Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يشهد العالم فترة ركود تضخمي بسبب النفط؟

وزير الاقتصاد الفرنسي يحذر من تكرار أزمة 1973 وزيادة المقارنات مع ما حدث قبل نحو نصف قرن

قفزات في أسعار النفط والغاز بعد الهجوم الروسي على أوكرانيا (رويترز)

مع دوران سعر برميل خام النفط حول حاجز 130 دولاراً للبرميل، تزايدت التحليلات والتعليقات وسيناريوهات الاقتصاديين التي تقارن بين وضع الاقتصاد العالمي الآن، وما حدث في أعقاب أزمة أسعار النفط بعد حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973 بين العرب وإسرائيل.

 ويحذر كثير من الاقتصاديين والمحللين من أن العالم ربما يكون مقبلاً على فترة "ركود تضخمي"، أي استمرار ارتفاع معدلات التضخم مع تراجع النمو الاقتصادي إلى وضع الركود تقريباً.

وفي كلمة له أمام مؤتمر اقتصادي، حذّر وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لو مير من أن ارتفاع أسعار النفط بسبب حرب روسيا في أوكرانيا، ستنتج منه آثار تشبه ما حدث في "صدمة النفط" عام 1973.

وقال لو مير إن أزمة الطاقة الحالية "يمكن مقارنتها، من حيث شدتها وقسوتها، بصدمة النفط عام 1973. وفي ذلك العام كما تعرفون، كان رد الفعل في الاقتصاد العالمي صدمة تضخمية، ما جعل البنوك المركزية ترفع أسعار الفائدة بشدة، وهو ما قضى على إمكانات النمو الاقتصادي... ولهذا الوضع تسمية الركود التضخمي وهذا بالضبط ما علينا تفاديه عام 2022".

وكانت الدول العربية الست الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" قرّرت عام 1973 وقف تصدير النفط للولايات المتحدة والدول المستهلكة التي تساند إسرائيل في حربها مع مصر وسوريا في أكتوبر  1973.  

وارتفعت أسعار النفط على الفور بنحو أربعة أضعاف لتصل إلى 11.65 دولار للبرميل آنذاك. وأدى ذلك إلى ركود اقتصادي مع موجة ارتفاع للتضخم في الدول الغربية.

وخلال الأسبوعين الماضيين، ومنذ بدأت روسيا غزوها لأوكرانيا في 24 فبراير (شباط)، ارتفعت أسعار النفط والغاز الطبيعي إلى مستويات قياسية. كما قفز سعر الغاز بالجملة في أوروبا إلى أعلى مستوياته. وبعدما أعلنت الولايات المتحدة وبريطانيا الثلاثاء أنهما ستوقفان واردات النفط والغاز من روسيا، صعدت الأسعار مجدداً.

مقارنات وتعليقات

منذ أن حدثت صدمة النفط منتصف تسعينيات القرن الماضي، أي منذ نحو نصف قرن، تعامل معها العالم على أنها "حدث فريد" غير قابل للتكرار، حتى أخذت أسعار النفط في الارتفاع بقوة مع الحرب الأوكرانية، فبدأت المقارنات، وهناك أوجه شبه كثيرة بين تلك الأزمة وما يحدث الآن في الاقتصاد العالمي.

ففي الحالتين، تعطلت تجارة النفط، إذ في عام 1973، فرضت دول منتجة في منطقة الشرق الأوسط حظر تصدير للدول المستهلكة في الغرب. أما الآن، فإن الغرب هو الذي يفرض حظراً على نفسه بوقف استيراد الطاقة من روسيا في إطار حصارها بسبب حرب أوكرانيا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

من أوجه الشبه القوية الأخرى، معدلات التضخم المرتفعة في صدمة النفط بسبعينيات القرن الماضي والآن. ووفق تحليل لوكالة "بلومبيرغ"، فإن مقارنة متوسط معدل التضخم السنوي في الأعوام الخمسة الأخيرة يكاد يطابق متوسط ارتفاعه في الأعوام الخمسة التي سبقت سبتمبر (أيلول) عام 1973.

كذلك، ردّت الدول الغربية على ارتفاع أسعار النفط في 1973 بتشديد السياسة النقدية ورفع أسعار الفائدة.

وهذا ما بدأت به الآن البنوك المركزية في الاقتصادات الرئيسة لكبح جماح التضخم. إلا أن "بلومبيرغ" نشرت مدونة للكاتب جون أوثرز، قارن فيها بين صدمة أسعار النفط قبل نصف قرن وارتفاع الأسعار حالياً.

وخلُص الكاتب إلى أنه يصعب القول إن الصدمة الحالية أسوأ مما حدث عام 1973. وبرّر ذلك بأن وضع الاقتصاد العالمي الآن مختلف، وأنه أقل اعتماداً على النفط مما كان عليه قبل نصف قرن.

كما أن الصدمة الحالية بدأت من أسعار نفط منخفضة شهدت هبوطاً كبيراً من قبل وتذبذباً، وليس كصدمة 1973 التي جاءت بعد فترة من استقرار أسعار النفط.

أما السبب الآخر الذي ذكره أوثرز في معرض استبعاده أن تكون الأزمة الحالية أسوأ من سابقتها، فهو أن أسعار النفط لم تفقد زخم الارتفاع بعد صدمة 1973، وظلت تصعد حتى بداية الثمانينيات من القرن الماضي، ومن غير المؤكد أن تواصل أسعار النفط الارتفاع بوتيرة مماثلة الآن.

البنوك المركزية

ما يزيد من احتمال خطر الركود التضخمي الذي يحذّر منه الاقتصاديون والمحللون، بدء البنوك المركزية في الاقتصادات الرئيسة، دورة تشديد نقدي لمواجهة ارتفاع معدلات التضخم. فرفع أسعار الفائدة يمكن أن يهدد النمو الاقتصادي الهش في فترة التعافي ما بعد الركود الذي شهده الاقتصاد في فترة أزمة وباء كورونا.

ويتطلع الجميع إلى قرار الاحتياطي الفيدرالي "البنك المركزي" الأميركي الأسبوع المقبل بحيث يُنتظر أن يبدأ رفع سعر الفائدة للمرة الأولى، منذ تم خفضها إلى قرب الصفر مع بداية أزمة وباء كورونا.

وعلى الرغم من أن الإشارات القوية من مسؤولي الاحتياطي حتى الآن أنه سيرفع سعر الفائدة بما بين ربع ونصف نقطة مئوية، إلا أن الأسواق تخشى من اختلاف رد فعل البنك المركزي في ضوء التطورات الأخيرة نتيجة الحرب الأوكرانية.

وربما من المهم الإشارة إلى أنه في سياق المقارنة بين صدمة أسعار النفط في السبيعينات والآن، أن سعر الفائدة في الولايات المتحدة وقت الأزمة كان عند نسبة 3 في المئة.

ومع قرب نهاية صدمة النفط، كان سعر الفائدة ارتفع إلى نسبة 9.5 في المئة. أما الآن، فالبنوك المركزية الرئيسة ستبدأ سياسة التشديد النقدي من سعر فائدة قرب الصفر. ولا يُتوقع أن يكون رد فعل البنوك المركزية بالقوة ذاتها قبل نصف قرن، بل إن التمهيد لرفع أسعار الفائدة كان تدريجاً ورسائل مباشرة من البنوك المركزية للسوق كي لا تحدث صدمة.

اقرأ المزيد

المزيد من البترول والغاز