في خطوة يُتوقَّع أن تُفجّر صراعاً في تونس، قال الرئيس قيس سعيد في ساعة مبكرة من صباح الأحد 6 فبراير (شباط) إنه قرر حل المجلس الأعلى للقضاء، وهو الجهاز المعني باستقلالية القضاء. واعتبر سعيد أن المجلس أصبح من الماضي، معلناً أنه سيصدر مرسوماً مؤقتاً للمجلس.
ورداً على قرار سعيد، قال رئيس المجلس الأعلى للقضاء في تونس، يوسف بوزاخر، لوكالة "رويترز"، إن قرار الرئيس غير قانوني ومحاولة لوضع القضاء "في مربع التعليمات" الرئاسية. وأضاف لـ"رويترز" عبر الهاتف، "المجلس ليس من الماضي هو من الحاضر والمستقبل... القضاة لن يسكتوا... هذا تدخل مباشر ومحاولة لوضع القضاة في مربع التعليمات".
وقال بوزاخر إن قرار الرئيس بحل المجلس محاولة لوضع القضاء "في مربع التعليمات" الرئاسية. ودعا المجلس عموم القضاة إلى التمسك بالمجلس باعتباره الضمانة الوحيدة لاستقلالية القضاء.
وأضاف أنه يرفض الضغوط المستمرة لرئيس وأعضاء المجلس والقضاة محملاً الرئيس مسؤولية إيقاف ذلك فوراً. وانضمت جمعية القضاة الشبان إلى الرافضين لخطوة الرئيس، ودعت للتصدي لأكبر حملة تصفية سياسية للقضاء يقودها الرئيس.
ويأتي قرار سعيد بحل المجلس بعد انتقاداته اللاذعة على مدى أشهر للقضاة حين ردد كثيراً أنه لن يسمح بأن تكون هناك دولة للقضاء، بل هناك قضاء الدولة. وانتقد كثيراً تأخر القضاء في إصدار الأحكام في قضايا الفساد والإرهاب، قائلاً إن هناك فساداً، وإنه مُصرٌّ على إصلاح القضاء.
وقال سعيد في كلمة ألقاها بحضور القيادات الأمنية، إن "هذا المجلس (الأعلى للقضاء) تُباع فيه المناصب. تعيينات القضاة تتم بحسب الولاء. هؤلاء مكانهم ليس المكان الذين يجلسون فيه، وإنما المكان الذي يقف فيه المتهمون". أضاف، "أقول للتونسيين تظاهروا بكل حرية. من حقكم ومن حقنا حل المجلس الأعلى للقضاء".
تدخل الرئيس بالقضاء
وسبق أن قال سعيد، إن القضاء هو وظيفة فحسب داخل الدولة وليس سلطة. وألغى أيضاً، خلال يناير (كانون الثاني) الماضي، الامتيازات المالية لأعضاء المجلس. والمجلس الأعلى للقضاء مؤسسة دستورية تتمتع باستقلال ومن صلاحياتها حسن سير القضاء وضمان استقلاليته، إضافة إلى تأديب القضاة ومنحهم الترقيات المهنية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وانتقد قضاة هذا الشهر ما وصفوه بتدخل الرئيس وضغوطه المستمرة على القضاء في كلماته كلها. وعزل سعيد الحكومة وعلق البرلمان في يوليو (تموز) 2021، في خطوة وصفها معارضوه بأنها انقلاب. وقال إنها تهدف إلى إنقاذ البلاد. ويواجه سعيد انتقادات واسعة بأنه فرض حكماً فردياً مستبداً بعد أن جمع السلطة كلّها في يده ورفض الحوار مع الأحزاب.
ذكرى شكري بلعيد
وفي يناير، ألغى سعيد امتيازات مالية ممنوحة لأعضاء المجلس الذي تأسس عام 2016، متهماً إياه بتعيين قضاة في مناصبهم على أساس الولاء لقيادته.
وشجع سعيد أنصاره على الانضمام إلى مسيرة الأحد ضد المجلس، قائلاً إن من حقهم الاحتجاج.وخرج مئات عدة في تظاهرة لمعارضة المجلس خارج مقره الأحد.
ورفع المحتجون لافتات عليها شعارات "انتهت اللعبة" و"الشعب يريد تطهير القضاء".
وتأتي موافقة سعيد على تظاهرات الأحد على الرغم من استمرار سريان قرار حكومي بمنع التظاهرات حتى منتصف فبراير الحالي بسبب كورونا.
واستخدمت الشرطة الشهر الماضي خراطيم المياه، وضربت محتجين بالعصي لتفريق احتجاج ضد سعيد نظمته المعارضة متحدية قرار منع التظاهرات.