Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

استئناف الرحلات الجوية بين العاصمة الليبية وبنغازي

المجتمع الدولي يخشى أن تستخدم روسيا نفوذها لتعطيل الإنتاج النفطي المقدّر بـ1.2 مليون برميل يومياً

آليات عسكرية في العاصمة طرابلس (أ ف ب)

في خطوة تحمل بعض المؤشرات الإيجابية، حددت شركة طيران العالمية الليبية موعداً لرحلة بين طرابلس وبنغازي بعد ظهر الثلاثاء 22 مارس، ما يشير إلى استئناف السفر الجوي الداخلي بعد أن أغلقت أزمة سياسية في البلاد المجال الجوي لأكثر من أسبوعين.

وكانت الأمم المتحدة قد حثت على إعادة فتح الأجواء الليبية تماشياً مع وقف إطلاق النار لعام 2020 بين طرفي الصراع الرئيسيين، للسماح بالسفر من دون عوائق داخل البلاد.

يأتي ذلك، مع تركّز أنظار العالم على الحرب في أوكرانيا، يخشى أطراف دوليون أن يؤدي المأزق الحالي في ليبيا، الناتج من محاولة الحكومة برئاسة فتحي باشاغا تسلّم السلطة وسط رفض الحكومة السابقة التنحّي، إلى تصعيد ومعارك جديدة في البلاد.

وشهدت ليبيا منذ إسقاط نظام معمر القذافي في 2011، فوضى ناتجة من انقسامات ونزاعات على السلطة، وتصاعد نفوذ مجموعات مسلحة وتدخلات خارجية. في مارس (آذار) 2021، شُكّلت حكومة انتقالية برئاسة عبد الحميد الدبيبة بعد حوار بين الأطراف الليبيين، رعته الأمم المتحدة في جنيف، وحدّدت لها مهمّة بتولي المرحلة الانتقالية حتى إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، لكن الانتخابات لم تحصل بسبب عقبات أمنية وقضائية وسياسية.

فرصة الحوار ممكنة

وفي بداية مارس، منح البرلمان الليبي الذي يتخذ من الشرق مقرّاً، حكومة جديدة برئاسة فتحي باشاغا، الثقة، لكن حكومة الدبيبة ترفض تسليمها المؤسسات في طرابلس، بحجة أن الحكومة الجديدة يجب أن تشكّل بعد إجراء انتخابات. وبذلك، تجد ليبيا نفسها مرة أخرى كما بين 2014 و2021 بين سلطتين متنافستين، ما يعيد شبح الاقتتال.

وشكّل باشاغا حكومته بعد تحالفه مع الرجل القوي في شرق ليبيا المشير خليفة حفتر.

ويرى أستاذ العلاقات الدولية في جامعات ليبيا خالد المنتصر، أن "باشاغا راهن على سياسة الأمر الواقع، وظنّ أنه بمجرد نيل حكومته ثقة البرلمان، سيكون المخوّل تشريعياً تغيير الحكومة، فيزيح حكومة طرابلس بسهولة، لكن تبيّن سريعاً عدم صواب هذا الاتجاه".

ويرى أن فرصة "الحوار السياسي" تظلّ ورقةً ممكنة عبر تقديم بعض "التنازلات".

واحتشدت مجموعات موالية لباشاغا في ضواحي غرب طرابلس وشرقها مطلع الشهر الجاري، ما أثار مخاوف من وقوع اشتباكات مع قوات موالية للدبيبة.

بعد أقل من 24 ساعة، أعلن باشاغا سحب المجموعات المحتشدة، بعد دعوات إلى التهدئة من الأمم المتحدة وواشنطن تحديداً، مؤكداً استعداده للحوار، ومطمئناً سكان طرابلس بالقول "لن تكون هناك حرب".

ويقول المحلل السياسي فرج الدالي إن الخلاف بين الحكومتين أظهر نوعاً من التضامن الدولي تجاه الأزمة الليبية.

ويضيف لوكالة الصحافة الفرنسية "واشنطن والبعثة الأممية تقودان بوتيرة عالية مفاوضات بين الدبيبة وباشاغا، ما يدلّ بشكل قاطع على عدم رغبة المجتمع الدولي والولايات المتحدة برؤية مشهد الحرب يتكرّر في ليبيا، خصوصاً مع التطورات العالمية المرتبطة بالحرب الروسية – الأوكرانية".

صدام محتمل

وتحرّكت الولايات المتحدة لمنع صدام مسلح بين الحكومتين، ويقول مراقبون إنها نجحت في وقف محاولة تقدم قوات باشاغا صوب طرابلس خلال الأيام الماضية.

وقال سفير واشنطن في ليبيا ريتشارد نورلاند، إنه أجرى محادثات هاتفية مع باشاغا والدبيبة الخميس في اليوم الذي شهد تحركات عسكرية حول طرابلس. وأثنى في تغريدات عبر "تويتر"، على استعداد باشاغا "لنزع فتيل التوتر، وسعيه إلى حل الخلافات من خلال التفاوض وليس بالقوة".

كما أعرب عن تقديره للدبيبة، ولالتزامه "حماية الأرواح" و"استعداده لدخول مفاوضات بهدف إيجاد حل".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويشير المحلل السياسي الليبي إلى أن الأمم المتحدة تدرك جيداً أن "الخلاف القائم بين الحكومتين، يمكن حله عبر التفاوض ومنح كل طرف مكاسب، بالتالي خيار الحوار ربما يكون متفوقاً على خيار الحرب".

ويعتبر أن "المجتمع الدولي على يقين بأن الدبيبة وباشاغا مستعدان للحوار، لكن بشروط تضمن تواجدهما في السلطة، بالتالي لن يكون هناك عائق أمام التسوية، والمتبقي تفاصيل وخريطة سياسية تجعل التنازل مقابل مكاسب محددة قابلاً للتطبيق".

وعقد مجلس الأمن اجتماعاً الأسبوع الماضي حول ليبيا، التزمت خلاله القوى الكبرى والأمم المتحدة حذراً كبيراً حيال الأزمة السياسية التي تهز البلاد، من دون أن تنحاز لأي من الطرفين، باستثناء روسيا التي أعلنت صراحة دعمها لباشاغا.

تعطيل الإنتاج النفطي؟

ويُخشى أن تستخدم نفوذها هذا لتعطيل الإنتاج النفطي في ليبيا المقدّر اليوم بـ1.2 مليون برميل يومياً، ما من شأنه، إذا حصل، أن يبقي السوق النفطية المضطربة بسبب الحرب في أوكرانيا، تحت الضغط.

وطالبت مجموعات في شرق البلاد موالية لحفتر بمغادرة عبد الحميد الدبيبة السلطة، وهدّدت الأسبوع الماضي بإغلاق موانئ النفط في الشرق.

وتسعى الدول الأوروبية والولايات المتحدة الى زيادة إنتاج الغاز والنفط في العالم، لتجنّب أزمة نتيجة توقف الإمدادات الروسية بسبب الحرب والعقوبات.

ويقول الخبير في شؤون ليبيا وولفرام لاتشر في معهد "أس دبليو بي" الألماني للأبحاث في العلاقات الدولية (SWP) "مثل هذا الحصار سيخدم بالتأكيد مصالح روسيا لأنه سيرفع أسعار النفط أكثر".

وتقول الخبيرة القانونية والأستاذة الجامعية إيمان جلال "على الرغم من تراجع رئيس الحكومة (باشاغا) عن خياره العسكري لدخول طرابلس، إلا أن ذلك لا يعني عدم إعادة الكرة مستقبلاً. في حال استمرت حالة الجمود السياسي... قطعاً لن يرضى باستمرار إبعاد الدبيبة له عن مركز القرار السياسي في العاصمة".

الحكومة الجديدة أمام خيارين

ويرى خالد المنتصر أن الحكومة الجديدة تمتلك خيارين: القوة العسكرية لإزاحة حكومة الدبيبة، أو التفاوض والحوار السلمي.

ويضيف "الخيار العسكري ممكن نظرياً مع دعم من بعض المجموعات المسلحة القوية في غرب ليبيا، لكن واقعياً سيوقّع استخدامه القوة على مراسم جنازة حكومته، بدخولها في صراع مسلح ربما يستمر أشهراً بل أعواماً".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي