Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تحل العقوبات البديلة ظاهرة اكتظاظ السجون التونسية؟

تعيد إدماج المحكوم عليهم في المجتمع إضافة إلى التقليص من الإنفاق العمومي

العقوبات البديلة تخفف من الضغط على السجون (غيتي)

تعتبر العقوبات البديلة من الأنظمة العقابية الحديثة والمتاحة قانونياً من أجل معاقبة مرتكبي المخالفات الخفيفة، والتي تضمن كرامة الشخص من دون أن تسلبه حريته، وما قد يترتب على دخول السجن من تبعات نفسية واجتماعية.

وتم تنفيذ أولى العقوبات البديلة في تونس بمحافظة المنستير في ديسمبر (كانون الأول) 2018 بحق شاب من مواليد 1992، ليست له سوابق عدلية ومحكوم عليه بالسجن لمدة أربعة أشهر بتهمة السرقة، وتم استبدال نصف مدة العقوبة بأعمال البستنة لساعتين يومياً على مدى شهرين لفائدة إحدى بلديات الجهة. 

واعتبر الحكم آنذاك خطوة جريئة قد تفتح المجال أمام القضاة لإصدار المزيد من أحكام العقوبات البديلة، إلا أنها لم تتقدم بالشكل المطلوب، رغم ما تعانيه السجون في تونس من اكتظاظ تجاوز في بعض السجون 200 في المئة.

ويشدد خبراء القانون على أن العقوبات البديلة من شأنها أن تخفف الضغط على السجون، وتعيد إدماج المحكوم عليهم في المجتمع، إضافة إلى التقليص من الإنفاق العمومي على السجون.
 
ثلاثة أنواع من العقوبات البديلة

ويؤكد القاضي ومساعد الوكيل العام في محاكم سوسة والمنستير، فريد بن جحا لـ"اندبندنت عربية" أن "المشرع التونسي قسم العقوبات في المادة الجزائية إلى عقوبات سجنية وعقوبات بديلة وهي ثلاث عقوبات (التعويض الجزائي، والسوار الإلكتروني، والعمل لفائدة المصلحة العامة)".

ويعتبر بن جحا أن عقوبة العمل للمصلحة العامة، أهم العقوبات البديلة التي "تطورت في الفترة الأخيرة، بعد أن تم بعث مكاتب مصاحبة على مستوى محاكم الاستئناف التي تتضمن دائرتها سجوناً، وتضم هذه المكاتب إطارات من الإدارة العامة للسجون، ويتم مصاحبة المحكوم عليه بالعمل لفائدة المصلحة العامة، تحت إشراف قاضي تنفيذ العقوبات". 

ويضيف، أن "آلية السوار الإلكتروني شهدت تعطيلات في تطبيقها بسبب صعوبات لوجيستية في توفيرها والمعايير التي سيتم اعتمادها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وينص القانون على أن الحكم بهذه العقوبة البديلة يشمل فقط مرتكبي الجرائم غير الخطيرة، وأن يكون الحكم الأولي سالباً للحرية لمدة تصل إلى عام سجناً، ثم يقع استبدالها بعقوبة العمل للمصلحة العامة، والتي تتمثل في ساعتي عمل عوضاً عن يوم سجن، على ألا يتجاوز الحجم الإجمالي لساعات العمل 600 ساعة في إحدى المؤسسات العمومية أو الجمعيات التي لها طابع خيري كجمعيات رعاية المسنين وغيرها.

كما يشترط القانون أن يكون مرتكب الجرم ليس له سوابق عدلية وأن يوافق على العقوبة البديلة ونوعها، وأن يكون قادراً صحياً على القيام بتلك الأعمال. 

كلفة عالية للسجين يومياً

ولأن السجين الواحد في تونس، يكلف المجموعة الوطنية يومياً 47 ديناراً (15 دولاراً)، فإن العقوبة البديلة تعتبر حلاً للتخفيف من هذه النفقات، كما أنها تحد من نسبة العودة إلى السجن التي تقدر حالياً بأكثر من 40 في المئة، بسبب عدم توفر مؤسسات وهياكل تعيد تأهيل السجين لإدماجه في المجتمع والدولة الاقتصادية.

ويضيف القاضي ومساعد الوكيل العام، أن للعقوبات البديلة فوائد اجتماعية؛ لأن "عدم دخول ذلك الشخص إلى السجن، سيحميه من الاحتكاك بالمساجين المحترفين في الإجرام، حيث يمكن إصلاحه خارج إطار السجن، كما يمكنه أن يحافظ على نقاوة سجله من السوابق العدلية، لأن العقوبات البديلة لا يقع إدراجها في بطاقة السوابق العدلية".

ودعا بن جحا إلى "تدعيم هذه المنظومة من خلال نشر ثقافة العقوبات البديلة ومطالبة المحامين والمحكومين بتطبيقها".

اكتظاظ وأمراض في السجون 

في المقابل، يعتبر جمال مسلم، رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، أن العقوبات البديلة "لم تشهد تطوراً في تطبيقها في تونس على مستوى الجمهورية، رغم توفر الإطار التشريعي الملائم، لافتاً إلى تنامي ظاهرة الاكتظاظ في السجون وارتفاع عدد الموقوفين من دون محاكمة حيث تبلغ نسبتهم 64 في المئة من جملة المودعين بالسجون". 

ويشير مسلم إلى "انتشار الأمراض في السجون بسبب الاكتظاظ، علاوة على العلاقات المتوترة بين المساجين وإطارات السجن وأعوانه بسبب الظروف اللاإنسانية داخل السجون"، معتبراً أن "الحل هو في تطبيق العقوبات البديلة، وعدم استسهال إصدار بطاقات الإيداع بالسجن خصوصاً عندما تتعلق الجرائم بأشخاص لا يمثلون خطراً على المجتمع".

ويؤكد رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، أن "المناطق التي تم فيها تطبيق العقوبات البديلة كانت نسبة العودة فيها إلى السجون أقل بكثير من المعدل العام"، داعياً الدولة إلى "التعجيل بتذليل الصعوبات إزاء اقتناء السوار الإلكتروني"، كما حض المجتمع المدني على العمل على "تأطير المساجين الذين قضوا فترة عقوبتهم واصطدموا بمجتمع لا يساعدهم على إعادة إدماجهم في الحياة الاقتصادية". 

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير