Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قطاع النفط العراقي: أزمات السياسة والإدارة أجهزت على الحقول والإنتاج

جبار اللعيبي الوزير السابق المتخصص في شؤون الطاقة يقدم رؤيته لـ"اندبندنت عربية" حول تداعيات الخسائر المتلاحقة وفقدان العوائد على نمو الاقتصاد المحلي

وقّع العراق مند 2009 سلسة من العقود مع شركات النفط العالمية لتطوير حقوله في مناطق جنوب ووسط البلاد (رويترز)

يعود تاريخ اكتشاف النفط العراقي إلى ثلاثينيات القرن الماضي، منذ اكتشاف أول بئر في حقل "بابا كركر" بكركوك، المحافظة المتنازع عليها الآن، تلاه حقل الزبير في البصرة، إبان حقبة الانتداب البريطاني، وكان العراق من أوائل البلدان في الشرق الأوسط كالسعودية، والكويت، وإيران التي تدفق فيها النفط ليعجل بتقدمها المدني والحضاري، وينعكس على نهضتها المجتمعية، ويسجل تاريخ العراق السياسي، أن نوري السعيد باشا، رئيس الحكومات الملكية المتعاقبة، كان يوصي خارجيته: "عليكم ألا تلجأوا للتفاوض حول النفط ولا تدخلوه في السياسة، واكتفوا ببيعه في الأسواق العالمية من دون ضجة حتى لا يساومكم أحد، لتصلوا إلى مرحلة (برميل نفط قبالة برميل ماء)".

وفي مقابلة مع "اندبندنت عربية"، قال الخبير النفطي العراقي والوزير جبار علي اللعيبي المتحدر من مدينة البصرة النفطية، إنه يدرك قبل غيره، أن استمرار تدفق النفط يعادل استمرار تدفق الماء في نهري دجلة والفرات، في معنى تقدم الحياة وحماية المجتمع وتماسكه في العراق، وهو المتخرج في جامعات إنجلترا، الدولة التي اكتشفت النفط، حيث درس وتعلم فيها، ويدرك أن هذا القطاع الذي ضرب بسبب الأزمات السياسية المتعاقبة، ووضع وصية الرئيس نوري السعيد على الرف، وهذا الأمر الذي جلب الويلات لهذا البلد الممتحن بالأزمات والمتورط بملفات شائكة أعقدها تقاتل الميليشيات والأطراف السياسية على مدينة البصرة التي توفر قرابة 85 في المئة من نفط العراق، الذي وصل في طاقته التصديرية إلى ثلاثة ملايين و200 ألف برميل يومياً تجلب له عائدات تربو على سبعة مليارات دولار شهرياً، وتشكل 96 في المئة من ميزانية العراق السنوية التي وصلت في العام الماضي بحدود 70 مليار دولار، ويتوقع زيادة مطردة جراء ارتفاع أسعار النفط، التي زادت مرات خلال هذا العام، والعام الماضي.

وعلى الرغم من هذه الأرقام الكبيرة التي يشهدها العراق، فإنه أخفق في صناعته النفطية التي كان العراق من أوائل الدول التي اهتمت بالصناعات الاستخراجية والتحويلية والبتروكيماوية، واعتماده على الصادرات الإيرانية والخليجية بتوفير وقود الطاقة، واستمرار هدر الغاز الطبيعي، ومخاطر جمة في أضرار المكامن النفطية جراء عدم الأخذ بنصائحه بالتعاقد مع شركات متخصصة في تقنية حقن الماء المعالج في الحقول التي تتعرض لتناقص في طاقتها الإنتاجية من دون إعلان، جراء إعاقة وإيقاف مشاريع اقترحها لضخ المياه في المكامن في الحقول التي يستخرج منها النفط، التي باتت من بديهيات العمل في حقول النفط في العالم، ولم يسمعه أحد.

خبراء الطاقة يحذرون من التلاعب بالقطاع النفطي العراقي، لكن الوزير جبار علي اللعيبي يقول، "لا بد من القول إن القطاع النفطي العراقي يحتل الأهمية القصوى في تأمين إيرادات البلد ويشكل عصب الحياة فيه، فالاقتصاد في البلاد يستمد ديمومته من إيرادات هذا القطاع، التي تصل لما يزيد على 90 في المئة من موارده، وهي تسهم في استمرارية وديمومة الحياة لعموم المجتمع، ويؤمن الأموال اللازمة لميزانيات الدولة، والأهم من ذلك أنه السبيل الوحيد لعقد الشراكة الوطنية التي تمول ميزانيات المحافظات العراقية الـ18، وتوفر الإمكانات المعيشية والحياتية في اقتصاد يوصف بـ"الريعي"، إذ يعتمد كلياً على الصادرات النفطية والموارد النفطية في اقتصاده، ويتأثر مباشرة بالتغيرات التي تحدث فيه، فلا مناص من ديمومته والحفاظ على تدفق إيراداته، وديمومتها، والأهم انتظامها، وهو السبيل الوحيد لإحداث التنمية الاقتصادية والمجتمعية وسبيل إبقاء وحدة المجتمع وتماسكه وتأمين الإيرادات للدفاع عن وجوده، وضمان تدفق رواتب الملايين من موظفي الدولة، وإعطاء الأولوية في تطوير القطاع تجديد العمل فيه في مسار التطوير المستدام والمستهدف".

ويستدرك اللعيبي قائلاً، "لكن هل من المعقول إن يستورد العراق نفطاً من مصافي دول الجوار أو يستمر بحرق الغاز؟ هذا هو اللا معقول بعينه في بلد مثل العراق يملك ثاني أكبر مخزون في الشرق الأوسط، بعد السعودية، في الوقت ذاتهكان العراق  قد وقع عقوداً مع شركات عالمية كبرى، لتحسين المصافي وعمل منشآت جديدة، لااستثمار الغاز المصاحب للحقول النفطية، إضافة إلى تأمين بدائل لتفعيل هذا القطاع". ويضيف الوزير العراقي السابق، "بأن العراق وخلال الـ40  سنة الماضية  سعت إلى تعزيز قطاع النفط في مسار الإصلاح وقطاع الإنتاج عموماً، الذي يقضي بإعادة هيكلة الوزارة، وضرورة انبثاق شركات جديدة فاعلة لتشغيل وتيرة إنتاج وصناعة النفط والتصدير ".

أزمة في الكادر البشري

وتظل أزمة الكادر الذي كان يعمل في النفط العراقي أنه غير مدرك لهذه التحديات والمهام التي تكتنف العمليات النفطية. ويقول اللعيبي، "مطلوب ضخ دماء شابة جديدة في الحقل النفطي، قادرة على إنقاذ الوضع الواهن، في مجمل هذا القطاع، الذي يسير نحو منحدر عميق، جراء تدخلات غير النفطيين والطارئين على هذا القطاع، في وقت غالبية الدول النفطية، إن لم تكن كلها، قد أسست تشكيلات متنوعة في الصناعة النفطية، وحدثت أساليبها، حتى باتت تلك المفاصل تشكل مصدات مالية لصناعة النفط حتى لا تتعرض لاختناقات مالية عند حدوث تذبذبات في أسعار النفط، وهناك شواهد كثيرة يمكن الاستدلال بها في مقدمتها المملكة العربية السعودية التي تمثل تجربة رائدة من خلال شركة أرامكو التي حققت أرباحاً في العام الماضي بمقدار 77 مليار دولار، تزيد على كل إيرادات العراق النفطية، كذلك (أدنوك الإماراتية التي حققت أرباحاً بمعدل 50 مليار سنوياً، وهذه أرباح خارج الإيرادات الحكومية وهي مؤسسات ناجحة من دون شك".

أولويات إصلاح القطاع النفطي العراقي

ويتابع الوزير العراقي، "لقد أدركنا أن هناك هدراً كبيراً في هذا القطاع الحيوي الذي تعتمد عليه الميزانيات العراقية، والاقتصاد الريعي الحالي الذي يعتمد كلياً على إيرادات النفط في الإنفاق الحكومي ودفع الرواتب، وتم أعداد ورقة عمل مفصلة ومستفيضة لإصلاح القطاع كما تم إطلاع رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي عليها خلال فترة تشكيل الحكومة السابقة، حيث تركزت على الأولويات التي تشير إلى وقف الهدر ومنها استيراد مشتقات نفطية بمعدل (3-4) مليارات دولار سنوياً، وحرق غاز طبيعي في الحقول قبالة استيراد غاز بمعدل (6-7) مليارات دولار سنوياً، ونقل نفط خام بمعدل ملياري دولار سنوياً، ومفاصل وأبواب أخرى بمعدل ملياري دولار سنوياً، حيث يصل مجموع الهدر السنوي إلى 15 مليار دولار سنوياً، وبالإمكان تخطيه، حيث يصل المتراكم السنوي منذ عام 2020 وحتى الآن، لتلمس كم هي مؤثرة على حياة الشعب ورخائه".

لكن كل هذه التنبيهات، والكلام للوزير اللعيبي، أنها لم تلقَ الاهتمام المطلوب، وكنت أتوقع وأرجح أن يصدر رئيس السلطة التنفيذية أوامر بوقف هذا الهدر المتعمد والمريع بمعدل 15 ملياراً سنوياً وتتراكم كل عام، والشروع بمعالجته، لكن الحال ظل يدور في حلقة مفرغة، ما جعلني أتساءل: "أي نوع من الإصلاح وتعظيم الموارد النفطية التي تدعو لها الحكومات في العراق المتعاقبة ولجان البرلمان، ونحن كمتخصصين نقوم بتشخيصه والخوض في جوهر الأزمة في ظل واقع واهن، وأشخاص غير مهتمين بأهم مورد لقوت الشعب، فهل من المعقول والمنطق السليم أن تخضع وزارة النفط خلال تشكيل الحكومة الأخيرة باعتماد معيار لاختيار وزير النفط بأسلوب (القرعة)؟ وكأنما نحن في سوق للمزاد؟! في بلد بحجم ونوع العراق وأزماته وتاريخه العريق الذي يحتاج إلى قيادات حقيقية، ومدركة لطبيعة مشاكله وذات خبرة طويلة لوقف أزماته، التي لها رؤية وخبرة دقيقة تنتشله من تلك الأزمات المتراكمة، والمطردة".

باب الخروج من المحاصصة السياسية

أسلوب المحاصصة التي يعتمدها الساسة في العراق في اختيار الوزارات، لا سيما أن وزارة النفط من الوزارات الخمس السيادية، التي يكون التنافس حولها على أشده. ويقول وزير النفط العراقي السابق وعضو لجنة الطاقة البرلمانية، "حتى وإن خضعت الوزارة للمحاصصة، فإنه لا بد أن تعامل كوزارة يتم اختيارها بقيادة قادرة كفؤة تمتلك الخبرة اللازمة، وبغض النظر عن المؤهلات التي يجب أن يتحلى بها من توكل إليه قيادة وزارة، إدراك أنها مصدر لديمومة عجلة الحياة في العراق ذي الاقتصاد الريعي المعتمد على النفط، وأخشى أنه بمجرد انخفاض أسعار النفط في العالم يتحول العراق لساحة من الدماء والعنف والرعب المحتمل، وأظن أن فرصة إنقاذه الضيقة الحالية بفعل الارتفاع الحالي لأسعار النفط توفر بديل الإنقاذ الشامل بتحقيق الرفاهية الممكنة، بتطوير قطاعات أخرى بمردودات النفط الحالية، لكن مع شديد الأسف، لم تظهر رؤية متكاملة لإنقاذ هذا القطاع الحيوي على الرغم من إمكانية ذلك، وأجدها ممكنة كما أسلفت، وأعددت دراسات مستفيضة بحكم عملي الطويل في هذا القطاع على مدى أكثر من 40 سنة، وجراء معايشتي وسكني في مدينة البصرة مدينة إنتاج النفط العراقي".

استثمار الغاز السبيل الأهم لإنقاذ الواقع الحالي

ويؤكد وزير النفط العراقي السابق، على أهمية استثمار الغاز وما وصفه بـ"الشروع عاجلاً في تنفيذ خطط استثمار الغاز بنوعية المصاحب لاستخراج النفط والغاز الحر الذي سيجلب عائدات بمقدر سبعة مليارات دولار قابلة للزيادة، للمساهمة في تعظيم الموارد المالية، كذلك لا بد من اللجوء الفعلي إلى تعظيم تصدير المنتجات النفطية ومنها النفط الأسود و(النفثا)، فبالإمكان تحقيق معدلات تصديرية عالية لهذا المنتج من المصافي، وزيادة معدلات إنتاجه وتصديره، كذلك السعي لاستبدال النفط الثقيل المستخدم في محطات الكهرباء وتعويضها بالغاز أو النفط، لتجنب الضرر الكبير في منشآت إنتاج الطاقة الكهربائية الحالية وخراب البيئة، مع ضرورة تنفيذ الخطط التي قمت بإعدادها في عام 2017، في تصفية النفط الثقيل، وتحويله إلى منتج قابل للتصدير، وضرورة إشراك القطاع الخاص في تفعيل هذا المجال الذي يجلب إيرادات عالية".

 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويجد الوزير العراقي أن استيراد العراقيين المنتجات النفطية يعد أمراً مشيناً، وهو البلد المنتج للنفط بمعدلات عالية. ويقول، "لا بد من تقليص استيراد العراق المنتجات النفطية، فمن غير المنطقي والاقتصادي في بلد منتج عالمي للنفط يقوم أو يلجأ لاستيراد منتجات نفطية، ويمكن تخطي هذه الأزمة من خلال زيادة مساهمة القطاع الخاص وإشراكه بضوابط علمية محددة في إنتاج البنزين المحسن، مع وضع أسس ومعايير لضمان أرباح وزارة النفط، وتقليص الاعتماد على زيت الغاز المستورد في محطات الكهرباء، واستخدام النفط الخام أو الغاز بدلاً منه، وهذا ممكن عملياً، بالإضافة إلى تنفيذ خطة عاجلة وسريعة في استثمار الغاز من خلال خطة تأجير محطات ومنشآت المعالجة وتطويرها، كما تم في حقل الناصرية في عام 2017، وذلك مع تبني خطة عمل معجلة في زيادة وتطوير المنتجات النفطية في المصافي العاملة مثل الدهون وغيرها، التي تستنزف ميزانيات كبيرة بحكم الاستخدام اليومي وحاجة الاستهلاك".

إحباط مشروع الحجز المسبق للنفط العراقي

ومن المشاريع المريبة التي كاد العراق أن يلجأ إليها مشروع النفط بطريقة الحجز المسبق، ببيع النفط وهو في الأرض وبأسعار لا تراعي مستقبل الزيادة والنقصان فيها. ويضيف جبار اللعيبي، "تلقفت الإدارات الحكومية والنفطية في فترة حكومة حيدر العبادي فكرة بيع النفط بأسلوب "الحجز المسبق"، أي يقوم المشتركون بدفع الأموال قبل توافر كميات النفط، وهو تحت الأرض، كطريقة ومعالجة للضيق المالي الذي مر على البلد، وجراء تدني أسعار النفط وتقليل حصص تصديره، وعلى الرغم من أن هذه الطريقة كانت مستخدمة سابقاً في بعض الدول منذ فترات طويلة، لجأت إليها الدول التي توصف بالمأزومة مثل نيجيريا، وفنزويلا، والمكسيك، وقيام الزعامات التي تسعى إلى تأمين الضرورات المالية الملحة، لكنها لاقت كثيراً من الإشكالات، فهذه الدول الثلاث ذات الخصوصية الاستثنائية باستشراء الفساد وإغراق الدولة بالديون والصراع المجتمعي وتدني القدرات الاقتصادية، وتفريخ المافيا المالية، لجأت إلى بيع كميات كبيرة من نفطها قبيل استخراجه وقبضت ثمنها مقدماً، لكنها عانت بعد فترة، وبعد تغير أسعار النفط وارتفاعه، ما تسبب في حدوث خسائر مادية عالية، علماً بأن هذه الطريقة محدودة جداً في التداول، ولن تلجأ إليها إلا الدول الغارقة في الفساد وتدني مستوى الحرص الوطني واحترام الأجيال اللاحقة، وعدم تحملها أعباء مستقبلية، وقد عملت على منع هذا المشروع المريب، وأن أحول دون تورط البلاد بهذا المشروع والأسلوب المشين ببيع نفطنا، وهو قبل الاستخراج، وسبق وأن تم طرحها كخيار طوارئ في عام 2017، لكن تم رفضها بشدة، وذلك لإدراك أسباب عديدة تحول دون المغامرة ورهن مستقبل البلاد، بطريقة سافرة، فمن وجهة نظري كمتخصص وخبير في هذا القطاع على مدى 40 سنة، فإن العراق غير مضطر، على الرغم من وضعه المالي إلى اللجوء لمثل هذه الطرق الملتوية والمغامرة بمستقبله في تسويق نفطه، لا سيما أن أسعار النفط وفق مؤشرات واضحة تشهد تعافياً ملحوظاً خلال عام 2001. وترجح التوقعات بأن الأسعار ستصل إلى 90 دولاراً للبرميل، بضوء الواقع المتحرك للأنشطة الاقتصادية وارتفاع معدلات الاستهلاك في العالم، ما يتطلب الإقلاع عن تلك المغامرة في بيع النفط وهو تحت الأرض؟!".

ضرورات إعادة نظر شاملة بقطاع النفط

وتراجع وتيرة الصناعة النفطية في العراق، تستدعي عقد شراكات دولية مع التجارب الناجحة والمدروسة، وتغير نمط الإدارة النفطية وتكثيف الجهود في الاعتماد على خبرات عراقية شابة وتدريبها وتفعيل حضورها في هذا القطاع الحيوي. ويرى الوزير جبار اللعيبي أنه "مع إدراك أن واقعنا الاقتصادي ما زال معتمداً بنسبة عالية على العائدات النفطية، لا يتحمل أي مغامرة جديدة تحت ضغط قوى وأشخاص لا تهمهم سوى مصالحهم الخاصة، وأن السبيل الوحيد للخروج باستراتيجيات ذات كفاءة تسهم في تحريك صناعة النفط وتنمي الموارد والعوائد التي تأتي منها مع شراكة دولية مفروغ من نتائجها، وليس التجريب في قطاع هو عماد اقتصاد البلد ومصدر قوت الشعب. ويضيف مؤكداً، "لا بد من إقرار صيغة جديدة لقانون النفط والغاز الاتحادي، بحيث تحظى بدعم المكونات الرئيسة للعملية السياسية، وإقرارها بعد استيعاب أهدافها في الفصل التشريعي الأول من دورة البرلمان المقبلة (علماً بأنها خضعت للمناقشة لمرة واحدة، وصرف النظر عنها لعدم حصول توافق حولها)، فمن شأنها ان تقود فاعلية النهوض والأداء".

استراتيجية بديلة تحاكي تطور القطاع النفطي العالمي

وفي حديثه ذكر وزير النفط العراقي جبار اللعيبي إلى دراسات سابقة قد أرسلت حول تطور القطاع النفطي بورقة  شاملة للخروج بواقع القطاع نحو تفعيل معظم تفاصيله، وهيكلة أساسياته بوقف التردي والتخلف والفساد، عبر خطوط عريضة للنهوض بهذا القسم االحيوي ضمن خطة ومشروع عام 2025 في مجالات متعددة .

تطوير قطاع النفط والخام

ويرى اللعيبي "ضرورة تحقيق معدل إنتاج 7.5 مليون برميل يومياً منها، سبعة ملايين برميل يومياً، تصدير واستهلاك داخلي، ونصف مليون برميل يومياً، طاقة احتياطية، وإنتاج وتصدير ثلاثة أنواع من النفط، خفيف، ومتوسط، وثقيل، والعمل على تطوير الحقول النفطية المكتشفة والمؤكدة في عموم العراق، وتضمن خطط تطوير الحقول، المساهمة في بناء بنى تحتية رئيسة، سواء لقطاع النفط والخدمات الأساسية للمحافظة ذات الصلة الخاصة مع ضرورة تطوير الحقول الحدودية، مع دول الجوار والإسراع في تطوير حقول كركوك للوصول إلى طاقة إنتاج مليون برميل يومياً، إضافة إلى مراجعة عقود جولات التراخيص، فعلى الرغم من أنها تحقق إنجازات ومعدلات إنتاج من خلالها، لكن الهفوات الرئيسة ما زالت قائمة فيها، وتحتاج إلى المراجعة الشاملة، مع التركيز على إدخال الشركات الوطنية العراقية في المشاركة الاستثمارية والفنية والإدارية مع الشركات الأجنبية المعنية، من أجل استنهاض مستوى تلك الشركات الوطنية وتفعيل دورها".

تطوير قطاع الغاز والطاقة النظيفة

ومن المجالات التي يؤكد عليها ضرورة العمل على استثمار كامل للغاز المصاحب للنفط خلال عام 2022، واستثمار الغاز الحر في حقول الغاز في الوسط والشمال نهاية هذا العام، وتطوير حقول الغاز الحر في الشمال، والصحراء الغربية مع تحقيق الهدف بوضع العراق في المرتبة الثالثة أو الرابعة في إنتاج وتصدير الغاز.

قطاع تصفية النفط وتفعيل المصافي

كذلك يدعو إلى تفعيل العمل على تحقيق طاقة تصفية مليوني برميل يومياً منها مليون برميل يومياً لأغراض التصدير من خلال الجهد الوطني والاستثمار والسعي لتحديث منشآت التصفية الحالية مع ضرورة إعادة النظر بآليات الإنتاج ونوعية المنتجات وهيكلة القطاع. واقترح رفع مصفى "الدورة" إلى موقع آخر في أطراف بغداد، لأنه يشكل عقبة في التلوث ومراعاة تطور العاصمة، حيث صار المصفى عبئاً عليها، على الرغم من أهميته، وأوصى بإنشاء شبكات نقل وتوزيع حديثة.

صناعة البتروكيماويات الحل الضروري

كان العراق من الدول العربية السباقة في مجال الصناعات البتروكيماوية، لكنها انهارت بسبب حرب الثمانينيات لذلك يقول، "دعوت إلى ضم مشروع الصناعة البتروكيماوية إلى وزارة النفط ووزارة الصناعة، وذلك لوجود ارتباط كبير في النفط"، وكان العراق متقدماً في إنشاء تلك الصناعة في السبعينيات، لكن الحرب العراقية - الإيرانية أوقفتها، وكانت تستوعب عشرات الآلاف من العاملين في البصرة.

الاستكشافات النفطية ضرورة ملحة

ويضيف في إطار تفعيل الحلول "ويشكل دعم وتنشيط مجال الاستكشافات النفطية جوهر العملية النفطية وتطويرها لأنها تحقق إضافات معتبرة للاحتياطي النفطي، وصولاً إلى ملياري مليار برميل، ليكون العراق في مقدم الدول كالسعودية في الاحتياطي النفطي، وتحقيق إضافات كبيرة في احتياطي الغاز الحر والوصول إلى نحو ضعف السقف الحالي، وعليه لا بد من إجراء عمليات استكشاف في المياه الإقليمية العراقية بهدف التوسع"، كذلك لا بد من إعادة النظرة الشمولية في هيكلة وعمل مجال التوزيع وتحديث آليات الإدارة والمنشآت مع التوسيع في إشراك القطاع الخاص، والنهوض في مجال التصنيع النفطي وتطويره وتحديث آليات التصنيع والميكنة، بحيث يغطي أكثر من 50 في المئة من احتياجات الوزارة من المعدات والأجهزة النفطية.

إضافة إلى ضرورة "النهوض وتطوير وتحديث عمل قطاع التسويق بحيث يتماشى مع متغيرات الأسواق العالمية وتحديات المضاربات وتذبذب أسعار النفط الخام والمنتجات، ويكون ذلك من خلال خلق جيل جديد متطور وقادر ومتمرس، والسعي الحقيقي في إيجاد فرص متنوعة ومتعددة للنفط الخام والمنتجات النفطية من خلال الدخول في مساهمة أو شراكة مع عدد من المصافي الكبيرة في آسيا، كوريا، أفريقيا والصين، والدخول في مشاركة أو مساهمة مع بعض الشركات العالمية لإنشاء خزين نفط عراقي كبير وثابت في تلك البلدان، وإجراء مسوحات ومراجعات دورية وعلمية لوضع أسواق النفط العالمية وتقلبات العرض والطلب ما يخفف في التغيرات المفاجئة في تلك الأسواق عن اقتصاد البلد".

وتابع اللعيبي أن العراق فقد أهم عناصر مكملات تصدير بتدمير أسطوله الناقل للبترول جراء الحروب التي خاضها. ويقول، "من الضرورة النهوض وتطوير شركة الناقلات، وضرورة امتلاك العراق أسطول نقل كبير لنقل النفط العراقي من خلال موارده الذاتية أو الدخول في شراكات تمكننا من امتلاك 12 ناقلة عملاقة في المرحلة الأولى، فقد كان العراق يمتلك أسطولاً ضخماً دمرته حروب الثمانينيات والسياسات المغامرة، وتمكين الشركة من العمل في أعالي المحيطات وإنشاء خزانات أو ناقلات نفط عملاقة في أعالي البحار من أجل التسويق بطريقة (ON SOOT) إذ فيها مردودات مالية عالية".

مخاطر مهددة لحقول النفط

يجمع متخصصون أن هناك مخاطر جدية تواجه الحقول العراقية والمناطق المحيطة في البصرة جراء السحب المستمر للنفط من دون تعويض بحقن للمكامن، ويتابع الوزير السابق جابر اللعيبي، "يشكل مشروع حقن الماء في مكامن النفط (مشروع حقن ماء البحر) المرتبة الأقصى في مستقبل ديمومة أداء (المكامن النفطية) وسلامتها واستمرار أدائها، وتأخر المشروع عن المخطط له أكثر من 10 سنوات، ونتائج التأخير كارثية ستؤدي إلى إحداث أضرار جسيمة في المكامن النفطية وحقول النفط العاملة، وتراجع معدلات إنتاج النفط الخام منها بشكل مستمر، وقد نبهت طويلاً عن ذلك وسعيت بالتعاقد مع شركة عالمية متخصصة تملك التقنية المعقدة لتنفيذ المشروع من خلال التمويل المحلي والاستثمار، لكن المشروع لم يرَ النور وجابه الكثير من العقبات، وأحذر من ظواهر تناقص معدلات الإنتاج المستمرة في الحقول بنسب مستمرة، وبنتائج سلبية محتملة على اقتصاد البلاد، جراء عدم تعويض المكامن وحقنها بالماء".

إشكالية موانئ التصدير

وتبقى إشكالية موانئ التصدير العراقية، التي تأجل كثير من مشاريعها، معرقلة لتصدير النفط، يؤكد ذلك وزير النفط السيد جبار اللعيبي بقوله، "دعوت إلى توسيع وتطوير موانئ التصدير في الجنوب وصولاً إلى طاقة ستة ملايين برميل يومياً، وإعادة إكمال مشروع الخط العراقي التركي بطاقة مليون برميل يومياً، وإنشاء شبكة أنابيب لعموم العراق لنقل المنتجات النفطية، إضافة إلى بناء وتوسيع مستودعات خزن النفط في الفاو لتصل إلى 25 مليون برميل وأكثر، وأظن أن الوقت قد حان إلى إعادة مشروع خط كركوك - بانياس عبر الأراضي السورية، وصولاً لموانئ البحر الأبيض المتوسط، لأسباب جوهرية تتمثل في مرونة التسويق للنفط العراقي وزيادة مساحة التسويق لتغطي أوروبا وأفريقيا معاً".

المزيد من حوارات