Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"السائرون نياما"... معالجة بصرية لتأثير التكنولوجيا في البشر

يعكس أهمية تعبير الفنان عن قضايا وأزمات المجتمع المعاصرة برؤية تشكيلية جديدة

اعتمدت الفنانة استخدام التضاد اللوني لتوضيح التناقض بين الصورة الزائفة للعالم الافتراضي البراق والحقيقة (اندبندنت عربية)

أصبحت التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي واقعاً في حياة البشر في كل أنحاء الأرض. وعلى الرغم من تأثيرها الإيجابي في التواصل وتسهيل كثير من مناحي الحياة فإن لها وجهاً آخر عندما يتم استخدامها بشكل خاطئ، أو بطريقة مبالغ فيها تصل إلى درجة الإدمان عند البعض.

ومن المفارقات أن وسائل التواصل الاجتماعي على الرغم من تقريبها المسافات بين الأفراد في أقاصي الأرض، فإنها أحياناً تكون سبباً في التباعد بين الأصدقاء الحقيقيين، أو حتى أفراد الأسرة الواحدة الذين ينشغل كل منهم بهاتفه المحمول عن التواصل الحقيقي معهم، وهي الفكرة التي رصدتها الفنانة التشكيلية أسماء خوري، وسعت إلى تقديم معالجة بصرية تطرح القضية بصورة تشكيلية في واحدة من التجارب القليلة التي اهتمت بمثل هذه الإشكالية التي أصبحت واقعاً يعيشه الناس يومياً في كل مكان.

اعتمدت الفنانة في جانب كبير من تجربتها الفنية على تقديم لوحات ذات طابع حالم وألوان هادئة، إلا أنها في معرضها الأخير المقام بغاليري ليوان بالقاهرة تشتبك مع الطرح الذي تسعي لتقديمه للفكرة باعتماد ألوان صارخة وبراقة ولافتة للانتباه مثل الصورة التي تعكسها وسائل التواصل الاجتماعي.

وعن فكرة المعرض والأسباب التي دفعتها لتبني هذه الفكرة تقول خوري لـ"اندبندنت عربية"، "استخدام السوشيال ميديا أصبح واقعاً تفرضه علينا طبيعة الحياة الحالية، ويبالغ البعض فيه، ويصل معه إلى درجة الإدمان الذي يفصلهم عن الواقع فيصبحوا وكأنهم سائرون نياماً منفصلين عن كل ما يحيط بهم، ومرتكزين على التواصل والتفاعل مع أشخاص قد يكونون في أقصى بقاع الأرض عبر الشاشات، وفي الوقت ذاته يكونون مقصرين في التواصل مع الأشخاص الحقيقيين الذين يعيشون معهم في المنزل ذاته، وهذا واقع نلمسه جميعاً من حولنا ولا يمكن إنكاره، فوسائل التواصل الاجتماعي أثّرت بدرجة كبيرة في العلاقات الحقيقية بين الناس".

تضيف، "اخترت للمعرض عنوان (السائرين نياماً) المستوحى من الرواية الشهيرة للكاتب سعد مكاوي باعتباره التعبير الأدق عن الحالة والفكرة التي تعكسها اللوحات، ولكن المعرض ليس له علاقة بمضمون الرواية على الإطلاق، ولكني وجدت أنه الاسم الأكثر توصيفاً للحالة التي أريد التعبير عنها وتوصيلها للجمهور".

 

 

الفنان وقضايا المجتمع

ربما يعد طرح فكرة مثل التأثير السلبي لاستخدام التكنولوجيا أو الإفراط في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي أمراً جديداً نسبياً على الفن التشكيلي وشكلاً من أشكال تفاعل الفنان مع قضايا مجتمعه المحيط التي يظهر انعكاسها فيه، عن هذا الأمر تشير خوري، "الفنان لا بد أن يشتبك مع قضايا مجتمعه المحيط ولا ينعزل عنها، وهذا ما دفعني لمحاولة التعبير عن هذه القضية من خلال الفن التشكيلي، فالفنان جزء من المجتمع، والفن هو أداته التي يعبر من خلالها عن الواقع، فلا يعقل أن يعيش الفنان مثلاً في أجواء حرب أو وباء أو أي أزمة كبرى يمر بها مجتمعه ويستمر في رسم لوحات حالمة غاية في الشاعرية، فالأمر حينها سيكون غير منطقي للجمهور الذي سيرى الفنان منفصلاً عنه ولا يعبر عن مشاكله وأزماته وأحياناً تكون هذه إحدى الإشكاليات التي تجعل بعض الناس لا تتفاعل بالقدر الكافي مع الفن التشكيلي لأنها لا تجد نفسها أو ما يمثلها في مضمون الأعمال".

تضاد لوني

ألوان براقة تسيطر على اللوحات وتجذب عين المشاهد مع درجات باهتة للأشخاص في تضاد يعكس الفارق بين الحقيقة والخيال من وجهة نظر خوري، وعنه تقول: "الواقع الافتراضي براق وجذاب ومثير للانتباه لأنه غير حقيقي، وهذا بالضبط ما أردت أن تعكسه اللوحات، فالناس يشاهدون على وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة أنماطاً وأشكالاً متنوعة للحياة تبهرهم وتجعل كثيراً منهم يتمنون أن يعيشوا هذه الحالة، لكنها في النهاية ليست حقيقية، وليست واقعية، فالصور المبهرة في النهاية لا تقدم كاملة، وينقصها الحقيقة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

توضح، "حرصت في اللوحات على أن يكون هناك تضاد بين الألوان البراقة والوجوه الشاحبة التي يظهر بها الأشخاص حتى في الحالات التي ينبغي أن يكونوا أكثر سعادةً مثل الأجواء الاحتفالية، فكثيراً مثلاً ما ينشغل الناس بالتقاط الصور السيلفي ورفعها على مواقع التواصل الاجتماعي عن الاستمتاع بالحدث ذاته والتفاعل مع الأشخاص الحقيقيين الموجودين بالفعل".

 

 

جانب إيجابي للتكنولوجيا

على الرغم من كل المساؤئ التي انعكست على حياة بعض الناس جراء الاستخدام الخاطئ للتكنولوجيا، فإن لها وجهاً آخر يمكن أن ينعكس بالإيجاب على حياتنا ويضيف إليها، تقول الفنانة، "للتكنولوجيا أيضاً جانب إيجابي وهو تسهيل التواصل بين البشر وإتاحة فرص للتعلم والاطلاع على ثقافات مختلفة، وحتى في مجال الفن التشكيلي والفنون البصرية فهي تتيح للفنان الاطلاع على إنتاج الفنانين في العالم كله، كما تحقق انتشاراً كبيراً للفنان وتتيح له قدرة على الوصول لجماهير أكبر، لست ضد التكنولوجيا ولكن ضد أن تسرق الآلات أعمارنا فيما لا طائل من ورائه وتمنعنا من أن نحيا لحظات حقيقية".

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات