Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المحور المعادي للدولار

خطط روسيا والصين في تجنب القوة الاقتصادية الأميركية

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الصيني شي جينبينغ (أ.ب)

تستولي القوات الروسية الآن على أراضٍ عبر أوكرانيا، وتقصف الأهداف العسكرية والمدنية، وتقترب تدريجياً من الاستيلاء على العاصمة كييف. وقد جاء الرد الدولي على غزو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين غاضباً، ويقف حلفاء الولايات المتحدة متحدين ضد الغزو. ويقود الرئيس الأميركي جو بايدن المجتمع الدولي في تشديد العقوبات على النخب والشركات الروسية، بهدف شل الاقتصاد الروسي وفرض تغيير في المسار. لكن حتى الآن، فشلت هذه الإجراءات في إرغام روسيا على قبول وقف لإطلاق النار أو الانسحاب.

بالكاد مرت عشرة أيام على اندلاع الحرب، ولا يزال علينا أن نرى ما سيفعله بوتين إذا تسببت العقوبات في تأجيج مزيد من السخط العام في روسيا. لكن هذه العقوبات قد تؤدي أيضاً إلى نتائج عكسية على نحو آخر. إذ لن يسفر استعراض بايدن العضلات الاقتصادية الأميركية إلا عن إكساب روسيا وغيرها من البلدان المنافسة للولايات المتحدة، خصوصاً الصين، مزيداً من الجرأة في حرمان الولايات المتحدة من القوة نفسها التي تجعل العقوبات مدمرة إلى هذا الحد. وستسرع روسيا والصين العمل بمبادرات من شأنها "إبطال دولرة" اقتصاديهما، وبناء مؤسسات وهياكل مالية بديلة تحميهما من العقوبات وتهدد في الوقت نفسه وضع الدولار الأميركي باعتباره عملة العالم المهيمنة. وفي غياب عمل منسق، ستعاني الولايات المتحدة من أجل التصدي لتلك الحركة ومعاكستها، فيما تضعف مكانتها العالمية.

يجعل تفوق الدولار الأميركي في النظام المالي العالمي، بدعم من الأسواق الأميركية النشطة والقوة العسكرية الأميركية التي لا مثيل لها، أي عقوبات تفرضها واشنطن هائلة. ولم تقترب أي عملة أخرى، بما في ذلك اليورو واليوان، من إسقاط الدولار من منصب الأول في الاقتصاد العالمي والأسواق المالية الدولية. إذ يشكل الدولار العملة الاحتياطية الأكثر انتشاراً في العالم. ويمثل العملة الرئيسة في تحرير الفواتير ضمن التجارة الدولية، إضافة إلى كونه العملة الرائدة في مختلف المؤسسات المالية العالمية. وكذلك يهيمن على أسواق الأسهم العالمية، وأسواق السلع، وتمويل التنمية، والودائع المصرفية، واقتراض الشركات العالمية. في أوقات الأزمات يتحول الناس في مختلف أنحاء العالم إلى الدولار باعتباره الاختيار الأول لعملة تمثل ملاذاً آمناً. وتعطل العقوبات الأميركية فعلياً القوة المالية لمعتد أجنبي وتمنعه من جمع رأس المال في الأسواق العالمية لتمويل أنشطته.

قد تكون روسيا النصير الأكثر صراحة للتخلص من نير الدولار، لكن أجندتها تتمتع بجاذبية كبيرة بين قوى كبرى. إن التزام الصين بتنويع احتياطياتها من النقد الأجنبي، وتشجيع مزيد من المعاملات باليوان، وإصلاح نظام العملات العالمي من خلال تغييرات في "صندوق النقد الدولي"، خطوات تعزز استراتيجية روسيا. ويحفز تدهور العلاقات بين الولايات المتحدة والصين بكين على الانضمام إلى موسكو في بناء نظام مالي عالمي جدير بالثقة يستبعد الولايات المتحدة. وسيجذب نظام كهذا البلدان الخاضعة لعقوبات أميركية. كذلك قد يستهوي حتى بلداناً بارزة حليفة للولايات المتحدة تأمل في ترويج عملاتها الخاصة على حساب الدولار. وهكذا، يتعين على إدارة بايدن حينما تفرض عقوبات ألا تفكر في طريقة مساهمة هذه الإجراءات في تشكيل الحرب في أوكرانيا فحسب بل أيضاً في الطريقة التي قد تبدل بها النظام المالي العالمي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

نير الدولار

على مدى عقد في الأقل، كان واضعو السياسات الروس حذرين من هيمنة الدولار. في 2012، أعرب نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف عن قلق روسيا من هيمنة الدولار على التجارة الدولية. وبعد ضم شبه جزيرة القرم في 2014، وسعت إدارة أوباما العقوبات المفروضة على روسيا، وقد استهدفت العديد من المصارف الروسية الضخمة، فضلاً عن شركات الطاقة، وشركات الدفاع، وأنصار بوتين الأثرياء. وفي وقت لاحق، أطلقت الحكومة الروسية بنيتين تحتيتين ماليتين أساسيتين بهدف درء العقوبات والحفاظ على استقلالها المالي إذا انقطعت عن نظام "جمعية الاتصالات المالية العالمية بين المصارف" Society for Worldwide Interbank Financial Telecommunication، الذي يعرف أيضاً باسم "سويفت" SWIFT، ويسمح للمصارف بمراسلة بعضها بعضاً. وتمثلت إحداهما في نظام وطني مستقل للدفع يعمل كبديل روسي لمنصات الدفع كـ"فيزا" و"ماستركارد". وتجسدت البنية التحتية المالية الأخرى في نظام خاص للمراسلة المالية يسمى "نظام نقل الرسائل المالية" System for Transfer of Financial Messages، أو "أس بي أف أس" SPFS، وهو النسخة الروسية من "سويفت".

وبدأ "أس بي أف أس" يعمل بكامل طاقته في 2017، وينقل رسائل المعاملات بأي عملة. وفي ديسمبر (كانون الأول) 2021، كانت لديه 38 جهة مشاركة من تسعة بلدان. وفي مارس (آذار) الحالي، أصبحت لديه أكثر من 399 جهة مستخدمة، بما في ذلك أكثر من 20 مصرفاً من المصارف البيلاروسية، و"أرشيدبنك" الأرميني، و"بنك آسيا" القيرغيزي. وتتوفر لشركات تابعة لمصارف روسية كبرى في ألمانيا وسويسرا، وهما أهم مركزين للطاقة المالية في أوروبا، القدرة على الوصول إلى "أس بي أف أس". وتفاوض روسيا حالياً الصين كي تنضم إلى النظام. وتمكن هذه البنية التحتية المالية البديلة الشركات الروسية والأفراد الروس من الاحتفاظ ببعض القدرة على الوصول، ولو أنها محدودة، إلى الأسواق العالمية على الرغم من العقوبات.

فمنذ 2018، يخفض أيضاً بنك روسيا (المصرف المركزي الروسي) إلى حد كبير حصة الدولار في احتياطيات النقد الأجنبي الروسي بشراء الذهب واليورو واليوان. كذلك سحب كثيراً من احتياطياته من سندات الخزانة الأميركية. وبين مارس ومايو (أيار) 2018، خفض "بنك روسيا" حيازاته من سندات الخزانة الأميركية من 96.1 مليار دولار إلى 14.9 مليار دولار. وفي أوائل 2019، خفض ذلك المصرف مقتنياته من الدولار الأميركي بمقدار 101 مليار دولار، ما يساوي أكثر من نصف أصوله الحالية. وفي 2021، بعدما فرضت إدارة بايدن عقوبات جديدة على موسكو، أعلنت روسيا قرارها بإزالة الأصول الدولارية بالكامل من "صندوق الثروة الوطنية" الذي تبلغ قيمته 186 مليار دولار ويشكل صندوق الثروة السيادية الرئيس.

ومنذ بداية ولايته الرئاسية الرابعة في 2018، تعهد بوتين بالدفاع عن سيادة روسيا الاقتصادية ضد العقوبات الأميركية، وأعطى الأولوية للسياسات التي نجحت في دفع اقتصاد البلاد بعيداً عن الدولار. فقد دعا إلى "التحرر" من "عبء" الدولار في تجارة النفط العالمية والاقتصاد الروسي، لأن الاحتكار الذي يتسم به الدولار الأميركي "غير جدير بالثقة" و"خطير". وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2018، أيدت إدارة بوتين خطة مصممة للحد من تعرض روسيا إلى العقوبات الأميركية في المستقبل من خلال استخدام عملات بديلة في المعاملات الدولية. ومنذئذ، توقفت شركات الطاقة الروسية الرئيسة عن استخدام الدولار. وباعت "غازبروم نفت"، ثالث أكبر شركة منتجة للنفط في روسيا، صادراتها إلى الصين كلها باستخدام اليوان في 2015. وحولت "روسنفت"، وهي كبرى شركات النفط والغاز في روسيا، عقودها التصديرية كلها من الدولار الأميركي إلى اليورو في 2019. وحل اليورو محل الدولار بالفعل باعتباره الأداة الرئيسة للتجارة بين الصين وروسيا. وتكشف البيانات الواردة من "بنك روسيا" عن أن أكثر من 83 في المئة من الصادرات الروسية إلى الصين سويت باليورو بحلول نهاية 2020. ووقعت روسيا والصين الشهر الماضي عقداً مدته 30 سنة اتفقا فيه على استخدام اليورو في مبيعات الغاز المتعلقة بخط جديد للأنابيب يربط بين البلدين، وسيدخل طور التشغيل خلال السنتين المقبلتين أو السنوات الثلاث المقبلة.

وتستعد روسيا الآن لإطلاق عملة مشفرة مدعومة من الدولة تستطيع الالتفاف على الدولار. وبوسع الجهات الروسية الخاضعة للعقوبات أن تتاجر مباشرة مع أي شخص على استعداد لقبول الروبل الرقمي من دون تحويله أولاً إلى دولارات، وبالتالي تجاوز النظام المستند إلى الدولار في شكل كامل. ووفق ورقة تشاورية أعدها "بنك روسيا" 2020 بشأن الروبل الرقمي، ستدعو الحكومة الروسية المؤسسات المالية غير المصرفية كالبورصات والمؤسسات الائتمانية، إلى الانضمام إلى شبكة الروبل الرقمي. وقد يوفر هذا الإعداد للمصارف الروسية مصدراً بديلاً للوصول إلى السيولة الدولية، والحد من تعرضها إلى العقوبات.

تحالف متنامٍ

قد تكون المبادرات التي اتخذتها روسيا من جانب واحد للهروب من قبضة الدولار دفاعية في طبيعتها، لكنها تنجح أيضاً مع بلدان أخرى في التخلص من هيمنة الدولار. وتشكل هذه التحالفات تهديداً بعيد الأمد للدور البارز الذي يؤديه الدولار في التجارة الدولية، وبالتالي تحدياً للقيادة العالمية للولايات المتحدة. وكذلك أدت رغبة مشتركة في الحد من الاعتماد على الدولار، دوراً في تعزيز العلاقة بين روسيا والصين. وساعدت التبادلات الثنائية بين المصرفين المركزيين لعملتيهما روسيا على تجاوز العقوبات الأميركية في 2014 وتسهيل التجارة والاستثمار الثنائيين [بين روسيا والصين]. وفي 2016، دعا رئيس الوزراء دميتري ميدفيديف إلى تنسيق نظامي الدفع الوطنيين في البلدين، والبحث في إمكانية إطلاق نظام جديد للدفع عابر للحدود بين روسيا والصين من أجل التسوية المباشرة باليوان والروبل. وفي 2018، صرح بوتين بأن روسيا والصين "أكدتا مصلحتهما في استخدام العملتين الوطنيتين في شكل أكثر نشاطاً في تبادل المدفوعات".

 

وفي 2019، رفعت الصين مستوى علاقاتها مع روسيا إلى "شراكة استراتيجية شاملة للتنسيق من أجل عصر جديد"، ما يشكل أعلى مستوى تاريخياً في العلاقات الثنائية بين الصين وروسيا. وبعد ذلك استثمر المصرف المركزي الروسي 44 مليار دولار في اليوان، الأمر الذي أدى إلى زيادة حصة العملة في احتياطيات روسيا من النقد الأجنبي من خمسة إلى 15 في المئة في أوائل 2019. وتعادل ممتلكات روسيا من اليوان عشرة أضعاف المتوسط العالمي، وتمثل نحو ربع الاحتياطيات العالمية من تلك العملة. وفي 2019، وقعت الصين وروسيا معاهدة تزيد من استخدام عملتيهما الوطنيتين في التجارة عبر الحدود إلى 50 في المئة. وفي 2021، حض وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الصين على العمل مع روسيا للحد من اعتمادها على الدولار الأميركي وأنظمة الدفع الغربية. وسمحت الحكومة الروسية لصندوق الثروة السيادية الروسي بالاستثمار في احتياطيات اليوان وسندات الدولة الصينية. ويأمل واضعو السياسات في الصين في أن تساعد الشراكة مع روسيا في توسيع البنية التحتية المالية المستندة إلى اليوان، بما في ذلك منافس صيني لـ"سويفت" ونظام منافس للدفع بالبطاقات المصرفية، وبالتالي تعزيز وضع اليوان كعملة احتياطية وتعزيز الاستقلال المالي للصين.

 

ويسعى بوتين إلى توسيع بنية تحتية مالية بديلة كهذه من خلال تعامل روسيا مع بلدان أخرى. ففي 2019، ربطت إيران وروسيا نظاميهما للمراسلة المالية، وبالتالي تجاوزتا "سويفت" من خلال السماح للمصارف في البلدين بإرسال الرسائل الخاصة بالمعاملات عبر الحدود. وتناقش روسيا وتركيا استخدام الروبل والليرة التركية في التجارة عبر الحدود. وقدمت روسيا نسختها من "سويفت" إلى مصارف "الاتحاد الاقتصادي الأوراسي" (شراكة بين خمس دول كانت أعضاء في الاتحاد السوفياتي) وأعربت عن اهتمامها بتوسيعها كي تشمل بلداناً في العالم العربي وأوروبا. وحاولت روسيا حشد مزيد من الدعم لإبطال الدولرة في محافل دولية متعددة الأطراف كمجموعة "بريكس" التي تتألف من البرازيل والصين والهند وروسيا وجنوب أفريقيا، و"منظمة شنغهاي للتعاون". وجمع "بنك التنمية الجديد" التابع لمجموعة "بريكس" الأموال بالعملات المحلية كجزء من هدفه المتمثل في "الابتعاد عن طغيان العملات الصعبة". وفي 2020، أكدت البلدان الأعضاء في "منظمة شنغهاي للتعاون" على أهمية استخدام العملات الوطنية في التجارة في ما بينها، وناقشت أيضاً إنشاء مصرف وصندوق للتنمية. وبوسع روسيا والصين أن تستخدما هذه المحافل لإنشاء تحالف واسع النطاق بهدف إبطال الدولرة، مع وعد بتحقيق قدر أعظم من الاستقلال المالي للجميع والحد من الاعتماد على الدولار.

تعزيز الدولار

يتعين على إدارة بايدن أن تنظر في هذا السياق الأوسع، إذ تحدد أفضل السبل للضغط على روسيا لحملها على الانسحاب من أوكرانيا. ففرض عقوبات صارمة إضافية على روسيا قد يساعد أوكرانيا في الأجل القريب لكنه يخاطر بتسريع حركة أوسع لإبطال الدولرة قد تعمل في الأجل البعيد على إضعاف القيادة العالمية الأميركية في شكل جوهري. ويتعين على الولايات المتحدة أن تعزز النظام المالي العالمي المستند إلى الدولار الأميركي إذا رغبت في الحفاظ على أساس القوة المهيمنة الأميركية ودعم خدمة الدولار كمنفعة عامة مستقرة لا غنى عنها لتحقيق الاستقرار المالي العالمي. وبوسع إدارة بايدن أن تحافظ على التفوق العالمي للدولار من خلال تخفيف التوترات مع الصين وتشجيع بكين على استخدام "سويفت" بدلاً من الانتقال إلى أنظمة بديلة. ولا ينبغي للولايات المتحدة أن تنفذ سياسات من شأنها أن تؤدي إلى انفصال مالي عن الصين. ويجب أن تستجيب الجهات التنظيمية المالية الأميركية إلى طلب نظيراتها الصينية تعزيز التواصل والتعاون حول تنظيمات الأسواق. كذلك يتعين على المسؤولين الأميركيين أن يشجعوا مزيداً من الشركات الصينية على إدراج نفسها في أسواق الأسهم الأميركية، ما قد يحفز الصين على دعم استقرار الأسواق المالية العالمية المستندة إلى الدولار.

ويتعين على الولايات المتحدة أن تضعف القوة المالية الأساسية في روسيا، أي العوائد التي تولدها صادرات النفط والغاز. ويعد تعاون الولايات المتحدة في مجال الطاقة مع أوروبا مهماً في ما يتصل بالحد من اعتماد الاتحاد الأوروبي على الطاقة الروسية. ولتحقيق هذه الغاية، يتعين على إدارة بايدن أن توفر في الأجل القريب إمدادات بديلة للطاقة لحلفائها في أوروبا ومنطقة آسيا- المحيط الهادي. وفي الأجلين المتوسط والبعيد، يتعين على الولايات المتحدة أيضاً أن تواجه مع حلفائها صادرات روسيا من الطاقة النووية. إن هيمنة روسيا المطلقة على سوق صادرات الطاقة النووية العالمية (تبلغ حصتها 60 في المئة من ذلك السوق) تسمح لها بتحويل سيطرتها على تكنولوجيا الطاقة النووية وإمدادات الوقود النووي، إلى سلاح في أوقات التوترات الجيوسياسية. وينبغي أن يعزز الكونغرس قدرة "بنك الولايات المتحدة للتصدير والاستيراد" على تطوير شراكات مبتكرة بين القطاعين العام والخاص، وتقديم مزيد من الدعم المالي إلى الشركات الأميركية في سوق صادرات الطاقة النووية.

ويتعين على الكونغرس أيضاً أن يمكن "مؤسسة تمويل التنمية" التابعة لحكومة الولايات المتحدة، من أن تصبح مصدراً لرؤوس المال جديراً بثقة الأسواق الناشئة والبلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط. إذ يشكل تمويل التنمية أداة مهمة لكنها غير مستغلة من أدوات فن الإدارة الاقتصادية للدولة. وحاولت روسيا دفع جهود إبطال الدولرة من خلال مؤسسات التنمية المتعددة الأطراف، ويتعين على الولايات المتحدة أن ترد على هذه الجهود. وينبغي لواشنطن أن تعزز سمعة "مؤسسة تمويل التنمية" وتتعاون مع مؤسسات تمويل التنمية التابعة لبلدان حليفة للولايات المتحدة مثل "بنك اليابان للتعاون الدولي" لتعزيز دور الدولار والقيادة الأميركية في تمويل التنمية الدولية.

كخلاصة، يشكل الاقتصاد الأميركي القوي أكثر الأدوات فاعلية وجدارة بالثقة في مواجهة الخصوم ممن يسعون إلى تقويض الثقة في الدولار. وتمتثل البلدان والشركات للعقوبات الأميركية لأنها تسعى إلى الاحتفاظ بالوصول إلى الأسواق الأميركية والدولار الأميركي والنظام العالمي الأوسع الذي تقوده الولايات المتحدة. ويتعين على حكومة الولايات المتحدة أن تدرك العواقب غير المقصودة المترتبة على سياسة العقوبات التي تنتهجها، وتعمل على إيجاد السبل لتقويض شراكة روسيا والصين الهادفة إلى إبطال الدولرة. وإذا فشلت واشنطن في التحرك، فستكون قد اختارت في الواقع، خلع عباءة زعامتها العالمية.

 

* زونغيوان زو ليو زميلة في الاقتصاد السياسي الدولي في "مجلس العلاقات الخارجية"

** ميهايلا بابا، أستاذة مساعدة للتنمية المستدامة والإدارة العالمية في "مدرسة فليتشر"، "جامعة تافتس".

وهما المؤلفتان المشاركتان لكتاب "هل تستطيع (بريكس) إبطال دولرة النظام المالي العالمي؟"

 

فورين آفيرز

مارس (آذار)/ أبريل (نيسان) 2022

 

المزيد من تحلیل