Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أي انهيار سيشهده الاقتصاد الروسي: سيناريو الإفلاس أم كارثة شاملة؟

"جيه بي مورغان" تتوقع تكرار أزمة 1998 في ظل هروب المستثمرين وتخلف موسكو عن الديون

 إقبال مكثف على سحب النقود وسط العاصمة الروسية (غيتي)

مع استمرار الحرب الروسية على أوكرانيا وتشديد العقوبات الاقتصادية على موسكو واحتمال فرض عقوبات إضافية، بدأت المؤسسات المالية الدولية والاقتصاديون والمحللون يحذرون من احتمال أن يشهد الاقتصاد الروسي انهياراً يشبه على الأقل ما حدث عام 1998 حين تخلفت روسيا عن سداد ديونها. وفي تقرير لها نهاية الأسبوع يوم الجمعة، أبلغ بنك "جيه بي مورغان" الاستثماري عملاءه أنه يتوقع أن ينكمش الناتج المحلي الاجمالي هذا العام بنسبة سبعة في المئة على الأقل.

أما الاقتصاديون في "بلومبيرغ إيكونوميكس" فيتوقعون انكماش الاقتصاد الروسي بنسبة تسعة في المئة على الأقل هذا العام.

وبدأت آثار العقوبات المشددة التي فرضتها الدول الغربية على روسيا تظهر سريعاً على الاقتصاد الروسي، فقد انهار سعر صرف العملة الوطنية "الروبل" بنسبة 30 في المئة، وما زالت الأسواق المالية الروسية مغلقة أغلب الوقت خشية الانهيار التام، وبدأت الحكومة تعاني سداد مستحقات الديون بالفعل، على الرغم من اتخاذ البنك المركزي اجراءات عاجلة مثل رفع سعر الفائدة من 9.5 في المئة إلى 20 في المئة، ولجوء الحكومة الروسية إلى حزمة إجراءات للانضباط المالي مثل فرض رسوم تصل إلى 30 في المئة على مشتريات الأفراد من العملات الأجنبية، كما ألزمت الشركات التي تعمل في مجال التصدير بتحويل 80 في المئة من عائداتها إلى الـ "روبل".

إلا أن كل تلك الإجراءات لم تفلح في دعم الـ "روبل" أو وقف تدهور قيمته، ولا هي ساعدت في الحد من الطلب على الدولار.

واعترف البنك المركزي الروسي بأن قدراته على التدخل في السوق محدودة جداً بعدما جمدت الدول الغربية أرصدة البنك المركزي في الخارج، والتي تضم نحو نصف احتياطاته من العملات الأجنبية المقدرة بأكثر من 630 مليار دولار.

العقوبات الصارمة

وتشمل العقوبات الغربية على روسيا حتى الآن قيوداً مشددة على التجارة والمالية والسفر إلى جانب تجميد الأصول في الخارج وحظر كثير من البنوك الروسية من نظام التراسل بين البنوك (سويفت)، ومما زاد الضغط على الاقتصاد الروسي وعدم قدرة موسكو على تخفيف أضرار العقوبات أن دولاً كانت تلتزم الحياد المالي تقليدياً مثل سويسرا وسنغافورة شاركت في العقوبات الغربية، وكانت تلك الدول يمكن أن توفر لموسكو وسيلة للالتفاف على العقوبات وتخفيف أضرارها نسبياً.

وجاء في تقرير "جيه بي مورغان" أن "العقوبات ستهد الجدارين اللذين يضمنان الاستقرار، احتياطات النقد الأجنبي أو "الحصن الروسي" لدى البنك المركزي، والفائض في الحساب الجاري الروسي، وستترك العقوبات أثراً هائلاً في الاقتصاد الروسي الذي يتجه الآن نحو ركود عميق بالفعل".

أزمات سابقة

وعلى الرغم من الخسائر البشرية والمادية من الحرب الأوكرانية حتى الآن، إلا أن بعض المستثمرين يرون أن التأثير المالي ليس كبيراً، على الرغم من أن الأرقام التي أعلنها "جيه بي مورغان" و"بلومبيرغ" لتوقعات انكماش الاقتصاد الروسي كبيرة، إلا أن تأثير العقوبات لم يصل بعد إلى حد الانهيار الذي شهده الاقتصاد الروسي خلال التسعينيات عندما تخلفت روسيا عن سداد ديونها في 1998 متأثرة بأزمة العملات الآسيوية، بينما كان الاقتصاد الروسي هشاً ولا يزال يعاني أضرار فترة ما بعد انهيار الاتحاد السوفياتي.

ويقول تيم غراف من "ستيت ستريت غلوبال ماركتس" خلال مقابلة مع "بلومبيرغ" إن الأضرار قد لا تبدو قوية في المدى القصير، فحتى الآن لا تبدو الخسائر المالية كبيرة على الرغم من تشديد العقوبات، لكن استمرار تلك العقوبات واحتكمال تشديدها أكثر هو الخطر الأكبر.

ويضيف، "التأثير على المدى البعيد هو المقلق حقاً، فكلما استمرت العقوبات لمدة أطول، بخاصة إذا تم توسيعها لتشمل قطاعي النفط والغاز، فسيزيد الاحتمال بأن تصبح الأسواق الروسية منبوذة لفترة طويلة في ما بعد".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعن تأثير ذلك التدهور الاقتصادي في الروس، يقول غراف إنه "من المؤكد أن ضعف العملة الروسية الذي نشهده الآن ستكون له تأثيرات في ارتفاع معدلات التضخم، بخاصة إذا أصبح الاقتصاد الروسي معزولاً عن العالم، وليس من الصعب تصور سيناريو مشابه لما حدث في أعقاب أزمة انهيار عام 1998".

إنهيار إقتصادي تاريخي

إلا أن بعض المحللين يقارنون الوضع الحالي بما حدث عام 1918 حين انهار الاقتصاد الروسي إثر الثورة البولشفية على حكم القياصرة، ووقتها لم تقدر البورصات في الخارج أن الحكم الجديد ضد الرأسمالية تماماً، فظلت بعض الأسهم وسندات الدين تتداول في لندن ونيويورك حتى تكشفت توجهات الثورة.

وفي الوقت الحالي يبادر الغرب بالفعل عبر العقوبات الاقتصادية الصارمة إلى إضعاف الاقتصاد الروسي بشدة، وحتى الآن لا تزال العقوبات بعيدة من قطاع الطاقة، مما يجعل روسيا تصدر النفط والغاز وتستفيد بمليارات الدولارات من العائدات، إلا أن القيود المالية والمصرفية ضمن العقوبات الحالية ستجعل الأمر أصعب كثيراً مستقبلاً لاستمرار تلك التجارة.

وكانت روسيا تحقق فائضاً في الحساب الجاري بمعدل 20 مليار دولار شهرياً حتى مطلع هذا العام بسبب عائدات تصدير النفط والغاز.

أما إذا طاولت العقوبات قطاع الطاقة، فإن بعض المحللين يقدرون نسبة الانكماش المتوقعة في الاقتصاد الروسي بـ 14 في المئة على الأقل.

اقرأ المزيد