Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سكان كييف يواجهون واقع الحرب مع احتدام المعارك

ماذا قال الذين تعرضت منازلهم للدمار حتى قبل وصول القوات الروسية إلى المدينة؟

في تلك الغرفة المتشحة بالظلمة من بقايا شقته التي تعرّضت لضربة صاروخية، كان ألكسندر ميانكيفيتش ممتناً لأنه وزوجته ما زالا على قيد الحياة. في الشارع المجاور، كانت أولينا ديركاش تسرع للوصول إلى المستشفى لزيارة شقيقها الجندي الجريح.

وعلى بعد بضع مئات من الأمتار، كانت آنا كوتشرينكو تنتظر بقلق في طابور طويل أمام المتجر، لا تعلم إن كانت ستجد فيه المكونات اللازمة لصنع كعكة عيد ميلاد لابنها في عيده السابع.

انبعث الخوف بين المنتظرين في الصف الطويل عند سماع دوي قصف بعيد، فقالت آنا: "آمل الانتهاء من التسوق قبل أن يطاولنا القصف".

كانت الحياة تستمر بشكل عادي في العاصمة الأوكرانية أمس وسط أعمال العنف والذعر، والنقص المتزايد في المواد الغذائية والوقود، والإسراع لإنجاز الأمور قبل بدء حظر التجول عند الساعة 8 مساءً، الذي كان من المفترض أن يستمر لمدة 36 ساعة، لكن الشائعات تقول إنه قد يطول أكثر من ذلك.

وحذّر عمدة كييف فيتالي كليتشكو، الذي اشتهر على مستوى العالم قبل الحرب كونه بطل ملاكمة عالمي للأوزان الثقيلة، قائلاً: "نحن نعيش اليوم لحظة صعبة وخطيرة. لهذا السبب، أطلب من أهالي كييف الاستعداد للبقاء في المنازل لمدة يومين، أو في الملاجئ، في حال إطلاق صفارات الإنذار".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بالنسبة إلى المدينة التي تتعرض للاعتداء لمدة واحد وعشرين يوماً على التوالي منذ بدء الحرب، إضافة إلى القتال العنيف الذي يدور في البلدات الواقعة خارجها، كان هذا نذير شؤم حول مدى خطورة الوضع.

وبينما كان السكان يستعدون لإغلاق مدينتهم، دخلت ثلاث شخصيات مهمة جداً إلى العاصمة الأوكرانية. ونظراً إلى الخطورة القصوى للسفر الجوي بسبب السماء المليئة بالصواريخ والطائرات الحربية، اضطر رؤساء وزراء بولندا وجمهورية التشيك وسلوفينيا إلى قطع رحلة مثيرة بالقطار للقدوم إلى المدينة.

كان ماتيوز مورافيكي وبيتر فيالا وجانيز جانسا أول الزعماء الأوروبيين المتحالفين مع أوكرانيا الذين يزورون البلاد منذ بدء الحرب.

بعد اجتماع مع الرئيس فولوديمير زيلينسكي، غرّد السيد مورافيكي قائلاً: "هنا، في كييف التي تمزقها الحرب، يُصنع التاريخ. وهنا تقاتل الحرية ضد عالم الاستبداد. وهنا يوضع مستقبلنا جميعاً على المحك. الاتحاد الأوروبي يدعم أوكرانيا، التي يمكنها الاعتماد على مساعدة أصدقائها - لقد جئنا اليوم إلى كييف للتعبير عن هذه الرسالة".

لكن رؤساء الوزراء الثلاثة لم يُحضروا معهم الأمر الذي كانت أوكرانيا تطالب به، ألا وهو فرض منطقة حظر جوي، أو تزويدها بطائرات حربية. وبحسب ما ورد، عرضت بولندا كل أسطولها من طائرات "ميغ-29" على أوكرانيا عبر قاعدة جوية، لكن واشنطن منعت هذه الخطوة لأنها ستورّط "ناتو" في الصراع.

 

يعتبر ألكسندر ميانكيفيتش أن هذا العمل الملموس كان سيساعد في تخفيف الدمار والمعاناة أكثر من كلام الحلفاء الأوروبيين. أُصيب المبنى السكني المؤلف من عشرة طوابق الذي كان يعيش فيه في شارع موستيتسكا عندما تعرّض صاروخ روسي لنيران مضادة للطائرات، وتناثر حطامه على المبنى، ما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة آخرين.

قال المهندس البالغ من العمر 55 سنة إنه استيقظ بعد الخامسة صباحاً قلقاً من أن شيئاً سيئاً للغاية سيحدث.

وأضاف: "سمعنا شيئاً يندفع في الهواء ثم اصطدم بالمبنى... اهتز كل شيء وقفزنا من أسرّتنا. ثم بدأت النيران تتصاعد من الأرض وراحت الأغراض تشتعل. بدأنا نرى المياه تتدفق عبر الجدران، وانفجرت شبكة المياه"، مشيراً إلى المشهد حوله وهو يقف في بركة من الماء.

عاش السيد ميانكيفيتش تجربة حروب روسية أخرى في الماضي، أثناء عمله في أبخازيا خلال صراع الكرملين مع جورجيا.

يقول: "بالطبع لم أكُن أعتقد أن شيئاً كهذا سيحدث مرة أخرى وأنه سيحدث هنا ويتدمّر منزلي. ذهب كل شيء، خسرنا أشياء ثمينة. أنا وزوجتي محظوظان جداً لأننا على قيد الحياة، علينا الآن تحديد المكان الذي سنقيم فيه".

"هذه منازل أناس عاديين تتعرض للتدمير. لو كانت أجواؤنا آمنة، لربما كان من الممكن تجنّب ذلك. آمل أن تعيد الحكومات الأجنبية النظر مرة أخرى في هذا الوضع".

هناك جارة تدعى ناتاليا هريسيوك أرادت أيضاً الحديث عن عدم وجود "منطقة حظر جوي". كانت الطبيبة البالغة من العمر 32 سنة تتحدّث عن التكلفة البشرية للصراع، وتعتقد أنه كان من الممكن خفض عدد القتلى والمصابين كثيراً لو أن الإجراءات الدولية حدّت من قدرة روسيا على الهجوم.

ولسان حالها: "نحن ممتنون جداً لحلفائنا، دول مثل المملكة المتحدة، على كل ما فعلوه. لكننا نأمل حقاً في أن يقوموا بالمزيد قليلاً، لن تؤدي ’منطقة الحظر الجوي‘ إلى تخفيض عدد القتلى والجرحى فحسب، بل يمكنها المساعدة في إنهاء القتال أيضاً".

لا تزال شقة هريسيوك صالحة للسكن، لكن عائلتها تريدها أن تنتقل لأن مسكنها سيكون في طريق التقدم الروسي من الشمال عبر مدن مثل إيربين التي يتم التنافس عليها بشدة. تقول: "دعونا نرى ما سيحدث".

شهد الليل وقوع قصف وغارات جوية. لكن بقية اليوم كانت هادئة نسبياً تحت حظر التجول المفروض في كييف.

يتحدث الناس إلى أصدقائهم وجيرانهم عبر الهاتف حول تقارير عن إحراز تقدم نحو وقف إطلاق النار. تحدث الرئيس زيلينسكي إلى الكونغرس الأميركي في خطاب عبر الإنترت قارن فيه أوكرانيا التي تتعرّض للهجوم بـبيرل هاربر وأحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول).

وربما لأنه يدرك أن فرض "منطقة حظر جوي" لم يكن ممكناً في الوقت الحالي، فقد طلب من جو بايدن مقاتلات نفاثة وأنظمة دفاع جوي متطورة وفرض مزيد من العقوبات الاقتصادية على روسيا.

شاهد يوري مارشينكو، الذي تضرر منزله أيضاً في هجوم شارع موستيتسكا خطاب الرئيس زيلينسكي.

يقول: "لقد تحدث جيداً واستمعوا إليه. سمعت عبر التلفزيون أن بعضهم [في الكونغرس] كان يذرف الدموع. من الجيد أنهم يتعاطفون معنا، لكننا بحاجة إلى أكثر من ذلك، نحتاج إلى أسلحة وطائرات، وهذا ما سينقذ كييف وينقذ أوكرانيا". وتابع السيد مارشينكو في رسالته عبر الهاتف: "أنا شخصياً أريد انتهاء حظر التجول، لا ينبغي أن نختبئ، يجب أن نواصل حياتنا ونثبت لبوتين أننا مستعدون لمواجهته".

© The Independent

المزيد من دوليات