Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

نزاع على "الشرعية" في ليبيا يهدد بتجدد الصدامات المسلحة

رئيس الحكومة الجديد فتحي باشاغا يعد بتسلم سلس للسلطة والدبيبة يرفض التنازل عنها

خطاب الطمأنة الذي انتهجه باشاغا لم يحقق أهدافه في تهدئة المخاوف من حصول صدامات جديدة بين الحكومتين المتنازعتين (أ ف ب)

عادت ليبيا إلى المربع الأول، وباتت المخاوف من عودة الانقسام السياسي واقعاً لا مفر منه، بعدما منح مجلس النواب الثقة للحكومة الجديدة برئاسة فتحي باشاغا، لتنشطر البلاد من جديد بين معسكرين واحد في الشرق داعم للحكومة الجديدة، والثاني في الغرب معارض لها، مع رفض رئيس الحكومة الحالية عبد الحميد الدبيبة تسليم السلطة لخلفه المكلف من البرلمان.

ويتشكل المعسكران المتنازعان من الأطراف نفسها تقريباً التي خاضت صراعاً سياسياً وعسكرياً شرساً على السلطة طيلة السنوات السبع الماضية... البرلمان والجيش الداعمان لحكومة فتحي باشاغا، ومجلس الدولة وأغلب التيارات السياسية في المنطقة الغربية التي تصطف حالياً مع رئيس الوزراء المقال من البرلمان عبد الحميد الدبيبة.

ولم تكن ولادة الحكومة الجديدة التي نالت ثقة مجلس النواب سلسة كما توقع الجميع، إذ استغرقت النقاشات بشأنها جلستين برلمانيتين، حفلتا بالخلافات والتنافس بين ممثلي الكيانات والجهوية للظفر ببعض الحقائب الوزارية، كان من الطبيعي بعدها أن تتوسع التشكيلة الوزارية التي جاء بها رئيسها فتحي باشاغا إلى طبرق إلى 32 وزيراً.

أغلبية

وقال المتحدث باسم مجلس النواب عبدالله بليحق، إن "عدد النواب الذين منحوا الثقة للحكومة برئاسة فتحي باشاغا بلغ 92 نائباً من بين 101 نائب حضروا جلسة الثلاثاء".

وأثار بليحق جدلاً كبيراً حين كشف عن تعرض بعض النواب لتهديدات بالقتل قبل التصويت على الحكومة، قائلاً "تعرضت أسر عدد من النواب للتهديد، لم يتم عرض أسمائهم على الهواء حرصاً على سلامتهم، وستتم إحالة مذكرة إلى النائب العام بهذا الخصوص".

وأضاف "13 نائباً لم يتمكنوا من حضور الجلسة صوتوا بمنح الثقة إلكترونياً، ولم يتم احتساب أصواتهم ضمن 92 الذين منحوا الثقة للحكومة".

ودان مجلس النواب في بيان "تعرض عدد كبير من أعضائه وعائلاتهم لتهديدات بالقتل، ومنعهم من العودة إلى منازلهم التي تعرضت لاعتداءات". معتبراً أن هذه التهديدات "لا يمكن أن تصدر إلا من قبل مجرمين خارجين عن القانون".

وطالب مجلس النواب "مكتب النائب العام بفتح تحقيق عاجل في ما حدث، وإحالة المجرمين إلى العدالة"، محملاً "السلطة التنفيذية ممثلة في حكومة الوحدة كامل المسؤولية عن سلامة أعضاء البرلمان وأمنهم".

وكان التصويت على التشكيلة الوزارية التي قدمها رئيس الحكومة المكلف فتحي باشاغا أجّل في جلسة الاثنين، بسبب خلافات حادة حول أسماء بعض الوزراء وحصص الأقاليم من الوزارات، خصوصاً الجنوب الذي اعترض ممثلوه على منحه حصة سبعة وزراء فقط في الحكومة المكونة من 30 وزارة ونائبين لرئيس الوزراء.

باشاغا يخفض المخاوف

وفي أول كلمة لرئيس الحكومة بعد منحها الثقة من البرلمان، خفض باشاغا من المخاوف بشأن تسلم حكومته لمهماتها في طرابلس، مؤكداً أن "حكومته ستباشر عملها في العاصمة بشكل سلمي وآمن".

وتابع في كلمة مصورة "باشرنا بأخذ التدابير القانونية والإدارية، واتصلنا بجميع الجهات الأمنية والعسكرية، ولدينا ترتيبات معهم، وستكون عملية التسليم بشكل سلس وآمن من دون مشكلات".

وشدد على التزام حكومته "إجراء الانتخابات في موعدها المحدد بحسب خريطة الطريق التي أقرها البرلمان، وسيقرها مجلس الدولة في الأيام المقبلة".

وقال إن "حكومته ستعمل بمبدأ المشاركة والتعاون مع مجلسي النواب والدولة، وكذلك المجلس الرئاسي، وتتطلع في سياستها الخارجية لإقامة علاقات طيبة مع الدول الصديقة والشقيقة وفق الاحترام المتبادل".

الدبيبة يتمسك بمنصبه

خطاب الطمأنة الذي انتهجه باشاغا في كلمته الموجهة للشارع الليبي، لم يحقق أهدافه في تهدئة المخاوف من تطور التوتر السياسي الذي تعيشه البلاد إلى صدامات جديدة بين الحكومتين المتنازعتين على الشرعية، خصوصاً بعد أن خرج رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة بخطاب مختلف، صعد فيه من لهجته وهجومه على البرلمان في طبرق، مجدداً رفضه التنازل عن السلطة.

واعتبر الدبيبة أن "تصويت مجلس النواب بمنح الثقة لحكومة فتحي باشاغا استمرار من رئاسة البرلمان في انتهاج التزوير لإخراج القرار باسم المجلس بطرق تلفيقية".

وأعلن أن "حكومة الوحدة الوطنية مستمرة في أعمالها بشكل اعتيادي، وأنها ستستمر في مبادرتها لإجراء الانتخابات خلال شهر يونيو (حزيران) المقبل، وإعادة الأمانة لأصحابها من المواطنين الليبيين، لاختيار سلطة تشريعية وتنفيذية وفق المدد القانونية التي تضمنها اتفاق جنيف".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واتهم الدبيبة رئاسة مجلس النواب بـ"العبث في أمن واستقرار الليبيين، وحرمانهم من حقهم الأصيل في اختيار من يمثلهم في انتخابات حرة ونزيهة، وحقهم في التمتع بثرواتهم وتحسين ظروفهم، وتعزيز حالة السلام الذي حرموا منه تحت ذرائع عدة لسنوات طويلة، عاشوا خلالها عديداً من الحروب والكوارث الإنسانية".

وواصل هجومه على رئاسة مجلس النواب، قائلاً إنها "أصرت على الاستمرار في تجاوز الإعلان الدستوري واختارت رئيساً جديداً للسلطة التنفيدية من دون بلوغ النصاب القانوني، ثم منح الثقة لتشكيلة الحكومة في مشهد هزلي، لم يتمثل فقط في عدم بلوغ النصاب القانوني الذي أعلنت عنه، بل حتى في تزوير الأصوات التي تم احتسابها، من خلال احتساب أصوات أعضاء لم يحضروا الجلسة من الأساس".

ودعا "المجلس الرئاسي ورئيس المحكمة العليا بصفته رئيساً للمجلس الأعلى للقضاء، إلى تحمل مسؤولية تاريخية، والمسارعة في إعادة فتح الدائرة الدستورية للفصل بشكل نهائي في كل الإشكاليات التي تهدد استقرار البلاد، ووقف العبث الذي تمارسه السلطة التشريعية ومحاولتها لاحتكار السلطات".

المشري يرفض الاعتراف بالحكومة

من جانبه، اعترض رئيس مجلس الدولة، خالد المشري، على منح مجلس النواب الثقة للحكومة الجديدة برئاسة فتحي باشاغا، معتبراً أن الأمر "مخالف للاتفاق السياسي".

وقال إن "ما صدر من مجلس النواب لجهة منح الثقة لحكومة جديدة مخالف للاتفاق السياسي، والمجلس الأعلى للدولة كان قد أكد رفضه للخطوات التي يقوم بها مجلس النواب منفرداً، وسيعقد جلسة يوم الخميس المقبل، لاتخاذ ما يلزم من إجراءات اتجاه هذه المخالفات".

وكان المشري في البداية جزءاً من الاتفاق السياسي الذي تقرر معه إجراء تعديلات على السلطة التنفيذية ضمن خريطة طريق جديدة تقود إلى انتخابات عامة بعد عام ونصف العام، وذلك بعد التشاور بين لجنتين من البرلمان ومجلس الدولة الذي يرأسه، قبل أن يتراجع عن هذا الاتفاق ويفاجئ الجميع برفض كل ما نص عليه، خصوصاً في ما يتعلق بتشكيل حكومة جديدة.

اختبار عسير

ومع توسع الانقسام وسيطرة الشحن السياسي على المشهد الليبي، يترقب الشارع المحلي بقلق كبير التطورات الحالية، وينتظر ما ستؤول إليه الأمور بعد توجه الحكومة الجديدة إلى طرابلس لتسلم مهامها، الذي يخشى معه حدوث صدامات مسلحة.

ويرى الكاتب والباحث السياسي فرج زيدان، أن "تصريحات فتحي باشاغا بأنه سيستلم الحكم بطريقة سلمية يغلب عليها الطابع الدبلوماسي، إلا أن المشهد من الناحية الواقعية تغلب عليه ظاهرة الاستقطاب السياسي".

وأشار إلى أن "باشاغا أمام اختبار حقيقي لقدرته على إحداث تغيير، وعلى الرغم من أن المشهد الجديد يستند إلى المشروعية الدستورية، إلا أنه لا يمكن إهمال منطق القوة".

المزيد من العالم العربي