Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فيما يمضي بوتين في حربه... زيلينسكي يغدو بطلا

بقدر ما يمكن تقديره الآن، نحو 40 في المئة من التغريدات المنشورة في بريطانيا خلال اليومين الماضيين كانت عن الرئيس الأوكراني، عن شجاعته، وحسه القيادي، وعن أبرز ما حققه قبل دخوله المعترك السياسي

لو سألني أحد الأسبوع الماضي عن شيء أقوله بصدد فولوديمير زيلينسكي، لما أفصحت بالكثير. كنت ربما، في أبعد تقدير، سأشير إلى ماضيه كممثل كوميدي قبل أن يغدو رئيساً لأوكرانيا، وسأكون فخورة بنفسي إذ أعرف ذلك. لكن، كما يبدو الآن، يمكن لأشياء كثيرة أن تحصل في أسبوع واحد. مساء الأحد دمعت عيناي وأنا أشاهد مقطعاً من النسخة الأوكرانية من (فيلم) "بادينغتون" Paddington، الذي يقوم زيلينسكي فيه بأداء صوت الدب (الشخصية الرئيسة في الفيلم). كان المشهد مضحكاً من دون مبالغة. ويوم الأربعاء، بالكاد ميزته من بين مجموعة من الأشخاص، وبعدها بأيام قليلة بكيت فعلياً حين شاهدته في فيلم "دانسينغ ويذ ذا ستارز" (رقص مع النجوم) Dancing With The Stars.

وهذا يأتي الآن من دون الإشارة إلى أنني أشعر بعاطفة تجاهه أيضاً، زادها استعاراً ذاك الفيديو المعروض على التلفزيون الأوكراني قبل سنوات قليلة، الذي يصوره راقصاً بكعب عالٍ. لقد باتت الأمور عبثية، صحيح، لكن إذا أخذنا الجانب المشرق من الأمور، أدرك أنني لست الوحيدة التي خبرت هذا الأمر [هذه المشاعر].

إذ بقدر ما يمكنني قوله الآن، فإن 40 في المئة من التغريدات المنشورة في بريطانيا خلال اليومين الفائتين جاءت عن زيلينسكي؛ عن شجاعته وحسه القيادي؛ والإنجازات التي حققها قبل دخوله المعترك السياسي. فلاديمير بوتين مضى إلى الحرب، في المقابل ثمة بطل أبصر النور.

وهذا الاتجاه من الرأي السياسي المستلب والمغالي في الإعجاب بزيلينسكي واجه سلفاً النقد من قبل أصحاب الفكر [أشخاص رفيعي المستوى]؛ الحرب ليست فيلماً من أفلام "ديزني" فيه أشرار وأبطال، وسجل الرئيس السابق للحرب ليس سجلاً نقياً أبداً، كما أن ظاهرة أيقنة [نصبهم في مصاف الأيقونة] سياسيين حقيقيين وأحياء نادراً ما تنتهي نهاية جيدة، وإلى ما هنالك.

ذاك بالتأكيد يبدو كأنه الرأي الصحيح الذي ينبغي تبنيه؛ الموقف الذي ينمو مع احتساب كل الأبعاد. وأنا لست متأكدة تماماً من صحة هذا الشيء. فهذه حرب لا تشبه أي حرب قبلها بالنسبة إلى كثيرين منا. إنها تحدث في أوروبا، القارة التي شهدت قبل أن أبصر النور تجربة نزاع آخر بهذا الحجم. كما أنها حدثت بسرعة لافتة، عند نقطة كان الخبراء حتى يتوقعون من الارتباك أن يدوم أكثر. والأهم من هذا كله، أنها حرب تحدث مباشرة أمامنا على الإنترنت، بدرجة لم نشهدها من قبل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في الإطار ذاته فإن التغريدات والمستجدات لا ينشرها الصحافيون والمتحدثون الرسميون وحسب؛ بل هناك أوكرانيون، شباب ومسنون، مقاتلون ومختبئون، مقاومون ومروَّعون، يخبروننا عما يمرون به، في كل ساعة وبكل يوم. وذاك يمثل أمراً آسراً ومروعاً، لأنه بشري جداً؛ اللحظات العابرة من الهدوء والسلام غير المتوقعة؛ والبسالة التي يظهرها الناس الذين لا خيارات أخرى أمامهم.

من اليسير [صار في المتناول]، أكثر من أي وقت مضى، الشعور برابط مؤلم بيننا وبين مواطني كييف وغيرها من المناطق، الذين من أسبوع فقط كانوا يعيشون حياتهم العادية. وفعلاً، خلفية زيلينسكي بالغة الإقناع لأنها عادية تماماً. لقد رقص على التلفزيون، والآن يقاتل من أجل مستقبل بلده. لا يمكن للعالم أن يشيح النظر عن ذلك. كما أنه ليس من صنف الأشخاص الذين ولدوا لقيادة الجيوش في أرض المعركة، وليس رجلاً ببذلة رسمية يرسل الجنود إلى حتفهم وهو قابع في رفاه قصره. ثمة إنسانية في شخصه وفي الناس الذين يحاول حمايتهم، وهذا أمر في العادة تصعب معاينته من بعيد.

وفي هذا السياق يصبح من الطبيعي جداً أن يتيم به الناس، ويقوموا بالكتابة عنه كأنه نجم عادي في زمن أكثر سلماً، أو أن يقوموا بتحويله إلى رمز (ميم) عن شخصه وشعبه. إنه فرد ونحن بشر، وفي العادة هكذا تنشأ العلاقات فيما بيننا.

ردود الأفعال الشخصية التي نبديها إزاء ما يحصل في أوكرانيا لا يمكنها إلا أن تكون أمراً جيداً. فالناس لا يمكنهم على الدوام التزام الرزانة [والموضوعية]، وهم لا يتحدثون دائماً بالأرقام والوقائع والاستراتيجيات والتحاليل. بل هم يضحكون ويبكون، ويتطلعون إلى أناس، ويجدون من بينهم من هو جذاب وساحر.

التحفظ تجاه ما يحصل يعني الإبقاء على مسافة بين الأوكرانيين وبين باقي العالم، وهذا الفيض من التعليقات والآراء غير المتقنة غالباً، والمحرجة أحياناً، يظهر ببساطة أن ذلك لن يحصل.

ربما هذا لا يعني كثيراً في المدى البعيد، وربما ينظر إليه على أنه بلا معنى وغريب حين ينتهي كل شيء، لكن من يبالي بهذا؟ ما من أحد مثالي، وأحياناً من السهل أن يصاب المرء بالعزلة إن كان يهتم كثيراً. غير أن هذا أفضل على الدوام من اللا مبالاة أبداً.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من دوليات