Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أبطال مدنيون عبروا أوروبا لإنقاذ الفارين الأوكرانيين

تحدث ديفيد كوهين إلى المنقذين الذين تفرغوا بالكامل لمساعدة الأوكرانيين الباحثين عن اللجوء على الحدود البولندية، ضمن تغطية حملة ”الترحيب باللاجئين“ الخاصة بـ اندبندنت

لا جئون أوكرانيون في بولندا: تجاوز العدد الرسمي للاجئين الفارين من أوكرانيا المليونين (غيتي)

في ذلك اليوم الذي تجاوز فيه العدد الرسمي للاجئين الفارين من أوكرانيا المليونين، كان تركيز مارتن رويلوفس الآتي من هولندا منصباً على العثور على لاجئة بعينها - إنها امرأة في الأسبوع الثالث والثلاثين من حملها وقد يداهمها المخاض في أي لحظة.

عند معبر ميديكا الحدودي المزدحم المؤدي إلى بولندا، تقاسم مارتن وجاره هانز فان ويك مهمة مراقبة المخارج، حاملين لافتات مصنوعة يدوياً مكتوب عليها "إيلين"، وراحا يتفحصان بدأب وجوه النساء المنهكات المتدفقات نحوهما من دون توقف.

كان الرجلان قد قطعا رحلة بالسيارة لمدة 15 ساعة من هارلم، ووصلا في الساعة 9:30 من صباح الثلاثاء. لم يلتق هانز البالغ من العمر 47 عاماً ويعمل مدير تنظيم فعاليات بالسيدة التي تدعى إيلين ولم يكن يمتلك صورة يمكنه الاستعانة بها. لكن مارتن، البالغ من العمر 49 عاماً ويمتلك شركة تصميم رقمي، كان يعرف أن إيلين هي زوجة موظف سابق كانت قد فرت من دونيتسك ثم من كييف - وقد لجأ إليه الرجل في سعيه اليائس للحصول على مساعدة.

قال هانز: "أرسل مارتن رسالة عبر مجموعة المسوِّقين الخاصة بنا على تطبيق واتساب وسأل ما إذا كان بإمكان أحدنا مرافقته في رحلة مدتها 15 ساعة لإحضار إيلين إلى بر الأمان ... قلت لنفسي، نعم، أستطيع القيام بذلك، لهذا أخذت إجازة من العمل. مر على وجودنا هنا ساعات قليلة ونشعر بالفعل كم الوضع قلق ومفجع تماماً. لا أستطيع تخيل الضغط الناجم عن ترك البيوت وفراق الأزواج، وفي حالة إيلين، أن تكون المرأة في المراحل الأخيرة من الحمل بطفلها الأول وتضطر إلى الفرار من القصف والقذف، ليس مرة واحدة بل مرتين".

هانز ومارتن هما اثنان فقط من بين عدد متزايد لكن غير محدد من الأشخاص الذين سافروا عبر أوروبا "لتقديم المساعدة"، غالباً لإنقاذ أصدقاء الأصدقاء أو أشخاص بالكاد يعرفونهم.

عند معبر ميديكا ونقطتين حدوديتين أخريين زرناهما، تحدثنا إلى أشخاص جاؤوا بسياراتهم من سويسرا وإيطاليا وألمانيا وجمهورية التشيك والبرتغال. يحمل بعضهم لافتات بسيطة مثل مارتن وهانز، وينتظر كثيرون منهم قرابة 24 ساعة في برودة تصل حد التجمد كي يصطحبوا الفارين.

كان هؤلاء أناساً عاديين يقومون بأفعال غير عادية - وكانت أعمالهم الطيبة المؤثرة تخفف من كآبة ذلك المشهد المثير للشفقة على الحدود.

من بين هؤلاء الأبطال المجهولين كان نيك هورسمان البالغ من العمر 62 عاماً، والذي يعرفه المسؤولون عند نقطة كورشوفا الحدودية باسم "الرجل الآتي من لندن" - رغم أنه  في الواقع من هامبشر. قام نيك، المليونير شبه المتقاعد الذي يعيش في منزل بقيمة 3 ملايين جنيه إسترليني في قرية هوك، برحلة بسيارته لمدة 30 ساعة حتى وصل إلى الحدود الأوكرانية البولندية قبل أربعة أيام.

كان هدفه هو جلب المؤن الأساسية والإمدادات الطبية، لكنه تأثر كثيراً بحجم الكارثة الإنسانية التي تكشفت مما جعله يبقى لتقديم المساعدة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

منذ وصوله، قام بنقل 20 امرأة وطفلاً (والكلاب في بعض الأحيان) إلى بر الأمان، حيث كان يقود السيارة 14 ساعة في اليوم وينفق ثلاثة آلاف جنيه إسترليني من ماله الخاص لدفع تكاليف إقامتهم أول ليلة في الفندق وحصولهم على وجبات ساخنة في طريقهم إلى أي مكان يرغبون في التوجه إليه.

التقينا نيك في أحد مطاعم سلسلة ماكدونالدز على طريق العودة من مركز مساعدات إنسانية عملاق تم إنشاؤه على بعد أميال قليلة من الحدود في برزيميسل، حيث كان الآلاف من اللاجئين ينتظرون في مركز تجاري ضخم فارغ وسط أكداس الملابس المقدمة كمساعدات والأشخاص الذين يوزعون الطعام الساخن. - ثم رافقناه لاحقاً إلى محطة برزيميسل حيث وصل 1500 أوكراني آخرون في القطار الساعة 6.15 مساءً من مدينة لفيف.

تم تغيير اللوحة الموجودة في مقدمة القطار وتحمل عادة اسم الوجهة النهائية للرحلة، من برزيميسل إلى عبارة "بوتين حقير".

قال نيك: "عندما وصلت يوم السبت، كانت الفوضى في مركزي استقبال ميديكا وكورتشوفا أكثر بكثير مما هي عليه الآن، وكان هناك إحساس حقيقي بأن النساء والأطفال في خطر. كان الناس مرهقين ويائسين. عندما تسأل المسؤول عن المكان الذي ستقود سيارتك إليه، يشير إليك ويصرخ قائلاً "كراكوف"، وفجأة ترى النساء والأطفال يندفعون نحوك. أصعب ما في الأمر هو أنني أستطيع اصطحاب أربعة أشخاص فقط في سيارتي، وبالتالي كان علي الاختيار".

نيك، وهو أب لطفلين منفصل عن زوجته ويعاني من اضطراب عسر القراءة وترك المدرسة عندما كان في الرابعة عشرة من عمره، قال إنه تحمس للمجيء لأنه وجد نفسه يتابع التغطية التلفزيونية من دون توقف لأيام وأدرك أنه لم يعد قادراً على الوقوف مكتوفي الأيدي.

قال: "كان والدي بطل حرب، لقد حارب مع الفرقة المدرعة السابعة البريطانية التي قاتلت في مصر وليبيا خلال الحرب العالمية الثانية، واحتُجز في معسكر أسرى الحرب في بولندا لمدة ثلاث سنوات بعد أسره في شمال إفريقيا ... لقد نجا من مسيرات الموت في نهاية الحرب لكنه كان أشبه بهيكل عظمي ووزنه يبلغ حوالي أربعين كيلو غرام فقط".

لم تكن مكانة خلفيته العائلية في يوم من الأيام أهم منها عندما كان يقود سيارته إلى مقهى في فولكستون حيث كانوا يجمعون المساعدات للأوكرانيين.

قال: "لقد حمّلنا سيارتي إلى أقصى طاقتها الاستيعابية بالبطانيات وأكياس النوم والشوكولاتة والأدوية التي لا تستلزم وصفة طبية ومعجون الأسنان وأحذية الأطفال، وتوجهت إلى بولندا".

كانت نية نيك هي إنزال البضائع واصطحاب عائلة لاجئة إلى المملكة المتحدة لتسكن في منزله، آملاً أن اللوائح المتعلقة باللاجئين الأوكرانيين تكون قد خُففت حينها. لكن عندما لم يحدث ذلك - إذ استقبلت المملكة المتحدة 300 أوكراني فقط مقارنة بـ2200 في أيرلندا وأكثر من مليون شخص دخلوا إلى بولندا - قرر نيك تقديم المساعدة التي يقدر عليها. طلبت العائلة الأولى التي أخذها والمكونة من شقيقتين وأطفالهما، الذهاب إلى عنوان في كراكوف على بعد ثلاث ساعات ونصف الساعة.

قال: "كانوا ينتظرون في الطابور لمدة 30 ساعة على الحدود، وبمجرد أن صعدوا إلى السيارة، انهارت قوى الأطفال على الفور وناموا ... لن أنسى أبداً كيف كانت الأمهات تنظرن إلى أطفالهن النائمين والدموع تنهمر على خدودهن".

وأضاف: "عندما أنزلتهم في كراكوف، قالت لي إحدى الأمهات “لم أكن أدرك أن هناك أشخاصاً مثلك في العالم”. لقد جعلني كلامها أشعر بأنني لا أستحق أن أقابل بمثل هذا الامتنان الشديد على هذه اللفتة البسيطة".

صعد نيك إلى سيارته وعاد إلى الحدود وأخذ أربع نساء وأطفال آخرين.

قال: "تحتفظ بعضهن بمقاطع فيديو مروعة قلن لي إنهن التقطنها بأنفسهن بواسطة هواتفهن. أرتني إحدى النساء ضابطاً في جمعية منع القسوة على الحيوانات وقد قُتل برصاص الجنود الروس أثناء محاولته إطعام الأعداد المتزايدة من الكلاب الضالة التي تبحث عن الطعام في المدينة. أرتني أخرى بنايتها السكنية وقد فقدت منها أجزاء كبيرة. لدى جميعهن قصص عن أزواج تركنهم وراءهن للقتال في كييف وخاركيف، أو في أي مكان جئن منه".

كان نيك يدرك أيضاً الشائعات المخيفة التي تقول إن بعض الرجال الذين يأخذون النساء من الحدود قد يكونوا مهربين متنكرين في هيئة مساعدين. تقدم اللافتات في مراكز الاستقبال نصائح للنساء بكيفية حماية أنفسهن.

قال نيك: "إنه مصدر قلق كبير ... لا يخضع السائقون لعمليات تفتيش من قبل السلطات على الإطلاق. كنت قلقاً للغاية حيال ذلك، لكن قررت لاحقاً أنه ليس سبباً جيداً كافياً للتوقف عن المساعدة. كان من المفترض أن أذهب في عطلة إلى كامينو دي سانتياغو في شمال إسبانيا هذا الأسبوع، لكنني قررت البقاء هنا لمدة أسبوع أو أسبوعين آخرين، طالما أنني قادر على إحداث فرق".

في غضون ذلك، كان لدى مارتن بعض الأخبار. أرسل رسالة بعد ظهر أمس تقول: "لقد عبرت إيلين الحدود، وأخذناها هي وخمسة لاجئين آخرين من بينهم امرأة حامل وطفلها الذي بحاجة إلى الذهاب إلى المستشفى".

ووصلتني رسالة أخرى في وقت متأخر من الليلة الماضية، تقول: ”وصلنا إلى دريسدن. أرسلنا العائلة المكونة من 5 أفراد (طفلان وامرأة حبلى وجدة) إلى منزل للاجئين". وأضاف أن إيلين كانت "متعبة للغاية" وتستريح في فندق. معقباً: "إنه أمر محزن. لم ترغب في ترك زوجها وتخشى ألا تراه مرة أخرى. سنأخذها غداً إلى أحد أقربائها في هولندا ".

تقارير إضافية وترجمات بواسطة صوفيا ساس

© The Independent

المزيد من متابعات