Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"أم القرى" جريدة سعودية تتحدى قرنا من الأزمات

نجت الصحيفة الأولى في البلاد من أزمة الورق العالمية في 1941 بوقف طباعة جميع الصحف وإعطائها أولوية في الموارد

طابع بريدي بمناسبة المئوية أطلقتها الجريدة (واس)

عند الحديث عن الإعلام، فإن الصحافة المكتوبة والورقية هي أول ما يتبادر في الأذهان، لا سيما وأنها النواة الرئيسة للإعلام بكافة وسائله ومجالاته اليوم. نشأتها قبل الوسائل الأخرى منحها مكانة لدى الجمهور واحتلت الصدارة بوصفها "صاحبة الجلالة"، فهي من سبقت البث الإذاعي والتلفزيون في التواصل مع العامة، وكان ظهورها نقطة تحول لشعوب العالم، لا سيما وأنها أسهمت في نشر الوعي الثقافي والتنوير، إضافة إلى مهمتها الرئيسة المتعلقة بنقل ونشر الأخبار المحلية والعالمية.

ولم تكن السعودية بعيدة عن التطورات في مطلع القرن الماضي، إذ حرص مؤسسها الملك عبد العزيز بن سعود على تأسيس صحيفة في البلد الوليد لتنقل لهم الأخبار، فكانت جريدة "أم القرى" أول الصحف السعودية التي أصدرت أول عدد لها في 15 جمادى الثانية لعام 1343هـ الموافق 12 من ديسمبر (كانون الثاني) لعام 1924، وكان يوسف ياسين أول رئيس تحرير لها، كما تعاقب على رئاسة تحريرها أسماء عدة بينهم "رشدي ملحس، ومحمد سعيد عبد المقصود، وفؤاد شاكر، وعبد القدوس الأنصاري".

مئة عام من دون توقف

ومنذ صدورها لم تتوقف الصحيفة الأسبوعية عن الصدور طيلة المئة عام الماضية، والتي وصفها العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز بـ"العزيزة"، في كلمة ألقاها بمناسبة مرور 100 عام على تأسيسها، أمس الأربعاء.

وقال "عاصرت تأسيس البلاد، ونهضت مع نهضتها الكبيرة التي شملت قطاعات الدولة ومناطقها كافة، وحفظت في ذاكرتها اللبنات الأولى في سن الأنظمة والقوانين التي أقرتها الدولة، بما نشرته من قرارات وأنظمة شكلت البنية التشريعية والتنموية والاقتصادية المتينة، وبقيت هذه الجريدة إلى وقتنا الحاضر الجريدة الرسمية للدولة".

 

واستطرد بالقول، "لقد بلغ عمرها قرناً من الزمان، وهي متميزة عن غيرها من الصحف، بأنها لم تتوقف عن الصدور خلال سنوات عمرها، فقد واجهت معظم الصحف أزمة توفر الورق خلال الحرب العالمية الثانية، واحتجبت عن الصدور لأعوام، وواجهت ’أم القرى’ الأزمة ذاتها، في عام 1360هـ (1941م) إلا أن الملك عبد العزيز أمر بمعالجة الموضوع على الفور، وتم توفير ورق بعد جهد من البحث، ولم تتوقف الجريدة عن الصدور".

وأضاف "كما نقلت ’أم القرى’ القرارات والأنظمة التشريعية للبلاد، منذ تأسست قبل نحو مئة عام، تنقل ما عملت وتعمل عليه الحكومة من قرارات وتشريعات وإصلاحات وتطويرات لأجهزة الدولة وأنظمتها وقوانينها ومعايير تقويمها".

كيف صمدت خلال الحرب العالمية؟

وفي سياق متصل، شهدت البلاد في بداية أربعينيات القرن الماضي الذي تزامن مع بدء نشوب الحرب العالمية الثانية نقص في إمداد الورق الخاص بطباعة الصحف، وترتب عليه توقفت الصحف السعودية، كما كثير من صحف العالم عن الصدور طيلة سنوات الحرب، إلا أن "أم القرى" لم تتوقف.

ويروي محمد الشامخ في كتابه الذي حمل عنوان "نشأة الصحافة في المملكة العربية السعودية"، والصادر في عام 1981، تلك الأحداث، بالقول، "إن نشوب الحرب العالمية الثانية وما ترتب عليها من نقص في إمداد الورق، ألقى بظلاله على الصحف السعودية التي توقف بعضها، في حين قلصت الجريدة الرسمية طبعاتها إلى النصف، وبلغت أربع صفحات في عددها الصادر في التاسع من يناير (كانون الثاني) لعام 1941".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويعود السبب بحسب الشامخ إلى أن الحكومة السعودية أصدرت قراراً في يوليو (تموز) من العام ذاته يقضي بتوقيف صدور جميع الصحف الصادرة في البلاد، ما عدا جريدة "أم القرى" التي تم استثناؤها من القرار بسبب نقص كميات الورق في البلاد، وشمل القرار خفض عدد صفحاتها للنصف.

وأشار الشامخ إلى أن الصحيفة أصبحت تصدر كالمعتاد بعد القرار، ولكن تم تصغير حجم صفحاتها بداية من عددها الصادر في الثامن من أغسطس (آب) من العام ذاته.

أهميتها تاريخياً

ولا تتوقف أهمية جريدة "أم القرى" كونها أول الصحف السعودية، بل تعود أهميتها إلى أنها تعد أرشيفاً وثائقياً لتاريخ البلاد، فهي الجريدة الرسمية الوحيدة التي واكبت عقدين كاملين من حياة المؤسس الملك عبد العزيز، ولهذا استحوذت على نشر مُعظم الوثائق والقرارات والنظم والاتفاقيات والأخبار السياسية والإدارية للحكومة ووجهة نظرها تجاه كثير من القضايا الإقليمية أو الدولية.

 

كما أنها الجريدة الوحيدة التي عاصرت أحداثاً سياسية وعسكرية مرت بها السعودية، مثل ضم مدينة جدة عام 1344 هجرية الموافق لعام 1925 إلى الحكم السعودي، وإنشاء مجلس الشورى عام 1345 هجرية الموافق لعام 1926، وحرب السبَلَة عام 1347 هجرية والموافق لعام 1928 المفصلية في تاريخ تأسيس البلاد، وضم مدينة جازان عام 1349 هجرية والموافق 1930، وإعلان "المملكة العربية السعودية" عام 1351 هجرية الموافق لعام 1932، واكتشاف النفط عام 1357 هجرية الموافق 1938، وغيرها من الأحداث والوقائع.

وتُعد "أم القرى" أول مطبوعة سعودية تعمد إلى تدوين التاريخ الشفهي أو الروايات الشفهية؛ وعمدت أيضاً إلى نشر ملخصات لكل المقابلات الصحافية التي تمت مع الملك عبد العزيز، وبهذا يمكن القول، إن الجريدة تعد مصدراً لتاريخ الملك عبد العزيز وسيرته الذاتية، وأيضاً تاريخ البلاد الحديث، وهو ما لا تملكه مطبوعة سعودية أو عربية أخرى.

واستطاعت الجريدة بوصفها الأولى في البلاد، نشر السيرة الذاتية الكاملة للملك عبد العزيز وابنيه الملك سعود والملك فيصل، وذلك بإصدار عدد مميز وملون في 4 شوال 1369هـ الموافق 10 يوليو (تموز) 1950.

دمجها بـ"واس"

وبالعودة للاحتفال بـ100 عام هجري على تأسيس الجريدة الرسمية السعودية، أعلن وزير الإعلام المكلف ماجد القصبي صدور الموافقة السامية بنقل جريدة "أم القرى" إلى وكالة الأنباء السعودية.

وأشار الوزير السعودي إلى إطلاق خمس مبادرات طموحة للرقي بصناعة الإعلام وتطويره في البلاد، تضمنت إنشاء مركز الأرشيف الوطني للإعلام السعودي لأرشفة جميع الصور والوثائق، ومتحف إعلامي لحفظ وتخليد الإرث الصحافي الوطني، وإقامة ملتقى "أم القرى الإعلامي" يعقد كل عامين، وإطلاق "ميدياثون" بالشراكة مع شركة الاتصالات السعودية بهدف تقديم أفكار إعلامية مستقبلية مبتكرة، وإطلاق المرحلة الثانية من برنامج دعم وتمكين المؤسسات الصحافية المحلية للتحول الرقمي.

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة