Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما حكم اللعب بالثلج أو أكل جوزة الطيب؟

محاصرة المسلمين بفتاوى غريبة تطرح تساؤل: هل نحن بحاجة إلى الفتوى دائماً؟

صورة متداولة لسعودي صنع رجل ثلج بعد عاصفة ثلجية شمال البلاد (مواقع التواصل الاجتماعي - تخضع لحقوق الملكية الفكرية)

عند تصفح وقراءة بعض الفتاوى الشرعية حول تفاصيل جزئية في الحياة اليومية، يتهادى إلى الأذهان سؤال مهم، هل نحن بحاجة إلى فتوى دائما؟ في كل شئ؟

إذ تدفع غرابة الإجابة على غرابة سؤال المستفتي، إلى الشك بأن المفتي لا يملك إجابة، وأن المرجعية الدينية لم تتداول هذا السؤال يوماً لكونه سلوكاً لا يستدعي قاعدة دينية ينطلق منها الفرد حتى يمارسه، إلا أن إصرار رجال الدين على أن يكونوا فاعلين في كل مكان بدافع أن "الإسلام دينٌ ودُنيا" يدفعهم للإجابة، ما يوقعهم في حرج الإجابات الغريبة.

فدخول الحمام مشروطاً بتقديم قدمٍ على الأخرى، وركوب وسيلة المواصلات مرتبط بترديد دعاء الركوب، والعمل في مجال السياحة أو عالم البنوك أو شركات الـ"كول سنتر" يستدعي الحصول على إذن من "عالم" دين، صناعة رجل الثلج أو لعب "بوبجي" باتت تدور في فلك الشرعيين، فصارت النفس مثقلة بحجم مذهل من الفتاوى التي لم يتبق سوى أن تملي على الناس عدد مرات الشهيق والزفير في اليوم. لكن لآخرين، صارت النفس مهذبة ملتزمة متسقة مع قواعد الدين وقيم الالتزام، بحسب المدافعين عنها.

اللعب بالثلج والأكل من البوفيه المفتوح في السعودية

في السعودية كان يمكن أن تموت الفتاة غرقاً عندما جرّتها الشطآن لأنها التزمت فتوى مثيرة تقول "يحرم على النساء تعلم السباحة"، بذريعة أن تعلم السباحة "أمر خاص بالرجل من دون المرأة، المرأة يجب ألا تمارس ما يفعله الرجال"، تلك فتوى لعضو هيئة كبار العلماء في السعودية، صالح الفوزان، حيث لا يزال أرشيف "يوتيوب" يحتفظ بها حين خرج على قناة حكومية في برنامج خاص بالإفتاء. 

لكن هذا ليس أغرب شيء يمكن أن تسمعه، ففي فترة سابقة كانت الفتاوى تحاصرك وأنت في طريقك لمأدبة عشاء للاحتفال بزواج أحد أصدقائك، تخبرك أن طريقة تقديم الطعام في الحفل تحدد ما إذا كان يجب عليك أن تشاركهم الوليمة أم لا، فإن كان صديقك رجلاً تقليدياً يحب تقديم الولائم كما اعتادها الناس في أطباق كبيرة يتشاركها الرجال فلا بأس، لكن إن قرر أن يقدم عشاءه على طريقة "البوفيه المفتوح" فحبذا أن تمتنع خشية الوقوع في حرجٍ ديني. والسبب كما يقول رجل دين سعودي أن الإنسان الذي يدفع مبلغاً لشيء غير محدود ولا معلوم مثل كمية الطعام الذي سيأكله الناس في البوفيه المفتوح هو أمر محرم شرعاً، لأنه على حد وصفه "عقد جهالة"، والعقد المعلوم والمجهول هو شرط من شروط عقود البيع في الدين الإسلامي، يشترط أن يكون ما تم الحصول عليه مقابل المال المدفوع معلوم بدقة في كميته وحجمه ونوعه، وإلا كان عقد جهالة!

لكن هذا كان قديماً جداً، في القرن الماضي ولم يعد هناك من يتداولها اليوم، فقد بات هناك ما هو أغرب منها، بخاصة بعد أن داهمت عاصفة ثلجية نادرة شمال السعودية قبل سبع سنوات، عندما انبرى شخص في موقع "الإسلام سؤال وجواب" للبحث عن فتوى عن كائنات غريبة بدأت تظهر في الأرجاء، يسمونها "رجل الثلج"، لتأتي الإجابة من الداعية محمد صالح المنجد الذي يشرف على الموقع بأنه "لا يجوز صناعة تمثال رجل من الثلج، ولو على سبيل المرح واللعب"، يمكنهم صناعة أشياء لا روح فيها مثل الأشجار والسفن والبنايات ونحوها، كما يقول، ليكتشف السعوديون فجأة أن اللعب بالثلج حرام.

فتاوى التحريم المثيرة لا تسعها أحرف معدودة، فمن النهي عن السفر للاستلقاء في شواطئ ميامي أو الجلوس على ضفة نهر السين، لأنها بلاد ليست مسلمة والذهاب للسياحة في بلاد غير المسلمين "محرمة" كما يقول رجل دين بارز في البلاد، إلى تحريم لبس خاتم الدبلة للعرسان بذريعة أن فيها تشبهاً بـ"الكفرة"، وتشجيع الفتيات على عضوية أندية الكرة ومشاهدة المباريات، ولبس الجينز، أو الحمام المغربي.

جوزة الطيب على كرات اللحم جائزة في مصر

المجتمع المصري مغموس من رأسه حتى قدميه، وفي أقوال أخرى غارق، في كم مذهل من الفتاوى التي تتناول شتى أنواع القضايا من الإبرة إلى الصاروخ. وحيث إن الأسئلة الواردة من المصريين المؤمنين بوجوب اعتبار رأي رجل الدين عموداً من أعمدة التعليم والصحة والمواصلات والمصيف ودخول الحمام والخروج منه والمطبخ وركن التوابل لا تصل إلى مرحلة "الصاروخ" إلا فيما ندر، فإن الغالبية تدور في فلك مرحلة "الإبرة" أو حقن الدواء أثناء الصيام الذي يتكرر آلاف المرات في كل عام خلال شهر رمضان، لكن الأمور باتت أكثر غرابة من ذلك.

كرات اللحم اللذيذة والأرز المُبَّهر ورغيف "الحواوشي" المعتبر أموراً لم تُسو يوماً من دون جوزة الطيب، فإنها وجدت نفسها أثناء عقود الصحوة الدينية في مرمى التحريم بين السائل والمسؤول. هل استخدام جوزة الطيب في الطهي حرام؟ يعتقده البعض سؤالاً مقتبساً من إحدى روايات أوسكار وايلد الهزلية، لكنه في الواقع سؤال تطرحه ربات البيوت في مصر على مسامع رجال الدين بحثاً عما قد يشفي صدورهن من هذا الإحساس بالذنب واقتراف الخطيئة كلما بشرن جوزة الطيب على الحواوشي. وتأتي الإجابات الشافية العافية. أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية ومدير إدارة الحساب الشرعي السابق علي فخر قال "إن بعض الفقهاء أجازوا استخدام جوزة الطيب في الطبخ إذا كانت على سبيل التوابل، ولكن بشرط عدم الإفراط في استخدامها" لأن القليل منها لا يرقى إلا مستوى المخدر.

بالطبع يظل ضمير الطاهي ونيته وقدرته على البشر متناهي الصغر أموراً حاكمة في جوزة الطيب. لكن الضمائر والنوايا لم تشفع لا للسائلين أو المجيبين عن حكم إرضاع الموظفة لزميلها حتى تكون خلوتهما في العمل شرعية!

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

"أعمل مع موظفة في نفس الغرفة لمدة ست ساعات متواصلة ولديها طفل ترضعه، فهل يجوز لي أن أرضع منها لكي تصبح خلوتنا شرعية؟!"، كان هذا هو نص السؤال الوارد لموقع فتاوى وأحكام شرعية شهير على الإنترنت. رجل الدين الذي أجاب لم ينهر السائل على فكرته أو يسأله عن العوامل التي جعلت مخه يتفتق عن هذه الفكرة. صحيح أنه أورد الإشارة إلى أن النظر إلى عورة المرأة أو لمسها حرام، لكنه أجاب "لعل السائل لا يعني مباشرة رضاعة من هذه المرأة، بل يعني أن تحلب له لبنها ثم يشربه. فإن كان كذلك، فإن هذا الفعل لا يفيده، فإن إرضاع الكبير لا تنتشر به الحرمة على المعتمد من المذاهب الفقهية الأربعة، وأما إن كان سيباشر فعل الرضاعة بنفسه، فهذا لا يجوز".

وبين ما يجوز وما لا يجوز أفتى رئيس قسم الحديث وعلومه السابق في كلية أصول الدين في الأزهر عزت عطية قبل سنوات عن جواز إرضاع المرأة لزميلها في العمل لمنع الخلوة المحرمة، وهو ما اعتذر عنه بعد ذلك بعد ما تم وقفه عن العمل وإحالته للتحقيق.

"بوبجي" ولقاح كورونا محرمة في العراق

وانتشرت لعبة البوبجي (pubg) بين الشباب العراقي على نحو واسع لدرجة أنها دفعت البرلمان العراقي إلى التصويت على حظرها، بعدما سجلت المحاكم العراقية حالات طلاق بسبب اللعبة. والبوبجي هي من نمط الألعاب القتالية، حيث يقوم اللاعبون بالقتال بنظام فردي أو ضمن فريق بواقع 100 لاعب عبر شبكة الإنترنت من أماكن مختلفة في العالم. ومن الممكن تكوين شبكة علاقات بين اللاعبين كون أن اللعبة تسمح للاعبين بالتحدث مع بعضهم عبر الميكروفونات. وأثارت هذه اللعبة كثيراً من الجدل، لدرجة أنها دفعت "أمة إقليم كردستان" إلى تحريمها، إذ قال عرفان رشيد، رئيس تجمع أمة كردستان في تصريحات صحافية، إن "هذه اللعبة مضيعة للوقت، وإضاعة الوقت ليست من الإسلام كما أنها مضرة للجسم والعيون، فتحريم اللعبة جاء من طبيعة مخاطرها على الشباب والمجتمع".

مع الإعلان عن وصول اللقاح المضاد لفيروس كورونا إلى العراق، بدأت بعض الفتاوى بتحريم أخذ اللقاح والتحذير منه، إذ أفتى مهدي الصميدعي، مفتي العراق، بحرمة لقاح كورونا في حال ثبت استخدام مشتقات الخنزير في صناعته، مشدداً على عدم وجود شفاء في أمر محرم كونه "نجس"، وقال "نحن أمة الإسلام، والنبي قال: لم يَجعَل شفاء أمتي فيما حُرم عليها". وأضاف الصميدعي في سؤال له عن حرمة أخذ لقاح كورونا، "لا يوجد شفاء في محرم وإذا كان المعلوم أن الناس علموا أن هذا العلاج لكورونا فيه دهن الخنزير أو المادة التي تخرج من دماغ الخنزير، فهو نجس محرم لا يجوز استخدامه".

المزيد من منوعات