Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عقوبات بريطانيا بالكاد ستؤثر في بوتين عكس ما يدعيه بوريس جونسون

خبير جرائم مالية يرى أن النقص المروع في تمويل أجهزة مكافحة الجريمة أضعف قدرتنا على التصدي للعدوان الروسي

   (أسوشيتدبرس) ناتالي سيفريوكوفا تقف مصدومة بجوار منزلها عقب هجوم صاروخي في مدينة كييف، أوكرانيا، يوم الجمعة 25 فبراير 2022

 

أوضح عدد من الخبراء أن الثغرات الهائلة في العقوبات المالية والمستويات المروعة لنقص التمويل الذي تعانيه أجهزة مكافحة الجريمة في بريطانيا قد تتسبب في تقويض قدرة المملكة المتحدة على التصدي لفلاديمير بوتين. 

وفي حديثهم مع "اندبندنت"، أشار محامون إلى أن الحزمة الجديدة من العقوبات التي جرى الإعلان عنها يوم الخميس الماضي رداً على غزو موسكو لأوكرانيا لن يكون لها أي فعالية وستكون رمزية إلى حد كبير، على الرغم من مزاعم بوريس جونسون بأن الإجراءات الجديدة من شأنها أن تعرقل اقتصاد روسيا.

وكشف رئيس الوزراء عما سماه "حزمة هائلة من العقوبات الاقتصادية التي من شأنها أن تحد بشكل جماعي من الاعتماد على النفط والغاز الروسي، وعزل روسيا عن الاقتصاد العالمي".

فقد أعلن جونسون عن تجميد أصول 100 شركة، بما في ذلك البنك الروسي "في تي بي" VTB، وفرض حظر على الشركات الحكومية والخاصة الروسية ومنعها من جمع الأموال في المملكة المتحدة، وكذلك أعلن إنشاء وحدة للتصدي للحكومات الفاسدة ضمن "الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة" بهدف قمع الأصول الفاسدة المخبأة في المملكة المتحدة.

في المقابل، أبدى النقاد شكوكاً إزاء الإجراءات الأخيرة، إذ تحدث جوناثان فيشر كيو سي من مكتب "برايت لاين" القانوني عن أن العقوبات لن يكون لها أي وقع يذكر، ولن تردع الرئيس بوتين الذي شن غزواً كاملاً على أوكرانيا صباح يوم الخميس الماضي.

وأضاف السيد فيشر، "يجب أن نكون واقعيين في شأن فاعلية هذه الإجراءات، وعلى الرغم من أنها مزعجة لكني أشك بالأحرى في أن تكون كافية لإحداث أي تغيير في النتائج". وأعرب عن اعتقاده بإن دائرة الـ "أوليغارشيا" الثرية المحيطة ببوتين لن تتعرض لأضرار جسيمة جراء فرض عقوبات شخصية على أشخاصها، ولاحظ أنه "بدلاً من قضاء العطلة في مالطا سوف يضطرون إلى البقاء في البحر الأسود قليلاً على متن قواربهم، فذلك الإجراء لن يسدد لهم ضربة قاضية على النحو الذي يريده الغرب".

وكذلك ذكر الخبراء بأن الحزم السابقة من العقوبات لم تحقق النتائج المرجوة إلا في عدد قليل من الحالات، كتلك التي أصابت نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا. وثمة عقوبات سارية منذ سنوات في منازعات مع بلدان أخرى مثل إيران، لكن لم يكن لها سوى أثر ضئيل نسبياً في تحقيق أهدافها.

وبحسب السيد فيشر، "لا أعتقد أن ذلك يكفي لإقناع نظام استبدادي بتغيير مساره".

ويتفق جيسون هنغرفورد الشريك في شركة "ماير براون"، مع ما ورد آنفاً. ويضيف، "هناك كثير من الأدوات الجزائية المتاحة ضمن حزمة العقوبات، لكن المشكلة الآن تكمن في الجرم الذي ارتكبته روسيا. لن يؤدي أي نوع من العقوبات إلى تغيير مسار الدبابات في مستقبل قريب".

وأشار إلى أن روسيا تتمتع باقتصاد كبير نسبياً يسمح لها بالصمود جراء العقوبات، لبعض الوقت.

كذلك تتمثل إحدى المخاوف الرئيسة في أن بعض البلدان قوضت وأضعفت هذه العقوبات في الماضي وباتت مستعدة لتجاهلها. وأشار خبراء إلى صداقة روسيا المتنامية مع الصين، إذ يعتقد كثيرون أن ذلك ليس من قبيل المصادفة أن يلتقي بوتين في الآونة الأخيرة برئيس الوزراء الصيني شي جينبينغ الذي يرجح أن يكون مشترياً راغباً في شراء السلع الروسية في وقت تمارس فيه أوروبا ضغوطاً على روسيا.

وفي سياق متصل، أعرب نشطاء عن مخاوفهم بشأن الثغرات في الخطط الرامية إلى استهداف الدائرة الداخلية المؤيدة للسيد بوتين.

وحتى الآن، لم تشارك سويسرا التي حولتها قوانينها المتعلقة بالسرية المصرفية إلى الوجهة المفضلة لثروات القلة الروسية لفترة طويلة، في أي من حزم العقوبات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وساعدت شركات المحاماة والمحاسبين التي تتخذ من لندن مقراً لها، الأثرياء الروس الذين يرتبط بعضهم بالكرملين، في حماية ثرواتهم في صناديق استئمانية مجهولة الهوية، وشركات وممتلكات وهمية.

ويسجل جزء كبير من هذه الثروة في تحت تشريعات قضائية تلتزم بالسرية على غرار تلك السارية في "جيرسي" و"جزر فيرجن" البريطانية التي توفر مقداراً كبير من التستر والسرية للهوية، بحيث من الصعب ربط الأصول بمالكيها الحقيقيين.

ولقد حددت "منظمة الشفافية الدولية" ما لا يقل عن 1.5 مليار جنيه استرليني عبارة عن قيمة ممتلكات بريطانية يملكها روس متهمون بارتكاب جرائم مالية أو تربطهم صلات بالكرملين، ومن شبه المؤكد أن يكون الرقم الحقيقي أعلى بكثير. وتملك شركات خارجية معظم تلك الممتلكات.

وفي ذلك الصدد، أوضح مدير السياسة العامة في "منظمة الشفافية الدولية" في المملكة المتحدة دنكان هامس "أن الحكومة تستطيع أن تتخذ إجراءات فقط ضد الأصول التي تعرف أن أصحابها يخضعون لعقوبات في الوقت الحالي".

ومع تفاقم أزمة أوكرانيا شهدت روسيا تدفقاً كبيراً للأموال من الداخل إلى دول الخليج والمراكز المالية الآسيوية مثل شنغهاي وهونغ كونغ، إذ يمكن أن تظل إلى حد كبير خارج نطاق قبضة الوكالات الغربية، بحسب أوكسانا أنتونينكو التي تشغل منصب مديرة في شركة "كونترول ريسكس"Control Risks  التي تعمل في مجال تقديم الاستشارات حول الأخطار السياسية.

ووفق كلماتها، "سيكون للعقوبات تأثير لكنها لن تتسبب في تعطيل كامل".

وكذلك لفت جوناثان فيشر كيو سي إلى أن أجهزة المملكة المتحدة و"هيئة الإيرادات والجمارك" ينبغي أن تبدآن التفتيش والبحث في الوثائق وتقارير الأنشطة المشبوهة المقدمة إلى المصارف، كي تحاول كشف ثروات الأفراد المرتبطين بالكرملين.

في المقابل، أوضح كيو سي أن السنوات التي ظلت فيها أجهزة إنفاذ القانون تعاني "نقصاً شديداً في التمويل" جعلت هذه الأجهزة خالية من الموارد اللازمة لتحقيق ذلك.

وبحسب رأيه، "لو كنت مديراً في الجهاز الوطني لمكافحة الجريمة لكنت سأطلب كل الملفات التي لدينا وجميع تقارير الأنشطة المشبوهة التي جرى تقديمها عن أعضاء الـ (أوليغارشيا) الروسية. وكذلك كنت سأسترد المعاملات الورقية من المصارف والمحاسبين والمحامين المتعلقة بتلك المعاملات، وسأجري تحقيقاً في شأن مصدر تلك الأموال".

وأضاف، "لماذا لم نقم بمزيد من الجهود لإنفاذ القوانين؟ لأن الحكومة رأت أن ذلك ليس ضمن أولوياتها".

© The Independent