشكل مختلف عن مضادات الاكتئاب التقليدية، ما يجعل الدماغ أكثر مرونة وسلاسة، وأقل عرضة لسيطرة أنماط التفكير السلبي [السوداوي] المرتبطة بالاكتئاب. يدعم ذلك توقعاتنا الأولية، ويؤكد أن من شأن "السيلوسيبين" أن يشكل اتجاهاً بديلاً حقيقياً لعلاجات الاكتئاب".

وأضاف البروفيسور كارهارت هاريس أن "أحد الآثار المثيرة للاهتمام المترتبة عن نتائجنا أننا اكتشفنا آلية أساسية لا يعمل من خلالها العلاج المخدر ضد الاكتئاب فحسب، بل ضد الأمراض العقلية والنفسية الأخرى، مثل فقدان الشهية أو الإدمان. علينا الآن إجراء تجارب أخرى لنعرف ما إذا كان الأمر صحيحاً، وإذا تبينت صوابيته، عندئذ نكون قد وجدنا شيئاً [علاجاً] مهماً".

والجدير بالذكر أن البحث نشر في مجلة "نيتشر ميدسين" Nature Medicine.

© The Independent

المزيد من صحة