Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

علينا أن نتعلم دروس الماضي في العقوبات

يجادل فيل ثورنتون قائلاً إن العقوبات قد تنجح إذا ضبط الغرب أعصابه لكن يجب ألا ننسى الحاجة إلى إعادة البناء بعد انتهاء النزاع

قد يفقد الروس العاديون الثقة في النظام المصرفي (أ ب)

العقوبات في نظر خبراء الاقتصاد كالدبابات في عين الجنرالات. مع شن روسيا حربها على أوكرانيا، ضغطت الزر الخاص بما أطلق عليه الرئيس الأميركي السابق وودرو ويلسون "السلاح الاقتصادي".

فبعد بداية مترددة– مع الحكم على المملكة المتحدة في بعض الأوساط بأنها "فاترة"– صعدت الحكومات في شكل كبير من حجم الإجراءات.

فقد فرضت مجموعة البلدان السبعة عقوبات على المصرف المركزي الروسي وأزالت بعض مصارف البلاد من نظام "سويفت" للمراسلة المالية العالمية. وفرضت عقوبات على مسؤولين وأوليغارشيين.

وستتسبب هذه التدابير في تحديات اقتصادية شديدة لروسيا. فقد تراجعت أسواق العملات والأسهم فيها وسيجعلها عدم القدرة على جمع رأس المال تعتمد على ما يقدر بنحو 650 مليار دولار من الاحتياطيات نصفها مودع في الغرب وبالتالي يخضع إلى عقوبات.

وانضمت شركات الترفيه إلى الاتحادين الدولي والأوروبي لكرة القدم، فعلقت مشاركة نوادي كرة القدم والفرق الوطنية الروسية كلها في مسابقاتها، وألغت الفورمولا 1 الجائزة الكبرى الروسية. حتى حيوان الميركات الناطق بلهجة روسية في فقرة "المقارنة بين الأسواق" لن يظهر مجدداً في الإعلانات التي تبث خلال البرامج الإخبارية.

لكن هل يكون لهذه الأفعال الأثر المرغوب الذي قد يرغم روسيا على التراجع؟ لا يشير سجل العقوبات السابقة إلى ذلك. لا شك في أن الرسالة المتضمنة في كتاب جديد بعنوان "السلاح الاقتصادي" ظهر هذا الأسبوع تتمثل في أن تاريخ العقوبات هو إلى حد كبير تاريخ مخيب للآمال.

ففي حين تضاعف توقيع العقوبات بين تسعينيات القرن العشرين والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين مقارنة بالعقود الأربعة السابقة– وتضاعف مرة أخرى بحلول العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين– تظل آثارها مشكوكاً فيها. ويستنتج المؤلف والمؤرخ نيكولاس مولدر قائلاً: "على الرغم من القفزة في استخدام العقوبات، انخفضت احتمالات النجاح".

لكن هناك إجماعاً متزايداً على أن هذه المرة مختلفة عن المرات السابقة. وهناك أربعة أسباب تعطي أساساً سليماً للأمل. الأول أن الغرض من العقوبات هو إرسال رسالة إلى المستهدف بقدر ما هي فعل. وهذه المرة كان الرد منسقاً وموحداً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

والثاني، هو أن الغرب أظهر استعداده للالتزام بالعقوبات حتى وإن كانت ستتسبب في تحديات لديه. فالإجراءات التي تقيد القدرة على الوصول إلى النفط والغاز الروسيين أو تزيد من صعوبة شرائهما من شأنها أن تدفع أسعار الطاقة ومعدل التضخم في حين تمر العديد من الأسر بمعاناة.

تعتقد الحكومات بأن شعوبها ستعاني من الآثار المترتبة على الاعتراف بضرورة التصدي لسلوك روسيا. وعلى حد قول الأستاذ جاغجيت تشادها، مدير المؤسسة البحثية "أن آي إي أس آر": "لقد فرضنا إغلاقات لاحتواء فيروس، وبوسعنا أن نفرض عقوبات لاحتواء العدوان الروسي".

والسبب الثالث، أن العقوبات تشكل بديلاً لنزاع أوروبي أو عالمي كامل، من شأنه أن يؤدي إلى أثر اقتصادي واسع النطاق قد لا تكون معرفته ممكنة. كان هذا في قلب رؤية الرئيس ويلسون لإنشاء عصبة الأمم عام 1919.

وعلى الرغم من أن النزاع تجاوز العقوبات عدة مرات للأسف، يعني تحالف البلدان المجاورة لروسيا في حلف شمال الأطلسي أن الغرب حريص على تجنب أي شيء قد يعتبر عذراً لبوتين لشن حرب عالمية ثالثة. وهذا هو المنطق وراء إطلاق الأسلحة الاقتصادية وليس الباليستية.

وأخيراً، وسعت العولمة نطاق أثر العقوبات الفاعلة، لا سيما منها المالية. فلأن روسيا اقتصاد ضخم مندمج بعمق في الأسواق العالمية والنظام المالي العالمي، فإن العواقب المترتبة على إخراج روسيا من نظام "سويفت" وتجميد أصول المصرف المركزي عميقة للغاية.

لقد وجد سكان موسكو أن مدفوعات "غوغل" و"أبل" لا تعمل بغرض شراء تذاكر المترو. وقد يفقد الروس العاديون الثقة في النظام المصرفي. وإذا حصل سحب مكثف للأموال من المصارف، فقد تضطر الحكومة في غياب القدرة على الوصول إلى الاحتياطيات إلى فرض ضوابط على رأس المال.

لن تكون هذه الحرب الاقتصادية قصيرة الأمد، وعلى الغرب أن يضبط أعصابه. لكن الأهم هو أن الولايات المتحدة يجب أن تنظر إلى استخدام الأسلحة الاقتصادية في شكل إيجابي، تماماً كما كانت الحال في الحرب العالمية الثانية، عندما بدأت واشنطن تمويل الجهود الحربية التي بذلتها بلدان أخرى بدءاً من عام 1941.

في الأسبوع الماضي، كشف صندوق النقد الدولي والبنك الدولي عن خمسة مليارات دولار من التمويل لأوكرانيا، لكن الحكومات ستضطر إلى الانضمام– مع سلوك حزمة إنفاق تتضمن مليارات الدولارات في هيئة مساعدات إلى أوكرانيا طريقها عبر الكونغرس الأميركي. ويتعين على الغرب أيضاً أن يستخدم التجارة على نحو أفضل.

أظهر الأستاذ سيمون إيفينيت، من صندوق سانت غالن للازدهار من خلال التجارة، أن السياسات التجارية للاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة والولايات المتحدة فشلت في دعم نمو الصادرات الأوكرانية منذ ضم شبه جزيرة القرم عام 2014. ويقول: "إذا نجحت أوكرانيا في النجاة من متاعبها الحالية في هيئة ذات مغزى، وإذا أعادت البلدان الغربية النظر في الدور الذي تستطيع التجارة أن تؤديه في ردع النزاعات في المستقبل، يكون من ثم تبني مزيج متماسك من إجراءات دعم السياسات التجارية مواصلة هذا الدعم بالغ الأهمية".

في مرحلة ما سينتهي النزاع العسكري، ولا بد من أن يبدأ الهجوم الاقتصادي.

© The Independent

المزيد من آراء