Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المنصات الإلكترونية تربك "الكود الأخلاقي" للمشاهد العربي

أعمال جريئة تصعد للأعلى مشاهدة في المنطقة مقابل اتهامات للأعمال العربية بفتح باب التسامح مع ظواهر يرفضها المجتمع

الشكوك تحيط بإنتاج نتفليكس بشأن المحتوى العربي  (اندبندنت عربية)

غيرت المنصات الإلكترونية حال الدراما إلى الأبد، هذا أمر لا لبس فيه، الأمر بدأ عالمياً أولاً، ثم تدريجاً احتفى صناع الفن في العالم العربي بتأثير مشاركة المنصات في العملية الإنتاجية، مما أتاح فرصاً أكبر لطرح قضايا وموضوعات بقوالب مغايرة لم تكن تطرح إلا بوجود وسيط ثالث بخلاف شاشة السينما والتلفزيون، حيث اختلفت معايير النجومية نفسها، وتابع المشاهدون مواهب صاعدة وموضوعات جديدة مع اتساع المجال للتجريب في الأسلوب الفني، بينما باتت الأفلام والمسلسلات الجديدة متاحة على الدوام فلا أحد سينتظر أجندات القنوات كما أنه ليس شرطاً أن يذهب المشاهد إلى السينما ليستمتع بمتابعة أحدث الإنتاجات.

باتت المنافسة على أشدها بين المنصات المختلفة للاستحواذ على المشاهد الذي يدفع اشتراكاً شهرياً مقابل المتابعة، بالتالي يجب أن تقدم ما هو أعلى سقفاً مما تتيحه القنوات المجانية. هل هي لعبة شيطانية كما يحب عشاق نظرية المؤامرة تسميتها؟ أم أن الأمر سوق مفتوحة ومن الطبيعي أن يكون الأفق الفني أكثر رحابة؟!

تجدد نظرية السم في العسل

في كل الأوقات تكون "نتفليكس" هي محور الجدل، على الرغم من أن هناك منصات عربية وعالمية كثيرة مطروحة للاشتراك، ولكنها حتى الآن هي الأكثر شعبية في المنطقة، والأكثر رمياً في الاتهامات أيضاً، خصوصاً بعد الفيلم العربي الأول الذي أشرفت عليه وعرضته أخيراً "أصحاب ولا أعز"، حيث تتهم بأنها جاءت بأجندة خاصة لتغيير المفاهيم وطرح قضايا لطالما كان مسكوتاً عنها في الأعمال الفنية العربية، مثل المثلية الجنسية التي يتم تناولها في الأعمال العربية على أنها أمر مشين، ولكن في الفيلم الأخير يرى البعض أنها تظهر للمرة الأولى على الشاشة دون حكم بات على صاحبها.

 اللافت أن الفيلم تضمن قصص خيانة وكذب واستدراج رجل متزوج لقاصر، ولكن الاتهامات والغضب اقتصرت على شخصية الصديق الذي تكشف الأحداث أنه مثلي للجنس، وكذلك المرأة التي تتحدث سراً عبر الإنترنت مع رجل غير زوجها الذي تحولت علاقتها به لزواج صامت، ومن هنا خرجت الدعوات التي لم تصمت حتى الآن لتنادي بضرورة الانتباه جيداً، ويحذر مطلقوها من أن منصة "نتفليكس" تبث "السم في العسل" وأنها تحاول أن تجعل المشاهد يتعاطف مع عادات وأفكار لطالما اعتبرت خاطئة ومرفوضة في المجتمعات العربية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لا للجرأة العربية فقط!

على الرغم من أن المنصة التي اعتمدت اللغة العربية في ترجماتها لأعمالها قبل أكثر من خمس سنوات، في حين أن انطلاقتها إلكترونياً كانت منذ عام 2007 في الولايات المتحدة الأميركية، يشاهدها عدد لا يحصى من الجمهور في أنحاء العالم، ولكن أزمات المتلقي العربي الذي يشيد عبر مجموعات السوشيال ميديا بكثير من أعمال أفلام ومسلسلات وبرامج "نتفليكس" العالمية التي تتميز بالجرأة الشديدة وتصعد دائماً في قائمة الأعلى مشاهدة في المنطقة، تتجدد أزماته مع المنصة فقط حينما تنتج محتوى ناطقاً بالعربية مثلما حدث في ما قبل مع مسلسلي "جن" و"مدرسة الروابي للبنات" وكلاهما قُدّم بطاقم عمل أردني، كما أن المسلسل المصري "ما وراء الطبيعة" لم ينج من الاتهامات كذل، إذ تحدث المنتقدون آنذاك عن أن "نتفليكس" تركز في إنتاجاتها العربية على عالم الغيبيات، ولا تقدم صورة معاصرة حقيقية للمجتمعات في المنطقة، بخلاف اتهامات من قبيل أنها تركز على نماذج غير واقعية، وتروج لأبطال لا يتمتعون بـ"الكود الأخلاقي" المعتاد.

فهل جاءت "نتفليكس" وأخواتها من المنصات تحديداً لتغير ما ترسخ في ذهن المشاهد العربي؟ وهل هدفها الأول والأخير هو إثارة التعاطف مع نماذج يجدها بعض المعترضين عبر مواقع التواصل الاجتماعي "شاذة" في سلوكها ومستوى انفتاحها؟ وهل التطور الذي أحدثته منصات البث الإلكتروني بشكل عام في نوعية ومستوى ما تقدمه الدراما العربية لتكون هي اللاعب الأساس، ثم تأتي بعدها محطات العرض وجهات الإنتاج التقليدية، سيستمر ليشمل مناطق أخرى مثل جرأة الموضوعات وجرأة المشاهد وطرح أفكار تبدو مرفوضة الآن بشكل تام؟!

لا مجال للتراجع

بعض من تلك الأسئلة يجيب عنها السيناريست محمد هشام عبية، الذي سبق وكتب للمنصات الإلكترونية  أعمالاً عدة، بعضها ترشح لجوائز عالمية، حيث يقول "إن منصات العرض الإلكتروني تقوم بدور طبيعي وهو مناقشة ظواهر موجودة وتتغير نظرة المجتمعات لها بشكل عام، وبطبيعة الحال عاجلاً أم آجلاً تصل تلك التغيرات للعالم العربي، فمثلاً التعامل مع المثلية الجنسية عالمياً مر بمراحل كثيرة، حيث كان في البداية الرفض التام واعتبارها وصمة عار، وهو ما انعكس على تناول السينما لها ثم في ما بعد المسلسلات، وتدريجاً نظرة الدراما تغيرت، وأصبحت أكثر تسامحاً أو على الأقل دون أحكام مسبقة، ويكون العرض موضوعياً، ولكن أيضاً هذا الأمر قد تبالغ بعض جهات الإنتاج في استعراضه بشكل متطرف، ولكن في النهاية لن تغير الأفلام أو المسلسلات قناعات وتوجهات شخص ما، هي فقط تستعرض، فلا يوجد مشاهد يذهب لاحتراف السرقة أو القتل بعدما يشاهد جريمة على الشاشة، وهكذا في باقي القضايا".

وتابع عبية، "الموضوعات الشائكة عموماً يختلف التعامل معها من دولة إلى أخرى في العالم العربي، فهناك دول تجرم سلوكاً ما وأخرى تتعامل معه بصورة مختلفة، وهنا يظهر دور المنصات التي تحمل هامشاً أكبر من الحرية والقدرة على اقتحام مناطق غير مطروقة كثيراً في موضوعات أعمالها، وهنا ينبغي التشديد على أن تلك المنصات تلقت الأمر ثم بدأت في تناوله بمعاييرها، لكنها بكل تأكيد لم تصنع تلك الظواهر أو تخترعها، فالنظرة لبعض الفئات والأفكار والمفاهيم اختلفت في عدد من دول المنطقة كثيراً عن السابق، بالتالي التقطت الدراما ما حدث واستعرضته بشكل فني، وهذا يحدث في جميع الموضوعات الشائكة وغيرها، فالدراما تعيد توصيف بعض الأمور من معطيات موجودة على أرض الواقع، وهنا كان الوسيط الأكثر ملاءمة في المنصات بعيداً من شاشة التلفزيون والسينما".

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة