Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

 صراع بلا ضوابط في "نظام المحورين"

يقول الأمين العام لحلف "الناتو" ينس ستولتنبرغ إن بوتين "يحاول إعادة كتابة التاريخ"

تظاهرة امام السفارة الروسية في واشنطن (أ ف ب)

غزو أوكرانيا أعاد تأكيد معادلة ثابتة في موسكو أيام القياصرة وبعدهم: روسيا بلا أوكرانيا قوة إقليمية، روسيا مع أوكرانيا قوة عالمية. وليس غريباً تصوير الغرب للرئيس فلاديمير بوتين بأنه "هتلر القرن الحادي والعشرين".

الغريب أن الغرب أسهم في دفع بوتين إلى دور هتلر في الغزو عبر إذلال روسيا ومد حلف "الناتو" إلى حدودها. وهو ما وصفه مهندس استراتيجية "الاحتواء" التي أنهت الاتحاد السوفياتي الدبلوماسي جورج كينان بأنه "خطأ كبير". ومع خطورة الغزو بالحسابات الجيوسياسية والبعد الإنساني، فإن ما يزيد من الخطورة هي أربعة أمور ظاهرة.

الأول أن بوتين استخدم المنطق النازي في الغزو. هتلر غزا السوديت التشيكوسلوفاكية والنمسا وضمهما الى ألمانيا بحجة الحماية للألمان والناطقين بالألمانية. وبوتين غزا أوكرانيا بداعي حماية الأقلية الناطقة بالروسية.

والثاني أن "القيصر" الروسي أضاف إلى مبررات الغزو "استئصال النازية الجديدة من أوكرانيا التي دفعت 8 ملايين ضحية في الحرب ضد الغزو النازي"، كما يقول رئيسها اليهودي فولوديمير زيلينسكي. والثالث، أن بوتين الذي لعب ورقة "الوطنية الروسية" ينكر على الأوكرانيين الحق في اعتناق "القومية الأوكرانية"، ويصف القوميين بأنهم أعداء. والرابع أنه في مواجهة بوتين ليس هناك قادة من قماشة الذين واجهوا هتلر، فلا روزفلت في أميركا، ولا تشرشل في بريطانيا، ولا ديغول في فرنسا.

ولو كان الغرب مستعداً للمواجهة العسكرية لما أقدم بوتين على الغزو. فهو لم يتدخل في جورجيا لولا سماعه الرئيس بوش الابن يعلن أنه ليس مستعداً لاستخدام القوة "دعماً لانتحارية وطنية". ولا ضم القرم لو لم يكن مدركاً أن الرئيس باراك أوباما يعترف بأن "مصالح روسيا في أوكرانيا أهم من مصالح أميركا، وأنها بالنسبة إلى روسيا مثل المكسيك بالنسبة إلينا".

ولا تدخل في سوريا قبل أن يتراجع أوباما عن "الخط الأحمر" الذي رسمه والضربة العسكرية المقررة مع فرنسا. وهتلر نفسه لم يقدم على غزو السوديت والنمسا لو لم يكن مطمئناً إلى "اتفاق ميونيخ" مع تشامبرلن ودلالاديه، واتفاق "عدم الاعتداء" مع ستالين قبل أن ينقضه ويرتكب أكبر غلطة بغزو الاتحاد السوفياتي كما فعل نابوليون من قبل بغزو روسيا.

أقل ما يقوله الأمين العام لحلف "الناتو" ينس ستولتنبرغ هو إن بوتين "يحاول إعادة كتابة التاريخ" وأبسط ما يقوله الرئيس الأميركي جو بايدن ووزير خارجيته أنتوني بلينكن إن الرئيس الروسي يحاول "إعادة الاتحاد السوفياتي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وهناك في عواصم الغرب تكهنات بأن بوتين قد يذهب في الغزو بعد أوكرانيا إلى جورجيا ومولدوفا. لكن الواضح أن الحد الأدنى الذي يخطط له هو تركيب "حكم دمى" روسية في كييف، ومن ثم الإصرار على "الفنلدة" في عدد من دول شرق أوروبا. أي سريان النموذج الفنلندي المحايد والصديق لموسكو على أوكرانيا وجورجيا. وهو يتصرف على أساس أن العقوبات الأميركية والأوروبية القاسية والصعبة على بلاده لن تدوم طويلاً مثل كل رد فعل على فعل. فالفعل يبقى. أبخازيا وأوسيتيا باقيتان. كذلك القرم. والآن أوكرانيا. والعقوبات تنتهي مع الوقت.

والمسألة الأكبر هي تأثير الغزو على النظام الأمني الأوروبي ثم النظام العالمي الذي انتقل من نظام القطبين إلى نظام القطب الواحد، فإلى التعددية القطبية والفوضى بلا نظام. ولا عودة إلى نظام القطبين، ولو عاد الاتحاد السوفياتي، لأن الظروف تبدلت.

لكن الواضح هو صعود ما يمكن أن يسمى "نظام المحورين" المتنافسين المتخاصمين والمتداخلين اقتصادياً والمشاركين في مواجهة قضايا كونية مثل الانحباس الحراري والبيئة وكورونا وسواها. وهما بالطبع المحور الصيني الروسي، والمحور الأميركي الأوروبي.

الأول تدور في فلكه بلدان مثل إيران وسوريا وكوريا الشمالية وفنزويلا وكوبا وعدد من بلدان أميركا اللاتينية. والثاني بين حلفائه اليابان والمكسيك وكندا وكوريا الجنوبية وأستراليا وإسرائيل ودول عربية عدة.

أما الهند، فإنها محرجة بسبب عدائها للصين وصداقتها لكل من روسيا وأميركا. وأما الأمن العالمي، فإنه خاضع لشريعة الغاب. والويل للدول الصغيرة المجاورة لدول قوية لديها شهية للتوسع.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل