Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فنانون عرب يحملون تجاربهم الحديثة إلى بينالي البندقية

اختارت إدارة الحدث العالمي قضية الغرباء في تأويلها السياسي والاجتماعي والثقافي

عمل للفنانة السعودية آمال الضويان في بينالي البندقية (خدمة البنالي)

ملخص

40 فنانا عربياً يشاركون في الدورة الجديدة ل"بينالي" البندقية، ويقدمون تجاربهم المتعددة الأساليب والآفاق. بعضهم يحضر بدعوات فردية وبعضهم من خلال الأجنحة الوطنية. يحضر الفنانون العرب في الدورة الجديدة من ال"بينالي" التي تضم اكثر من 330 فناناً من العالم أجمع.

انطلقت أخيراً في إيطاليا الدورة الستون ل"بينالي" البندقية تحت شعار "الأجانب في كل مكان" . تميزت ليلة الافتتاح ككل دورة بأجوائها الاحتفالية، إذ انتشر المئات من الفنانين والجمهور في أنحاء المدينة استعداداً للحدث الأبرز والأهم على الإطلاق في المشهد الفني العالمي، ف"بينالي" البندقية يمثل بلا منازع مؤشراً للمستجدات والتفاعلات البنيوية والأسلوبية في طبيعة الممارسات البصرية عالمياً.

تضم هذه الدورة 331 من الفنانين يمثلون حوالى 70 دولة، مع حضور بارز لدول الجنوب العالمي مقارنة بالسنوات الماضية، ويشرف عليها أدريانو بيدروسا المدير الفني لمتحف الفن في ساو باولو، وهو أول قيم من نصف الكرة الجنوبي يتولى هذه المهمة. وتسلط هذه الدورة كما يقول بيدروسا الضوء على أولئك الذين يتم التعامل معهم كغرباء، وهي صفة يمكن أن تتسع للعديد من التأويلات ذات الطابع السياسي أو الاجتماعي أو الثقافي.

بين هذه الحشود والمجموعات المتحلقة حول الأجنحة الموزعة على مساحة مترامية الأطراف من المدينة العائمة، يمكن بسهولة تبين هذا الحضور العربي البارز. بين المشاركين والمدعوين من الفنانين هناك نحو أربعين من الفنانين العرب من دول مختلفة جاءوا هنا بدعوات فردية أو من خلال الأجنحة الوطنية، بأعمال تعكس طيفاً متنوعاً من التجارب والأساليب الفنية.

يمثل الفنان وائل شوقي الجناح المصري لأول مرة بعمل تجهيزي تحت عنوان "دراما 1882 " . الجانب الرئيس في عمل شوقي يمثل شريطاً مصوراً لعرض مسرحي تولى شوقي إخراجه وتأليفه وتصميمه. يسلط عمل شوقي الضوء على ثورة عرابي ضد النفوذ البريطاني في مصر، وهي الثورة التي جرت أحداثها في الفترة من 1879 وانتهت بالاحتلال البريطاني لمصر عام 1882 .

يعتمد العمل على مراجع تاريخية وأدبية من تلك الحقبة كنقطة انطلاق، ثم يقوم شوقي بدمج الحقيقة والخيال والقصص لاستكشاف موضوعات حول الهوية والتاريخ، وهو مشغول في أعماله بالكشف عن هذا الجانب الخلافي والمتناقض في سرد الروايات التاريخية والتعامل معها كحقائق. تتسع رقعة الممارسة الفنية عند الفنان المصري من الأفلام والأداء، إلى التجهيز والرسم والنحت وغيرها.

فنانة أخرى لا تقل أهمية في المشهد الفني العربي كان لها حضور لافت أيضاً، وهي الفنانة اللبنانية منيرة الصلح. تقدم الصلح عملها تحت عنوان "رقصة مع أسطورتها" والذي تطمس خلاله الخطوط الفاصلة بين الواقع والأسطورة عبر تركيب متعدد الوسائط. يدمج عمل الصلح بين الرسم والتصوير والنحت والتطريز والفيديو، وفيه تستكشف الفنانة فينيقيا القديمة من خلال تقنياتها الفنية المعاصرة. يستند هذا العمل إلى الأساطير اليونانية والفينيقية، التي تستخدمها الصلح للتعليق على الأحداث المعاصرة، مع التركيز بشكل أساسي على التحديات التي تواجه المرأة في عالمنا. تشتهر الصلح بنهجها الفريد والساخر عند استكشاف موضوعات تتمحور حول السياسة وقضايا النوع الاجتماعي والنسوية.

فنانة لبنانية أخرى مهمة هي سيمون فتال تشارك هذا العام في بينالي البندقية ضمن معرض في جناح الفاتيكان وتحت إشراف الفاتيكان، وهو بعنوان "عبرعيني" في سجن جوديكا للنساء، المعروف تاريخياً.  ويضم المعرض أيضاً الفنان الإيطالي ماوريتسيو كاتيلان صاحب لوحة "الموزة" الشهيرة التي عرضها قبل عامين في نيويورك وأثارت جدلاً واسعاً حول العالم. يسلط المعرض الضوء على حقوق الإنسان والأشخاص الذين يعيشون على هامش المجتمع، ومن أجل تعزيز هذه الرسالة وقع الاختيار على مبنى سجن النساء في البندقية ليكون ساحة لعرض الأعمال. وقد تولت سيمون فتال، إنجاز أعمال فنية انطلاقاً من قصائد كانت السجينات قد كتبنها، فحولتها فتال الى كتابة فنية بحسب طريقتها وأسلوبها، على لوحات بدت كأنها منحوتات.وقد نجحت فتال في تجسيد القصائد بوصفها رقائم قديمة تذكر بالفن القديم في الحضارات الغابرة. واحتلت هذه اللوحات مساحة مهمة من الجناح وقدمت قصائد السجينات، بلغتها الإيطالية، عبر نوع من التخطيط الفني.  

وفي جناح المملكة العربية السعودية تعرض الفنانة منال الضويان عملها التركيبي المتعدد الوسائط "الرمال المتحركة: أغنية معركة". في هذا العمل، تستكشف الضويان الصوت كوسيط فني للمرة الأولى، وتجمع ما بين الظواهر الصوتية والجيولوجية الصحراوية وأصوات النساء السعوديات العابقة بالحيوية في فترة التحولات الثقافية العميقة الجارية حالياً. تركيب منال الضويان، الرمال المتحركة: أغنية معركة، مستوحى من الدور المتنامي للمرأة في المجال العام في المملكة العربية السعودية ورحلتها المستمرة لتأكيد مكانتها وإعادة تشكيل الروايات التي حددتها تاريخياً.

يستلهم هذا العمل مفرداته من أهازيج الحرب، كالعَرضة والدحّة التي كان يؤديها الرجال، حول عنصر مركزي يستنهض الهمم والذي تمثله هنا أصوات النساء السعوديات اللاتي تعلنّ عن أنفسهن من خلال الأغاني والكتابات والرسومات. والزائر مدعوّ لشق طريقه عبر متاهة من المجسمات الضخمة المطبوعة بالشاشة الحريرية والشبيهة ببتلات وردة الصحراء- وهي صخور بلورية تتشكّل في الرمال ويمكن العثور عليها في الصحراء بالقرب من مسقط رأس الفنانة في الظهران. وترى الضويان في صخور وردة الصحراء رمزاً للهشاشة وسرعة الزوال والأنوثة والقدرة على التحمّل. وكما هي الحال مع مجسماتها السابقة لورود الصحراء، دمجت الفنانة هذه الورود بالكتابات والرسوم التي جمعتها من عشرات النساء اللاتي انخرطت معهن خلال الأشهر السابقة في عدد من ورش العمل المكثفة. تقول الضويان: "أحاول في العمل تمثيل المرحلة التي وصلتُ إليها الآن في مسيرتي الفنية، انطلاقاً من مجتمعي وبلدي والعالم ككل. وهو عمل استوحيتُه من الدور المتطور للمرأة في المجال العام في بلدي وسعيها المستمر لإعادة تعريف المساحة المادية التي تعيش فيها والسرديات التي حددتها تاريخياً"

أما دولة الإمارات فيمثلها هنا الفنان عبد الله السعدي وهو فنان مفاهيمي يشارك للمرة الثانية في بينالي البندقية. يعرض عمل السعدي تحت عنوان "أماكن للذاكرة.. أماكن للنسيان" وهو من تقييم طارق أبوالفتوح. عمل السعدي يتسق مع ممارساته الفنية المرتبطة بالشعر العربي. يوجّه المعرض الدعوة للزوّار لاستكشاف التجربة البصرية الممتدة للفنان. يبدأ العرض بأعمال فنية معروضة بشكل متحفي وينتهي بأخرى مخبأة في صناديق معدنية، بما يحاكي شكل الاستوديو الفني الخاص به. يضم العرض أعمالاً فنية متنوعة أنتجها السعدي أثناء رحلاته حول العالم، وهي أعمال مخزنة في صناديق معدينة كبيرة تحمل أرقاماً ورموزاً وتواريخ دالة ومرتبطة بمسيرة الفنان.

يُعد الفنان عبد الله السعدي أحد الرموز المهمة في المشهد الفني المعاصر بدولة الإمارات، وتتنوّع ممارساته الفنية بين الرسم والنحت وعروض الأداء والتصوير الفوتوغرافي، مروراً بجمع المقتنيات وأعمال الفهرسة والأرشفة، ووصولاً إلى ابتكار أبجديات جديدة. يستلهم السعدي أعماله من الطبيعة المحلية والتراث الوطني العريق وتاريخ عائلته، حيث يستكشف العلاقات بين الأفراد وبيئتهم الطبيعية والاجتماعية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي جناح عمان يتشارك أربعة فنانين في عمل تجهيزي مشترك وهم على الجابري المعروف بمنحوتاته الرخامية والخشبية، وعيسى المفرجي الذي يصنع أعماله من الطين، والمصورة والفنانة سارة العولقية وأدهم الفارسي المعروف بتركيباته التفاعلية. يتشارك الفنانين الأربعة في معرض جماعي تحت عنوان "ملاذ" ، والذي يسلط الضوء على تراث عُمان المتعدد الثقافات وموقعها الجغرافي ومكانتها التاريخية كملتقى لطرق التجارة وكبوتقة لانصهار الثقافات. يتضمن العرض دعوة للمشاركة في تقاليد الطهي العُماني، فالطعام هنا رمزًا للوحدة واستكشاف فريد للتنوع الثقافي كما يقول البيان المُصاحب للعرض.

تشارك في هذه الدورة أيضاً الفنانة الفلسطينية البارزة سامية حلبي، والتي تعرض إحدى لوحاتها الجديدة إلى جانب مجموعة من الفنانين الفلسطينيين. المعرض ينظمه متحف فلسطين في الولايات المتحدة، ويسلط الضوء على محنة الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال الإسرائيلي. يجمع المعرض أعمال 26 فناناً فلسطينياً، اثنان منهم من غزة ويقيمون حالياً في خيام في رفح. تتناول الأعمال المعروضة جوانب مختلفة من الهوية الفلسطينية، من حيوية ثقافتها إلى صراعات الحياة والكفاح الحالي لمقاومة العدوان الإسرائيلي. تعرض لوحة حلبي تحت عنوان "مذبحة الأبرياء في غزة". في لوحتها التي يغلب عليها ضربات الفرشاة باللون الأصفر والرمادي والأسود والأحمر والوردي، تعكس حلبي التوتر والاضطراب الذي تشعر به إزاء الأحداث الجارية في غزة. تجدر الإشارة أن حلبي قد فازت بجائزة خاصة شرفية عن مشاركتها الحالية، وهي الجائزة التي أهدتها إلى أرواح الصحفيين الذين قتلتهم إسرائيل خلال عدوانها على غزة.

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة