Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

العقوبات تعزز دعم بعض الروس لبوتين

يعتقدون أن الغرب يكره بلادهم وناشطون يشيرون إلى أن العقوبات تزيد عدد مؤيدي حرب موسكو ضد أوكرانيا

مؤيدون لحزب روسيا الليبرالي الديمقراطي في تجمع لتأييد العمل العسكري الروسي، ويرفعون لافتة كتب عليها "زيلينسكي، اخرج رافعاً يديك" (أ ف ب)

بعد أسابيع من فرض الغرب سلسلة من العقوبات الاقتصادية على روسيا، ارتفع سعر العدسات اللاصقة اللازمة لإيكاترينا دوستويفسكايا* بـ50 في المئة (من ألف و200 إلى ألف و800 روبل، أي من 9.50 إلى 14.40 جنيه استرليني، أو من 12.40 إلى 18.79 دولار).

"أرتدي عدسات لاصقة منذ كنت في الثالثة عشرة، ولا أستطيع أن أرتدي النظارات". ذلك ما أفادت به السيدة دوستويفسكايا لـ"اندبندنت" عن وضعها الطبي، عبر مراسلة مشفرة من بلدة "نيجني نوفغورود" في غرب روسيا، وهي غير واثقة من قدرتها على شراء العدسات.

منذ غزو روسيا لأوكرانيا، علقت أكثر من 300 شركة، بما في ذلك علامات تجارية معروفة من تلك التي تفوق قيمتها السوقية مليارات الدولارات، على غرار "ماكدونالدز" و"شل"، عملياتها في البلاد أو سحبتها، لكن بعض الشركات لا تزال عاملة.

وقد رد الرئيس بوتين على تلك المعطيات بالإشارة إلى أن العقوبات الغربية لن تعرقل التنمية، وروسيا ستكون أقوى في نهاية المطاف. لكن، ظهرت بعض التساؤلات حول كيفية تأثير العقوبات التي تستهدف النخب الروسية، في الأسر الروسية العادية.

ورأت السيدة دوستويفسكايا التي أدانت تصرفات بوتين، أن الشركات التي تترك روسيا يجب أن تتخلى عن فوقيتها. ونقلت إلى "اندبندنت" رأياً مفاده أن "عقوبات كهذه لن تدفع الناس إلى الشوارع".

وكانت التداعيات الأكبر للعقوبات، فضلاً عن الضرر الاقتصادي، صعود حملات التضليل الإعلامي في مختلف أنحاء البلاد وتأليبها حتى الروس الوسطيين، ضد الغرب.

وفي ذلك الصدد، ذكرت السيدة غالينا بولغاكوفا في مدينة "فولغاغراد" بجنوب غربي روسيا، أن "الغرب يكرهنا". وأضافت، "نحن لا نفعل سوى حماية حدودنا من حلف شمال الأطلسي وننقذ الشعب الأوكراني البريء". كذلك يعتقد شريكها الأوكراني بأن "روسيا تساعد أوكرانيا، ولا تقاتلها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وحتى الآن، ترى السيدة دوستويفسكايا أن العقوبات الاقتصادية لم تقنع الناس بأن روسيا دولة معتدية في هذه الحرب، بل إن تلك السيدة أشارت إلى أن العقوبات، بدلاً من ذلك، مكنت الدعاية الحكومية من تصوير روسيا ضحية خطط "حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة".

وبالتالي، تخشى تلك السيدة أن تستخدم الآلة الدعائية العقوبات ذريعة لاستبعاد عديد من الروس الذين يعارضون الحرب باعتبارهم "عملاء أجانب" مدرجين على "سلسلة رواتب حلف شمال الأطلسي".

إن تصاعد إرهاب الدولة واضح. إذ تُضايق الشرطة الروسية السيدة دوستويفسكايا في منزلها وعملها، وأجبرتها على توقيع ورقة تفيد بأنها لن تشارك في احتجاجات مناهضة للحرب. وفُرِضت عليها أيضاً غرامة بـعشرة آلاف روبل (70 جنيهاً) وأُجبِرت على خلع ملابسها والنزول إلى وضعية القرفصاء أثناء احتجازها. واستُجوِب شقيقها البالغ من العمر 13 سنة في المنزل وهو وحده.

وبحسب السيدة دوستويفسكايا التي تخضع لمراقبة وثيقة مستمرة، "عرفنا في وقت لاحق أن هذا الاستجواب غير ضروري ومخالف للقانون".

وكذلك تحدثت "اندبندنت" إلى متظاهرين مناهضين للحرب أفادوا بأن الناس في أنحاء البلاد كلها يتعرضون إلى الاعتقال والاحتجاز والتعذيب في مراكز الشرطة. ولإخفاء علامات التعذيب، تتعرض النساء إلى الضرب بزجاجات بلاستيكية مملوءة بالماء وتُرمَى عليهن الكراسي.

وتعتقد السيدة كاتيا بولغاكوفا (ابنة غالينا) التي تعمل في لندن، بأن المشاعر القومية زادت لدى الروس بعد تشديد العقوبات. وبحسب رأيها، "يبدو الأمر أشبه بصب الزيت على نار المشاعر القومية".

ولفتت إلى انتشار ذريع لدعاية الكرملين التي تستحضر المشاعر المحيطة بالحرب العالمية الثانية. وتتضمن الدعاية أشياء من نوع "أبطال حربنا [حرب روسيا] حمونا من النازيين"، و"الغرب يكرهنا، لقد أخبرناكم بذلك"، و"لدى الأوكرانيين طموحات نازية وهم يحاولون تدميرنا".

وفي السياق عينه، أشارت السيدة كاتيا إلى أن العقوبات تعني أن الروس الأكبر سناً يبتهجون بزيادة اعتمادهم على الذات وتراجع النزعة الاستهلاكية والميل إلى الغرب. ووفق السيدة نفسها، "هناك كثير من الكراهية في التعامل مع الناس الذين يعارضون الحرب. إذ يذهب المدونون والمؤثرون إلى السجن، أو يفرون من البلاد، أو يُسكَتون كي لا يشاركوا أي أفكار. إنه أمر محزن".

وبعد أن حل العلم الروسي ذو الألوان الثلاثة محل العلم السوفياتي ذي المطرقة والمنجل في الكرملين منذ تسعينيات القرن العشرين، كان العقد الأول للانتقال من الاقتصاد المخطط مركزياً إلى اقتصاد السوق كارثياً.

وتذكرت السيدة بولغاكوفا بوضوح الحياة خلال هذه الفترة من دون تدفئة ومياه وطعام وإمدادات بينما كانت تربي أطفالها الثلاثة. كانت في كازاخستان لكنها هربت إلى روسيا. وأوضحت السيدة بولغاكوفا أن الطريقة الوحيدة لتلبية الاحتياجات كانت تجري من خلال المقايضة، وهي تخشى عودة هذه الممارسة. وتذكر تلك الأمور ثم تضيف، "كنا نصنع منتجات ونتبادلها مع أشخاص آخرين، مثلاً، المواد الكحولية".

وخوفاً من ارتفاع الأسعار، ملأت خزائنها بسلع على غرار الأرز والسكر والدقيق تكفي لمدة تصل إلى سنة. إذ زادت أسعار السكر والخبز بـ40 في المئة. وتتباين أسعار السلع الأساسية في مختلف أنحاء روسيا، وتكون في الشمال أغلى منها في الجنوب.

 

وبدعم من ابنتها السيدة كاتيا، ساعدت بولغاكوفا ابنها على الفرار إلى دبي لتجنب التجنيد في الجيش الروسي. وكلفت تذكرة ذهاب من موسكو ستة أضعاف (700 جنيه) السعر الأصلي واستغرقته الرحلة 36 ساعة بدلاً من ست ساعات.

وفي سياق مماثل، أوضحت السيدة دوستويفسكايا أن الأسعار ترتفع منذ عام 2014 حينما فُرضت أولى العقوبات على روسيا بعد ضمها شبه جزيرة القرم. وحتى قبل غزو أوكرانيا، حاولت روسيا بالفعل تحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي في الداخل بعد العقوبات التي فرضتها على الاتحاد الأوروبي في 2014.

وإذ نشأ الفنان إيغور ساسكين في شبه جزيرة القرم، لم يشرب الكوكاكولا أو يأكل في مطاعم "ماكدونالدز". "كانت الحياة جيدة من دون ذلك. أما بالنسبة إلى العقوبات المفروضة على روسيا، فنحن سعداء لمجرد أنها تجعلنا أكثر قوة"، وفق السيد ساسكين، الذي عاش مرحلة التسعينيات من القرن العشرين.

وكذلك أوضح السيد ساسكين، المناصر لبوتين، أن روسيا لا تستطيع أن تتسامح مع سلوك الولايات المتحدة وحلفائها. وأضاف، "لقد أصبحت أوكرانيا رهينة سياستهم العدوانية"، مشيراً إلى أن صور الروس الذين يصطفون في طوابير أمام آلات الصرف الآلي "زائفة".

وفي سياق متصل، بين الدكتور أدنان فاتانسيفر من "المعهد الروسي" التابع لـ"كينغز كولدج لندن"، أن العقوبات من شأنها أن تؤدي إلى مستوى من الانكماش الاقتصادي لم يسبق له مثيل منذ 1998. وفي حديث إلى "اندبندنت"، أعرب عن اعتقاده بأن "هذا أمر بالغ الأهمية، لأن عقد بوتين الاجتماعي استند إلى تحقيق شعور عام باستقرار الاقتصاد الكلي".

وعلى الرغم من أن الأثر الاقتصادي للعقوبات من المرجح أن يضعف أسس الدعم الشعبي لبوتين، وللمحسوبين عليه ربما، ذكر الدكتور فاتانسيفر أن من الصعب تحديد ما إذا كان هذا يعني تغييراً للنظام.

وفي سياق موازٍ، رأت السيدة دوستويفسكايا أن العقوبات المفروضة على الأوليغارشية قد تكون أكثر فاعلية من الناحية النظرية. وعلى الرغم من ذلك، "سيستغرق تنفيذها عدة أشهر وظهور أثرها وقتاً أطول حتى. وسيعاني الروس العاديون في غضون ذلك. هناك مجال يتعين علينا أن نراقبه، وهو ما إذا كان الغرب سيربط احتمال إزالة العقوبات بتغيير النظام في روسيا. فمن شأن تحرك كهذا أن يحول بوتين الى عقبة في نظر جزء كبير من النخبة الروسية، وكذلك الجمهور"، بحسب تعبيرها.

وتتوق السيدتان كاتيا ودوستويفسكايا إلى دعم الأصدقاء والأقارب في أوكرانيا، لكنهما تضطران إلى استخدام أسماء وهويات مزيفة خشية أن تعتقلهما وتعاقبهما السلطات الروسية. وتتمنى السيدة دوستويفسكايا موت بوتين.

وبحسب كلماتها، "الآن أعتقد أنا وعديد من الناس بأن هذا هو السبيل الوحيد لوقف ما يحدث. ستكون محاكمة في لاهاي عظيمة، لكن في ضوء الوضع الحالي، تبدو المحاكمة مغرقة في المثالية بعض الشيء".

 

* غُيرت بعض الأسماء لحماية هويات المساهمين في المقال داخل أنحاء روسيا كلها

نشر في "اندبندنت" بتاريخ 15 مارس (آذار) 2022

© The Independent

المزيد من تحلیل