Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

من الجدات إلى منسقي الأغاني... أوكرانيون يساهمون في الجهد الحربي

يتطوع المواطنون في كل أرجاء أوكرانيا لصنع قنابل المولوتوف الحارقة والعوائق المضادة للدبابات والتجهيزات العسكرية لإرسالها إلى الجبهة في الحرب مع روسيا

 تظاهرة تضامن في تايوان مع أوكرانيا إثر الغزو الروسي (أ ف ب) 

هنا منسق أغان يمضي أيامه بالعادة في تنظيم حفلات موسيقية يعمل الآن في تصنيع قنابل مولوتوف الحارقة. وهناك رئيس عمال في مواقع البناء يلحم عوائق مضادة للدبابات. وهناك مبرمج هرب من منزله وافترق عن عائلته يصنع شباكاً للتمويه العسكري.

منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا منذ أسبوع وانطلاق أحد أكبر النزاعات الميدانية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، يتعاون المواطنون الأوكرانيون العاديون من كل أنحاء البلاد للمساعدة في الجهد الحربي بعدة طرق.

وتطوع عدد كبير من المواطنين الأوكرانيين- معظمهم من الشبان- للالتحاق بالجيش والقتال فيما تكثف القوات الروسية هجماتها على المدن الكبرى، بعد سيطرتها على مرفأ خيرسون واستمرارها بتطويق ماريوبول، الخميس.

وفي هذه الأثناء، قرر مدنيون آخرون لا يمكن حصر أعدادهم الانضمام إلى جيش مختلف: فوج من المتطوعين يصنعون العتاد تمهيداً لإرساله إلى الجبهة.

في مدينة لفيف غرب البلاد، على مقربة من نقطة العبور الرئيسة للأوكرانيين الهاربين باتجاه بولندا، ينهمك سيرغي بصناعة شباك للتمويه وتنظيم شؤون التبرع بالدم للجنود في مركز مجتمعي تحول إلى مصنع عسكري.

أمضى المبرمج الإلكتروني البالغ من العمر 31 عاماً يومين مريعين يشق طريقه هرباً من القصف في كييف، قبل أن يبلغ الحدود البولندية من أجل إيصال زوجته وولده إلى بر الأمان.

تقول الأمم المتحدة، إن مليون شخص على الأقل أرغموا على الهروب من أوكرانيا، وإن خمسة أضعاف هذا الرقم قد يصبحون لاجئين في حال تواصل القتال.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولكن سيرغي لم يتمكن من عبور الحدود مع عائلته نظراً لأن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أصدر قراراً بمنع مغادرة البلاد للرجال الذين يخولهم سنهم أن يقاتلوا.

وعوضاً عن "الجلوس والتعفن في الملجأ" بانتظار نهاية الحرب بعيداً عن عائلته، يقول سيرغي إنه كان عازماً على المساهمة في الجهد الحربي، ولو أنه لا يملك التدريب المناسب [غير مؤهل] للقتال.

وشرح  لـ"اندبندنت "هذا الكابوس يجمعنا، ونحن عازمون على الدفاع عن منازلنا ووطننا".

ويضيف "نشعر بأننا متحدون إلى أبعد درجة. لم أعتقد قبلاً أن هذا المستوى من التعاضد موجود في أوساط الشعب في أوكرانيا، فقد كنا منقسمين. ولكن هذه المشكلة الهائلة جمعتنا [رصت صفوفنا]".

يسير العمل على قدم وساق من حوله. فقد اجتمع مئات الأشخاص- من الجدات اللاتي يقطنَّ لفيف، إلى العائلات الهاربة من القصف العنيف في الشرق- من أجل صناعة شباك للتمويه تغطى بها الدبابات وحتى الخنادق.

تجمعت على الأرض أكوام من الأكياس الممتلئة بأقمشة اقتطعت من كنزات وقمصان رسمية وعادية، كاكية وسوداء وبنية اللون قدمها سكان المنطقة.

صنع النجارون من بين سكان المنطقة أطراً خشبية لاستخدامها في تعليق شباك صيد الأسماك التي جرى التبرع بها، ويقوم متطوعون مثل سيرغي وإيرينا بتعليق قطع القماش عليها.

وتقول إيرينا التي تبلغ من العمر 25 ربيعاً وتنسق هذه الجهود المجتمعية بينما عائلتها عالقة في كييف "في اليوم الأول، ظللت أتصفح الأخبار على هاتفي، وانتابني الذعر جراء ما يحدث في كل حدب وصوب".

وتضيف، "الجميع يمد يد العون هنا، من الأمهات إلى الجدات".

في قسم آخر من لفيف، وضع سكان المنطقة الشباب يدهم بيد مصانع الجعة والكحول وهم منكبون على تصنيع قنابل مولوتوف الحارقة باستخدام زجاجات الجعة والنبيذ.

ويقضي هيليترون، الذي طلب التعريف عنه باسمه كمنسق أغان فقط، وقته في القيادة حول المدينة لإيصال بودرة الألمنيوم والبنزين والكحول- وهي مكونات تستخدم في إنتاج هذه القنابل المنزلية الصنع- في صندوق سيارته المتهالكة.

ويقول الشاب الملثم، البالغ من العمر 27 عاماً، "فور اندلاع الحرب، كان علي أن أجد ما أفعله [أسهم به]. لدي سيارة واحتجنا إلى الإمدادات. مع دخول الحرب يومها الثالث، بدأت بتصنيع قنابل مولوتوف".

"اليوم نرسلها إلى الجبهة في كييف".

ينهمك المتطوعون بالعمل أيضاً على بعد 200 كيلومتر شرقاً في خميلنيتسكي، وهي تعتبر مركزاً رئيساً لوقوعها عند تقاطع الطرق بين كييف وأوديسا على الساحل والمدن الغربية مثل لفيف.

في جميع أرجاء المدينة الواقعة على ضفة النهر، كتب المدنيون على اللافتات الإعلانية بالطلاء عبارات "أيها الروس، لا فودكا هنا-عودوا أدراجكم" و"المجد لأوكرانيا، المجد للأبطال". كما وضعوا على مقربة من نقاط التفتيش المحصنة بكثافة صوراً للرئيس فلاديمير بوتين وقد شوهوا وجهه بالصلبان حمراء.

توقف عمال البناء عن تشييد المباني السكنية وانتقلوا إلى تلحيم العوائق المضادة للدبابات مثل القضبان الحديدية المزودة بمسامير تثقب الإطارات وتلك المعروفة باسم القنفذ التشيكي.

صنع رئيس العمال سيرهي، 40 عاماً، وفريقه المؤلف من ستة عمال عشرات المسامير الثاقبة للإطارات و23 قنفذاً تشيكياً [عائقاً معدنياً شائكاً] على الأقل منذ اندلاع الحرب من سبعة أيام.

واستخدموا الطلاء الأبيض لكي يكتبوا على العوائق عبارة "أيتها السفن الروسية، اذهبي إلى الجحيم"، التي أصبحت شعار الحرب في البلد، في إشارة إلى العبارة التي يزعم أنها آخر ما تفوه به 13 جندياً أوكرانياً كانوا عالقين على جزيرة الأفعى ورفضوا الاستسلام لمدمرة روسية.

ويقول سيرهي أثناء تحميل قطع القنفذ التشيكي على متن شاحنة ستنقلها إلى الجبهة، "أنوي الالتحاق بالقوات المسلحة، ولكن نظراً لأنني لم أحمل سلاحاً في حياتي، أستخدم الأدوات والمعدات الموجودة بين يدي لكي أسهم بما في وسعي الآن".

ويقول لـ"اندبندنت" "في الوقت الحالي، هناك صف انتظار لمدة 24 ساعة من أجل الانضمام إلى الجيش. لا أريد الاكتفاء بالوقوف في الصف. أريد العمل ولذلك هذا ما أفعله الآن".

بالعودة إلى المركز المجتمعي في لفيف، يتوافد المزيد من الناس كل دقيقة للانضمام إلى العمل والمشاركة في الجهد الحربي.

وتعلق إيرينا التي تتحدث مع فريقها عن صناعة المستلزمات الطبية للجنود على الخطوط الأمامية، بقولها، "نحن نرد المتطوعين خائبين في هذه المرحلة لأنه لدينا دعم كبير".

وتضيف، "مجرد وجودي هنا يساعدني في تهدئة مخاوفي على بلادي. أشعر بأنني قوية ومستقلة وأن كل الأمور سوف تستوي وتكون بخير في النهاية. لدينا إيمان بجيشنا وبأوكرانيا".

تفخر "اندبندنت" بتاريخ من مؤازرة حقوق المستضعفين الذين يواجهون المخاطر، وقد قمنا بحملة "أهلاً باللاجئين" للمرة الأولى خلال الحرب في سوريا في عام 2015. أما الآن، وفيما نجدد حملتنا ونطلق هذه العريضة في أعقاب الأزمة الأوكرانية الممتدة، ندعو الحكومة لبذل جهد أكبر وأسرع في سبيل تأكيد إيصال المساعدات. للمزيد عن حملة "أهلاً باللاجئين"، انقر هنا.

© The Independent

المزيد من تحقيقات ومطولات