Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بوريس جونسون أضاع فرصة ذهبية لتجديد العلاقات بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي

من المرجح أن الكتلة القارية، البر الأوروبي، أرادت دعوته إلى قمتها لكن مقارنته حرب أوكرانيا ببريكست ألغت تلك الخطوة

وصفه أحد الديبلوماسيين الأوروبين بأنه "فظ وهجومي"، مشيراً إلى أن أوكرانيا ترغب في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وليس مغادرته (غيتي)

أضاع بوريس جونسون فرصة ذهبية لإعادة إحياء العلاقات بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي. ففي الواقع، كان من الممكن أن يكون موجوداً على الطاولة عندما حضر جو بايدن قمة الاتحاد الأوروبي يوم الخميس، وأن يسلَّط الضوء عليه هو أيضاً عندما وحّدت دول الغرب موقفها حيال أوكرانيا.

وفي ذلك الإطار، علمت من مصدر مطلع داخل الاتحاد الأوروبي بأن رئيس الوزراء كان "على الأرجح" مدعواً إلى قمة الاتحاد الأوروبي، وأن "دعوته إلى القمة كانت حتماً موضع نقاش"، إلى أن تسبب بنفسه بإلغاء الدعوة نهاية الأسبوع الماضي عندما قارن، وبحماقة، معاناة الشعب الأوكراني بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وقد أثار ذلك غضب قادة الاتحاد الأوروبي، الذين ألغوا خطط دعوته. وقد اعتبر أحد الدبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي أنّ ذلك "فظ ومهين"، مشيراً إلى أن أوكرانيا تريد الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وليس مغادرته. وفي سياق متّصل، سأل بيترو بوروشينكو، رئيس أوكرانيا السابق "كم بلغ عدد المواطنين الذين ماتوا بسبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي"؟.

في بروكسل يوم الخميس، حيث حضر جونسون اجتماعات الناتو ومجموعة السبع، رفض جونسون الاعتذار، مبرراً أن ملاحظته حول اختيار الشعبين البريطاني والأوكراني "الحرية في كل مرة" قد "أسيء تفسيرها بشدة"، على الرغم من أن مساعديه يعترفون سراً أنها كانت هفوة [في غير محلها].

في الحقيقة، كان من الممكن أن تكون تلك اللحظة هي اللحظة المثالية لتحسين العلاقة المشحونة بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي منذ استفتاء عام 2016. في الوقت الذي تثني أوكرانيا على جونسون لأنه يرسل الأسلحة لها، وينظر إليه الكرملين على أنه "أكثر المشاركين نشاطاً في سباق معاداة روسيا"، كان حضور قمة الاتحاد الأوروبي وبايدن سيعزز بريطانيا العالمية (Global Britain) على المسرح العالمي. إضافة إلى ذلك، كان من الممكن أن يرفرف علم المملكة المتحدة جنباً إلى جنب مع علم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في بروكسل، مانحاً المملكة المتحدة دوراً محورياً في تحالف قوي.

بدلاً من ذلك، للحظة عابرة، بينما كان قادة الناتو ينتظرون التقاط الصور التذكارية، فُضحت عزلة جونسون غير المستحبّة. وأوحى مظهره بأنّه شخصية مستوحدة مؤقتاً، يداه في جَيبي سترته وبالطبع، ليس لديه أحد يتحدّث معه. في الواقع، لم يكن الأمر بالسوء الذي بدا على الكاميرا، إذ تصافح مع بايدن وإيمانويل ماكرون.

والجدير بالذكر أنّ حضور جونسون اجتماع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة كان سيساعده في الضغط وراء الكواليس لكي يوفّر حلف الناتو لأوكرانيا مزيداً من المساعدة العسكرية (بما في ذلك الدبابات والمركبات المدرعة الأخرى) وهي خطوة عارضها ماكرون الذي يخشى أن يؤدي ذلك إلى تصعيد روسي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وباعتبار المملكة المتحدة المنفق الأكبر على الدفاع في أوروبا (على الأقل حتى تتفوق عليها ألمانيا)، فمن الواضح أنها يجب أن تكون "في الغرفة" عندما يجري تعزيز التعاون الأمني من أجل مكافحة التهديد الجديد من روسيا. والمحافظون المنطقيون يفهمون ذلك. 

في الحقيقة، يرغب في ذلك معظم قادة الاتحاد الأوروبي، على الرغم من أن الدبلوماسيين يقولون إن فورة جونسون الأخيرة ذكّرتهم بأنه "غير جدير بالثقة" و"غير جدّي"، وهي صورة لا يريد أن ينقلها إلى الجمهور المحلي بعد فضيحة "بارتي غيت".

بالنسبة إلى الناخبين في داخل الوطن، لم يكن إصلاح العلاقات مع الاتحاد الأوروبي فيما تُظهر الكتلة صلابة ووحدة مثيرتين للإعجاب ضد فلاديمير بوتين (على الرغم من أن انقسامات الاتحاد الأوروبي بشأن إنهاء واردات النفط والغاز الروسية بدأت تظهر للعلن) أمراً مستغرباً أو دليل ضعف. قد يفضل جونسون التظاهر بعدم وجود مؤسسات الاتحاد الأوروبي والتعامل مع الدول الأعضاء بشكل ثنائي، بيد أنّ الاتحاد الأوروبي لاعب كبير في هذا الصراع، وفق ما تبيّن من الاتفاق الحالي بينه وبين الولايات المتحدة بشأن استيراد الغاز الطبيعي المسال.

وتجدر الإشارة إلى أنّ عادة [آفة] جونسون الأخيرة المتجسدة بالتفوه بالحماقات قد لا تظهر أنه لا يستطيع التغير فحسب بل أنّه لا يريد ذلك، إذ إنّ ملاحظته لم تكن مرتجلة بل أتت في خطاب مكتوب مسبقاً أمام نشطاء القاعدة الشعبية التابعة لحزب المحافظين، وهي مجموعة مؤيدة بشدة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والتي يحتاج جونسون (جنباً إلى جنب مع نوابه) إلى دعمها للاحتفاظ بوظيفته. وعلى الرغم من أن مساعديه أشاروا إلى أنه سيقبل دعوة من الاتحاد الأوروبي، فربما لم يكن يريد حقاً الانضمام إلى أولئك الذين يعتبرهم شريرين من دون أي مبرر.

في الواقع، تذكّرُنا أحداث هذا الأسبوع بأن جونسون لا يريد أن يمضي قدماً وينتقل إلى موضوع غير البريكست. يا لها من مفارقة: هو لا يريد "إنجاز" بريكست وطي صفحته، على الرغم من فوزه في الانتخابات على هذا الأساس. بل يريد تذكير الناخبين بأكبر نجاح له من خلال جعله قضية في الانتخابات العامة في عام 2024؛ وهو يعتقد أنها نقطة ضعف كير ستارمر لأنه أيّد استفتاء "الكلمة الفصل" بشأن اتفاقية بريكست ويعرف أن مؤيّدي بقاء المملكة المتّحدة في الكتلة الأوروبية التابعين لحزب العمال يضايقونه لكشف العيوب الواضحة في الصفقة.

إذاً، حتى عندما كان ينبغي على جونسون أن يعطي الأولوية الأساسية للوحدة ضد روسيا في حرب حقيقية فهو لم يتخل عن فكرة إشعال حرب تجارية مع الاتحاد الأوروبي ضارة للطرفين من خلال تعليق بروتوكول إيرلندا الشمالية كلياً أو جزئياً. وفي ذلك السياق، دقّ ريشي سوناك وليز تروس ناقوس الخطر بشأن تلك المسألة أيضاً في الأيام الأخيرة، حتى لا يتفوق أي منهما على الآخر في عيون نواب حزب المحافظين.

مع تحميل الحكومة حتماً مسؤولية أزمة غلاء المعيشة بعد إجابة سوناك غير المناسبة في بيان ربيع الأربعاء، فإن خلافات تجارية إضافية مع أكبر سوق في المملكة المتحدة ستكون ثمناً باهظاً يجب دفعه سياسياً واقتصادياً. حتى في دوائر الجدار الأحمر الانتخابية، سيكون الناخبون بالتأكيد قلقين بشأن مستويات معيشتهم وما إذا كان جونسون قد "تطور" [تغيّر وتحسّن] بحلول عام 2024، أكثر من قلقهم بشأن التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي الذي جرى قبل ثماني سنوات.

في ما يخصّ العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، يجب على جونسون التوقف عن التصرف بدافع الغضب والقيام بأشياء لإيذاء الغير فتكون النتيجة إيذاء نفسه.

نشر في "اندبندنت" بتاريخ 25 مارس 2022

© The Independent

المزيد من تحلیل