Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما يمكن توقعه إذا عجزت روسيا عن سداد الديون؟

موسكو تتهم الغرب بفرض تعثر "مصطنع" مع حلول موعد استحقاق المدفوعات الدولارية

العقوبات الغربية على روسيا عقدت عملية خدمة الديون (أ ب)

من المقرر أن تسدد روسيا دفعتين للفائدة على سنداتها الدولارية، لكن من غير الواضح إذا ما كان المستثمرون الغربيون سيحصلون على أموالهم، وعلى الأرجح أن يصطفوا لتحصيل ولو جزء ضئيل من أموالهم في ظل التخلف الروسي الفوضوي والفريد.

تخلف روسيا عن سداد ديونها هو الأول من نوعه منذ عام 1998، وهو يشكل تحولاً مذهلاً في التاريخ المالي الروسي. فقبل أن تهاجم أوكرانيا، كانت روسيا تعتبر واحدة من أكثر الدول جدارة ائتمانية في العالم، مع مستويات ديون منخفضة وصادرات هائلة من النفط والغاز. لكن العقوبات الغربية غير المسبوقة التي تهدف إلى عزل روسيا عن النظام المالي العالمي أدت إلى سقوط أسواق البلاد وعقدت عملية خدمة الديون.

هل ستدفع موسكو؟ 

ومن المقرر أن تقدم روسيا للمستثمرين ما مجموعه 117 مليون دولار من مدفوعات الفوائد على اثنين من سنداتها. لديها فترة سماح قياسية مدتها 30 يوماً للدفع. إذا لم يحدث ذلك، فسيشكل تقصيراً.

وقالت وزارة المالية الروسية، الاثنين 14 مارس (آذار)، إنها أمرت بسداد المدفوعات كالمعتاد، لكنها أضافت أن قدرتها على القيام بذلك قد تقيدها العقوبات الغربية ضد البنك المركزي الروسي. وقال وزير المالية أنطون سيلوانوف إن هذه العقوبات -التي تم فرضها في وقت سابق من هذا الشهر- تدفع البلاد إلى "تخلف مصطنع عن السداد".

لقد حددت الأسواق إلى حد كبير التخلف عن السداد، إذ يتم تداول السندات الأجنبية الروسية بنحو 20 في المئة من قيمتها الاسمية - وهو مستوى يشير إلى القليل من الثقة في السداد. وخفضت وكالات التصنيف الائتماني تصنيف البلاد إلى "غير المرغوب فيها"، إذ قالت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني إن التخلف عن السداد "وشيك".

وبحسب الخبراء، هناك العديد من الطرق الرسمية للإعلان عن التخلف عن السداد، مثل الأحكام الصادرة عن المحاكم، أو وكالات التصنيف، أو من الهيئة التجارية للصناعة المالية التي تفصل في ما إذا كان يمكن للمستثمرين المطالبة بتأمينهم الافتراضي.

إذا دفعت روسيا بالروبل؟

وقال الوزير سيلوانوف إنه من "العدل تماماً" أن تسدد روسيا مدفوعات ديونها الحكومية بالروبل حتى ترفع العقوبات التي ادعى أنها جمدت قرابة نصف احتياطيات النقد الأجنبي للبلاد البالغة 643 مليار دولار. 

لكن السداد بالعملة الروسية سيظل يمثل تخلفاً عن السداد في نظر معظم المستثمرين الغربيين، ليس بسبب انخفاض قيمة الروبل أخيراً فحسب، إذ تحتوي ستة من 15 سنداً روسياً مقوماً بالدولار أو اليورو على شرط "احتياطي" يسمح بالسداد بالروبل، لكن السندات ذات القسائم المستحقة الأربعاء ليست من بينها.

في أي حال، يقول المستثمرون في أوروبا والولايات المتحدة إن العقوبات -سواء من جانب حكوماتهم أو من قبل موسكو- ستجعل من الناحية العملية من المستحيل إنشاء الحسابات المصرفية الروسية اللازمة لتلقي مدفوعات الروبل. ويقول محامون إنه حتى مع وجود ثغرة في شرط الدفع البديل من المرجح أن تخلف روسيا عن السداد والتقاضي أمر شبه حتمي.

ما مقدار الدين على المحك ومن يحتفظ به؟

تتعلق المدفوعات بشكل مباشر بالسندات الروسية بالعملات الأجنبية البالغة 38.5 مليار دولار، التي يمتلك نحو 20 مليار دولار منها مستثمرون أجانب.

لكن الأجانب يمتلكون نحو 20 في المئة من ديون موسكو بالعملة المحلية، بحسب "فايننشال تايمز"، التي بلغ مجموعها نحو 200 مليار دولار، قبل الحرب التي أشعلت انهياراً في قيمة الروبل وجعلت السندات غير قابلة للتداول فعلياً. 

وقالت الحكومة الروسية إن مدفوعات الكوبون الأخيرة للسندات المحلية لن تصل إلى حاملي السندات الأجانب، مستشهدة بحظر البنك المركزي إرسال العملات الأجنبية إلى الخارج، الذي كان مؤلماً لمجموعات إدارة الأصول الغربية. فيما اضطر أكثر من عشرين شخصاً إلى تجميد الأموال مع تعرض روسيا لانكشاف كبير، في حين قام آخرون بتخفيض قيمة ممتلكاتهم الروسية بحدة. 

ماذا حدث بعد ذلك؟ 

عادة ما يتبع التخلف عن السداد فترة تفاوض بين الحكومة وحاملي سنداتها للتوصل إلى اتفاق بشأن إعادة هيكلة الدين. يتم ذلك من طريق استبدال السندات القديمة المتعثرة بأخرى جديدة أقل إرهاقاً، إما بقيمة أقل، أو مع فائدة أقل أو بجداول سداد أطول، أو مزيج من الثلاثة.

يتردد المستثمرون عادة في التوجه إلى المحكمة والإعلان عن تقصير رسمي، لأن ذلك قد يجعل السند بأكمله مستحقاً، ويحتمل أن يؤدي إلى حالات تخلف عن السداد في السندات الأخرى. 

هل سيؤدي التخلف عن السداد إلى أزمة مالية؟ 

وتلوح في الأفق عواقب آخر تخلف عن السداد لروسيا في عام 1998. فقد جاء قرار موسكو المفاجئ بتخفيض قيمة الروبل والتخلي عن ديونها المحلية في أعقاب الأزمة المالية الآسيوية وإرسال موجات صادمة من خلال الأسواق المالية، مما أدى إلى انهيار صندوق التحوط الأميركي "لونغ تيرم كابيتال مايجمينت"، وإنقاذه من قبل كونسورتيوم البنوك.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

حتى في ذلك الوقت، واصلت روسيا مدفوعات سنداتها الدولارية، لكنها تخلفت عن سداد بعض السندات الدولية التي تعود إلى الحقبة السوفياتية. جاء آخر تقصير خارجي كامل في عام 1918، عندما تخلى النظام البلشفي عن ديون الحقبة القيصرية في أعقاب الثورة الروسية.

لكن إعادة الهيكلة "الطبيعية" تبدو غير مرجحة في حالة روسيا. وتهدف العقوبات إلى إبعاد البلاد عن أسواق السندات العالمية، كما يحظر مشاركة المستثمرين الغربيين في أي عمليات بيع ديون جديدة.

بدلاً من ذلك، من المحتمل أن يضطر المستثمرون إلى الجلوس وشطب سنداتهم الروسية وانتظار وقف التصعيد في صراع أوكرانيا الذي قد يؤدي إلى تخفيف العقوبات. وقد يرغب البعض في التصويت بسرعة للمطالبة بالسداد الفوري والحصول على أحكام قضائية من قضاة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة التي ستسمح لهم بمحاولة الاستيلاء على الأصول الروسية في الخارج، لزيادة الضغط على موسكو.

في غضون ذلك، يأمل بعض المستثمرين أن يؤدي الفشل في سداد مدفوعات الفائدة إلى دفع تعويضات لمقايضات التخلف عن السداد وهي مشتقات شبيهة بالتأمين تستخدم للحماية من التخلف عن السداد. وسيتم اتخاذ القرار من قبل "لجنة قرارات" الصناعة المالية، التي تتألف من ممثلين عن البنوك الكبرى ومديري الأصول النشطين في سوق مقايضات الائتمان. مع ذلك، قد لا ينتهي الأمر بالمقايضات بمساعدة حاملي السندات، لأن العقوبات المالية يمكن أن تعرقل النظام المعقد المستخدم لتسوية العقود.

المحللون واثقون نسبياً من إمكانية تجنب تجربة مماثلة لعام 1998 عندما تخلفت روسيا عن سداد ديونها. ويشير نيكولاس بانيغيرزوغلو من "جي بي مورغان" إلى أن المستثمرين الأجانب والبنوك قد قلصوا تعرضهم لروسيا منذ ضم البلاد شبه جزيرة القرم عام 2014، على عكس منتصف التسعينيات عندما كانت الأموال عالية الاستدانة تتراكم على الأصول الروسية.

حتى الآن، أثار الهجوم على أوكرانيا عدوى متواضعة فقط في الأسواق الناشئة الأخرى، مع التداعيات الأكثر أهمية للأزمة في ارتفاع أسعار السلع الأساسية. 

مع ذلك، فإن تاريخ التمويل مليء بأمثلة على كيف أن التأثيرات غير المتوقعة من الدرجة الثانية للأحداث المتوقعة على نطاق واسع لا تزال تؤدي إلى حدوث كوارث أوسع نطاقاً.

وقال جيم ريد، كبير المحللين الاستراتيجيين في "دويتشه بنك"، "تعني فترة السماح البالغة 30 يوماً أن هذه ربما لم تكن اللحظة التي نرى فيها الضغوط الكاملة في النظام المالي". وأضاف "من الواضح أن هذه قصة مهمة يجب مشاهدتها".