Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجزائر تؤكد مراجعة الاتفاقات المبرمة مع إسبانيا... تأديب أم ضغط؟

البداية بوقف استقبال المهاجرين غير الشرعيين المطرودين وعدم مضاعفة الرحلات الجوية بين البلدين

الرئيس الجزائري تبون خلال استقباله رئيس الحكومة الإسباني سانشيز (مواقع التواصل الاجتماعي)

بدأت ارتدادات تغير موقف مدريد من قضية الصحراء الغربية، تطفو على السطح، بعد توقف الجزائر عن استقبال المهاجرين غير الشرعيين المطرودين من إسبانيا وتقليص عدد الرحلات الجوية بين البلدين، ثم تهديد الخارجية الجزائرية بمراجعة مرتقبة للاتفاقات مع إسبانيا.

تصريحات وتهديدات

وتتجه العلاقات الجزائرية الإسبانية نحو التأزم، ويبدو أن إسبانيا ستتحمل وزر ما بدر من رئيس الحكومة بيدرو سانشيز، كما يظهر أن الإسبان سيدفعون ثمن تحول موقف بلادهم، الأمر الذي أكده الأمين العام لوزارة الخارجية الجزائرية شكيب قايد بالقول إن الجزائر ستقوم بإجراء مراجعة للاتفاقات التي أبرمتها مع إسبانيا، ردّاً على التغيير التاريخي لموقف حكومة مدريد من قضية الصحراء الغربية.

وأبرز قايد، في تصريحات صحافية خلال زيارة له إلى العاصمة الإيطالية روما، أن إسبانيا لم تبلغ الجزائر بما تعتبره "انحرافاً في السياسة الخارجية لمدريد"، مضيفاً، "نحن مندهشون للغاية من هذا التغير غير المبرر".

إجراءات لجس النبض

وفي السياق ذاته، نقلت صحيفة "إل كونفيدنسيال" الإسبانية، أن الجزائر أوقفت عمليات استقبال المهاجرين غير الشرعيين المطرودين من إسبانيا، كما تم الاحتفاظ بعدد قليل من الرحلات الجوية بين البلدين، ولم يتضمن برنامج الرحلات الجوية الإضافية الذي أعلنت عنه وزارة النقل الجزائرية أية رحلات نحو إسبانيا، وشددت الصحيفة الإسبانية على أن القرارات الجزائرية جاءت ردّاً على انحياز رئيس الحكومة بيدرو سانشيز لصالح مقترح المغرب الداعم للحكم الذاتي في الصحراء الغربية، كحل للقضية، واعتبرت الأمر تغيّراً في موقف الحكومة الإسبانية.

وقد تكون هذه التصريحات والإجراءات تستهدف جس النبض الإسباني ومعرفة مدى استعداد مدريد للتراجع عن موقفها، على اعتبار أن رئيس الحكومة سانشيز على موعد مع جلسة مساءلة أمام البرلمان الإسباني.

رضوخ للإملاءات الأميركية؟

وتعليقاً على تصريحات الأمين العام لوزارة الخارجية الجزائرية، قالت أستاذة العلاقات الدولية نجوى عابر إن إسبانيا باتت في موقف لا تحسد عليه بعد رضوخها للإملاءات الأميركية التي انتهت بالاعتراف بالحكم الذاتي على إقليم الصحراء الغربية، موضحة أن هذا الموقف سيفتح على الحكومة الإسبانية إعصاراً سياسياً بخاصة أن ذلك سيجعل 22 جزيرة واقعة ضمن المجال الإقليمي المغربي في دائرة الجدل مستقبلاً، وأشارت إلى أن واشنطن تعمل على احتواء الجزائر وتحقيق التوازن في غرب المتوسط، لا سيما بعد فشل الحلف الأطلسي بقيادة الولايات المتحدة في وقف التمدد الروسي على مستوى شرق أوروبا.

أضافت عابر أن إسبانيا تربطها بالجزائر اتفاقات شراكة وتعاون بخاصة ما تعلق منها بالغاز الطبيعي، وقالت إن موقف الجزائر بإعادة النظر في عقود التعاون خطوة أولى في مسار التصعيد، لافتة إلى أن الجزائر تدرك جيداً أنها المستهدفة الأولى من تقوية الموقف المغربي، والمغزى من ذلك الحد من التمدد الروسي، إذ ينظر إلى الجزائر كحليفة قوية لروسيا تمكنت من الإخلال بالتوازن الذي ساد عقوداً.

هكذا سيكون رد الجزائر

وذكرت صحيفة "إل كونفيدنسيال" أيضاً أن الرد الجزائري سيكون قوياً وسيادياً ومتعدد الأوجه، وأشارت إلى أن السلطات الجزائرية ستتحرك وفق منهاج معين انطلق باستدعاء سفيرها في مدريد سعيد موسي، ثم ستختار إيطاليا لتعميق علاقاتها في مجال الطاقة مع أوروبا، وستفي بعقود الغاز مع إسبانيا لكن مع العمل على تطبيق زيادات في الأسعار، بخاصة أن العقود معها تحتوي على بنود تعاقدية تنص على مراجعة الأسعار بشكل دوري وفقاً لتطورات السوق.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وواصلت الصحيفة أن الجزائر ستوجه علاقاتها تجاه بعض الشركاء في جنوب أوروبا الذين استثمروا في الجزائر وحافظوا على علاقات تقليدية ممتازة معها، وكشفت عن أن إسبانيا حاولت في بداية الخريف ألا يتم غلق الأنبوب المار عبر المغرب إلى أوروبا، كما قدمت ويندي شيرمان، المصنفة الثانية في وزارة الخارجية الأميركية الطلب نفسه عندما استقبلها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، في 10 مارس (آذار) الحالي، وقالت إنها فعلت ذلك نيابة عن إسبانيا وفرنسا، لكنها تلقت رداً سلبياً، مشيرة إلى أن الجدول الجديد لعودة الرحلات بين الجزائر وجهات دولية عدة لا يشمل إسبانيا، بينما كانت تربط الجزائر بالمدن الإسبانية ما يصل إلى أربعة مطارات.

توتر اقتصادي

من جانبه، رأى أستاذ الاقتصاد فريد بن يحيى أن العلاقات الجزائرية -الإسبانية ستدخل مرحلة توتر على الصعيد الاقتصادي على الرغم من أنها كانت جيدة بحكم أن الجزائر هي أول مورد للغاز الطبيعي إلى إسبانيا، كما تعتبر إسبانيا رابع أو خامس شريك تجاري للجزائر، مبرزاً أن الحكومة الإسبانية قد تخسر كثيراً في الشق الاقتصادي، على غرار استثمار الشركات الإسبانية في الجزائر، أو ربما كذلك في المعاملات التجارية البينية، وختم أن الجزائر ستعيد حساباتها، وستحدد من هم الأصدقاء الحقيقيون فعلاً.

وأشار السفير الجزائري الأسبق في إسبانيا عبد العزيز رحابي، في تدوينة على "فيسبوك"، إلى أن إعلان مدريد بشأن أولوية الحكم الذاتي على تقرير المصير، قطيعة ثلاثية الأبعاد في موقف إسبانيا بشأن الصحراء وبنية علاقاتها مع شمال أفريقيا. وأوضح أنه "يجب أن نتذكر أن الجزائر التي لديها حدود مشتركة مع سبع دول في أفريقيا تستقبل يومياً، ومنذ عشر سنوات أكبر عدد من المهاجرين من جنوب الصحراء مقارنة ببلدان المغرب العربي وأوروبا مجتمعة"، لكنها لم تفكر في ابتزاز أوروبا بهذه الورقة.

المزيد من الأخبار