Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التشكيك في اللقاح ينعش سوق مزوري شهادات كورونا في السعودية

تتولى عصابات تغيير الحالة الصحية إلى "محصّن" بمقابل مادي دون تلقي الجرعة

تراقب الجهات الأمنية الحالة الصحية للمواطنين عن طريق تطبيق "توكلنا" الذي بات شرطاً لدخول الأماكن العامة (واس)

خلف دوافع المصلحة الفردية وجد المفتقرون إلى الإحساس بالمسؤولية في فيروس كورونا فرصة للمتاجرة والتكسب من خلال تزييف الحالة الصحية، والتلاعب بشهادة تلقي اللقاح في السعودية. فبعد أن أطلقت السعودية ما أسمته "الجواز الصحي" كشرط للسفر، أو تطبيق "توكلنا" لمتابعة الحالة الصحية وعدد جرعات اللقاح التي تم تلقيها كشرط لدخول مقار العمل والأماكن العامة، وحتى حضور المناسبات الخاصة كالزفاف، وجد المزورون في معارضي اللقاح فرصة للربح.

فعند تصفحك لمواقع التواصل الاجتماعي، أصبح من السهل أن تمر عليك إعلانات لحسابات تعلن عن تزوير الحصول على جرعات لقاح كورونا، ويأتي نص الإعلان "تغيير حالتك الصحية" وكذلك "فحص معتمد للسفر"، ما يؤثر سلباً على الجهود التي تقوم بها الحكومات لمواجهة الوباء.

399 دولارا لتحصل على كلمة "محصن"

وبعد ظهور متحورة "أوميكرون" باكتشاف أول حالة في جنوب أفريقيا 26 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بدأ الحديث والجدل حول استمرار فاعلية الجرعتين في الوقاية من العدوى وضرورة إضافة جرعة تعزيزية في ظل الارتفاع غير المسبوق في عدد الإصابات، هذه السرعة في الانتشار أثارت قلق الدول، وبدأت بخطط إعطاء جرعات معززة لحماية شعوبها واقتصاداتها، وذلك بعد دراسات علمية أثبتت أن الحماية التي يمنحها اللقاح تتناقص بمرور الوقت والجرعات المعززة توفر حماية ضد الأعراض الخطيرة الناتجة من المتحور الجديد.

لكن تردد منظمة الصحة العالمية في دعم فكرة الجرعة المعززة رفع صوت المشككين في جدوى اللقاحات، وبدأوا في الترويج لعدم جدواها، لكن هذا لم يمنع الحكومات من الأخذ بإلزاميتها للدخول إلى الأماكن العامة، لتنشط بعدها سوق المزورين وحسابات بيع التحصين في الدول الخليجية.

 

تواصلت "اندبندنت عربية" مع بعض أصحاب هذه الحسابات في السعودية، وأكدوا سهولة العملية وإمكانية تزوير الرمز المربع "باركود" الخاص بإثبات تلقي اللقاح، وكانت عملية التزوير تتم وفق خطوات، إذ طلب منا أحد المزورين حجز موعد لتلقي الجرعة وعدم الذهاب إلى الموعد، وبعدها سيتولى مهمة تغيير الحالة في تطبيق "توكلنا" المعتمد في السعودية، لكشف الحالة الصحية بعد موعد الجرعة الذي تم التغيب عنه.

أما مزور آخر، فقد كانت لديه خطوات أخرى، فهو لم يطلب حجز موعد، اكتفى فقط بطلب تحويل 1500 ريال (399 دولاراً) ليتولى مهمة تغيير الحالة في 24 ساعة، وكضمانة قدمها لنا بعد التشكيك عرض علينا عدم تحويل المبلغ إلا بعد تغيير الحالة.

لماذا اللجوء للمزورين؟

نشاط سوق المزورين يثير تساؤلاً حول سبب إقدام الناس عليهم، لماذا يلجأ الناس إلى التلاعب بالحالة بدلاً من أخذ اللقاح؟ يجيب عن هذا السؤال الدكتور نواف الدعجاني، استشاري الأمراض المعدية في مستشفى الملك فيصل التخصصي، قائلاً "تردد الكثير في أخذ الجرعة الثالثة هو لما يشاع عن أن للقاح تقنية جديدة قد تغير التركيبة الجينية للبشر، وأن لا جدوى منها وأنها مجرد منتجات تجارية تحاول الشركات التكسب من ورائها، إضافة إلى أن تضارب المعلومات وطرق عرض الدراسات أدت إلى التباس لدى المتلقي لها، مما أثار كثيراً من الشكوك وأدى إلى التهرب من التطعيمات".

وأضاف "عندما تقول الدراسات، إن التطعيم ناجح بنسبة 94 في المئة من الجرعة الأولى، ثم يكتشف أنها لا تتطابق مع الواقع، تهتز ثقته في المعلومة، ثم بعد أشهر عدة نقول، إننا بحاجة إلى جرعة أخرى، وهذا يولد مزيداً من التردد والشكوك".

طلب التزوير بشكل مباشر

ولم يكتف رافضو اللقاح بشراء التحصين من وسائل التواصل الاجتماعي، بل تجرأوا على طلب ورقة التحصين من الممرضات في مراكز اللقاحات المعتمدة في السعودية دون تلقي اللقاح، وهذا ما ذكرته لنا إحداهن.

وقالت الممرضة التي طلبت عدم ذكر اسمها، إنه في اليوم الواحد قد يمر "خمسة أشخاص يطلبون مني بعد الدخول إلى حجرة الحقن أن ألقي بالجرعة في القمامة وأعطيهم ورقة تثبت تلقيها، ولكني أرفض"، وتضيف "بعد الرفض يخرج البعض من الغرفة دون أخذ اللقاح، في حين يستسلم البعض ويأخذها".

وأضافت "لم يتجرأوا على طلب مثل هذا إلا وهم يعلمون أن هناك من يوافقهم على ذلك"، مؤكدة أن هذا صار ملفتاً أكثر في الجرعة الثالثة والثانية أكثر من الأولى.

وبالحديث عن عدد الجرعات وفرص تحديدها لحسم الجدل حول نهاية مرات التلقيح، أشار الدعجاني إلى أن "كثرة الجرعات زادت اليأس والشك لدى الشعوب في جدوى التطعيم، إلا أن هذا أمر طبيعي فالفيروسات التنفسية كثيرة، مثل الإنفلونزا، وكلها تحتاج لجرعات عدة معززة كل موسم وينطبق ذلك على كورونا".

العصابات في دول الخليج

ومع كثرة انتشار العابثين في المجال أطلقت الحكومات الخليجية تحذيراتها للمزورين والخارجين عن القانون، وقامت بفرض عقوبات تتراوح ما بين الغرامة أو السجن، وعدت هذا الفعل من جرائم التزوير والرشوة وغسل الأموال، إلا أنها لم تعلن عن نسب المزورين واكتفت بالإعلان عن حالات القبض على المرتشين والمزورين.

إذ أعلنت هيئة مكافحة الفساد في السعودية عن مباشرتها 12 قضية متعلقة بتعديل الحالة الصحية المتعلقة بفيروس كورونا الجديد، جاء ذلك على لسان مصدر مسؤول في هيئة الرقابة ومكافحة الفساد، وفقاً لما نقلته وكالة الأنباء السعودية الرسمية.

وقالت الهيئة إنها "رصدت إعلانات في مواقع التواصل الاجتماعي من أشخاص يقومون بتعديل الحالة الصحية ورفع البيانات بطريقة غير نظامية وذلك مقابل مبالغ مالية".

وفي الكويت، صرحت السلطات عن القبض على ثلاثة موظفين في وزارة الصحة لـ "تزويرهم شهادات تطعيم ضد فيروس كورونا". وكذلك في الإمارات التي ضبطت موظفين في أحد مراكز الفحص لاستغلالهما وظيفتهما والصلاحيات الممنوحة لهما لتزوير نتائج الفحص مقابل مبالغ مادية، بحسب المتحدث الرسمي لنيابة الطوارئ والأزمات والكوارث في النيابة العامة للدولة.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير